في هذا الفصل سوف نتحدث عن البعث والحساب والجزاء بعد الموت كما جاء في نصوص الديانة البوذية، وفي الفصل القادم سوف نتناول أيضا البعث والحساب والجزاء بعد الموت في الديانة الكونفوشيوسة والديانة الزرادشتية، وبعدها سيتبقى الجزء الأخير من الدراسة والذي سوف يأتي في ثلاثة فصول، والجزء الأخير سوف سنتحدث فيه عن الإسلام لله رب العالمين أو ما يسمى بالتوحيد في الديانات الشرقية (البرهمية- البوذية- الكونفوشيوسة- الزرادشتية)، وبهذا تكون الدراسة قد انتهت، وبعد الانتهاء منها س&aوف نقوم بنشرها كاملة على هذا الرابط: www.nehrosat.com لمن أراد تحميلها، كما سنبدأ في نشر أجزاء وفصول دراستنا الجديدة والتي ستكون بعنوان (من هو الله؟).
# اليوم الآخر والحساب والثواب والعقاب في الديانة البوذية :
لقد أجمعت ديانات الهند جميعها بكل مذاهبها وطوائفها وفرقها، على الاعتقاد والإيمان بأربعة أشياء كانوا هم الأساس المتين والركن الركين لجميع ديانات الهند، هذه الأشياء هي ما يسمى بـ (الكارما- النيرفانا- التناسخ- تكرار المولد)، فلا تخلوا ديانة في الهند أو طائفة دينية أو مذهب ديني من الاعتقاد بهذه الأشياء الثلاثة، يقول الدكتور أحمد شلبي:
(النيرفانا والكارما والتناسخ، أساس لأديان الهند والطريق واحد تقريبا في هذه الأديان للتخلص من تكرار المولد وهذا التخلص هو أسمى ما يتطلع له الهنود وذلك الطريق يتمثل بوجه خاص في قتل الشهوات والرغبات والتوقف عن عمل الخير والشر وإذا استطاع الإنسان أن يجتاز هذا الطريق وصل إلى الانطلاق أو النيرفانا التي لا تختلف مدلولاتها اختلافا ذا بال, فالمدلول في الجميع هو التخلص من تكرار المولد والحصول على اللذة الصادقة والسعادة الدائمة). (د. أحمد شلبي, ص159).
(الكارما- التناسخ- تكرار المولد- النيرفانا)، هذه المعتقدات الأربع هي نفسها المعتقدات التي وردت في الديانات الثلاث (اليهودية والمسيحية والإسلام) والتي نصت عليها كل من التوراة والإنجيل والقرآن، وقمت بمقارنة هذه المعتقدات الواردة في أديان الهند مع نصوص القرآن الكريم، فتطابقت تماما مع نصوص القرآن الكريم، وكان تلك المقارنة على النحو التالي:
(الكارما) في الديانات الهندية = في القرآن: الحساب والثواب والعقاب على الأعمال.
(التناسخ) في الديانات الهندية = في القرآن: البعث بعد الموت في خلق جديد.
(تكرار المولد) في الديانات الهندية = في القرآن الخلود في النار وتكرار العذاب.
(النيرفانا) في الديانات الهندية = في القرآن الجنة ونعيمها والذي لا يعلم أحد مقداره وماهيته.
ونقوم الآن بتفصيل ذلك التطابق بين نصوص الديانة البوذية المنسوبة لبوذا، وبين نصوص القرآن الكريم، وذلك على النحو التالي:
# أولا: التناسخ :
لقد سبق وأن قلنا في مقالنا (البوذية ديانة سماوية: الإيمان باليوم الآخر- الجزء الأول) أن الدلالة الحقيقية لمصطلح (التناسخ) في الديانة الهندوسية يقصد به البعث والعودة والرجوع بعد الموت لجميع الناس، وقلنا أنه قد تم تحريف هذا المصطلح على أيد رجال الدين البراهمة لتشير دلالته فيما بعد إلى العودة مرة أخرى إلى الدنيا وتحل نفس الإنسان الميت في جسد بشري جديد أو حيوان أو نبات، وقد سبق وعرفنا أن النصوص الأولى في الديانة الهندوسية لا تقول بعودة الإنسان إلى الدنيا مرة ثانية، وإنما المقصود بالعودة والتناسخ هو البعث بعد الموت والعودة في خلق جديد كما ذكر القرآن الكريم، وهذا ما حدث أيضا من تحريف لمصطلح التناسخ أو العودة في الديانة البوذية، ولقد قمنا بعمل مقارنة بين نصوص الديانة الهندوسية وبين نصوص القرآن الكريم حول مصطلح العودة والبعث في خلق جديد بعد الموت في كلا النصين، راجع مقالي: (البوذية ديانة سماوية: الإيمان باليوم الآخر- الجزء الأول).
# ثانيا: الكارما :
اشتقت كلمة (كارما) من الجذر السنكسريتي (كر) الذي تضمن معنى الفعل ويدل ضمنا على دورة العلة والمعلول، وتشير في مدلولها إلى قانون الديناميكية الروحية، الذي ينسحب على مراتب الوجود كلها، حتى يمكن اقتفاء أثره في أبسط أفعال الحياة اليومية. (راجع: ديمتري إفيريينوس، ص 24، 25).
إن مصطلح (الكارما) من خلال النصوص المنسوبة لبوذا، يعني العملية التي من خلالها يتم حساب الإنسان على أفعاله، ومن ثم عقابه إن أساء، أو إثابته إن أحسن، فالديانة البوذية تقرر أن أي فعل يصدر من الإنسان بوعيه وإدراكه، أو أي قول أو اعتقاد، لابد وأن يترتب عليه نتائج، هذه النتائج تنمو وتتكاثر أثناء فترة حياته، ثم إذا مات الإنسان تحتم عليه الانبعاث مرة أخرى لينال جزاءه كاملا، إما ثوابا وإما عقابا، وقانون الكارما هذا يتميز حسب أقوال بوذا بأنه لا يخطئ في عملية الحساب والثواب والعقاب، ولا يتأثر بأي مؤثر لا إلهي ولا بشري، ولا يقبل شفاعة أو مجاملة أو تحيز أو خضوع لأي مؤثر خارجي، وهذا القانون يعمل مجازاة الناس على ما صدر منهم من عمل خيرا كان أو شرا، وهذا أيضا ما أشار إليه القرآن في قوله: (يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ* فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ* وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ). (6، 8- الزلزلة). إذن فقانون الكارما هو قانون يتميز بالتجرد عن أي مؤثر لا من الله ولا من البشر، وهذا القانون قد أطلق عليه وفق ما جاء في أقوال بوذا (ناموس الطبيعة)، -(الله في التعبير القرآني)- وهذا الناموس أيضا وفق أقوال بوذا، يسيطر على كل شيء، ويقضي بعدم دوام عذاب الدنيا ونعيمها إلى ما لا نهاية، ويقضي بزوال نعيم الدنيا وعذابها مهما طال أمدهما، والنجاة من حساب هذا الناموس يتوقف على الإنسان ذاته، ويكون ذلك بقهر الإنسان لكل شهواته السفلية، وضبط إرادته المهينة، والتغلب على ضعفه المعيب، مع الأخذ في الاعتبار المحبة الشاملة لكافة الخلق ومساعدتهم في معاناتهم وشقائهم، وأن من لا يفعل ذلك سوف يعاقبه الناموس أشد العقاب، وذلك لأن الناموس يخضع للعدل المطلق الشامل الذي يجازي كل شخص بما يستحق من جزاء وفق ما قدمت يداه، فلا شفاعة عنده ولا محاباة ولا ظلم ولا تأثر بأي مؤثر خارجي سواء كان هذا المؤثر بشري أو إلهي، وهذا ما نصت عليه أقوال بوذا على النحو التالي:
يقول بوذا :
(إن ناموس الطبيعة -(الله في التعبير القرآني)- هو الذي يسيطر على كل شيء وهو يقضي ألا يدوم العذاب والجحيم إلى مالا نهاية, فلا تدوم الجنة ولا النعيم ومهما طال عهدهما فإنهما زائلان أخيرا. متى وكيف يتم ذلك؟ هذا يتوقف علينا نحن, كل محرك سافل يجب أن نقهره, كل إرادة مهينة نضبطها, كل ضعف معيب نتغلب عليه, ولكن ليس معنى هذا أن نغمض عيوننا عما يعانيه البشر من الفقر والشقاء زاعمين أنهم استحقوه بما جنته نفوسهم, إذ كل من يفكر هكذا ولا يتمسك بالأخوة العامة والمحبة الشاملة مع سائر الخلق فلا شك أن ناموس الطبيعة -(الله في التعبير القرآني)- يعاقبه أشد العقاب لأنه خارج عليه بعدم بذله الجهد الذي يسبب العفو والرحمة, هذا وإن ناموس الطبيعة ليس بخاضع لذات قدسي يتصرف كيفما يشاء بل ذلك الناموس مستقل بذاته, نافذ بنفسه, لا يتأثر بمؤثر بشري أو إلهي أبدا). (د. أحمد شلبي, ص156).
وهذه مقارنة أجريتها بين النص السابق المنسوب لبوذا، مع نصوص القرآن الكريم، لنرى مدى التطابق مع ما جاء في القرآن الكريم حول مسألة الحساب والجزاء والثواب والعقاب على أعمال الإنسان التي اكتسبها في حياته، وذلك على النحو التالي:
* النص البوذي يقول: (إن ناموس الطبيعة هو الذي يسيطر على كل شيء).
* النص القرآني يقول: (وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللّهُ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ). (189- آل عمران).
* النص البوذي يقول: (وهو يقضي ألا يدوم العذاب والجحيم إلى مالا نهاية, فلا تدوم الجنة ولا النعيم ومهما طال عهدهما فإنهما زائلان أخيرا).
* والنص القرآني يقول: (وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ). (36- البقرة). (كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ). (88- القصص)، (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ). (26- الرحمن).
* النص البوذي يقول: (متى وكيف يتم ذلك؟ هذا يتوقف علينا نحن, كل محرك سافل يجب أن نقهره, كل إرادة مهينة نضبطها, كل ضعف معيب نتغلب عليه).
* النص القرآني يقول: (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى* فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى). (40، 41- النازعات). ويقول: (وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ). (26- ص). ويقول: (وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا* يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا). (27، 28- النساء).
* النص البوذي يقول: (ولكن ليس معنى هذا أن نغمض عيوننا عما يعانيه البشر من الفقر والشقاء زاعمين أنهم استحقوه بما جنته نفوسهم).
* النص القرآني يقول: (الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ). (134- آل عمران). (وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً). (83- البقرة). (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ). (13- الحجرات).
* النص البوذي يقول: (إذ كل من يفكر هكذا ولا يتمسك بالأخوة العامة والمحبة الشاملة مع سائر الخلق فلا شك أن ناموس الطبيعة يعاقبه أشد العقاب لأنه خارج عليه بعدم بذله الجهد الذي يسبب العفو والمرحمة).
* النص القرآني يقول: (إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ). (42- الشورى).
النص البوذي يقول: (هذا وإن ناموس الطبيعة ليس بخاضع لذات قدسي يتصرف كيفما يشاء بل ذلك الناموس مستقل بذاته, نافذ بنفسه, لا يتأثر بمؤثر بشري أو إلهي أبدا).
النص القرآني يقول: (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ). (47- الأنبياء). ويقول: (إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَـكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ). (44- يونس).
# ثالثا: تكرار المولد :
إن عبارة (تكرار المولد) في الديانات الهندية هي عبارة عبرت بها تلك الديانات عن انتقال الإنسان من حال إلى حال أثناء حياته، سواء كان ذلك الإنسان محسنا أو مسيئا، فالإنسان مثلا كما يراه بوذا أي إنسان، يملك قوى تحركه، هذه القوى هي مجموعة من (الخيالات والرغبات والعواطف والشهوات)، ويملك أيضا مجموعة من الآلات التي تنقل للقوى الداخلية ما تشاهده في العالم الخارجي، ثم تقوم بعد ذلك بتنفيذ الأوامر التي تمليها القوى الداخلية، وهذه الآلات هي: (العين، والأذن، والأنف، والفم، واليد، والقلب)، فالإنسان المحسن كما يراه بوذا: هو الذي كلما أطفأ في نفسه نار الشهوات وقهر بداخله عنف الرغبات، كلما ولدت نفسه ميلادا جديدا، إلا أنه رغم ميلاده الجديد يظل في نفسه بقايا من تلك القوى المسيطرة (الخيالات- الرغبات- العواطف- الشهوات)، وكلما استطاع الإنسان أن يميت بداخله بعض هذه القوى كلما انتقل إلى حياة جديدة وولد ولادة جديدة، ويظل هكذا حتى يقضي تماما على هذه القوى ويتحرر تماما من ألم المولد وينجو من تكرار المولد، ولن يتحقق ذلك إلا بالقضاء تماما على (الخيالات- الرغبات- العواطف- الشهوات)، لأن هذه القوى هي أساس الألم.
أما الإنسان المسيء، فهو الشخص الذي يخضع لشهوات ورغبات نفسه، فكلما ظفر بشهوة ورغبة من شهوات ورغبات نفسه، بدت له شهوات ورغبات جديدة أخرى، فتولد نفسه ولادة جديدة من الألم والعناء في تحقيق هذه الشهوات وتلك الرغبات ويظل هكذا بلا نهاية، وهذا ما أقره القرآن الكريم أيضا في قوله: (قُلْ مَن كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا). (75- مريم). وإذا مات الإنسان انتقل إلى ولادات جديدة من العذاب الأبدي الذي لا نهاية له. وهذا أيضا ما أقره القرآن بقوله: (وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا). (79- مريم)
إذن من يتأمل ويدقق النظر في نصوص الديانة البوذية المنسوبة لبوذا، لا يجد أن هذه النصوص قد أشارت بأية إشارة إلى العودة إلى الحياة الدنيا بعد الموت إطلاقا، وإنما الذي عنته بتعدد الولادات هي الأحوال والأطوار أو ما أسماه بوذا من مولد إلى مولد، هذه الأحوال والأطوار أو الولادات هي التي ينتقل فيها الإنسان أثناء حياته من حال إلى حال ومن طور إلى طور، يستوي فيها المحسن والمسيء كما سبق وأن بينا، ويظل على ذلك حتى يموت، وبعد الموت يولد الإنسان ولادة جديدة سواء كان محسنا أو مسيئا، فإن كان محسنا فسيصل إلى (النيرفانا) التي سيولد فيها ميلادا جديدا وتكون هي خاتمة الولادات جميعا، أما إن كان مسيئا فسيولد في ألم متكرر دائم وعذاب متجدد لا ينقطع، وهذا العذاب المتكرر بعد الموت والميلاد المتكرر في نصوص بوذا، هو ما عبر عنه القرآن الكريم بقوله:
(وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا). (79- مريم)
(كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ). (22- الحج).
(فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا). (20- السجدة).
(كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ). (56- النساء).
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا). (36- فاطر).
(وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِن وَرَآئِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ). (17- إبراهيم).
وهذان نصان من النصوص المنسوبة لبوذا والتي لا تحمل في طياتها أية إشارة إلى العودة إلى الدنيا بعد الموت، وإنما العودة بعد الموت إما إلى الراحة الأبدية (النيرفانا) أو وفق المصطلح القرآني (الجنة)، أو العذاب الأبدي والألم الأبدي الذي لا انقطاع له أو وفق المصطلح القرآني (الخلود في جهنم)، وهذا هو نفسه ما أقرته الديانات السماوية الثلاث: (اليهودية والمسيحية والإسلام):
# النص الأول:
يقول بوذا:
(الإنسان مركب جسدي يملك قوى يتحرك بها وآلات يشعر بها, فهو يحس ويلمس ويبصر ويسمع ويشم ويدرك وهو بهذه الحواس والمشاعر يتصل بالعالم الخارجي, أما طبعه فيشتمل على النزعات والكفاءات المنتجة من الماضي فهي – حسنة كانت أو قبيحة – إرث له من الحياة التي عاشها في الماضي, وهي التي تكيف شخصيته التي تبدأ بها حياة جديدة وذلك أن الحياة الداخلية للشخص ليست إلا سلسلة من الخيالات والرغبات والعواطف, فإذا انفصلت الأواصر المادية بالموت (أي موت الشهوات) تقمصت قوى المادة الأولية جسدا جديدا, ولا تزال هذه القوى متواصلة إن لم يكن ماديا فنفسيا, فيسعد الشخص الجديد أو يشقى حسبما تهيأ له من السلوك السابق والعناصر التي تشكل شخصا جديدا لا تزال في تبدل مستمر ولكنها لا تتلاشى كلية حتى تفنى تلك القوة التي تتمسك بها وتدفعها إلى الميلاد الجديد, وليست تلك القوة إلا رغبة الرغبة في الوجود المنفرد .(د. أحمد شلبي, ص157).
# النص الثاني :
نار الشهوة وكيف تطفأ؟
يقول بوذا :
(إن الحياة كلها من الولادة إلى الموت لهيب وحريق, إنها نار الشهوة ونار البغض والعداء والهوى. ومن هم أولئك الخدم الذين يشعلون هذه النيران؟
العواطف الستة والحواس الستة: إن العين ترى الأشياء الجميلة مزخرفة اللون, والأذن تسمع الأصوات الحلوة, والأنف يشم الروائح الطيبة, واليد تشعر بنعومة الريش أو الحرير, والفم أو الحلق يقول إن ثمر المانجو هذا لذيذ حقا, والقلب يتأثر بالأشياء المرغوبة, هؤلاء هم العبيد الستة الذين يسعون لتنفيذ أوامر سيدهم فيجمعون الحطب فتزداد النيران اشتعالا. ولكن هناك طريق لإخماد هذه النار, اتبعوا الصراط السوي النير. إن هذا الصراط مستقيم لا عوج فيه, أما بابه فهو تطهير الذهن ونهايته السلام والحنان لكل الخلق من الأحياء. إن الذي يسلك هذا الصراط لا يقول: إنني أنا وذلك الإنسان غيري ولذلك في نفعه خسارتي! كلا! بل هو يقول: يجب عليّ أنا الذي فزت بالبصيرة أن أشعر بالحب والحنان لكل الخلق الذين قيدوا بهذه الأغلال, أغلال العلة وتعدد الحياة, ولقد كسرت أنا هذه الأغلال بنفسي بقلع الشهوة من قلبي, فيجب عليّ الآن أن أسعى للكل وأجعلهم أحرارا). (د. أحمد شلبي، ص 158).
# رابعا: النيرفانا :
إن مصطلح النيرفانا في الديانة البوذية، يقابله مصطلح الجنة في الديانة الإسلامية، ويقابله مصطلح ملكوت الله في الديانة المسيحية، وبشيء من التفصيل أقول: تعد كلا من الكارما وتكرار المولد (التناسخ) والنيرفانا من أوثق الأدلة والبراهين على نبوة النبي الصالح العظيم بوذا، وأن ما ذكره بوذا عن النيرفانا وغيرها، لا يمكن أن يصدر عن علم بشري أو عن فلسفة بشرية، بمعنى أن البعث بعد الموت أو ما يسمى (بالتناسخ)، والكارما، وتكرار المولد، والنيرفانا، ما هي إلا من الأمور الغيبية التي بشرت بها جميع الديانات السماوية المعروفة لدينا في منطقة الشرق الأوسط، هذه الأشياء التي لا يمكن لبوذا أن يعرفها من تلقاء نفسه، وبما أنها أمور غيبية لم يستطع بوذا أن يعطي مريديه إجابة شافية على أسئلتهم التي طالبوا فيها بوذا بتحديد واضح ومحدد للنيرفانا وغيرها من الأشياء التي سألوه عنها، وهذا ما يثبت بالفعل بأن بوذا قد أخبر عن غيبيات أوحيت إليه ولم يكن لديه أدنى علم بماهية هذه الغيبيات التي أخبر بها أتباعه، وكانت إجابته دائما هي (لا أدري)، وإجابات بوذا باللاأدري هي نفسها إجابات الأنبياء والرسل الذين قص الله علينا قصصهم في القرآن حين كانوا يواجهون مثل تلك الأسئلة حول اليوم الآخر والموت وما بعد الموت، فقد كانوا جميعا بما فيهم محمد عليه الصلاة والسلام يجيبون أقوامهم بـ لا أدري.
وكما سبق وأن قلت بأن دخول معظم الباحثين والدارسين على النصوص الدينية لبوذا، واعتبارها نصوص فلسفية وليست دينية، واعتبارهم بوذا فيلسوفا وليس نبيا، هو ما أوقع هؤلاء الباحثين والدارسين العرب والغربيين جميعا، في حالة من الحيرة والشك في حقيقة تلك النصوص ومغزاها ومعناها، كما سنرى ذلك في السطور الآتية:
# المعنى البوذي للنيرفانا :
النيرفانا كما جاء ذكرها في النصوص المنسوبة إلى بوذا، هي عبارة عن نوعين من النيرفانا، الأول: النيرفانا الأرضية، الثاني: النيرفانا الأبدية الغير محددة المعالم، وبشيء من التفصيل نقول إن النيرفانا كما عبرت عنها نصوص بوذا هي عبارة عن الخلاص والنجاة من جميع الآلام والولادات التي تسببها الشهوة والرغبات والعواطف والأمنيات، وهذه النيرفانا هي شعلة النار التي يجب على المؤمن أن يخمدها ويطفئها حتى ينجو من ألم الشهوة، فإن استطاع المؤمن أن يطفئ هذه الشعلة الملتهبة من الشهوة والرغبة، فسوف يحصل على نيرفانا أرضية دنيوية يحظى بها في حياته وقبل موته، وإن ظل هكذا ومات سيحظى بالنيرفانا الكبرى، وهي التي لم يستطع بوذا أن يعطي مريديه تحديدا واضحا عن ماهيتها، وذلك لأنه بالفعل لا يعلم ماهيتها على وجه الحقيقة، فهو يؤمن بوجودها، ولكنه يجهل حقيقتها، يقول هنري آرفون: (تعتبر النيرفانا عند بوذا هي خاتمة الولادات جميعها. وإجمالا, كلمة (نيرفانا) تعني (الغيبوبة) أو (الانطفاء) ويوضح بوذا معنى النيرفانا في تشبيهها بالشعلة التي تنطفئ عند انتهاء مادة الاحتراق, هكذا (ينطفئ) الفرد الذي يتوقف عن إذكاء نيران عواطفه فلا تعود حياته تولد مرة تالية تماما كما المصباح الذي إذا ما انطفأ مرة لا يقوى بعدها على إذكاء شعلته بنفسه. إذا فالنيرفانا البوذية حالة تفلت من حتمية المستقبل ولكن طالما ليس هذا المستقبل ممكنا, إلا لأن الضمير الفردي هو محركه الأساسي, فالنيرفانا لا تبلغ إلا في إمحاء كل إرادة وكل إحساس فتمسي جميعها مفصولة منطفئة). (هنري آرفون، ص 58).
# تعقيدات فهم النيرفانا البوذية لدى الباحثين في الديانة البوذية :
اعترف كل الباحثين بأن بوذا لم يفصح لأتباعه عن ماهية وحقيقة النيرفانا، وذلك لسبب بسيط، وهو أن النيرفانا غيب لا علم لبوذا بماهيته أو حقيقته، وعدم إفصاح بوذا بماهية وحقيقة النيرفانا فيما نسب إليه من تعاليم، يدل بكل وضوح على أن مصطلح النيرفانا في التعبير البوذي، هو نفسه مصطلح الجنة في التعبير القرآني. وكما سبق وأن قلت إن وضع بوذا في مصاف الفلاسفة، وإخراجه من مصاف الأنبياء من قبل بعض الباحثين، هو الذي أوقع هؤلاء الباحثين في إشكالية ذلك التعقيد الذي بدا لهم في فهمهم لطبيعة وحقيقة تعاليم بوذا، ومن ثم بدت لهم إشكالية أخرى حول ماهية وحقيقة النيرفانا التي وعد بها بوذا أتباعه إن هم التزموا تعاليمه. إن هؤلاء الباحثين حين عدوا بوذا فيلسوفا، أوقعهم ذلك في معضلة الغيبيات التي بشر بها بوذا ووعد بها أتباعه، فرأوا أن القول بالغيبيات لا يستقيم مع مهنة الفلسفة التي لا تقول ولا تعتقد بالغيبيات، فاتهموا بوذا بالتهرب من التوضيح أو الإفصاح عن ماهية النيرفانا وحقيقتها.
وهذه بعض من أقوال هؤلاء الباحثين الذين اعترفوا بالعجز عن فهمهم لماهية النيرفانا، فاتهموا بوذا باللاأدرية أو التهرب من الإجابة على ما وجه له من أسئلة عن حقيقة وماهية النيرفانا:
يقول (هنري آرفون): (وإذا كانت للبوذية مرشد إلى ما أسمته النيرفانا فإن العقيدة البوذية لا تستطيع أو لا تريد أن تعطي لها تحديدا إيجابيا فهل ترى النيرفانا حالة غبطة أم عدم؟ إذا كانت سيادة الغبطة الأبدية فمن يمكنه بلوغها طالما أن (الأنا) وهمية وعابرة؟ وإذا كانت العدم, فيختلط فهم العقيدة البوذية التي تقول بإمكان بلوغ النيرفانا خلال هذه الحياة الأرضية. إنها مسألة معقدة لم يرتدع أتباع بوذا أنفسهم من طرحها على معلمهم الذي تذرع عندها باللاأدرية. كل ما يدريه: يجب على الإنسان بلوغ النيرفانا ليخلص, وما هم أن تكون النيرفانا حالة وجود معين أم حالة غيبوبة تامة. وهاهو في الواقع, الاتهام الرئيسي الذي يوجهه مناهضو العقيدة البوذية للرهبان البوذيين, وهو اتهام يبرره عجز هؤلاء الرهبان عن المحافظة على مفهوم النيرفانا كما أطلقه وحدده بوذا). (هنري آرفون, ص58).
ويقول العلامة (رادها كرشنن): (إن بوذا رفض أن يشرح النيرفانا وعلى هذا لا يجدي نفعا أن نحاول فهمها بل ربما كانت اللغات البشرية لا تستطيع شرح النيرفانا). (أحمد شلبي، ص160).
ويقول الدكتور أحمد شلبي: (هذا هو اتجاه بعض الباحثين وعبارتهم في ذلك هي: إن شقاء الحياة وعناءها وضجرها تنبعث من رغبات النفس وإن الإنسان يستطيع أن يكون سيد رغباته لا عبدا لها وإن في مقدوره الإفلات من هذه الرغبات بقوة الثقافة الروحية الداخلية ومحبة الآخرين. واتخذ تلاميذ بوذا هذا الاتجاه أحيانا نظرية لهم توصل للنجاة أو للنيرفانا وتقي من تكرار المولد, وقد حدث أن سأله تلاميذه مرة عن مريد له مات حديثا: هل نجا من تكرار المولد؟ فأجاب بالإيجاب, ولكن أحد البراهمة سمع ذلك فاعترض على هذا الغموض فعاد بوذا يعلم تلاميذه ألا يعنوا بالنظريات والعقائد وألا يتكلموا عما بعد الموت وأن يوجهوا عنايتهم للعمل وعلى هذا عادت النيرفانا إلى الغموض. ولكن لا تزال لدينا معلومات تقودنا إلى أسلم طريق لإيضاح النيرفانا ويبدو مما لدينا من مراجع أن النيرفانا مرت بمراحل تاريخية فقد كان مفهومها عند بوذا أول الأمر أنها الاندماج في الله والفناء فيه ولكن أفكار بوذا تغيرت فلم تعد النيرفانا هي الاندماج في الله بل اتخذت لها معنى جديدا أو قل أحد معنيين متلاحقين هما: المعنى الأول يصل الإنسان إلى النيرفانا وهو حي. والمعنى الثاني ترتبط النيرفانا بالموت وبالتخلص من هذه الحياة على ألا يعود لها). (أحمد شلبي، ص159، 160).
# ما هي حقيقة وماهية النيرفانا الأبدية عند بوذا :
يعد اعتراف الباحثين والدارسين بالعجز والتعقيد في فهم حقيقة وماهية النيرفانا، اعترافا غير مباشر بنبوة بوذا، لأن ما أخبر به بوذا عن النيرفانا والحياة بعد الموت هو غيب لا يمكن لبوذا أن يخبر بوجوده من تلقاء نفسه، ولا يمكن أن يعطي لمن سأله ردا شافيا قاطعا عن ماهيته وحقيقته، كما أن الرسول محمد عليه الصلاة والسلام وموسى وعيسى، وكل الأنبياء لم يعطوا من سألهم ردا شافيا قاطعا عن ماهية الجنة والحياة بعد الموت، لأن حقيقة الجنة والحياة بعد الموت غيب لا علم للأنبياء والرسل به، وما هو موجود في القرآن من وصف للجنة وللحياة بعد الموت إنما هي أوصاف تشبيهية تقريبية لوصف الجنة، وليست أوصاف حقيقية يقينية قاطعة، وكذلك أيضا كانت إجابات بوذا على أسئلة بعض أتباعه حين سألوه عن النيرفانا والحياة بعد الموت.
وهذه بعض النصوص المنسوبة لبوذا والتي تحوي ردوده على من سأله عن ماهية النيرفانا والحياة بعد الموت، مع مقارنتها ببعض نصوص القرآن الكريم، لنرى مدى التطابق بين ما أخبر به بوذا وبين ما جاء في نصوص القرآن، وذلك على النحو التالي:
# ورد عن بوذا: (سأله أحد تلاميذه مرة عن مريد له مات حديثا: هل نجا من تكرار المولد؟ فأجاب بالإيجاب, ولكن أحد البراهمة سمع ذلك فاعترض على هذا الغموض فعاد بوذا يعلم تلاميذه ألا يعنوا بالنظريات والعقائد وألا يتكلموا عما بعد الموت وأن يوجهوا عنايتهم للعمل، وقال: أيها التلاميذ لا تسألوا أسئلة كهذه فإنها عارية من كل نفع ولا يقدر أحد على جوابها, هل تكلم يوما الذي مات؟). (أحمد شلبي، ص160).
# وجاء في القرآن حول السؤال عما بعد الموت ما يلي :
(قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنْ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُّبِينٌ). (9- الأحقاف).
(يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا). (63- الأحزاب).
(نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ* عَلَى أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ). (60: 61- الواقعة).
(وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَم بَعِيدٌ مَّا تُوعَدُونَ). (109- الأنبياء)
(قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَّا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا). (25، 26- الجن).
(قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى* قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَّا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى). (51، 52- طه).
(قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ). (50- الأنعام).
(وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ). (179- آل عمران).
(وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ). (188- الأعراف).
(وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيبًا). (51- الأسراء).
# وورد عن بوذا قوله: (إن السؤال عن الغيب وتجدد الحياة لا يجدي نفعا ولكنه يعذب العقل وينهك القوى). (أحمد شلبي، ص160).
# وجاء في القرآن حول السؤال عن الغيبيات ما يلي :
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِن تَسْأَلُواْ عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللّهُ عَنْهَا وَاللّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ). (101- المائدة).
(قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ*الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ* يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ). (10: 12- الذاريات).
(بَلْ يُرِيدُ الْإِنسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ*يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ). (5، 6- القيامة).
(يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِّنَ السَّمَاء فَقَدْ سَأَلُواْ مُوسَى أَكْبَرَ مِن ذَلِكَ فَقَالُواْ أَرِنَا اللّهِ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ
الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَن ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُّبِينًا). (153- النساء).
# وورد عن بوذا قوله: (عليكم بالسبيل النير الشريف, فإنه يوصلكم إلى السلام في هذه الحياة واتركوا ما بعد هذه الحياة إلى اليد التي تولته من أول الكون). (أحمد شلبي، ص160).
# وجاء في القرآن حول الاهتمام بالطاعة وترك ما بعد الحياة ما يلي:
(وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ* أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ* أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ* أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ). (55: 58- الزمر).
(وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ). (10- المنافقون).
(قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ). (65- النمل).
# وورد عن بوذا: (أنه جاءه يوما أحد أتباعه ويدعى (مالونكيابوتا) يسأله عن النيرفانا وعما إذا كان من بلغ الكمال يستطيع الاستمرار في حياته بالنيرفانا أم يبتلعه العدم؟ فما كان من بوذا جواب عن هذا التساؤل إلا أن ذكر مثل رجل أصابه سهم مسموم. هل ينتظر كي يتداوى ليعرف ما إذا كان الذي أصابه راهبا براهمانيا أم نبيلا شريفا أو فلاحا أو خادما من الشعب؟ ما تكون نتيجة هذا الانتظار؟ موت الجريح طبعا, هكذا حال الذي يريد الشفاء من حالات التناسخ. إذا فليكتف بالحقائق المقدسة الأربع وكل ما عداها زائد فائض يوشك أن يؤخر الخلاص). (هنري آرفون, ص59).
# وجاء في القرآن حول الانتظار الذي يؤدي إلى الهلاك بعد الموت ما يلي :
(هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ الْمَلآئِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انتَظِرُواْ إِنَّا مُنتَظِرُونَ). (158- الأنعام).
(هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَاء فَيَشْفَعُواْ لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ). (53- الأعراف).
(هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ). (33- النحل).
(هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ). (66- الزخرف).
# وقال بوذا لمريديه يصف لهم النيرفانا: (أيها المريدون, النيرفانا (الجنة في التعبير القرآني) هي طور لا أرض فيه ولا ماء, لا نور فيه ولا هواء, لا فيه مكان غير متناه, لا عقل غير متناه، ليس فيه خلاء مطلق، ولا ارتفاع الإدراك واللاإدراك معا, ليس هو هذا العالم، وذاك العالم، لا فيه شمس ولا قمر, أيها المريدون، هي طور لا أقول عنه بإتيان ولا بذهاب ولا بوقوف, لا يموت ولا يولد, هي من غير أساس، من غير مرور، من غير انقطاع, ذلك نهاية الحزن). (أحمد شلبي، ص160).
# وجاء في القرآن حول أوصاف الجنة والحياة في بعد الموت ما يلي:
(يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُواْ للّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ). (48- إبراهيم).
(لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا). (13- الإنسان).
(لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَة الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ). (56- الدخان).
(وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ* لَّا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ). (33- الواقعة).
(أُكُلُهَا دَآئِمٌ وِظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ). (35- الرعد).
(ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ). (49- الأعراف).
# وقال بوذا: (لقد أحرزت علم الحقائق الأربع المقدسة وأحرزت فهمها بانجلاء تام, فصرت على يقين بأني قد ظفرت بالبوذية الكبرى وقد عرفت أنه قد ضمنت لي النجاة ومولدي هذا آخر مولد وليس لي بعد هذا من مولد مستأنف). (أحمد شلبي، ص 166).
(وللحديث بقية).
الموقع: www.nehrosat.com
البريد الإلكتروني: nehro_basem@hotmail.com
قائمة المراجع :
1 – ديمتري إفيريينوس. مقالة في التقمص في ضوء التعاليم الثيوصوفية. ترجمة: توفيق شمس وديمتري أفييرينوس. دمشق 1998. مكتبة إيزيس. الطبعة الأولى.
2 - د. أحمد شلبي, مقارنة الأديان, أديان الهند الكبرى, الهندوسية – الجينية – البوذية, الطبعة الخامسة, مكتبة النهضة المصرية 1979. 3 - هنري آرفون, البوذية, ترجمة هنري زغيب, المنشورات العربية, الطبعة الثانية 1985.