تقصي حقائق المبادرة المصرية حول أحداث 28 و29 يونيو :الداخلية استخدمت الأسلحة النارية والقنابل المسيل

في الثلاثاء ٠٥ - يوليو - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

 

تقصي حقائق المبادرة المصرية حول أحداث 28 و29 يونيو :الداخلية استخدمت الأسلحة النارية والقنابل المسيلة للدموع بشكل مفرط

  • المبادرة تطالب بمحاسبة قيادات الوزارة المسئولين عن اتخاذ قرارات ضرب المتظاهرين في أحداث 28 و29 يونيو
  • تقرير المبادرة لتقصي لحقائق :الشرطة اقترفت حزمة من الممارسات العنيفة المخلة بكل المواثيق المنظمة للعمل الشرطي
  • مطالبات للنيابة بتوسيع نطاق التحقيقات في أحداث اليومين  وتوجيه اتهامات لصناع القرار في وزارة الداخلية
  • التقرير يؤكد استخدام الشرطة غير المشروع والمفرط للعنف.. ويؤكد: رجال الشرطة وجهوا السباب للمتظاهرين

كتب – حازم الملاح وإسلام الكلحي

قالت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، أن جهاز الشرطة اقترف حزمة من الممارسات العنيفة المخلة بكل المواثيق المنظمة للعمل الشرطي خلال اشتباكات يوم 28 يونيو، بما فيها محددات استخدام القوة في حالات “فض الشغب”  جاء ذلك في تقرير  المبادرة الذي صدر  اليوم حول نتائج تحقيقها في أحداث 28 و29 يونيو الماضي بخصوص المصادمات العنيفة التي جرت بين قوات الشرطة من ناحية، وأهالي شهداء ومتظاهرين متضامنين معهم من ناحية أخرى.

وطالبت المبادرة في ختام تقريرها بضرورة توسيع نطاق تحقيقات النيابة في أحداث هذين اليومين، بحيث تشمل تحقيقات شاملة داخل الجهاز الشرطي لتحديد نطاق المسؤولية عن أعمال العنف، التي ارتكبها أفراد الشرطة، وتوجيه اتهامات واضحة لصناع القرار من داخل أروقة وزارة الداخلية، المسئولين عن سلوك الشرطة – المثير للتساؤلات والشبهات -  ومصارحة الرأي العام بنتائج هذه التحقيقات.

كما أوصت المبادرة بضرورة صدور إعلان رسمي من وزارة الداخلية حول خطة زمنية لإعادة هيكلة الأمن المركزي في صورة قوات محترفة مختصة بحفظ الأمن العام، وفق ضوابط ومحددات معروفة، وفي حدود القانون.

وقالت المبادرة إن  تحقيقاتها استندت إلى شهادات باحثيها في مواقع المصادمات، وإفادات شهود العيان والزيارات الميدانية لمستشفيات تلقت مصابين على خلفية الأحداث،  مشيرة إلى أن كلا الطرفين تبادل العنف، وإن بدرجات متفاوتة بطبيعة الحال.

وسردت  المبادرة كيف بدأت الاحداث، موضحة أن منطقة العجوزة شهدت في حوالي الساعة السادسة من مساء الثلاثاء الموافق الثامن والعشرين من يونيو لعام 2011، اشتباكات بين عدد من أهالي شهداء ثورة الخامس والعشرين من يناير وقوات الأمن،  وجاءت هذه الاشتباكات على خلفية احتفال نظمته جمعية الوعد الأمين لتكريم مجموعة محدودة من أهالي الشهداء .

وتقول المبادرة أن الروايات اختلفت في تفسير أسباب اندلاع المصادمات إلا أن المؤكد هو تجددها بعد ما يقارب الساعة ، بين أهالي الشهداء يساندهم مجموعات أكبر من المتظاهرين من جهة وبين قوات الأمن من جهة أخرى، عند مبنى وزارة الداخلية في شارع محمد محمود في منطقة وسط البلد، والشوارع المحيطة به، مرورا بميدان التحرير،  حيث استمرت المصادمات طوال الليل وحتى ساعات عصر اليوم التالي – التاسع والعشرين من شهر يونيو – بالقرب من مبنى وزارة الداخلية وفي الشوارع المحيطة به، رغم تعليمات وزير الداخلية لقوات الأمن بالانسحاب من ميدان التحرير، والتي جاءت في حوالي الساعة الثالثة فجرا.

وأشارت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية أنه من خلال الشهادات التي قامت بجمعها من المتظاهرين والمصابين وأفراد الأمن والإسعاف وغيرهم تبين على حد قولها ( أن الطرفين كانا يتبادلان إلقاء الحجارة على بعضهما البعض، وفيما استخدم المتظاهرون زجاجات المولوتوف ضد قوات الأمن، قامت هذه القوات باستخدام الرصاص المطاطي والخرطوش وقنابل الغاز المسيل للدم مصابون وشهود عيان، وما أكده أطباء.

وأضافت المبادرة أن التقارير الصحفية ليوم الخميس 30 يونيو، تشير أنه تم إلقاء القبض على أربعة وأربعين شخصا، يجري التحقيق معهم في مجريات الأحداث – بواسطة النيابة العسكرية – وبلغ عدد المصابين – حسب بيانات وزارة الصحة -  1114 من الجانبين، ولم تسجل أي حالات وفاة حتى كتابة هذا التقرير، غير أن تحقيقات المبادرة المصرية للحقوق الشخصية تفيد أن أعداد المصابين في الأغلب تتجاوز التصريحات الرسمية، ذلك أن أعدادا كبيرة منهم تلقت العلاج في المستشفى الميداني الذي أقامه متطوعون بميدان التحرير أو في مستشفيات خاصة خوفا من الملاحقة الأمنية لهم في المستشفيات الحكومية.

وتحدث التقرير عن  الانتهاكات التي قامت بها قوات الأمن وفقا لشهادات الشهود مع مقارنة هذه الممارسات بما تنص عليه القوانين المصرية والدولية، وهي قوات الأمن وفض التجمهر، الانطباع الذي وصل إلي من خلال تصرفات رجال الشرطة أنها لم تكن محاولة للسيطرة على مظاهرة أو فض أعمال شغب، إنما كانت ثأرا شخصيا بين الشرطة والمتظاهرين، فلقد كان الضباط عصبيين طوال الوقت، يقومون بسب المتظاهرين واستخدام إشارات بذيئة، وربما كان الضابط الذي يرقص بالسنج والسيوف تجسيدا لهذه الحالة

شهادة مصطفى بهجت، مصور الفيديو بالموقع الإلكتروني لجريدة المصري اليوم، في مقابلة مع باحثي المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، 3 يوليو 2011

وتوضح المبادرة المصرية للحقوق الشخصية أن الشهادات التي جمعها باحثوها،  تشير إلى أن العدد الكبير من الإصابات – إلى أن قوات الأمن المركزي استخدمت وسائل غير قانونية لفض الشغب. وحتى الوسائل المشروعة لاستخدام القوة في مواجهة أعمال الشغب جرى استعمالها بطرق غير مشروعة كما يظهر من إفادات شهود العيان وطبيعة الإصابات وعددها.

وذكر تقرير المبادره أنه قد نتج عن الاشتباكات بين الأمن والمتظاهرين إصابات بالرصاص المطاطي والخرطوش، إضافة إلى حالات عديدة أصيبت بالاختناق نتيجة للتعرض إلى كميات كبيرة من الغاز المسيل للدموع، بالإضافة إلى كدمات وجروح ناتجة عن قذف الحجارة. واستطاع باحثو المبادرة المصرية للحقوق الشخصية توثيق حالتين على الأقل أصيبتا برصاص حي.

واشارت المبادره أنه في مقابلة مع الدكتور محمود سعيد رئيس قسم الاستقبال بمستشفى المنيرة العام يوم الأربعاء 29 يونيو في الساعة الواحدة ظهرا أفاد لباحثيها،  أنه حتى ذلك الحين: “وصل المستشفى 63 مصابا بدءا من الساعة 11:45 قرب منتصف الليل، 57 منهم من جنود وضباط الشرطة، وستة مدنيين، وتراوحت الإصابات بين الرضوض والجروح القطعية والكدمات والاختناق (بسبب الغاز المسيل للدموع) وإصابات بين مدنيين برصاص مطاطي، فضلا عن حالة (مدني) مصاب بطلق ناري (لم يتوفر لنا المقذوف)” ، فيما وصفت الدكتورة عبير علي – إحدى طبيبات المستشفى الميداني- الإصابات بالمستشفى الميداني قائلة: “لقد رأيت وحدي ما يربو على ألف وخمسمائة مصاب، وأغلب الإصابات كانت بالرصاص المطاطي، بالإضافة إلى الاختناقات والحروق التي سببها الغاز المسيل للدموع، فضلا عن الكدمات والجروح القطعية من الحجارة. ولقد أسعفت أحد المتظاهرين وهو مصاب بطلق ناري حي قرب قلبه وآخر في قدمه وقال إن الأمن المركزي هو من أطلق عليه الرصاص الحي.”

وأكد التقرير انه كان هناك سب للمتظاهرين من قبل رجال الشرطة، فضلاً عن استخدام أدوات غير مصرح بها في فض الشغب ، مضيفاً أن الشهادات والمادة المصورة التي حصل عليها باحثو المبادرة  اثبتت أن عدداً من أفراد الأمن قذفوا المتظاهرين بالحجارة وزجاجات المولوتوف، بل واستخدموا السيوف والأسلحة البيضاء لاستفزاز المتظاهرين، رغم أن الحجارة وزجاجات المولوتوف والسيوف هي أدوات غير مصرح لرجال الأمن باستخدامها في فض التظاهر أو في أي حالات أخرى.

وأوضح التقرير أن  أحد مجندي الأمن المركزي – رفض الإفصاح عن اسمه –  قال لباحثي المبادرة المصرية إن إلقاء الشرطة للحجارة على المتظاهرين جاء كرد فعل على هجوم المتظاهرين على أفراد الشرطة، وأضاف  لم توجد لدينا أي أوامر باستخدام السلاح، بخلاف عسكريين فقط ضمن كل تشكيل من تشكيلات الأمن المركزي التي أنيط بها حراسة مقر الداخلية يسمح لهما باستخدام قنابل الغاز المسيل للدموع لرد العدوان عن مبنى الداخلية. وكان الغرض هو ردهم وصرفهم إلى منازلهم ومصالحهم مرة أخرى، لكننا فشلنا،  وتقدم بعض الضباط للتفاوض مع المتظاهرين لكن المتظاهرين رفضوا التفاوض .

وأشار إلى أن  أحد تسجيلات الفيديو وإفادات شهود العيان أظهر  أن قوات الشرطة ـ بدلا من إتباع القواعد بتوجيه إنذار للمتظاهرين المتجمعين خارج وزارة الداخلية ـ ارتكبت جملة من الممارسات الموثقة التي تخالف بشكل صريح كلا من نصوص القانون وآداب المهنة،  فقد قام أفراد الشرطة بسب المتظاهرين وأسرهم بألفاظ نابية باستخدام مكبرات الصوت الموجودة بالمدرعات،  كما قام عدد منهم بالتلويح للمتظاهرين بأيديهم بإشارات غير لائقة بهدف إهانة المتظاهرين،  بل وصل الأمر ببعض أفراد الشرطة لاستخدام الأسلحة البيضاء مثل السيوف في مشاهد استعراضية لا يمكن أن يكون المقصود منها سوى تهديد المتظاهرين بشكل صريح واستفزازهم على نحو جارح حسبما يشير التقرير.

وقالت سلمى سعيد، إحدى المشاركات في المظاهرة لباحثي المبادرة المصرية: “كانوا بيستخدموا الميكروفونات والميجا فون اللي في المدرعات وبيهددوا المتظاهرين ويقولوا لهم هنعمل فيكم وهنعمل فيكم وكانوا يسبون المتظاهرين بألفاظ نابية، وبعد شوية يقولوا لنا “يا شباب مصر يا مصريين، حافظوا على ثورتكم واحنا معاكم، سلمية سلمية” وبعدها بربع ساعة بدؤوا يضربوا ثاني خرطوش وقنابل مسيلة للدموع، وده كان بيستفز الناس جدا والناس كانت بترد على ده بضرب طوب.”

وأكد التقرير أنه كان هناك استخدام غير المشروع ومفرط للقنابل المسيلة للدموع والأسلحة النارية، حيث كانت  قوات الأمن تقذف  المتظاهرين بالقنابل المسيلة للدموع بشكل مكثف، من مسافات قريبة من المتظاهرين، وفي اتجاه أجسادهم وهو ما أسفر عن إصابات وحروق بالغة بين المتظاهرين، بالمخالفة للطرق المشروعة لاستخدام القنابل المسيلة للدموع، أي إطلاقها في الهواء وليس في مواجهة المتظاهرين.

وقالت الدكتورة عبير علي لباحثي المبادرة المصرية: “كثير من المصابين جايين باختناق وحروق من القنابل المسيلة للدموع. واحد كان ظهره ووشه كله محروق. ده من تأثير الغاز لما الشخص بيكون قريب من القنبلة”، فيما ذكرت لبنى درويش، إحدى المشاركات في المظاهرة  ”أنا شفت واحد طفل، سنه ما بين 16 و19 سنة، انضرب بالقنبلة في وجهه، ما شفتش وهو بينضرب لكن الناس قالت انضرب بالقذيفة دي (الصورة مرفقة)”، مؤكداً أن  هده الإفادة تكررت في شهادة  لأحد المتظاهرين ويدعى محمود، الذي  ذكر فيها أنه رأى بنفسه أحد جنود الأمن المركزي يطلق قذيفة مسيلة للدموع من مسافة قريبة للغاية باتجاه متظاهر لم يتجاوز عمره الرابعة عشرة. وأضاف محمود أن المصاب تلقى القذيفة في صدره وأنه قام بحمله إلى إحدى عربات الإسعاف المتواجدة بالميدان غير أن المسعف قال له إن المصاب قد فارق الحياة. ولم يتمكن باحثو المبادرة المصرية للحقوق الشخصية من تأكيد تلك الوفاة من مصدر رسمي.

وذكرت المبادرة في ختام تقريرها ان استخدام الأسلحة النارية كان  أيضا موجها للجزء الأعلى من الجسد، ما تسبب في إصابة المئات من المتظاهرين، رغم أن الهدف من استخدام هذه الوسائل- افتراضا – هو تفريق المتظاهرين وليس إصابتهم، وأشارت أن من شهادات لمصابين أكدوا فيها أنهم أصيبوا بطلقات في ظهورهم، ما يدل على أن قوات الأمن كانت تستهدفهم حتى أثناء انسحابهم من أماكن الاشتباكات.

اجمالي القراءات 3182