هل سيشهد ابن سلمان سقوط مملكته السعودية ؟ (1 من 2 )

آحمد صبحي منصور في الجمعة ٢٧ - أكتوبر - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

هل سيشهد ابن سلمان سقوط مملكته السعودية ؟ (1 من 2 )  

مقدمة :

1 ـ ضمن محمد بن سلمان موافقة  الرئيس الامريكى ـ الأب الروحى للسعودية ـ على أن يكون هو الملك القادم ـ سريعا ــ للسعودية . وتوجه ابن سلمان بخطابه عن الاسلام ( الوسطى ) المعتدل نحو أوربا وأمريكا ـ خطابا إعتذاريا عما سببته لهم الوهابية من حمامات دم . هو أيضا يتوجه متوددا لهم بخطاب إقتصادى بمشاريع باهظة التكلفة فى المملكة تعود عليهم بالنفع لأنهم الخبراء والمستثمرون .  

2 ـ ومع هذا لا يضمن سهولة إنتقال السلطة اليه ، فهناك غضب عارم من أعمدة أسرته الحاكمة ، وهو الأصغر من حيث السّن ـ وهو عامل له إعتباره فى الثقافة البدوية ـ وهو الأقل  فى الخبرة السياسية ، أين هو من أولاد عمه الملك فيصل مثلا ؟ ثم هو مع ذلك قد تعامل مع المعارضين له من أولاد أعمامه بغلظة ، وأولهم ابن نايف الذى ركع له ثم أطاح به . بموت أبيه لن يكون سهلا إنتقال مقاليد الحكم اليه مع أنه ولى العهد . لذا نتوقع أن يتنازل له ابوه فى حياته عن الحكم ، ويتولى ملكا فى حياة أبيه وحماية أبيه ، وهذا فى إنتقال للسلطة يشابه ما حدث فى قطر ، من تنازل الأمير حمد لابنه تميم ، وبمباركة ــ أو بضغط  ـ أمريكى .

3 ـ كل هذا لا يزيل التكهنات التى تتوقع سقوط الدولة السعودية . ومثلا ، توقع مركز فيريل للدراسات في برلين انهيار المملكة العربية السعودية عام 2023. والسؤال الآن : هل سيشهد ابن سليمان سقوط مملكته السعودية أم سيشهد إستمرارها فى جيل الأحفاد للمؤسس عبد العزيز ؟  

أولا : مؤشرات السقوط السعودي:   

 عسكريا  

1 ـ وفقاً لمؤسسة الدراسات الاستراتيجية، فقد قارب الإنفاق الدفاعي للمملكة في عام 2014 حاجز 81 مليار دولار. ليشكل 10٪ من إجمالي الناتج المحلي، ويتحول لثالث أكبر ميزانية دفاعية في العالم بعد الولايات المتحدة والصين. السبب ليس فقط حماية الأسرة المالكة ولكن ايضا حصول الأمراء على عملات فى صفقات الأسلحة . هنا فساد جهير الصوت يسمعه العالم كله .

2 ـ ومع هذا فإن السعودية حين تهددها غزو صدام للكويت سارعت تستنجد بأمريكا . والسعودية لم تدخل حربا حقيقية ـ أى بقوات مُشاة تلتحم بجيش ، ولم تدخل بمفردها حربا ، حتى فى دفاعها عن نفسها إستعانت بأمريكا ومصر وحلفاء آخرين . وهو نفس الحال فى هجومها الفاشل على اليمن . حاربت ومعها حلفاؤها بالطيران فقط .

3 ـ واقع الأمر :

3 / 1 : أن الجيش السعودى ليس مؤهلا لاستعمال معظم تلك الأسلحة الباهظة التكاليف والمكدسة فى مخازنها وصناديقها ، لا يمكن إستخدامها إلا بالخبراء الغربيين .

3 / 2  ـ  أنه ليس هناك جيش سعودى 100 % ، بل جنود مرتزقة من باكستان والسودان بالاضافة الى منظمات وشركات الحماية . وليس منتظرا من إنسان حُرّ يعيش فى  وطن يملكه آل سعود أن يدافع باخلاص عن هذا الوطن الذى يملكه آل سعود .

3 / 3  ـ أن آخر معركة حارب فيها الجيش السعودى كانت معركة السبلة التى قادها عبد العزيز آل سعود وانتصر فيها على الإخوان النجديين عام 1930 ، قبل أن يعطى مملكته إسمها السعودية عام 1932 .

4 ـ تتحمل السعودية أعباء مالية فى حرب اليمن تفوق طاقتها بسبب صمود الحوثيين ووقوف ايران الى جانبهم ، بما يمثل إتنزافا خطيرا للميزانية السعودية ، وهم لا يستطيعون وقف الحرب التى بدءوها ، ولا يستطيعون تحمل المزيد من نفقاتها ، ولا يستطيعون تحميل حلفائهم تكلفة تلك الحرب ، بل إن السعودية ملتزمة بدعم حلفائها خارج مجلس التعاون مثل مصر والمغرب والسودان . والبديل هو طلب الهدنة من الحوثيين ، وهم الذين سينتصرون فى النهاية ، وقد تكون نهاية السعودية على يد اليمنيين .

5 ـ مع هذا وبأموالها وعبر وسائط وحلفاء أشعلت حرب اليمن ، وشاركت فى حرب ليبيا وسوريا والعراق وأفغانستان ولبنان والصومال والسودان ونيجيريا والجزائر، واضطرت لتخصيص قسم كبير من ميزانيتها لتمويل أعمالها العدوانية، ويكفي أن نعلم أنّ حرب العراق كلفت الخزينة السعودية 48 مليار دولار، وتجاوزت التكاليف الاجمالية لهذ الحروب 1000 مليار دولار. ( تيريليون دولار يا مؤمن .!! )

بتروليا

1 ـ قامت السعودية برفع سقف إنتاجها البترولى لتخفيض ثمنه ، كيدا فى ايران وروسيا ، فكادت نفسها وضربت إقتصادها . تراجعت اسعار النفط منذ العام 2014. وفي السنوات الثلاث الاخيرة شهدت الميزانية المالية السعودية عجزا كبيرا بلغ مجموعه نحو 200 مليار دولار.

2 ـ لعلاج الانهيار القادم للاقتصادى السعودى فلابد أن يعود سعر النفط إلى 110 دولارات للبرميل لكي تتمكن السعودية من الوفاء بالتزاماتها الطارئة فقط، ولتعود بالميزانية كما كانت وتعويض ما تنفقه وتكوين فوائض. وقد وصلت الأسعار إلى 26 دولار للبرميل في حدها الادنى. أي لا يمكن أن يعود برميل البترول إلى سعر 110 دولار.

3 ـ نشر موقع ويكيليكس وثيقة سرية لبرقية دبلوماسية أميركية أرسلت من السعودية؛ تفيد بأنه قد بولغ باحتياطي النفط السعودي وأن قدرة السعودية بالضخ بالطاقة الحالية مبالغ فيه. تقول البرقية بأن المسؤول عن التنقيب والإنتاج في شركة آرامكو أعطى معلومات مخالفة لما أعلنته الشركة.

 4 ـ أعلنت السعودية نيتها بيع 5 % من شركة أرامكو فى عام 2018 وفق ما جاء فى رؤية ولى العهد لعام 2030 ، وهذا لعلاج العجز في الميزانية، ورفع سقف الإنتاج السعودي وهبوط أسعار النفط في الأسواق العالمية، والتأثير على منظمة أوبك ، ولإبعاد الغرب عن فرص الاستثمار في إيران التى تغرى بها إيران  الغرب .  

5 ـ  فى مواجهة هذه الأزمة تناثرت تصريحات كلامية من ولى العهد ابن سلمان عن تغيير بنية الاقتصاد السعودي القائمة على النفط والغاز، وأنه يُتوقع أن تبدأ السعودية بإنتاج الطاقة الشمسية بصورة تجارية بشكل أسرع من انتاج الطاقة الذرية، كما تجري استشارات أجنبية أميركية وبريطانية وفرنسية لبناء محطات طاقة نووية. الملاحظ هو الأمد البعيد لتلك المشروعات ..أى ربما تكون كلاما للإستهلاك المحلى وتلميع ولى العهد الذى تنقصه الخبرة والكفاءة .

6 ـ فى بدائل أخرى للبترول جاءت إقتراحات بالاستثمار السياحى فى الجزر السعودية فى البحر الأحمر ـ موازيا لموضوع الاسلام الوسطى ، وفى هذا السياق بدأ فتح الأبواب للنساء فى المشاركة ( بداية بقيادة السيارة ) . فماذا عن توفير فرص العمل للذكور أولا ؟ وماذا عن تحريض السعوديين على العمل ، وهم ليسوا مشهورين بالنشاط فى العمل إعتمادا على تسخير الأجانب ؟

7 ـ مع هذا ،تعالت نغمة الهجوم على المملكة السعودية فى الاعلام الغربى وتركز فى إعتبارها مصدر التمويل للارهاب الوهابى، ودورها فى إخماد الربيع العربى فى البحرين ، وسجلها المشين فى حقوق الانسان ، وتزامن هذا مع ضعف النفوذ السعودي في الغرب بعد ثورة النفط الصخري الأمريكي الذي جعل الغرب أقل اعتمادًا على البترول السعودى .   

ثانيا : ابن سلمان .. هل هو الحل ؟

1 ـ فى هذا المنعطف الخطير فى تاريخ الدولة السعودية ( الثالثة الراهنة ) هل يتم إنقاذها على يد ولى العهد ؟ وهل تُجدى تصريحاته عن الاسلام الوسطى ومشروعاته فى إنتشال المملكة السعودية من الهاوية التى توشك أن تتردى فيها ؟

2 ـ من الممكن أن نتفاءل إذا جاء هذا الشاب بسياسة حقيقية مختلفة ـ ولكنه يبدو مستبدا عريقا ، يعطى لنفسه حق الكلام عن الآخرين ، ليس فى داخل دولته بل خارجها . هو مثلا يتكلم عن مشروع ضخم تتشارك فيه مصر والاردن ، دون أن نسمع تعليقا عن هذا المشروع من مصر أو الأردن . هو الذى أوقع مملكته وحلفاءه فى مستنقع اليمن وحمّلهم عارا يستحقونه ، ولا يعرف كيف يتخلص منه . هو الذى أوقع مملكته وحلفاءه فى حصار ومقاطعة لقطر ، صمدت فيها قطر ، ولم يعرف كيف يخرج هو وهم منها .

3 ـ هو سبب المشاكل ، وهو الذى يوقع نفسه وحلفاءه فى مشاكل إقليمية ثم يعجز عن الخروج منها ، ثم هو لا يستشير أحدا ، ويريد الطاعة المطلقة لما يخطر بباله . والذى يكون سببا فى مشكلة لا يمكن أن يكون جزءا من الحل فيها .

4 ـ شاب مثل هذا لو ذهب يطلب يد فتاة ، وكان أبوها رجلا عاقلا حريصا على بنته سيسارع برفضه ، لأنه لا يأمنه على بنته . كيف يؤتمن على مستقبل أسرته والشعب الذى يعيش تحت رحمته ؟

5 ـ الموضوع  ( غاية فى الخطورة ) ، وإستعرنا هذه العبارة من الأبله حسنى مبارك . الموضوع هنا لا يخص فقط مستقبل الأسرة السعودية وهى عشرات الألوف من الأفراد كما يقال ، بل يخص الشعب العربى فى هذه المملكة .

6 ـ لقد قام عبد العزيز بتكوين هذه الدولة بقوة السلاح وبدين الوهابية ، وصار تحت إمرته شعب مختلف الأعراق والمذاهب من شيعة وصوفية وسنيين عاديين ووهابيين، وضم مناطق تنتمى لأسر حاكمة من قبل مثل الأحساء ( وقد غيروا اسمها الى المنطقة الشرقية ) وهى مركز الثروة النفطية ، ومركز التركز الشيعى ، وضم أجزاء فى الجنوب كانت تتبع اليمن . أى بسقوط الأسرة السعودية ودولتها ستتكون شظايا دول مؤقتة متناحرة وسيظهر أمراء حرب وستندلع حروب وحمامات دم ، تتدخل فيها قوى إقليمية (شيعية وسنية) وقوى دولية أمريكية وروسية ، وستنتعش مبيعات الأسلحة فى الشرق والغرب ، وسينضم الى طابور الضحايا ملايين من المستضعفين ، وربما يتحول البحر الأحمر الى اللون الأحمر ، ويتشارك مع البحر الأبيض فى حمل المزيد من ملايين اللاجئين الى اوربا .

7 ـ مأساة نرجو ألا تحدث . فهل يستطيع ابن سلمان تجنبها ؟!.

لا يزال لحديثنا بقية .! 

اجمالي القراءات 8482