ردا على شيخ الأزهر

سامح عسكر في الأربعاء ٢٤ - يناير - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً

 

شيخ الأزهر اعتراضا على قرار ترامب باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل..يقول : الوجود العربي بالقدس ظل متصلا عبر التاريخ، بينما الوجود اليهودي في عهدي داود وسليمان لم يتعد 415 سنة! وهذه المدة بالنسبة لــ 6000 سنة قبل الميلاد حتى الآن لا تساوي شيئا .

قلت: بعيدا عن قصة هل القدس عربية أم يهودية وقد سبق ردي عليها في مقالي السابق.."القدس لأهلها ياترامب" ..أزيد أن ما قاله الشيخ جهل فاضح بالتاريخ وتدليس على القارئ الغير متابع..

أولا: لوحة مرنبتاح التي حكت انتصار المصريين على إسرائيل في الشمال كانت عام 1200 ق.م والأسر البابلي كان في القرن السادس ق. م يعني هناك 600 سنة مثبتة تاريخيا مش 450.

ثانيا: العرب لم يدخلوا فلسطين إلا في الغزو العربي عام 637 أهل فلسطين كانوا خليط من كنعان وأراميين يتحدثون السريانية إضافة للعبرانيين والرومان، يعني قصة العرب أقدم..هذه افتكاسة للجماعات الإسلامية ليس لها دليل علمي، وترديد شيخ الأزهر لها يثبت شيوع الجهل في مؤسسات الدولة الرسمية.

ثالثا: وجود اليهود أقدم من مرنبتاح..فهم من نسل الأسباط الإثنى عشر خصوصا .."يهوذا"..و.."لاوي "..جد موسى الأكبر، وهؤلاء في المتوسط أقدم من مملكة داوود بحوالي 1000 عام، لكن لغياب المصادر التاريخية لم يوثق الأركيولوجيون ذكر إسرائيل قبل مرنبتاح، وتم اعتماد النسب العبري في التوراه لفقدان ما ينفيه على الأقل.

رابعا: اليهود لم يختفوا من فلسطين بعد الأسر البابلي بل شكلوا مملكتهم .."يهوذا"..بعد ذلك تحت الاحتلال الإخميني الفارسي مدة ما يقرب من 200 عام، وعندما جاء الإسكندر في العصر الهلنستي اقتسم اليونانيون فلسطين وأصبحت يهوذا الإسرائيلية حد فاصل بين السلوقيين في الشمال والبطالمة في الجنوب، اقرءوا عن (ثورة يهوذا مكابيوس) أو (ثورة المكابيين اليهود) ضد السلوقيين في القرن الثاني ق.م

خامسا: الوجود اليهودي أيضا لم يختفي من فلسطين خلال العصر الروماني، وظلوا حتى تدمير الإمبراطور الروماني.."تيتوس"..للمعبد عام 70 م، ولشيخ الأزهر سؤال حرج: كيف يدمر تيتوس معبد سليمان في القدس عام 70 وأنت اختصرت وجود اليهود إلى زمن الأسر البابلي قبله ب 7 قرون..!!!!

سادسا: حتى في العصر البيزنطي كان لليهود شعب كبير في فلسطين ثار على الإمبراطور البيزنطي .."جالوس"..عام 351 م، وبعد تحول قسطنطين للمسيحية واعتبارها دين الدولة من وقتها اضطهد اليهود في القرن الرابع الميلادي...هذا كله حدث بعد ما يقرب من 800 عام بعد الأسر البابلي المعتمد عند الشيخ أحمد الطيب، الذي وضح أنه يجهل تماما تاريخ فلسطين.

سابعا: حتى بعد الغزو العربي لفلسطين كان اليهود جزء كبير من الشعب هناك، عاهدهم .."عمر بن الخطاب".. في وثيقته الشهيرة، ومنحهم .."عمر بن عبدالعزيز".. امتيازات وحقوق عبادة في بيت المقدس، هذا حدث في القرن الثامن الميلادي، أي بعد الأسر البابلي ب 1200 عام.

أكتفي بهذا القدر ، ولكن لا يعني وجود اليهود كل هذا الزمن أن لهم الحق الحصري في فلسطين، هم شركاء لشعوب الكنعان والسريان والأرمن هناك، والفلسطيني كنعاني سرياني أرمني نبطي..بالعموم، يعني قصة تصنيف الشعب هناك حسب السلالة وطرد وإقصاء سلالات أخرى هو مبدأ (عنصري) متخلف أشعل نكبة فلسطين وجعلها خاصرة في ظهر العالَم.

حتى لو اعتبرنا أن أصل الفلسطينيين من جزيرة كريت وجاءوا كما يقول القمني مع شعوب البحر مستدلا بلوحة رمسيس الثالث، هذا يؤكد أنهم شعب قديم جدا حوالي 3000 عام، يعني لهم الحق في الأرض..لكن ليس باسم العروبة، لم يعرف أحد عرب في هذا الزمن إنما كانوا يُعرَفون بالسراسنة والإسماعيليين..ويسكنون صحاري الأنبار والحيرة والشام.، والزعم بأن العرب أقدم من اليهود قول سخيف جدا لا يحترم أي دليل علمي موثق.

ليس أسوأ من أن يفتي أحد في أمرٍ يجهله، لا شيخ الأزهر قرأ أو بحث في تاريخ فلسطين، ولا حاور أحد أو ناقشهم في ندوات، ولا سيعتمد رأي مخالفيه حتى لو صحيح، هذا أسلوب الجماعات الإسلامية التي هي النسخة المقابلة لعنصرية الصهاينة، كل واحد عاوز يطرد التاني ويسكن مكانه..كأننا عايشين في جبلاية القرود..حتى القرود أحيانا عندهم نظام، لكن منذ متى رجل الدين عندما يتحدث في السياسة لديه نظام؟..سيدعو للفوضى ..وبجهله يسقط الأبرياء ضحايا لمعارك خاسرة من كل الجوانب.
اجمالي القراءات 7429