متى تتطهر السعودية من رجس الوهابية ؟ ! ( مقدمة )
1 ـ جئت أمريكا هاربا بدينى من إضطهاد فى مصر قادته السعودية . كان معى كتابى المخطوط عن ( المعارضة الوهابية فى الدولة السعودية فى القرن العشرين ) . أرسلت منه نسخة بالبريد المسجل الى السفير السعودى فى واشنطن بندر بن سلطان ، مع رسالة مرفقة أدعو فيها الدولة السعودية الى فك إرتباطها بالعهد القديم مع ابن عبد الوهاب ، وأن تتحول السعودية الى مملكة دستورية بلا ايدلوجية وهابية ، وأن هذا يأتى من منطلق الحرص على الأسرة السعودية نفسها ، لأن القرن الحادى والعشرين سيشهد سقوطا حتميا للنظام السعودى لو ظل متمسكا بالوهابية .
2 ـ الردُّ على هذا الخطاب رأيته ولمسته من عام 2002 وحتى الآن . اللوبى السعودى فى واشنطن لم يستطع إدخالى السجن فى أمريكا كما فعل فى مصر ، ولكنه فعل كل ما يستطيع فى تحجيمى والتعتيم على مركزنا ( المركز العالمى للقرآن الكريم ) وموقعنا ( اهل القرآن ) وقناتنا ( اهل القرآن ) ، وقام ثلاث مرات بتدمير موقعنا . الخطورة فى أننا ندعو الى الحرب الفكرية ضد الوهابية من داخل الاسلام لانقاذ أمريكا والغرب والمحمديين من حمامات الدم التى تتصاعد بإنتشار الوهابية وهى تحمل إسم الاسلام . أمريكا تنفق البلايين فى حماية أمنها فى الداخل والخارج بينما الحرب الفكرة السلمية لا تُكلّف ثمن طائرة أباتشى ، بل يمكن بهذه الحرب الفكرية أن تدرّ دخلا من خلال انتاج الدراما والبرامج . وقد فهم المسئولون فى أمريكا أهمية الحرب الفكرية ، يبدو هذا فى دعوتى وقبولى استاذا زائرا فى أهم المراكز التى تمد صانع القرار بالعلم والمعلومات ، وفى الاستشارات (المجانية ) التى يطلبونها منى . ذُعر اللوبى السعودى جعله يتحرك بسرعة لاجهاض أى نجاح محتمل لنا . أغلق اللوبى السعودى فى وجهى كل الأبواب . صارت عادة أن يتحمس مسئول أمريكى رفيع المستوى ويتصل بى ، ثم فجأة يقطع الاتصال بى . مؤخرا حدث إتصال معى على أعلى مستوى ، ثم إنقطع بلا تفسير . طلبت منى قناة الحرة أن أكتب لها مقالا اسبوعيا بأجر باهظ ، وعقدنا الاتفاق ، ثم فجأة ألغوا الاتفاق . تحركات اللوبى السعودى ضدى مفضوحة ، ويعرفها أصحاب الشأن فى واشنطن .
3 ـ مع هذا لم أيأس من الأمل فى إصلاح السعودية بأن تتخلص من الوهابية . تولى الملك عبد الله وبدأ ببعض إشارات إصلاحية منها مؤتمرات عن إصلاح التعليم ، تشجعت فنشرت هنا فصلا من كتاب المعارضة السعودية وكان عن ( ناصر السعيد ) دعوت فيها الملك عبد الله الى تبنى مشروع ناصر السعيد الاصلاحى . تبين أن هذه الاشارات مجرد فوتو شوب إعلامى ، فكتبت مقالا بالانجليزية منشورا فى موقعنا أعلنت فيه اليأس من إصلاح السعودية ، وأطلقت عليها ( محور الشّر ) .
4 ـ وظيفة المصلح الاسلامى أن يشجع أى بادرة للخير ، وهو نفس مع فعلته مع السيسى ثم تبين لى بما أجرم أنه عدو لرب العزة فتبرأت منه . الدافع للمصلح الاسلامى هو الحرص على حقن الدماء والخوف على المستضعفين فى الأرض ، وهم الضحايا فى الصراع بين المستبد وخصومه . وقد رأينا محور الشّر السعودى وصراعه مع داعش وما تسبب عنه التدخل السعودى فى الشام والعراق واليمن من حمامات دم . نتمنى أن تتوقف .
5 ـ ويمكن أن تتوقف حمامات الدم هذه لو تطهرت السعودية من رجس الوهابية ، فوهابيتها هى التى تدفعها الى ظلم الشيعة فى الداخل وحرب الشيعة فى الخارج ، ووهابيتها هى التى جعلتها تنشر الوباء الوهابى فى مصر وأزهرها وفى بلاد المحمديين . كان أغلبهم يدينون بدين التصوف السنى المسالم فتحولوا دين الوهابية الارهابى ، ووهابيتها هى التى دفعتها الى نشر الوباء الوهابى فى أوربا وأمريكا وكندا ، فأفسدت شباب المسلمين ، وبدلا من أن تكون الجاليات المسلمة فى الغرب عامل إصلاح للمسلمين أصبحت قنابل موقوتة تتفجر فى شوارع الغرب ، ووهابيتها هى التى أعاقت التحول الديمقراطى فى بلاد المحمديين . حدث التحول الديمقراطى بلا صعوبة فى شرق أوربا التى كانت شيوعية فتحولت الى الديمقراطية ، بينما صودر التحول الديمقراطى فى بلاد المحمديين لأن البديل ليس دُعاة الديمقراطية والعدل وحرية الدين وحقوق الانسان بل الوهابيين من الاخوان والقاعدة والدواعش ، كلهم أعدى أعداء الديمقراطية والحرية والعدل وحقوق الانسان . بإختصار : يمكن وقف حمامات الدم لو تطهرت السعودية من رجس الوهابية .
6 ـ يمكن للسعودية أن تنجو من سقوط حتمى قادم . بتخلصها من أوزار الوهابية وأعبائها السياسية ستتحول السعودية الى ملكية بلا أيدلوجية ، مثل المملكة المغربية والمملكة الاردنية الهاشمية . الأردن يعيش على الحافة الخطرة فى وسط الصراع العربى الاسرائيلى ، ونسبة كبيرة من السكان فليسطينون ، وهو يعانى من الفلسطينيين والاسرائيليين والسوريين والعراقيين والمصريين والسعوديين . ولو كان يعتنق الايدلوجية الوهاية المتعدية والمعتدية لسقط سريعا ، والتهمته اسرائيل أو غيرها . مملكة المغرب العريقة فى موقع يُعرف تراثيا ب ( الرباط ) أو ( الثغور ) أى على حافة التخوم التى يجرى فيها الصراع بين ( دار السلام ودار الحرب ) أو الحرب بين ( الهلال والصليب ) أو الحرب بين المسلمين والأوربيين . ومع هذا لم تسقط مملكة المغرب . لم تحتلها الامبراطورية العثمانية ، وظلت مستقلة لأنه ليست لها ايدلوجية سنية متطرفة متعدية معتدية كالوهابية . ومن الغريب أن المغرب والأردن لم تتعرضا لثورات العسكر ولم تعرفا إنقلابات حزبية أو عسكرية وهى الأكثر إنفتاحا وليبرالية من نظم العسكر فى بلاد المحمديين ، حيث يلجأ المستبد الى إعتناق الوهابية ليزايد بها على خصومه الوهابيين من الاخوان وسائر تنظيماتهم العلنية والسرية .
7 ـ كان الاتحاد السوفيتى ثانى إثنين فى القوة على مستوى العالم . بايدلوجيته توسع فى اوربا وفى غيرها ، وتكونت امبراطوريته والدول التابعة له فى آسيا واوربا ومن كوبا الى فيتنام وكوريا الشمالية . حافظ الاتحاد السوفيتى على ايدلوجيته بفرضها على الناس وإحاطتهم بالستار الحديدى . بوسائل الاتصال الحديثة تداعى الستار الحديدى ، وتعرضت أيدلوجيته الشيوعية الى الحرب الفكرية من أمريكا والغرب ، بالحرب الفكرية ضد الشيوعية ووصولها الى عقل المواطن ( السوفيتى ) سقط ( الاتحاد السوفيتى ) بدون طلقة رصاصة واحدة . وبقى منه الدرس الهائل : أن الدولة التى تحكمها الأيدلوجية الواحدة لا يمكن أن تستمر فى عصرنا ، عصر القرية الكونية والسماوات المفتوحة وثورة الاتصالات .
8 ـ فى بداية الدولة السعودية الثالثة الراهنة وقف شيوخ الوهابية ضد المخترعات الحديثة فى الاتصال والمواصلات من التلغراف الى الموتوسيكل ، وبصعوبة أقنع الملك عبد العزيز شيوخ الوهابية أن هذه المخترعات ليست من الجن والشياطين ، ثم ما لبثت السعودية أن إستعملت المخترعات الحديثة فى نشر وهابيتها فى بلاد المحمديين وفى الغرب ، بانتشار الوباء الوهابى بحمامات الدم إشتعلت وسائل الاعلام والاتصال تنقل أخباره وتحلل وتناقش ، فتعرضت الوهابية للنقاش ، ووصل النقاش الى الداخل السعودى . ومع أن النظام السعودى يبذل ما يستطيع فى حجب المواقع التنويرية مثل موقع أهل القرآن وموقع الحوار المتمدن ، ومع أنه النظام الرائد إعلاميا فى مجال الفضائيات والذى يفرض ايدلوجيته الوهابية على سكان المملكة يحميها من النقاش ــ مع هذا كله فإن شُعاع النور تسلل رغم أنف الدولة السعودية ، ووضع وهابيتها فى ( مرمى النقاش ) . بل إن شيوخ الوهابية فى إستعمالهم لوسائل الاتصال قد فضحوا جهلهم وتخلفهم وتزمتهم وإنحلالهم ، وجعلوا أنفسهم فريسة للمنتقدين والساخرين . أى إنقلب السحر على الساحر . لم يعد فى مقدور الدولة السعودية حماية وهابيتها من النقاش والنقد على مستوى وسائل الاتصال التى تغزو العالم ، ولم يعد بإمكانها التعتيم الكامل على دعوات الاصلاح ومنها دعوتنا أهل القرآن . وبدأ فى الأُفُق نُذٌر اللوم من أمريكا ـ حامية العرش السعودى ، فكان لا بد من إجرءا ما . فكان إنشاء مركز إعتدال ، ومركز آخر لتنقية الأحاديث الوهابية السنية .
9 ـ الهاجس الأكبر هو أن الدولة الايدلوجية الكبرى ( الاتحاد السوفيتى ) قد سقطت لأن ايدلوجيتها سقطت ، فكيف بالدولة السعودية ، وهى دولة قامت من قبل ثلاث مرات وسقطت من قبل مرتين ، وألان هو الموعد المناسب لسقوطها ؟ وحين تسقط فلن تسقط دمعة واحدة عليها ، لأنها بوهابيتها تسببت من عام 1745 وحتى الآن فى قتل الملايين من أقصى الشرق الى أقصى الغرب ، وأكثر من هذا وأفظع أنها شوهت دين الاسلام العظيم الذى تتمسّح به .!.
10 ـ الذى يعنينا هو تبرئة الاسلام بمعناه العقيى والتشريعى ونشر الاسلام السلوكى بمعنى السلام وحقن الدماء ، خصوصا دماء المستضعفين فى الأرض الذين ننتمى اليهم. ومن هنا ننسى ما سببته لنا السعودية من إضطهاد ، ونكتب ندعوها الى الاصلاح ، وأن تتطهر من رجس الوهابية وأن تتحول الى ملكية دستورية لتنقذ الأسرة السعودية وشعب الجزيرة العربية والعالم من شرور الوهابية .
9 ـ كيف ؟ فى المقال التالى .