السعودية.. تزايد معدلات تهريب الخمور وتصنيعها رغم الحظر القانوني

في الإثنين ١٠ - مارس - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

على الرغم من الحظر الشرعي والقانوني على تجارة وتصنيع الخمور في المملكة العربية السعودية، وعلى الرغم من الرقابة القوية في المنافذ الحدودية والجمركية، والدور الكبير الذي تقوم به هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لمواجهة المخالفين، إلا أن هؤلاء المخالفين يواصلون تحديهم للقوانين ولهيئات الرقابة، حيث كشفت بعض البيانات عن ضبط 120 ألف زجاجة خمر في العام 2007 فقط، وزيادة عمليات تهريب المخدرات بنسبة 40%.

وقد بلغ التحدي للقانون والهيئات الرقابية منتهاه بقيام أحد التجار ببيع الخمور على أحد أرصفة الشوارع بحي العود وسط الرياض، في زجاجات مياه معدنية.

كما ضبطت الدوريات الأمنية بعض المنازل تم تحويلها إلى أوكار لترويج الخمور، وعلى عدد من مروجي خمور ومصادرة ما بحوزتهم.. وضبط مصانع منزلية لتصنيع الخمور في الرياض وغيرها.

وتعج المحاكم الشرعية ومراكز الشرطة ومراكز هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بآلاف القضايا المتعلقة بتهريب وصناعة وترويج وتعاطي الخمور، وهذا مؤشر كاف على مدى حجم وانتشار هذه المشكلة.


ضبط 87 مليون حبة مخدرة في عامين

حجم تهريب الممنوعات وخاصة الخمور منها يتفاقم سنويا في المملكة، وهو ما كشفه مدير عام مصلحة الجمارك صالح الخليوي، وقال لـ"الأسواق.نت": إن الجمارك تمكنت من ضبط 87 مليون حبة مخدرة خلال العامين 2006، و2007، منها 36 مليون حبة في 2006، وزادت في العام الماضي بنسبة 40% لتصل إلى 51 مليون حبة مخدرة.

وفي شهر يناير / كانون الثاني الماضي ضبطت الجمارك في المنافذ الجمركية البرية والبحرية والجوية نحو مليوني حبة مخدرة وأكثر من 50 كيلو جرام من مادة الحشيش المخدرة، إضافة إلى أكثر من 6 آلاف زجاجة خمر.

وأكد الخليوي أنه على الرغم من أساليب ووسائل التهريب الماكرة للمهربين وعصابات التهريب، فإن رجال الجمارك يقفون دائما بيقظة دون دخول العقاقير والمواد النفسية بالطرق غير المشروعة إلى المملكة، ويستخدمون الأجهزة في عملهم، وتخضع جميع الإرساليات الواردة أو الصادرة للكشف والمعاينة. موضحا أن استخدام التقنية بشكل فاعل أسهم في كشف محاولات التهريب عبر المنافذ الجمركية.


صناعة وترويج الخمور نشاط ملموس


أحمد الجردان



وتلعب هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر دورا مهما في مكافحة الخمور والمخدرات سواء المهربة من الخارج، أو تلك المصنوعة محليا.

وقال أحمد بن محمد الجردان المتحدث الرسمي للرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إن الهيئة تلعب دورا بارزا في مكافحة الخمور والمخدرات والممنوعات عموما، وهو دور يأتي من صميم عملها، وفقا لنظامها.

وعن حجم وقيمة الممنوعات التي ضبطتها الهيئة، قال لـ"الأسواق نت"، إنه لا يستطيع تحديد حجم هذه المضبوطات، "غير أن نشاط صناعة وترويج الخمور نشاط ملحوظ وملموس لدى الجميع، وهذا النشاط يأتي ضمن وسائل استهداف المملكة في عقول أبنائها وقدراتهم.

وأوضح أن الهيئة تضبط ممنوعات مصنوعة محليا وأخرى مستوردة من الخارج، وأن المضبوطات متنوعة ولكن تمثل مصانع الخمور المحلية الأكثر من هذه المضبوطات.

وعن كيفية التعاون والتنسيق بين رجال الهيئة وبين أجهزة الأمن في مكافحة المخدرات والخمور، قال: إنه يتم وفق آلية تنسيقية محددة مع كل جهة حسب اختصاصها، ونجد من كافة الجهات الأمنية تعاونا كبيرا وغير محدود.

وحول جنسيات العاملين في تجارة وصناعة الخمور في المملكة، قال: "إنه لا يوجد في السعودية صناعة خمور معلنة، فكل من يصنع الخمور في بلادنا يصنعها بسرية تامة في الخفاء".

وأضاف أن الجنسيات التي تعمل في هذه المصانع وتتاجر في الخمور هي جنسيات مختلفة، والفساد عموما لا يرتبط أبدا بجنسية معينة، غير أن العمالة الوافدة تشكل غالبية من يمارسون تجارة وصناعة الخمور، وخصوصا العمالة المتخلفة والسائبة التي لا تجد متابعة من الكفلاء.


تنسيق مع الجهات المعنية

وعن العقوبات التي تُتخذ بحق العاملين في تجارة وصناعة الخمور، قال: إن الهيئة لا تتخذ أية عقوبة في حق أحد، بل هي جهة قابضة ينتهي دورها بمجرد القبض فقط، حيث تحيل القضية والمتورطين فيها إلى الجهات المختصة، وتلك الجهات تتولى اتخاذ ما تراه من عقوبات.

وحول كيفية تحرك الهيئة لضبط الممنوعات قال الجردان: إن "رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يتجسسون على أحد، بل هم يتحركون وفق النظام، إما بناء على ضوء ما يرونه أمامهم في جولاتهم الميدانية، أو من خلال قيام المواطن والمقيم بإبلاغ الهيئة عن المنكرات".

وأكد أن "الهيئة لا تتحرك بمجرد ورود البلاغ بل تتأكد قبل كل شيء من توافر الشروط والضوابط النظامية المطلوبة في البلاغ، ومن ثم تبدأ بالتثبت والتروي والتأكد، وبعد أن تثبت لها مصداقية البلاغ تقوم بدورها التنسيقي مع الجهات المعنية للقبض على المخالفة والمخالفين سواء كانت مصانع خمور أو غيرها، وهذا داخل ضمن مهامها".


منافذ التهريب

وقدر مصدر في الجمارك السعودية حجم ما تم ضبطه العام الماضي من الخمور بأكثر من 120 ألف زجاجة، في مختلف المنافذ الجمركية.

وحسب المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه تتركز الكميات الأكبر من الخمور في المنطقة الشرقية حيث الحضور القوي للأجانب، وإن كانت الظاهرة تشهد تقلصا منذ افتتاح جسر الملك فهد مع البحرين بحكم نزوع قاطنيها إلى الاستفادة من ميزة العبور السريع إلى البحرين.

أما المصدر الثاني فهو الحدود الشمالية مع الأردن وسورية خاصة، والمصدر الثالث هو البعثات الدبلوماسية التي تتمركز بالأساس في العاصمة الرياض، وهناك منافذ أخرى تتسرب عبرها كميات من الخمور أولها ميناء جدة، وثانيها وادي الدواسر (جنوب السعودية) الذي يتلقى حصته عبر موانئ اليمن ولا سيما ميناء عدن.


التهريب أكبر من المعلن

وقال أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك سعود والخبير الاقتصادي الدكتور خالد بن عبد الله الخثلان، إن ما أعلنته مصلحة الجمارك السعودية مؤخرا من ارتفاع مضبوطات الجمارك بنسبة 40% في عام 2007، يؤكد تطور الأمن السعودي، وهي ميزة تحسب للاقتصاد السعودي وتعكس الوضع الأمني الجيد.

لكن الخثلان أوضح في تصريحات لـ"الأسواق نت"، أنه ليس بالضرورة أن ما يتم الإعلان عنه هو ما تم ضبطه فعلا، فقد يكون أكثر من ذلك، ونحن نقرأ في أحيان كثيرة عن ضبط مخدرات وخمور مستوردة داخل المدن السعودية.

وعن أسباب تزايد مضبوطات الجمارك من ممنوعات، قال: إنه ربما تكون أزمة سوق الأسهم السعودية سبب من أسباب زيادة معدلات الممنوعات، سواء التي يتم ضبطها أو التي قد ينجح المهربون في إدخالها إلى البلاد، حيث يلجأ بعض من تضرروا إلى تعاطي تلك الممنوعات من حبوب مخدرة أو خمور، ظنا منهم أنها تبعدهم عن أزمات ومشكلات السوق.

ووصف التقديرات والآراء التي تقدر حجم ما يتم ضبطه بأنه يساوي 10% من إجمالي ما يتم تهريبه، بأنها غير صحيحة، وقال: إنه لا توجد تقارير واضحة وصريحة في هذا الصدد.

وحذر من الآثار السلبية لتلك الظاهرة وخاصة من ناحية حقوق الملكية، وقال: إن وجودها يعطي انطباعا سيئا عن اقتصاد البلد، بسبب انتهاك حقوق الملكية الفكرية، مما قد يؤدى إلى عزوف الاستثمارات الأجنبية عن دخول السوق السعودية بسبب تخوفها من عمليات غسل أموال.


العرق السعودي

وتوجد جملة من الأسماء المختلفة للعرق السعودي أشهرها: "صديقي"، وإلى جانب هذا الاسم، أسماء أخرى منها: "الماء الحار" و"سائل البهجة"، و"عرق أرامكو"، وأحيانا أخرى هناك رموز خاصة بين البائع وعميله لا يستخدمها سواهما، والهدف هو إحاطة عملية التداول بأكبر قدر من السرية، والابتعاد عن الأسماء الصريحة التي ارتبطت بسمعة سيئة.

إلا أن اللافت هو أن السعوديين ليسوا من صناعه البارزين، تاركين هذه المهمة لأجيال من الجنسيات العاملة في بلادهم، بدءا من الأوروبيين في المرحلة الأولى، مرورا باليمنيين الذين انقطع نشاطهم مع حرب الخليج، وانتهاء بالفلبينيين، والهنود، والبنغال، وغيرهم من الجنسيات العاملة في وظائف دنيا.

وفي أسلوب جديد وجريء نشرت الصحف السعودية مؤخرا خبرا مفاده ضبط أحد مروجي الخمور عند قيامه ببيع الخمور على أحد أرصفة الشوارع بحي العود وسط الرياض، في زجاجات مياه معدنية.

ووفقا لما نشرته الصحف فإن الابتكار الجريء لقي إقبالا من زبائنه الذين اعتادوا على زيارته لشراء احتياجهم اليومي من المشروب دون أن يعيرهم هذا الأسلوب أي اهتمام.

اجمالي القراءات 4152