مصير ابن سلمان ومملكته السعودية

آحمد صبحي منصور في الثلاثاء ١٤ - نوفمبر - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

مصير ابن سلمان ومملكته السعودية

1 ـ لم يكن ابن سلمان شيئا مذكورا ثم أصبح متصدرا عناوين الاعلام فى العالم تعجبا مما يفعل فى مملكة طبيعتها الجمود والكتمان والحلول الوسط . يتعجب العالم من هذا الأمير الصغير الذى ـ وهو لا يزال وليا للعهد ـ أدخل بلاده فى حرب شيطانية فى اليمن وفى حصار لقطر ، وأطاح بأولا عمومته الأمراء الكبار ، وهو الآن يواجه إيران ، وفيما يفعله يتبعه لفيف من الرؤساء لا يملكون منه خطابا . وفيما فعله يخسر سياسيا وعسكريا ، يخلق الأزمة ثم يعجز عن الخروج منها ومعه الرؤساء الذين ورطهم .

2 ـ هو لا يقبل النقد ولا يتسامح فيه ، هو يطلب التصفيق والمدح مهما أجرم ومهما أخطأ . فتح على نفسه جبهات داخلية ( الوهابية وأسرته السعودية ) وجبهات خارجية فى اليمن وقطر، وقبل أن يخرج من ورطته فتح جبهة داخل أسرته ومع الوهابية ثم هو يفتح جبهة فى لبنان.

3 ـ هو فريد فى مراهقته السياسية ، والعجيب أن يمارس هذه المراهقة السياسية فى وقت يتساءل فيه الخبراء عن سقوط الدولة السعودية . ربما بدونه كان هذا السؤال سيدور همسا ، أما الآن فقد أصبح جهوريا بفضل هذا الشاب .

4 ـ سبق أن عرضنا وجهة نظر فى أن ابن سلمان لا يملك جيشا مخلصا يدافع عنه وعن عرشه ، وفى ضوء هذا نفكر فى مصير ابن سلمان، والأخطار المحدق به ، وهو يواجهها بلا جيش مخلص ، بل بسياسة مندفعة مستبدة وفاشلة تؤدى به وبدولته الى الهلاك .

أولا : مكامن الخطورة الداخلية :

الوهابية: مفهوم مما أعلنه من ( الاسلام الوسطى ) ومركز لتنقية الأحاديث أنه تخلى عن الوهابية . ويترتب على هذا :

1 ـ بنبذه شرعية اسرته الدينية السنية الحنبلية الوهابية أصبح يقتصر على شرعية جده عبد العزيز فى فتح البلاد بسيفه.وهذه الشرعية الوحيدة الباقية ليست له وحده ، هى للأسرة من ابناء عبد العزيز وأحفاده . وهذه الشرعية أصبحت متآكلة بما فعله بأسرته .

2 ـ بنبذه الشرعية الوهابية مع تمسكه باستبداد طاغ فالواضح أنه سيحكم بطريقة صدام ، خصوصا وأن صدام حارب ايران بايدلوجية القومية العربية ، وتطرف فى معاقبة من يعترض عليه .  وقد تلاعبت القوى الكبرى بصدام ..والدور الآن على الشاب ابن سلمان .

3 ـ بنبذه الشرعية الوهابية أدخل نفسه فى عداء مع المتدينين الوهابيين الذين كانوا مستسلمين لحكم االأسرة السعودية تبعا لايمانهم بالدين الوهابى الذى تعلموه وتربوا عليه ، نحن نتكلم عن أعلبية السكان السنيين فى المملكة . ليس هؤلاء نشطاء ، ولكن إتجاه ابن سلمان فى نبذ الوهابية يجعله عندهم كافرا وفق شريعتهم الوهابية أى مستحقا للقتل بحد الردة ، ووجوب الثورة عليه . هذا كفيل بتحويلهم الى نشطاء يتعاونون مع النشطاء الوهابيين المعارضين ، يؤجّج هذا أن ابن سلمان يستعين بالنصارى ( البلاك ووتر ) فى قهر ( المسلمين ) حتى من الأمراء الكبار من أسرته بالاضافة الدعاة الوهابيين المشهورين أمثال سلمان العودة وغيره . يؤجج الأمر اكبر خضوع ابن سلمان للسياسة الأمريكية وتملقها ببضع مئات ( قليلة ) من البلايين ، يؤجج الأمر أكبر وأكبر ما يظهر من أخبار تنسيق ابن سلمان مع اسرائيل والحديث عن قرب إقامة علاقات دبلوماسية بينهما . هل يجعلنا هذا نتوقع صفوفا من الانتحاريين يجرى تجهيزهم للإنفجار فى وجه ابن سلمان ؟!

الأسرة السعودية  

1 ـ فى الدولة السعودية الراهنة كان هناك تقليد بحل الخلافات بحلول وسط ، مع الحرص على عدم تفاقهما ، حتى لو وصلت الى درجة ان يعزل ولى العهد (فيصل ) أخاه الملك سعود ، أو أن يتم إغتيال فيصل بيد ابن أخيه ، أو أن يظل (فهد ) منزوع السلطات لصالح ولى عهده عبدالله .

2 ـ هذه السياسة تحلت فيها ( روح الأسرة ) وقيم ( القبيلة ) ، والأهمية لعامل السّن . وبعامل السًّن كان الأمير محمد بن عبد العزيز أكبر أولاد عبد العزيز هو كبير الأسرة كلها بما فيها الملك السعودى ، وكان للكبار فى السّن ـ من جيل الأحفاد ـ وضعهم المميز. ابن سلمان الشاب الصغير عصف بهذا كله حين أذلّ ابناء عمومته الكبار ووضعهم فى السجن وتحت التعذيب ، وحين أرهب بقية الكبار من أعمامه وابناء عمومته وأرغمهم على الرضوخ له .

3 ـ المستفاد مما حدث حتى الآن أن الأسرة السعودية المترفة المنعمة الرخوة خضعت وخنعت لابن سلمان ، وهذا ينطبق على ذرية المؤسس عبد العزيز وبالتالى على الأمراء من بقية الأسرة . من تبقى منهم خارج السجن يخضع لمراقبة شديدة ، ومن يدخل منهم على ولى العهد يخضع لمراقبة أشد وتفتيش أدق ، حتى لا يتكرر الإغتيال الذى حدث لفيصل على يد ابن أخيه . ولكن من يدرى ؟. إن العلاقات معقدة بين أفراد هذه الأسرة الكبيرة ( 11 ألفا كما يقال ) . وابن سلمان يحتاج كثيرين منهم . ومنهم منافقون مردوا على النفاق لا يعلمهم ابن سلمان ، وربما تواتى أحدهم لحظة شجاعة فيقرر انقاذ أسرته بقتل ابن سلمان . هذا وارد . وكما يقال : (الحذر لا ينجى من القدر  ).!

ثانيا : مكامن الخطر الاقليمى

1 ـ مقصود به ايران تحديدا ، ولايران أذرعها داخل المملكة متمثلا فى الشيعة وهم يتركزون فى المنطقة الشرقية ( الاحساء ) التى ترقد على أضخم احتياطى فى المنطقة . ثم لها ذراعها فى اليمن . والشيعة خصوم للمملكة فى الداخل او الخارج .

2 ـ  صحيح أن الملك سلمان حاول تلطيف الجو مؤخرا مع الحكم الشيعى فى العراق ولكن من المستحيل على الشيعة نسيان المذابح التى أقامها لهم السعوديون فى دولتهم الأولى ودولتهم الثالثة الراهنة ، كما لا يستطيعون نسيان ما فعلته بهم داعش الوهابية . مئات الألوف  من العراقيين السنيين والشيعة والمسيحيين والايزيدية قتلتهم الوهابية فى كل أنحاء العراق . والشيعة مغرمون بإحتفالات النواح ويجعلون النواح شعيرة دينية ، ولا تكاد تخلو أسرة شيعية عراقية  من حداد على قتيل قتله الوهابيون فى كربلاء وغير كربلاء .

3 ـ وقد تمنع ظروف سياسة دخول العراق فى مواجهة صريحة مع ابن سلمان متضامنة مع ايران ، ولكن الدهاء السياسى الشيعى يجد له مخرجا ، خصوصا وأن الانتماء للفرد الشيعى هو لدينه الشيعى ، أى يتخطى إنتماءه لدولته . وبهذا فنحن نتكلم أيضا عن شيعة الخليج فى إمارات الخليج وحزب الله فى لبنان ، وربما شيعة مصر أيضا لو أُتيحت لهم الفرصة . هؤلاء الشيعة يعانون من تسلط الأنظمة السنية المتحالفة مع السعودية . ولو كانت هناك ابتسامات متبادلة بين سلمان والعبادى العراقى الشيعى فإنها لن تحجب الكراهية المتبادلة بينهما ، ولا يمكن ان تغطى الحقيقة الثابتة فى أن الشيعة داخل وخارج المملكة لو وجدوا فرصة للثأر من الأسرة السعودية ما تركوها ، خصوصا وانهم عانوا من هذه الأسرة من القرن الثامن عشر وحتى الآن .

4 ـ الخطر الأكبر يأتى من الزيدية الشيعية فى اليمن تحت قيادة الحوثيين . تلاعبت الأسرة السعودية باليمن خلال حكم على عبد الله صالح ، ثم تلاعبت به خلال الرئيس اليمنى المحتجز فى السعودية . كان عبد العزيز حكيما حين رفض الانغماس فى مستنقع اليمن . ولكن اين حكمته من رعونة حفيده ابن سلمان . الخطر الأكبر على الأسرة السعودية يأتى من اليمن ، ولليمن حقوق فى المناطق التى تفصله عن الحجاز . وربما لو كان الخيار للزعيم الحوثى لإجتاج هذه المنطقة ، ولكن ايران التى تمسك بزمام الأمور تلعبها بهدوء وبدهاء فى مقابل رعونة ابن سلمان .

5 ـ أوراق اللعبة تمسك بها ايران ،ولا يمنعها من الاطاحة بابن سلمان ودولته إلا فهمها للتوازنات الدولية ، وهى تنتظر اللحظة الحاسمة التى تنقض فيها بكماشة على الأسرة السعودية من الشرق ومن الجنوب الغربى . وربما كان الصاروخ الباليستى التى سقط بالقرب من الرياض رسالة ايرانية حازمة حاسمة تقول لابن سلمان ( نحن هنا ) . فإذا كان لا يملك جيشا حقيقيا بل ضربات طيران جبانة تقتل النساء والأطفال فإن أى صاروخ ـ من أى جهة ـ يمكنه أن يدمر قصور آل سعود .. ولكن لن تغامر ايران بإثارة ( المجتمع الدولى ) ضدها لو تدخلت فى الوقت غير المناسب . والمجتمع الدولى من الآخر هو .. أمريكا .!

6 ـ هنا تأتى المواءمة والحلول الوسط .

ثالثا : مكامن الخطر الدولى  ( الأمريكى ): ملاحظات مشروعة :

1 ـ القضاء على ابن سلمان وابيه لا يعنى بالضرورة القضاء على المملكة السعودية . من الممكن أن تتخلى أمريكا ـ وبالاتفاق مع أوربا والاتحاد السوفيتى ـ على التخلص من سلمان ـ إذا ظل حيا ـ وعلى ابنه ، ويتم تنصيب ملك جديد أقل حمقا من ابن سلمان وأكثر منه طاعة لولى الأمر الأمريكى .ومنالممكن الاتفاق على إسقاط الأسرة السعودية وإعادة رسم حدودها ، بل من الممكن أن تتفق أمريكا مع ايران إذا كان هذا فى صالحهما لأن  ( المال ) هو الاله المعبود فى السياسة .

2 ـ والسؤال هو أيهما الأفضل لأمريكا : إسقاط الدولة السعودية أم إبقاؤها وإستنزافها الى النهاية ثم تركها تسقط جيفة عجفاء ؟

3 ـ أسئلة أخرى متعلقة :

3 / 1 : فى حالة إسقاط المملكة فمن سيسيطر على المنطقة الشرقية وبترولها ؟ مستحيل ( أمريكيا ) تركها لإيران ، ولكن ممكن سياسيا تقريب وجهات النظر وإقتسام الغنائم وإرضاء كل الأطراف .

 3 / 2 ـ ممكن تخريب حقول البترول كما فعل صدام فى الكويت . هذا ستمنعه أمريكا ،ولها خبرة سابقة فى إطفاء الحقول البترولية . وستستفيد من هذا .

3 / 3 : إذا سقطت المملكة ستقوم مكانها دولة فى الحجاز مستقلة ، وقد تتكون منظمة عالمية للإشراف على الحج وتسهيلاته . وهذا مطلب إسلامى هام .

3 / 4 ـ إذا سقطت المملكة قد تقوم دول متنافرة وقد تشتعل الحروب وتنتشر حمامات الدم . ستتكون سوق هائلة للسلاح تنتعش بها روسيا وأمريكا واوربا ، ويمارس المحمديون هوايتهم فى قتل أنفسهم وتدمير بيوتهم بأيديهم ( وايدى الآخرين ) .

3 / 5 ـ إذا سقطت الأسرة السعودية وتشرد أفرادها سيبحثون عن التيريليونات التى هربوها فى أوربا وأمريكا ،منها ما تم تبييضه ومنها ما لايزال نقيا فى البنوك والشركات والممتلكات و الأرصدة الذهبية . من السهل على الغرب مصادرته ، ومن الأسهل على الغرب تحييد أصحابه بالقتل . نحن نتحدث عن بضعة آلاف من الأسرة السعودية يمتلكون أطنانا من الأموال سلبوها من أصحابها الحقيقيين . أى إن إسقاط الأسرة السعودية يعنى مكسبا بآلاف البلايين .

أخيرا:

1 ـ إتبع ابن سلمان السياسة الصفرية ، أى هو له 100 % وللأخرين الصفر . أتبع الصراع الوجودى ، أى إما هو وإما الاخرون .

2 ـ العالم يتبع سياسة التفاوض و( هات وخذ )، بحيث لا يسـتأثر واحد بكل الكعكة . ابن سلمان فى سياسته الفاشلة سيجعل  أتباعه من القادة العرب ينفضون عنه ، والقوى العالمية التى تستفيد منه مرحليا ستتدخل للتخلص منه وتتبع طريقتها فى التفاوض و( هات و خذ ). وقد تكون ( هات و خذ ) فى إقتسام المملكة السعودية .

3 ـ تمتعوا بالنظر الى وجه ابن سلمان المتغطرس المستكبر الذى يطل عليكم كل يوم ،  فقد ينتهى فى القريب العاجل .!

اجمالي القراءات 7748