رسالة من قارىء ، أكرمه الله جل وعلا :
مقدمة:
1 ـ يسعدنى أن يقرأ لى الأحبة وأن يناقشونى فيما قرأوه . هذا يحقق شعار ( لنكن جيل الحوار ليكن أبناؤنا جيل الاختيار ) الذى رفعته عام 1989 ، ولا زلت متمسكا به. الحوار مفيد للطرفين وللجميع ، به قد أكتشف خطئى وأصححه . الكثير من الملاحظات تأتى عن إختلافات بين ما كتبته فى الماضى وبين ما توصلت اليه لاحقا ، وقد أجبت مرارا عن هذا بأن الباحث فى اكوام جبل الخرافات التى توارثها يزيلها شيئا شيئا حسب ما يتبين ، وهو يكتب بمستواه ، وبهذا كتبت بمستواى وقتها وكنت لا زلت أحتفظ ببعض الخرافات مصدقا لها ، وباستمرار البحث والتنقيح تخلصت منها، ولا زلت أنظّف عقلى مهتديا بالقرآن الكريم. لم أشأ أن أحذف أخطاء الماضى فيما كتبت فى الثمانينيات وما بعدها ، حتى تكون مرجعية للتطور الفكرى الذى مررت به ، وسيرة حياة باحث بدأ من الصفر سنيا ثم إنتهى الايمان بحديث رب العزة فى القرآن وحده . هناك كتب قديمة أرفض نشرها الآن مع أنها كانت فظيعة أفزعت الناس وقتها و حوكمت بسببها فى مستنقع الأزهر،ولكنها لا تناسب مستواى الآن . سعادتى لا توصف حين أقرأ المستوى الذى وصل اليه احبتى من تلامذتى أهل القرآن ، وأنهم الآن أفضل منى من ربع قرن ، مع أننى من ربع قرن كنت ( البُعبُع ) الذى يخيف السنيين . هذا تطور الفضل فيه لرب العزة جل وعلا القائل : (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69) العنكبوت ).
2 ـ من الرسائل التى أسعدتنى رسالة الاستاذ سامر شفيق . كتب يقول : ( قرات كتابكم ( الخضر بين القرآن الكريم وخرافات المحمديين )وشكرا لكم على هذا الجهد الكبير وادعو الله ان ينفع المسلمين به بدلا من الخزعبلات التي ملأت عقولنا عن الخضر وكراماته .ارجو ان تسمحوا لي بالسؤال عن بعض المعلومات التي وردت في المصطلحات في الكتاب . الغلام : ذكر الدكتور احمد انها تاتي للاشارة للمولود ذكرا او للذكر الذي لم يبلغ. ويشير الدكتور ان غلام العبد الصالح كان ذكرا لم يبلغ ، ولكن موسى عليه السلاميستنكر على الخضر قتله الغلام بقولة "اقتلت نفسا زكية بغير نفس " . اي كيف تقتل نفس بريئة بدون ان تقتل نفسا اخرى . أليس هذه اشارة ان الغلام هنا بالغ والا لماذا يستنكر موسى عليه السلام على الخضر بهذه الصيغة ومعروف ان قتل النفس لايكون الا بقتلها نفس اخرى ولو انه لم يكن بالغ لما قال له " بغير نفس".؟ قول الدكتور احمد ان الله لايصف احدا بالصلاح"وهو الذى يصف بعض الناس بالصلاح بعد موتهم وقفل كتاب أعمالهم" ، وهو حيّ بالاستدلال بقوله تعالى ( تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (101) يوسف) . الم يكن النبي اسحق يعرف انه من الصالحين ؟ الصافات "وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ (112)" ابراهيم عليه السلام بشرة رب العزه باسحق وانه من الصالحين ، هل اخفى ابراهيم هذة الحقيقه عن اسحق. وهل اخفت مريم ابنة عمران عن ولدها النبي عيسى عليه السلام ان الله بشرها انه من الصالحين يوم ولد "وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ (46)" نجد ان اسحق وعيسى انبياء وصفهم رب العزه انهم صالحين قبل موتهم وليس بعد موتهم كما يشير الدكتور منصور . اعتقد ان لفظ الصالحين هو مصطلح مطلق يشير الى الايمان بالله . اخيرا لي ملاحظة في وصفك لموسى عليه السلام بالغضب السريع والخوف وحالة عدم الاستقرار النفسي قريبه جدا من طريقة سيد قطب ).
3 ـ مع الشكر له ، أقول :
أولا : عن مصطلح ( غلام ) : يعنى فى القرآن الكريم :
1 ـ المولود المتوقع مولده . وقد جاء هذا عن :
1 / 1 : المولود اسماعيل ( الغلام الحليم ) . قال جل وعلا عن ابراهيم عليه السلام ( قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَاناً فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ (97) فَأَرَادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمْ الأَسْفَلِينَ (98) وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ (99) رَبِّ هَبْ لِي مِنْ الصَّالِحِينَ (100) الصافات ) . إستجاب الله جل وعلا وبشّره بغلام حليم هو اسماعيل ، قال جل وعلا : ( فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ (101) فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ الصَّابِرِينَ (102) فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103) الصافات )
1 / 2 : المولود إسحاق ( الغلام العليم ) والذى بشّرت به الملائكة ابراهيم وزوجه ، قال جل وعلا : ( إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلاماً قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ (52) قَالُوا لا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ (53) قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِي الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ (54) الحجر ) (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (24) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلاماً قَالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنكَرُونَ (25) فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (26) فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلا تَأْكُلُونَ (27) فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ (28) الذاريات ). عاش ابراهيم بعيدا عن ابنه الوحيد اسماعيل . ثم جاءت الملائكة تبشر ابراهيم وزوجه بغلام عليم هو اسحاق ، ثم حفيد لهما منه هو يعقوب ، أى سيعيشان حتى يدركا هذا الحفيد يعقوب . كان هذا هبة من رب العزة لابراهيم فى شيخوخته . قال جل وعلا : (وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا ) 84)الانعام) ( وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً ) (72) الانبياء)( وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ) 27) العنكبوت ).
1 / 3 : المولود ( يحيى ) : وقد بشّرت الملائكة النبى زكريا به بعد أن دعا ربه ان يهبه ذرية ترثه . قال جل وعلا : ( فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيّاً مِنْ الصَّالِحِينَ (39) قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَقَدْ بَلَغَنِي الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (40) آل عمران )( يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيّاً (7) قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكَانَتْ امْرَأَتِي عَاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنْ الْكِبَرِ عِتِيّاً (8)) مريم ).
1 / 4 : المولود ( عيسى ) ( الغلام الزكى الطاهر ) . وقد نزل الروح جبريل يبشر به العذراء مريم عليها السلام : ( قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيّاً (19) قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُنْ بَغِيّاً (20) مريم).
2 ـ الغلام دون البلوغ ، من ولادته الى أن يبلغ أشدّه . وجاء هذا :
2 / 1 : فى ثنايا قصة يوسف حين ألقاه أخوته فى البئر ، وعثرت عليه قافلة . قال جل وعلا : ( وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلامٌ )(19) يوسف ). إشتراه عزيز مصر ولدا صغيرا أى غلاما وحمله الى زوجته وكلمها عنه بهذه الصفة . قال جل وعلا : ( وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً )21) يوسف ). و فيما بعد أصبح يوسف شابا بالغا ، قال جل وعلا عنه : ( ولَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (22) يوسف )
2 / 2 : فى قصة صاحب موسى ، قال جل وعلا : ( فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلاماً فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً (74) قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْراً (75) الكهف ) ( وَأَمَّا الْغُلامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً (80) فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً (81) وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً (82) الكهف ).
ثانيا : عن مصطلح الصلاح :
1 ـ المؤمن الذى يعمل الصالحات وهو حىُّ معرّض لأن يعمل السيئات أيضا ، فلا يوجد بشر معصوم من الخطأ ، ولو عاقب الله جل وعلا الناس بسيئاتهم ما ترك على الأرض دابة ، أى لأهلك البشر جميعا من أنبياء وغيرهم ، قال جل وعلا : ( وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ (61) النحل ) ( وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيراً (45) فاطر ).
2 ـ هذا المؤمن عليه أن يكون متقيا ، أى يكثر من التوبة والاستغفار ، ولهذا يوصف المتقون بأنهم الذين يستغفرون ربهم جل وعلا إذا وقعوا فى معصية : ( إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنْ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ (201) الاعراف ) ، ومن صفات المتقين :(وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134) وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) أُوْلَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (136) آل عمران ).
3 ـ بالتالى فهذا المتقى يراقب نفسه ويحاسبها ويؤنبها لإصلاحها ، ولا يمكن أن يمدح نفسه ، إن فعل فقد عصى رب العزة جل وعلا القائل : (فَلا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ اتَّقَى (32) النجم ). هناك من أهل الكتاب من كانوا يزكُّون أنفسهم ، بهذا هم يفترون على الله جل وعلا كذبا ، قال عنهم رب العزة جل وعلا : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلْ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (49) انظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْماً مُبِيناً (50) النساء ) . كانوا فى تزكيتهم لأنفسهم يزعمون أنهم الشعب المختار ، وأنهم وحدهم أولياء الله ، فتحداهم رب العزة جل وعلا أن يتمنوا الموت ، قال جل وعلا : (قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوْا الْمَوْتَ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ (6) وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (7) الجمعة ) ( قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمْ الدَّارُ الآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوْا الْمَوْتَ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ (94) وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (95) وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنْ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنْ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (96) البقرة ).
4 ـ هذا المؤمن يدعو ربه فى حياته أن يلحقه رب جل وعلا بالصالحين يوم القيامة. هكذا فعل يوسف القائل : ( أَنْتَ وَلِيِّ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (101) يوسف )، وهكذا دعا ابراهيم عليه السلام : ( وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (82) رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (83) الشعراء )
5 ـ الله جل وعلا وحده هو خالق الزمان والمكان وعالم الغيب والشهادة ، وبالتالى فهو وحده الذى يخبر مقدما أن فلانا من الصالحين قبل مولد هذا الشخص أو بعد موت هذا الشخص .
5 / 1 : هكذا قال جل وعلا عن ابراهيم عليه السلام ـ بعد موت ابراهيم ، قال عنه جل وعلا : ( وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنْ الصَّالِحِينَ (130) البقرة ) ( وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنْ الصَّالِحِينَ (27) العنكبوت ).
5 / 2 : وهو جل وعلا الذى أخبر مقدما أن الغلام الذى لم يولد بعد ( يحيى ) سيكون من الصالحين وأن الغلام الذى لم يولد بعد (عيسى ) سيكون من الصالحين. أوحى جل وعلا بهذا للملائكة ، وأبلغت الملائكة هذه الرسالة : ( أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيّاً مِنْ الصَّالِحِينَ (39) آل عمران )( وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنْ الصَّالِحِينَ (46) آل عمران ).
6 ـ فلان من البشر عاش يعمل الصالحات وهو مؤمن ، مصيره يوم القيامة تكفير سيئاته ودخوله الجنة ، قال جل وعلا : ( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (7) العنكبوت ). هو بعمله ( الصالح ) فى الدنيا يكون فى الآخرة ( صالحا ) لدخول الجنة ، قال جل وعلا : ( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ (9) العنكبوت )ز أى يكون متقيا يوم الحساب فيدخل الجنة التى لا يدخلها إلا المتقون ، قال جل وعلا : ( تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيّاً (63) مريم )
والتفاصيل فى كتابنا المنشور عن العذاب والتعذيب.