آحمد صبحي منصور
في
الثلاثاء ٠٣ - فبراير - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً
نص السؤال
آحمد صبحي منصور
1 ـ داعش دينها الوهابية، وصناعة أمريكية سعودية ، إستثمرها الغرب بهدف إحلال الفوضى المنظمة فى المنطقة لاعادة تقسيمها ولتصريف مخزون الأسلحة التى لديه ، يبيع الأسلحة الراكدة ليقتتل به العرب المحمديون ويأخذ منهم البترول بأرخص الأسعار .
2 ــ ابتدع الغرب في العصور الوسطى سلاح الحرمان الكنسي ضد المخالفين في الرأي وابتداع محاكم التفتيش التي تحرق المؤلفات وتصادرها وتصادر حرية الإنسان في الاعتقاد وتلقي بخصومها في الرأي في المحارق وعلى أعواد المشانق . والمسيحية فى الغرب تأسست على العنف الدمى برعاية الكنيسة فى روما ، ومسيحيو روما إضطهدوا الأقباط المصريين فجعلوهم يرحبون بالغزو العربى . ومن بابوية روما جاءت الدعوة للحملات الصليبية ، وتفنن متطرفو المسيحية الأسبان فى القتل والتحريق من تطهير عرقى فى أسبانيا أفنى المسلمين واليهود فيها قتلا وطردا الى قتل ملايين الهنود الحمر فى العالم الجديد والآسيويين فى جنوب شرق آسيا . والى عهد قريب كان الكلاكس كلان ( الأمريكيون البيض المتعصبون مسيحيا ) يقتلون ويحرقون الأمريكيين السود .
3 ــ نزل القرآن بالتسامح الديني وآداب الحوار العقلي الراقي وأعظم درجات الرقي الحضاري في التعامل مع الخصوم في الرأي والعقيدة . فالمبدأ القرآني في الحوار يقوم على الحكمة والموعظة الحسنة والرد على إساءات الخصم بالتي هي أحسن وليس بالحسنى فقط " ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ : النحل : 125 " فالله تعالى يأمر رسوله الكريم بأن يدعوا إلى الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن ، وإذا كان ذلك فرضا على النبي صاحب المقام الرفيع فغيره من المسلمين أولى بأن يتحمل السيئة في الجدال وان يرد عليها دون أن تأخذه العزة بالمنصب الدنيوي أو الجاه الزائل . على أن القرآن الكريم لم يكتف بأمر النبي ( ص) بذلك وإنما جعلها فريضة عامة على كل داعية للحق ، وجاء الأمر بذلك في صيغة مؤثرة محببة كأن يقول تعالى " وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33) وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ .فصلت : 33 : 35 " أي أن أحسن الناس قولا هو الذي يدعوا لله تعالى ويكون هو قدوة صالحة لغيره وهو الذي يدفع السيئة بالتي هي أحسن بحيث يرغم خصومه على الاعتذار إليه . وكانت تلك هي المبادئ العامة في الحوار الإسلامي الحكمة والموعظة والجدال بالتي هي أحسن . وتأتي تفصيلات القرآن لتزيد من توضيح ذلك المبدأ .. وأولها ألا نقع في سب الخصم وسب معتقداته بقوله تعالى " وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ : الأنعام : 108 " .ثم إذا أصر الخصم على معتقداته اعرضنا عنه وتركناه وشأنه بعد أن قدمنا العذر فيه لله تعالى , وانتظرنا حكم الله تعالى فيه وفينا يوم القيامة .. يقول تعالى " وَقُلْ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ (121) وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ : هود 121 : 122 " . وحين نعرض عنه ونتركه يكون إعراضنا عنه بالتي هي أحسن ، وهذا ما نتعلمه من القرآن الذي يقرر لنا ما نقوله في هذا الموقف " وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (24) قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ (25) قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ : سبأ 24 : 26 " . أي إننا لا نقول له اذهب إلى الجحيم أيها الضال وإنما نقول له نحن أو أنت أحدنا على هدى والأخر على ضلال " ولست أنت مسئولا عن جرائمنا ولسنا نحن مسئولين عن أعمالك ، وكان القياس يتطلب أن يقال " قل لا تسألون عما أجرمنا ولا نسأل عما تجرمون " . ولكن الرقي الحضاري في الحوار القرآني يأبى ذلك ويقول " قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ " ثم في النهاية يكون الاحتكام إلى الله تعالى يوم الدين حيث تظهر الحقائق ويفوز الفائزون ويخيب الضالون " قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ .. " . !! وبعد أن نتركه ونعرض عنه بالتي هي أحسن يأمرنا القرآن بأن نصفح عنه وأن نغفر له فيكفيه ما ينتظره من غضب الله يوم القيامة ، وبذلك جاءت أوامر القرآن صريحة تأمر بالعفو عن الضالين ما لم يرفعوا سلاحا ، وليس مجرد العفو بل الصفح الجميل " وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآَتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ : الحجر 85 " . ويقول تعالى للنبي " وَقِيلِهِ يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ لَا يُؤْمِنُونَ (88) فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ : الزخرف 88 : 89 " . ويأمر الله تعالى المؤمنين بالصفح والغفران عنهم " قُلْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14) مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ : الجاثية 14 : 15 " . أي أن كل إنسان مسئول عن عقيدته أمام الله يوم القيامة , وليس المؤمن مسئولا عن غيره بعد أن دعاه بالحسنى , فليس عليه بعدها إلا أن يصفح عنه ويغفر له .. ويكفيه ما ينتظره يوم الحساب .. وذلك هو أروع الآداب الراقية في الحوار مع الخصوم .. وتتجلى روعته أكثر حين نتخيل العصر الذي شهد نزول القرآن حيث المحاكمات الدينية والاتهامات بالكفر وحرق الخصوم ومصادرة حقهم في الاعتقاد وإعلان حرمانهم من الجنة ..
ومهما ارتقت حضارة الغرب فلن تصل إلى الرقي الحضاري في الحوار القرآني .