” بلومبرج “: إذا كانت الثورات العربية وخلع الديكتاتورين معجزة فالمعجزة الأكبر الانتقال إلى الديمقراط

في الإثنين ١٣ - يونيو - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

 

” بلومبرج “: إذا كانت الثورات العربية وخلع الديكتاتورين معجزة .. فالمعجزة الأكبر ستكون الانتقال إلى الديمقراطية .. استعدوا للخريف العربي

  • التجانس في الشعبين المصري والتونسي.. سهل إسقاط النظامين والمرحلة المقبلة ستكون للعسكر والإسلاميين
  • شكوك حول احتمالات سقوط ديكتاتور ثالث.. في اليمن السعودية قد تدعم عودة صالح إذا تخوفت من الاضطراب بعده
  • الوضع في ليبيا واليمن وسوريا أقرب لعراق جديد بسبب الانقسامات العرقية والطائفية

ترجمة- نفيسة الصباغ:

ذكر موقع بلومبرج الاقتصادي العالمي أنه فيما كانت البهجة بغروب الديكتاتوريين، لم يتم خلع سوى اثنين منهم هما حسني مبارك في مصر وزين العابدين بن علي في تونس، فيما عرف لاحقا كبداية لـ”الربيع العربي”. وأضاف الموقع أنه من غير المعروف للآن ما إذا كان هذا العدد سيرتفع إلى ثلاثة.

فالرجل القوي في اليمن علي عبد الله صالح، موجود في المملكة العربية السعودية  لتلقي العلاج الطبي بعد انفجار قنبلة في قصره الرئاسي تسببت في حروق شديدة له وتسببت في إصابته بشظية قرب قلبه.

وأفادت تقارير أن السعودية ظلت غاضبة من صالح لمدة شهور، منذ أن رفض جهودها للتفاوض على مخرج لطيف له، لذا فالمسكلة هي أن الدولة التي تستضيفه، قد لا تسمح له بالعودة إلى وطنه، حتى لو كان يتعافى بما يكفي لمحاولة العودة إلى الحكم. ولكن حتى هذه النتيجة ليست مؤكدة تماما.
وأضاف الموقع: السعوديون يكرهون الفوضى أكثر مما يكرهون عدم إطاعتهم. فإذا بدا أن أحدا غير صالح لن يتمكن من إدارة البلاد ومنع اليمن من أن تصبح دولة فاشلة وحاضنة لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، فقد يتخذ السعوديون خطوات لإعادته إلى السلطة.
وهنا تكمن القضية، فلا أحد يعرف ما إذا كانت الدكتاتوريات العربية ستواصل الحكم في البلدان الجامحة في خضم الاضطرابات أو ستندفع نحو الحرب الأهلية. ففي تونس ومصر الشعوب متجانسة نسبيا (وإن كانت هناك الأقلية القبطية في مصر والتي تم العصف بها بشدة في الفترة الانتقالية غير الواضحة).
إلا أن في كل من اليمن وسوريا وليبيا وغيرها فالأوضاع تشبه العراق كثيرا، من حيث كثرة “براميل بارود العنف المحتمل والانقسامات الطائفة أو العرقية أو القبيلة أو تركيبة، الطغاة، من خلال شرطتهم السرية، التي حافظت على السلام، أي أن المشكلة مع الربيع العربي هو الخريف العربي.
وأضاف الموقع أنه إذا كان التغيير يحدث على قدم وساق في العالم العربي كنتاج للمحتجين من الطبقة الوسطى المطالبين بالديمقراطية، ثم تنظيم أنفسهم بعد ذلك، فلن يكون هناك أي مشكلة على الإطلاق، وفقا لرؤية البعض، إلا أن الحقيقة على أرض الواقع، مختلفة، ليس فقط لأن حجم المحتجين مجهولا، لكن أيضا لأنهم لم يسقطوا الأنظمة في تونس ومصر بأنفسهم.

ففي كلتا الحالتين، كان الجيش هو الذي أطاح بالديكتاتور من منصبه، بعد إدراك أن مصالح الجيش تتحقق بشكل أفضل من خلال الوقوف إلى جانب “الشعب” أكثر مما سيحدث حال إطلاق النار عليهم. وأعيدت تطورات الأحداث في مصر إلى الرأي القائل بأن الجيش مستعد للتفاوض على تقاسم السلطة مع أي قوى سيتم انتخابها. وفي تونس، أيضا، يعمل الجيش أيضا على التأكد من الاحتفاظ بقوته على الحكومة، التي يتم اختيارها في نهاية المطاف، وستكون على الأرجح – مثل مصر- تمثل التيارات الإسلامية الرئيسية.
ويختلف الأمر في بلدان أخرى، فخرجت احتجاجات عامة لقوى تختلف كثيرا عن نموذج بولندا أو أوروبا الشرقية في مرحلة ما بعد 1989 كنماذج للثورة السلمية التي تقوم بها الطبقة المتوسطة. ففي اليمن، كان العنف بين حكومة صالح وخصومها العشائريين، وعلى الأقل تمكنت مدينة في الجنوب على التمرد الصريح. ومنذ غادر الاحتلال البريطاني في 1967 وحتي 1990، كانت البلاد منقسمة إلى دولتين، وهو الوضع الذي قد يتكرر.
والعزاء الوحيد هو أن الحكومة اليمنية لم تعمل خارج المدن الرئيسية وحتى في المناطق الريفية والصحراوية، وبالتالي فإن دولة فاشلة لن تبدو مختلفة كثيرا عن ما هو موجود في الوقت الحاضر.
وفي ليبيا، التي بدأت الاحتجاجات العامة في يناير على يد القبائل الشرقية الجريئة التي كانت لفترة طويلة مهملة من قبل الحكومة معمر القذافي، والذي يهيمن عليه خصومهم الغربيين، فقد حملوا السلاح، على الرغم من ضعفهم الشديد في هذه الناحية. وعندما تدخلت فرنسا والمملكة المتحدة وأيضا الولايات المتحدة، وجدت القبائل دافعا لمواصلة الحرب الأهلية التي كان يمكن أن تكون تمردا قصيرا جدا.
واعتبر الموقع أن الخطر الأكبر الآن هو أنه عندما يقتل القذافي أو يهرب، ستكون البنية التحتية السياسية والعامة للبلد تضررت بشدة لدرجة أنه لا أحد سيكون قادرا على ترميمها مرة أخرى، هذا بالإضافة إلى الفصائل المتحاربة العربية ، والبربرية (المعروفة حاليا باسم الأمازيغية) التي لها لغتها وعرقها ومصالحها.

ويبدو هذا الوضع مشابها لما كان عليه الحال في بغداد في ربيع عام 2003، فبعد أيام من عمليات السلب والنهب، لوزارات في حالة خراب وجمع القمامة في الشوارع، سأل عراقي في حي شيعي فقير: “من هي الحكومة؟” ولم يكن هناك إجابة جيدة، ولن يكون هناك لعدة سنوات. فتدمير الدولة أسهل بمراحل من إعادة إعمارها. وكلما طال أمد إسقاط القذافي، ستكون الدولة الليبية أكثر تدهورا، وكلما زاد احتمال ان تصبح طرابلس بغداد أخرى.
كما أن هناك سوريا، حيث كانت المظاهرات الشجاعة والواسعة والمتواصلة، لكنها حتى الآن فشلت في اختراق الجيوب الرئيسية للطبقة المتوسطة في دمشق وحلب. وقتل نظام بشار الأسد مئات من المتظاهرين وألقى القبض  على الكثيرين وأيضا عذب الكثيرين.

وربما عكست الاحتجاجات الاختلاف الطائفي بين الغالبية السنية والنظام العلوي. فالعلويين المنتمين للشيعة خلقوا تاريخيا قضية مشتركة مع المسيحيين والدروز، وأفادت بعض تقارير إلى أن   أن بعض المتظاهرين هتفوا  “المسيحيين الى بيروت… العلويين إلى اللحد”.
وذكر الموقع أن نظام الأسد، من نواح عديدة أسير لإيران، وسهل الصعود “المدمر لحزب الله اللبناني”، وزواله، ينبغي أن يكون، في أي ظرف عادي، مدعاة للاحتفال، ولكن لا أحد يعرف من سيأتي لاحقا.
السيناريو الأفضل الآن هو إقامة الديمقراطية بين عناصر من الجيش والاسلاميين السنة، كما هو الترتيب الحالي وعلى الأرجح المستقبلي في تونس ومصر، إلا أن  انهيار سوريا أيضا قد يتسبب في حرب أهلية شاملة، فالعلويين، مثل البعثيين في ظل صدام حسين في العراق، لا يوجد لهم أي مكان آخر يذهبون إليه، ولا يوجد سبب لتوقع معاملة جيدة من الناس في المستقبل، بعد عقود من الاضطهاد.
إن صعود التطلعات الديمقراطية في العالم العربي شيء ملهم، فالديمقراطيون المسلمون يسعون للحصول على فرصة للنجاح أو الفشل، وهم على الأرجح سيستنسخون النموذج التركي حيث الحقوق والاعتدال والليبرالية، وليس نوذج الاستبداد الديني الإيراني.
إلا أن التحول الديمقراطي يكاد يكون مستحيلا حين تكون الدولة ضعيفة أو فاشلة. فالانقسامات الداخلية تجعل هذا التحدي أكثر صعوبة، والخوف من فشل بناء الأمة جعل المعونة الخارجية نادرة، خاصة وأنه في وقت لاحق، كانت النجاحات التي حققتها الديمقراطية أوروبا الشرقية أقرب للمعجزات، وبالتالي فإن صعود العالم العربي خلال مرحلة ما بعد الديكتاتورية قد يكون معجزة أخرى.

اجمالي القراءات 3175