أغلب المسلمون يعترض على آيات الله كما فعل المشركون من قبل ..!!

رمضان عبد الرحمن في السبت ٠٥ - مايو - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً


أغلب المسلمون يعترض على آيات الله كما فعل المشركون من قبل ..!!


إن النفس البشرية تريد أن تفعل كل شيء دون حساب أو عقاب ، ولهذا جاء الاعتراض من المشركين على الرسالة لأنها أتت لتساوي بين البشر ـ حيث جاءت الرسالة في مجتمع كان يباع فيه الإنسان ويظلم الفقير والضعيف من أقوياء وأثرياء المجتمع ، ولذلك اتهموا الرسول بالكذب و بالجنون ، ولم يمسوا شخص الرسول كشخص بقدر اعتراضهم على رسالته ، لأنهم كانوا يحبون النبي قبل الرسالة ، وسموه الصادق الأمين قبل الرسالة ، ولكن الاعتراض على الرسالة التي جاءت بالعدل والمساواة والإحسان وعدم الظلم للآخرين ، وقد عرضوا على الرسول سوف نجعلك علينا ملكا واترك هذه الرسالة وهذا الدين ليظلوا في الظلم والطغيان رافضين مضمون الرسالة جملة وتفصيلا معلنين النفاق والتحدي والكفر في حياة النبي لكيلا يتنازلوا عن الهيلمان والصولجان الذي يعيشون فيه ، حتى لو كان الثمن في الآخرة دخول جهنم ، وبعد أن عرفوا أنه لا مناص من الرسالة قال بعضهم إلى بعض كما يقول ربنا في كتابه العزيز (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ) فصلت : 26، ونلاحظ من قولهم والغوا فيه لعلكم تغلبون ، لكيلا يتغير شيء من حياتهم التي يعيشونها ، ونستنبط من قولهم والغوا فيه أيضا أنهم بذلك يعلمون أنه الحق ...


فاعتراض المشركين على الرسالة من قبل كي لا يصبحوا كالعبيد التي يملكونها متساوين في الحقوق والواجبات نحو المجتمع الإسلامي الجديد ، ولا يريدون أن ينفقوا أموالهم حسب تعاليم الدين الجديد ..
فهم بذلك لا يضرون إلا أنفسهم ، واعتقد أن ما فعله المشركون لأنهم لا يريدون أن يتمسكوا بشرع الله ، فليس غريبا في هذا العصر اتهام أي إنسان بالكفر لأنه متمسك بشرع الله القرآن الكريم ، أو يدعوا الناس للرجوع إلى كتاب الله عز وجل كمرجعية وحيدة للمسلمين .. فيصبح منبوذا بين الناس ، ولكن الفرق بين من اتهموا الرسول بالكذب والجنون كانوا من الكفار ، ونحن لسنا أنبياء أو رسل ، وإنما نقرأ في كتاب الله ونعرض الحق القرآني على الناس دون أن نسخر من أحد فيكون الجزاء الاتهام بالكفر من المسلمين أنفسهم ، هذا هو الفرق ، وهم بذلك يعترضون على رسالة الله ، لأن الحق يزعجهم كما قال الله عز وجل عن الأغلبية في كتابه العزيز يقول تعالى (وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ ) الأنعام : 116 ، وأية أخرى تقول (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ) يوسف : 106 ـ وهاتين الآيتين تؤكدان أن أكثر الناس هم على الخطأ لأنهم تركوا الحق القرآني ..
وقد قال الله تعالى عن الفئة القليلة التي تتمسك بشرع الله ـ يقول جل شأنه (وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ)سبأ : 13 ـ عسى الله أن يجعلنا من هؤلاء القلة ، وان يهدينا سواء السبيل ..


وإذا رجعنا للأنبياء السابقين وقرأنا عنهم في القرآن ـ سنجد نفس الحقيقة القرآنية أيضا في إيمان القلة مع كل نبي ، فما ذكر الله الأغلبية في القرآن إلا ووصفها بالكفر والفسوق والعصيان وما تحدث الله عن الأقلية إلا وقال عنهم هم الذين صبروا على كيد الآخرين في الدنيا ، وسوف يجزي الله الذين صبروا على عبادة الله بلا شريك كما قال في كتابه العزيز (رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ) مريم : 65ـ فنزول هذه الآية إلى الذين أمنوا وصبروا أن يتمسكوا بعبادة الله وحده ، لأن الله يعلم أن الذي يعبد الله بلا شريك سيكون منبوذا بين الناس في المجتمع ، ولذلك أنزل الله هذه الآية بالصبر على عبادته لمن أراد أن يعبد الله بلا شريك ..

فموضوع الأغلبية ليس هو الحكم على الدين ، وليس صحيحا أن نقول أن رأي الأغلبية دائما هو الصحيح ، أو نقول أن معظم المسلمين يؤمنون بكذا إذن هم على الحق ، فهذا مخالف لما جاء في القرآن في قصص الأنبياء أن القلة هم المؤمنون ، وقد قال موسى من قبل (قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي ) المائدة :25 ـ وقالت الملائكة من قبل أيضا في قصة لوط عليه السلام عن قوم لوط (فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ الْمُسْلِمِينَ) الذاريات : 26 ـ ويقول تعالى (قُل لاَّ يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُواْ اللّهَ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) المائدة : 100 ـ ولكي لا يجادل أحد عن الأغلبية بعد ذلك مدعيا أن الأغلبية لابد أن تكون على الصواب وعلى الحق .. فهذا هو منهج القرآن الكريم في التحدث عن الحق والباطل .. عن الإيمان والكفر .. عن الهداية والضلال .. القلة هي دائما على الحق ..


ثم إن الله سبحانه وتعالى حين ينهي هذا الكون عند قيام الساعة سيكون بسبب ظلم الناس يقول تعالى (وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ) النمل : 82 ـ فلا تنغر بالأغلبية أيها القارئ ، وارجع إلى كتاب الله لتعلم الحق من غيره ، وأعتقد أن من لم يتمسك برسالة الله وما فيها من أوامر يصبح من المعارضين لها ، سواء من مشركين أو مسلمين إذ لم يلتزموا بها أو يحاربوا الذين يقولون للناس حسنا يقول تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الِّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ) آل عمران : 21، ولم تقل الآية يكفرون بكلام فلان أو علان من البشر ، ولكن قالت يكفرون بآيات الله ..
هذه هي رسالة الله الذي أمرنا أن نؤمن بها أي آيات الله ..

وفي نهاية المقال أوضح هذه الحقيقة القرآنية التي توضح مصير من يختلف في آيات الله أو من يختلف في دين الله أو من ينحرف عن دين الله ، ومن لم يتمسك بالحق الإلهي فيكون جزاءه العذاب العظيم ـ يقول تعالى (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103) وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (105) آل عمران ..

 فهم بذلك يعلمون أنه الحق ولا يتبعونه وهذا يصور لنا مدى المعاناة التي كان فيها الرسول من اضطهاد وتكذيب من أقرب الناس له حتى نصره الله عليهم وأتم دينه على الناس فإذا كان الرسول تعرض للاضطهاد رافضا ما عرضوه عليه من جاه أو ملك ليكمل رسالة الله خيرمن الدنيا وما فيها ، وهنا يتبين لنا أن الدين إما أن تتاجر به ، أو تلتزم به رافضا الدنيا وما فيها ، وقد التزم الرسول بدين الله كما تعلمون ..

 

اجمالي القراءات 14605