القاموس القرآنى : ( الأرحام )

آحمد صبحي منصور في السبت ٠٤ - أغسطس - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً

القاموس القرآنى : ( الأرحام )

جاءنى هذا السؤال من أحد الأحبّة ، قال : (  اود ان استفسر عن .تقول حضرتك عن زيارة الاقارب ( صله الرحم ) والله تعالي يقول (وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى ﴿٥ الحج﴾اذا ما علاقة زيارة الاقارب بالارحام .اود الايضاح  . وشكرا . )

وأقول :

1 ـ لم يرد مفرد ( الأرحام ) أى ( رحم : رحم المرأة ) . وردت الفعل ( رحم ) من الرحمة ، قال جل وعلا : (وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ ) (119) هود ) ، وورد الإسم ( رحمة ) ، قال جل وعلا عن القرآن الكريم : (  وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (111) يوسف ).

2 ـ ( الأرحام ) جمعا لكلمة ( رحم ) جاء فى القرآن الكريم بمعنيين : ( رحم المرأة ) و ( الأقارب ) والتشريعات الخاصة بهم. ونعطى تفصيلا:

أولا: الأرحام  ( جمع رحم ) أى رحم المرأة )  

1 ـ قبل خلق آدم تم خلق نفس آدم وخلق الأنفس البشرية كلها المتسلسلة من تلك النفس الأولى لكل البشر جميعا ، قال جل وعلا : (وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنْ السَّاجِدِينَ (11) الاعراف ). ثم فى الموعد المحدد يتم نفخ كل نفس فى الجنين الخاص بها ، ويحمل نفس ملامح نفسه البرزخية ، من اللون والملامح ، قال جل وعلا : (هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (6) آل عمران ). لذا فإن من اسماء الله جل وعلا الحسنى : (المصور ) ، قال جل وعلا :  (هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ) 24 ) الحشر ).  

2 ـ عن مراحل خلق الانسان قال جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنْ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً ) (5 ) الحج ). هنا إعجاز علمى عن مراحل تكوين خلق الانسان داخل الرحم ، ( النطفة ) هى الخلية الأولى من البويضة والحيوان المنوى ، تتكاثر مجموعة خلايا تعلق بجدار الرحم هى ( العلقة ) تتكاثر لتصبح قدر قطعة اللحم  التى يمضغها الانسان ، وفى الموعد المحدد يتم نفخ النفس فيه ليصبح إنسانا .

وفى موضع آخر يشير جل وعلا الى تلك المراحل داخل ( الرحم ) ويصف الرحم بأنه ( قرار مكين ) ، وهو وصف به إعجاز علمى ، قال جل وعلا : ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14)  المؤمنون ) وقال أيضا جل وعلا يصف الرحم بالقرار المكين : (  أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (20) فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (21) إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ (22) فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ (23) ) المرسلات ). القرار المكين الذى يستقر فيه الجنين محميا الى الموعد المحدد المقدر له سلفا حتى يولد طفلا.

3 ـ لم يكن للشخص ( محمد بن عبد الله القرشى العربى ) الذى عاش فى القرن السابع الميلادى علم بهذا. وما جاء فى القرآن الكريم من آيات علمية وتاريخية أكبر دليل على أنه ( محمد بن عبد الله ) لم يؤلفه من عنده ، بل هو من عندالله جل وعلا. وقد قال جل وعلا عن ذاته :  (إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (34)لقمان )، أى هو جل وعلا وحده الذى  (يعلم ما فى الأرحام ) ، وجاء أيضا قوله جل وعلا عن ذاته : (اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ (8) الرعد ).

4 ـ وقد يقول بعض السطحيين أن العلم الحديث تمكن به الانسان أن يعرف نوعية الجنين ذكرا أو أنثى ، بل يراه فى مراحل تكونه من نطفة الى علقة الى مضغة..ألخ .. ينسون أن :

4 / 1 : رب العزة أخبر بهذا قبل عصرنا بأربعة عشر قرنا ، ووصلت أجهزة العلم الحديث لترى مصداق ما أخبر به الخالق جل وعلا.

4 / 2 : مهما بلغت أجهزة الانسان العلمية ومهما بلغ تقدمه العلمى فهو لن يعرف سوى الظواهر التى تحدث فى الرحم فقط ، ومنه مراحل خلق الجنين فى داخله. الله جل وعلا وحده هو الذى يعرف جميع ما يحدث فى الرحم ، ليس فقط تكوين الجنين ، بل من نشأة الرحم نفسه داخل الأنثى وخلق البويضات فيه ، والتطورات التى تحدث فيه ومايؤثره فى الجسد وما يتأثر به من الجسد ، وما يضمه هذا الرحم .

4 / 3 : بل إن قوله جل وعلا : (  (اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى ) ليس مقصودا به ( الحمل ) للأجنّة فقط ، وليس مقتصرا على إناث البشر فقط ، بل كل ما تحمله كل إنثى من المخلوقات فى هذه الأرض ، إنثى الحمار ـ مثلا ـ  تحمل على ظهرها وفى داخلها من الحشرات والحيوانات الدقيقة والبكتيريا أُمما شتى ، لا يعلمها إلا الله جل وعلا. وكل هذه الحيوانات الدقيقة والمجهرية منها إناث تحمل وتتكاثر والله جل وعلا هو الذى يعلم ما تحمل من غذاء أو من بويضات . هذا عن مخلوقات الأرض  فى البر وفى البحر. ثم هناك دواب ومخلوقات أخرى برزخية تتكاثر من الملائكة والجن و الشياطين ، الاناث منها تحمل أنواعا شتى من ( الحمول ) لا يعلمها إلا الذى يعلم ما تحمل كل أُنثى . ثم هو جل وعلا الذى يعلم : ( وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ (8) الرعد ).  يعنى تحول الجنين الى طفل وولادته ، وبدايته زيادته ، ثم هناك الأخطر والذى لا يمكن للبشر رؤيته ، وهو دخول النفس البشرية فى جنينها. يرون فقط نبضه والتغيرات التى تحدث حين يستوى فى الرحمن مخلوقا ، ولكن دخول النفس فيه فوق إمكانتهم .

4 / 4 : وكل هذا عنده بحساب وبمقدار لأنه جل وعلا خلق كل شىء فقدره تقديرا (  وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً (2) الفرقان ) (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (49) القمر ) (قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً (3) الطلاق ) . ومنه تقدير مدة بقاء الجنين فى الرحم : (  فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (21) إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ (22) فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ (23) ) المرسلات ).

ثانيا : الأرحام بمعنى القرابة ( أولو الأرحام ) أى أولو القربى )

1 ـ القرابة أ و ( ذو  ) ذو القربى أو ( اولو القربى )  أساسها ( رحم المرأة ) أو الأرحام ، قال جل وعلا : ( وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنْ الْمَاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً (54) الفرقان ).  

2 ـ ومن بداية خلق النفس الأولى وما تناسل منها جاءت الاشارة الى ( الأرحام ) ، قال جل وعلا :  (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً (1)  النساء ).

3 ـ وفى تشريع الرحمن جل وعلا فإن أولى الأرحام أولى بعضهم ببعضهم فى إطار طاعة رب العزة جل وعلا ، وفى هذا قال جل وعلا لمجتمع المدينة فى عهد خاتم النبيين عليهم السلام : (  وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُوْلَئِكَ مِنْكُمْ وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (75) الانفال )، وقال جل وعلا : (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُوْلُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلاَّ أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفاً كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُوراً (6) الاحزاب  )

ثالثا : حقوق أولى الأرحام بإعتبارهم أولى القربى :

1 ـ فى الميراث :

1 / 1 : اقرب الأقارب لهم حقوق فى الميراث قال جل وعلا : (  لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً (7) النساء )

1 / 2 : الأقارب بعد الأقربين لهم حق فى التركة صدقة ، قال جل وعلا : ( وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُوا الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً (8) النسا قال جل وعلا :ء ).

2 ـ فى الوصية ، هى للوالدين والأقربين الورثة وفقط ، قال جل وعلا : (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ (180) البقرة ). ولا عبرة لهجص السنيين بخرافة لا وصية لوارث.

3 ـ حقهم فى الصدقة .

3 / 1 : عن الصدقة الفردية قال جل وعلا :  (  يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (215) البقرة )

3 / 2 : عن صفات المتقين الصادقين قال جل وعلا :  (  لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُتَّقُونَ (177) البقرة )

3 / 3 : وقال جل وعلا فى مبادىء عامة :   (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90) النحل )

3 / 4 / وفى كل هذا لهم ( حق ) ويجب توصيل هذا الحق لهم ، قال جل وعلا :  (  وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً (26) الاسراء ) (فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (38) الروم )

3 / 5 : بل يصل الأمر الى أتباعهم المرتبطين بهم ، كأن يكون لوالدك خدم وأتباع يعتمدون عليه ( موالى ) بموت والدك يكون لهم حق عليك ، قال جل وعلا :   (وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً (33) النساء )

4 ـ حقهم فى المودة وفى الاحسان والعطف

4 / 1 : جاء فى الميثاق الذى أخذه رب العزة على بنى اسرائيل الاحسان للوالدين وذوى القربى ، قال جل وعلا : (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ )(83) البقرة )

4 / 2 ، وهو نفس الأوامر التى جاءت لنا فى القرآن الكريم ، قال جل وعلا : (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً (36) النساء )

4 / 3 : . وليس للنبى أن يطلب أجرا على دعوته لأن أجره على ربه جل وعلا ، ومن يريد التعبير عن إمتنانه للنبى فعليه أن يكون محسنا لذوى قرباه ، يقدم لهم المودة ، قال جل وعلا : (ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ (23) الشورى )

رابعا : هذا كله فى إطار طاعة الرحمن جل وعلا

على أن هذا كله لا يعنى أن تعصى ربك جل وعلا تعصبا لأقاربك ووالديك :

1 ـ قال جل وعلا  فى وصية من الوصايا العشر :  (وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى ) (152) الانعام )

2 ـ ذلك أن المؤمن لابد أن يكون قوّاما بالقسط يشهد الشهادة صدقا إبتغاء ربه جل وعلا ، بغض النظر عن مصلحة الوالدين والأقارب ، قال جل وعلا : (أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوْ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً (135) النساء )  .

3 ـ ففى النهاية فلن تنفع الأنساب يوم القيامة ، قال جل وعلا : (فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ (101)  المؤمنون ) ، ويوم القيامة سيفر كل فرد من أقرب الناس ، قال جل وعلا : (  فَإِذَا جَاءَتْ الصَّاخَّةُ (33) يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37)  عبس ) بل سيود المجرم لو يفتدى العذاب بأقرب الناس اليه ، قال جل وعلا : (وَلا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً (10) يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (11) وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ (12) وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْويهِ (13) وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنجِيهِ (14)  المعارج ) . فى يوم القيامة لن ينفع أحد أحدا مهما كانت قرابته ، قال جل وعلا :   (وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى ) (18) فاطر )

اجمالي القراءات 7058