الآعجاز العلمي في القرآن
الاعجاز العلمي في القرآن

زهير قوطرش في الجمعة ١١ - مايو - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

 

بدعة الإعجاز العلمي في القرآن.

 تأصلت لديَّ عادة زيارة معارض الكتاب إن استطعت الى ذلك سبيلا، فالكتاب بالنسبة لي  ،ليس صديقاً وحسب ولكنه تواصل روحي مع المؤلف، وطاقة استمد منها العون في لحظات السأم والملل.وما أكثرها في عالمنا اليوم عالم السرعة ،وعالم الأزمات الفكرية والاجتماعية والوطنية...وغيرها.

 وفي أخر مرة زرت فيها معرضاً للكتاب توجهت كعادتي الى قسم الكتب الدينية، وتنقلت بين العناوين علّها تقع عيني على عنوان يشدني أكثر من غيره، وكما يقولون الحب من النظرة الأولى. لكني دهشت  جداً لكثرة الكتب التي تعالج موضوع الإعجاز العلمي والعددي في  القرآن الكريم،تصفحت العناوين والأسماء للمؤلفين  الكثر، كلهم والحمد لله  على ما يبدوا من عناوين كتبهم  علماء في كل المجالات، ودكاترة مختصين بكل أنواع الطب الحديث.

 ومما زاد دهشتي  أن بعض الكتب التي كانت تحمل عناوين أثارت فيَّ العجب كل العجب , مثل... القرآن والبيئة، القرآن والطب، القرآن والسياسة، القرآن وعلم الجيولوجيا...... الله الله والحمد لله لقد تحقق الحلم حلم البشرية المفقود ... هكذا رددت في دواخلي.... ما عدنا بحاجة إلى مراكز أبحاث لا علمية ولا صحية.... في القرآن كل شيء.كل النظريات العلمية المكتشفة والتي سوف تكتشف , هي في القرآن الكريم...

مع كل أسف في أخر الزمان أصبحت تجارة الدين من أربح الأعمال التجارية  على الإطلاق، فهي تجارة لا تحتاج الى رأسمال، أدوات الإنتاج  فيها.. مظهر ... أو تأليف كتاب ما.... أو ظهور في فضائية ما.... وهذا لا يقتصر على ديانة دون الأخرى  فكل الديانات السماوية والأرضية أصبحت تشترك  وتتنافس في استخدام تجارة الدين ، حتى جاءت العولمة في بعض جوانبها و أفرزت للبشرية  ظاهرة الشرك بالله عز وجل ،وذلك من خلال إيجاد آلهاً يعبد ،ويصرف الناس الكثير من الوقت في  التعرف عليه والخضوع لأوامره... ألا وهو الاستهلاك..... رب جديد بأساليب دعائية مقدسة.وولّدت هذه العبادة تراثاً  جديداً ،جعل الناس يستهلكون كل ما يقال،وكل ما يكتب ،وكل ما يعرض عليهم ، دون إعمال العقل والفكر..دون التمحيص في صدق العرض ، وما على العارض إلا أن يتفنن في تغليف عرضه ،وعنونته بعناوين كبيرة... حتى يجني منها الربح السريع ،..... وهذه حالنا مع تجارة الإعجاز العلمي والعددي في القرآن الكريم. وللدخول في هذا الموضوع  لابد لنا في البداية  من الوقوف عند بعض المصطلحات، التي  تمس بشكل مباشر ما نرمي أليه.لأنه قيل قديماً إذ تم الاتفاق على المصطلحات فقد تم حل ثمانين بالمائة من المشكلة.

المعجزة : كما عرفها العرب قديماً ( والعرب كانت إذا أحكمت المعنى تساهلت في الألفاظ) هي أمر خارق للعادة ،مقرون بالتحدي ، سالم من المعارضة على يد المدّعي النبوة.وتثبت صحتها بشكل فوري وحسي.أي لا تخضع للتأويل.

النظرية العلمية:  هي نتاج  منهج تجريبي  يتوصل من خلاله العلماء إلى نتائج علمية  عملية تسجل بشكل قوانين رياضية ،أو إنشائية .وهذه النتائج تظل نسبية في صحتها، وهي خاضعة للشك والدحض والتعديل والتبديل.

الآيات : هي معاجيز، وليست إعجاز. القرآن  الكريم يحتوي على الآيات البينات ، هي قطعية..لا تتعارض مع العلم ،والقرآن يذخر بها  والتي يظهر تأويلها  بعد الأيام والسنين ،حسب ما يشاء الله عز وجل.

 القرآن: هو كتاب هداية  يحتوي على نوعين من الآيات ،كونية وشرعية ،وكل آيات القرآن عقلية ،جاءت لمخاطبة العقل... لذلك لا يمكن اعتباره معجزة حسية.

 والقران لم يصف نفسه ولا مرة بأنه معجزة. ولا حتى في  الأدبيات الإسلامية حتى القرن السادس الهجري على حد علمي.

بعد هذه المقدمة هل يمكن اعتبار آيات القرآن معجزات؟.

 ابداً لا تنطبق عليها صفة المعجزة ،لأن الإعجاز هو الوصول الفوري الى اليقين وهو يظهر بشكل فوري، وغير قابل للنقد ، آيات القرآن تم تأويلها بعد ألف سنة إذن هي ليست معجزة.ولو قلنا أنها معجزة وصدقنا هذا الخبل التجاري الفكري... سيأتي البوذي ويقرا علينا قولاً  لبوذا ويقول لنا أنها معجزة علمية ،سيثبتها الزمن بعد ألف سنة ...هل سنصدق ذلك و نسميها  فعلاً  معجزة !!!!لكن نستطيع القول أن كلام الله هو آيات،وليس معجزة علمية آيات جاءت لمخاطبة العقل ,قد نؤمن بصحتها أو لا نؤمن أبداً حتى بالقرآن. والمشكلة أن علماء الإعجاز هم إما علماء دين تظاهروا علينا وكأنهم يفهمون بكل العلوم . أو علماء طبيعة ويفهمون في علم اللاهوت. والكل يعتبر النظرية العلمية المكتشفة ، والتي يقارن بها  أو يخضع الآيات لها وكأنها أصبحت يقينية ويثبت صحتها كونها جاءت في القرآن...وماذا إذا تم دحضها في المستقبل....فهل نشك بالقرآن يا سادة يا كرام.

قرأت قولاً  لروجر بيكون قاله في القرن الثالث عشر للميلاد  واصفاً شعبه الكاثوليكي في عهد الظلام الذين كانوا فيه... ما في معناه.

( لابد أن تفتحوا أعينكم نحو الشرق العربي وتروا الحضارة والطب والهندسة والعمارة والنظافة والفلسفة والأفكار والأدب والشعر( هكذا كنا)، أنتم لديكم قدرة حيوانية على التصديق ‘ تصدقوا أكاذيب الكنيسة ورجال الدين وتصمتوا... لا تصدقوا وكونوا بشراً وتخلوا عن هذه الصفة الحيوانية في التصديق، فالحيوان من السهل أن يصدق، فبمجرد أن تعده بأن هناك برسيم يذهب معك ولا يوجد برسيم ولا شيء...الإنسان يصدق مباشرة، والإنسان الذي يساق بنفس الطريقة يكون له صفة البهائم في التصديق......

من نحن هل نحن من أوجد النظرية العلمية ،التي نتنطع فوراً لنقول للعالم إنها في كتابنا ،ونكتب فيها الكتب والمؤلفات ... ثم نصرخ الحمد لله لقد ثبتت صحة آيات القرآن.... ما هذا يا سادة وهل كنتم تشكون قبل ذلك. لا أريد أن ادخل في مواضيع الاعجاز العلمي بتفاصيلها    لا لشيء ولكني لخوفي أن انساق في هذا الخبل (الله عز وجل قال سيروا في الأرض، ولم يقل على الأرض، وعدد كلمات اليوم في المصحف الشريف هي  365 مرة( لاأدري هل سنة القرآن قمرية أم شمسية) وهكذا دواليك... الى متى سنبقى بدون عقل يعمل....الى متى سنبقى عبيداً للخرافات والكتب الصفراء  والأوهام....

إن من أكبر المآسي أن تزور معرضاً للكتاب وتقرأ  العناوين التي ذكرت ..... ،وهل  نحن بحاجة فعلاً الى  روجر بيكون  مسلم  ليقول ما قاله لأبناء ديانته آنذاك

 ألا تنطبق علينا أقواله الآن !!!!!!.


 

اجمالي القراءات 18357