المعركة الفكرية بين الامازيغيين العلمانيين و ما يسمى بالاسلاميين بالمغرب
مقدمة مطولة
ان اختزال الاسلام بشموليته في المنظومة السلفية يعد خطا عظيم للغاية من جميع النواحي و الجوانب لان الاسلام لا يستحق هذه الوضعية الخطيرة في عالمنا اليوم على الاعتبار ان هذا الدين قد تعرض طيلة هذه القرون للتحريف و اخفاء حقائقه الانسانية بغية عودة الجاهلية العربية للحكم باسم الاسلام حيث ان تاريخ الاسلام بالمشرق العربي عرف العديد من المذابح و الجرائم التي ارتكبت باسم الاسلام من قبيل اختراع احاديث نسبت ظلما و عدوانا الى الرسول الاكرم بعد 200 سنة من وفاته قصد تعزيز الاستبداد المشرقي بكل تفاصيله باسم الدين الاسلامي عبر ما يسمى بالخلافة الاسلامية التي يراها معظم المسلمين ذوي النزعة السلفية افضل نظام في العالم و العودة اليه تعد حقيقة لا غبار عنها بسبب بعض هذه الاحاديث المنسوبة لنبي الاسلام عليه افضل الصلاة و السلام .....
ان ما يسمى بالاسلاميين في عالمنا الاسلامي حسب اعتقادي المتواضع لا يمثلون الاسلام في شموليته على الاطلاق بل يمثلون السلفية بكل اتجاهاتها الماضوية اي ان سلف الامة كما يقولون هم الافضل دينيا و اخلاقيا و سياسيا حيث ان عامة المسلمين ذوي النزعة السلفية يصدقون هذا الطرح المثالي باعتباره موجود اصلا في خطابنا الديني الرسمي و في مقرراتنا الدراسية الدينية منذ سنة 1956 في دولة يقال عنها حديثة و عصرية بصفتها لا تطبق الشريعة الاسلامية بل تطبع القانون الوضعي الفرنسي لكن السلطة ارادت وقتها اقبار الامازيغية بكل ابعادها بغية تعريب الشعب المغربي عبر استعمال التاويل السلفي للاسلام لان وقتها كانت السعودية موجودة على ارض الواقع حيث كما قلت في مقال سابق ان الوهابية هي امتداد منطقي لقرون الاستبداد و التحريف الديني بإيعاز من طرف الحكام و من طرف فقهاء السلف اي امتداد للجاهلية العربية بكل تفاصيلها اي من الخطأ العظيم الاعتبار ان الوهابية او السلفية او فضلاتهما هي تجسيد لحقيقة الاسلام بكل تفاصيلها الحضارية و الايديولوجية و السياسية...
ان هذا الاعتبار الخاطئ قد ساهم بشكل حاسم في تشجيع الارهاب العابر للقارات منذ تسعينات القرن الماضي حيث لا ننسى مجموعة من الحقائق مثل ان السعودية دعمت حركة الاخوان المسلمين في مصر ابان نظام جمال عبد النصر القومي العلماني حيث تشير بعض الاراء الى ان السعودية قاطعت علاقاتها مع مصر انذاك لكن بمجرد تولي انوار السادات مقاليد حكم مصر رجعت العلاقات الحميمة بين مصر و السعودية لدرجة ان البعض قد اعتبر مصر بمثابة حديقة خلفية للسعودية ....
و مثل ان السعودية دعمت حركة الطالبان الارهابية بافغانستان بشكل علاني عبر الترويج لها سياسيا و ايديولوجيا بايعاز من طرف امريكا ابان حربها مع روسيا الحالية .
و كما دعمت العراق في حربها مع ايران بسبب الأخوية العربية و بسبب معاداة السعودية الشديدة للشيعة عموما و للثورة الايرانية خصوصا بايعاز من طرف امريكا كذلك...
و دعمت ايضا جمعيات الدعوة السلفية في العالم بهدف نشر ايديولوجيتها اي الاسلام المتطرف بادبياته و قواعده في مختلف انحاء العالم قصد نشر الفوضى الخالقة في المجتمعات الانسانية .
و بالاضافة الى جيش ضخم من الفضائيات الدينية السعودية التي تتعارض بشكل عظيم مع ابسط حقوق الانسان حيث تحرض على ما يسمى بالجهاد في عز النهار اي ان سجل السعودية في مجال دعم الارهاب هو سجل اسود للغابة بالنسبة للعقلاء .....
اذن ان الذي اريد الوصول اليه هو ان ما يسمى بالاسلاميين لا يمثلون الاسلام كدين يمكنه ان يتجدد مع الزمان و المكان بل يمثلون السلفية بمختلف اتجاهاتها الماضوية اي تقديس اجتهادات ائمة السلف البشرية بجعلها من ثوابت الدين الاسلامي لا يجوز مجرد مناقشتها اي ان تيارات الاسلام السياسي في عالمنا الاسلامي تسعى بشكل سري الى ترسيخ افكارها في صفوف عامة المسلمين عبر الخطاب الديني ذو طبيعة سلفية اصلا و عبر تاسيس ما يسمى بالاحزاب الاسلامية للوصول الى السلطة من خلال استغلال امية الناس الابجدية و كذا التاريخية قصد الاظهار ان مشروعهم السياسي الاسلامي ان صح التعبير يهدف الى عودة المسلمين الى صحيح الدين اي ما كان سلفهم الصالح في خلافتهم القرشية و الفاجرة بصريح العبارة...............
ان المعركة الفكرية بين الامازيغيين العلمانيين و ما يسمى بالاسلاميين ببلادنا هي معركة طويلة الامد حيث لن تنتهي بسهولة لاننا نحارب جذورهم التاريخية اي الوهابية اي السلفية بمعنى لا ينبغي ان نفرق بينهما فمنذ اواسط التسعينات و الفاعل السياسي الاسلامي يحتقر الامازيغية و يتهمها بانها ضد الاسلام و ضد الوحدة الوطنية علما ان الخطاب الامازيغي انذاك كان يدور حول ما هو ثقافي و لغوي فقط لان فترة الراحل الحسن الثاني تميزت بالحصار الشديد على الامازيغية بشموليتها حتى محطة خطاب اجدير الموصوف بالتاريخي من طرف البعض لكن ظل الفاعل السياسي الاسلامي ان صح التعبير يحارب الامازيغية و حركتها العلمانية حتى وصلنا الى صيف سنة 2016 حيث خرج قانون تنظيمي لتحقير الامازيغية مجددا حيث قلت في مقال لي انذاك اخيرا بعد خمس سنوات من الانتظار و الشحن الايديولوجي الذي بدا منذ سنة 2013 بتحريم السنة الامازيغية من طرف احد قيادات حزب النهضة و الفضيلة المحسوب على تيار الاسلام السياسي المشرقي ببلادنا ثم تصريحات الشيخ احمد الريسوني من قطر اتهم فيها الحركة الامازيغية بمعاداة الاسلام و اثارة الفتنة العرقية و تكفير الناشط الامازيغي احمد عصيد من طرف هؤلاء القوم و بعض خطباء المساجد الذين يدخلون تحت وصاية وزارة الاوقاف و الشؤون الاسلامية بسبب موقفه في قضية اسلم تسلم الخ من هذه الحوادث طيلة هذه السنوات الخمس حيث وظفت هذه الاخيرة بغية شحن العوام من المغاربة ضد امازيغيتهم الاصيلة و ضد تاريخهم الحقيقي.
و قلت انذاك اخيرا بعد خمس سنوات من الانتظار و الشحن الايديولوجي صدر قانون تنظيمي دون روح خطاب 9 مارس 2011 الذي جعل الامازيغية هي صلب هويتنا الوطنية بمختلف روافدها الثقافية و الدينية اي هي سيدة الهوية المغربية بدون اية تاويلات سلفية حقيرة لاننا علينا التفريق بين الاسلام و السلفية الان و ليس في غضون 20 سنة القادمة أردنا ان نحرر اسلامنا الامازيغي من أوحال ايديولوجية بني امية اي العروبة الجاهلية و اسلام الجواري و السبايا ....
الى صلب الموضوع
لقد قلت انذاك لا يمكن ان نقبل بقانون تنظيمي لا يتوفر على اي تصور لاعادة كتابة تاريخ المغرب كاحد مطالب الحركة الامازيغية منذ بيان الاستاذ محمد شفيق في فاتح مارس 2000 بحكم ان التاريخ الرسمي ينطلق من المشرق العربي دائما و يحقر الذات الامازيغية ما قبل الاسلام و ما بعده من خلال جعلها لا تساوي شيئا امام العرب الذين سرقوا امجاد اجدادنا الامازيغيين الحضارية و الهندسية بغية ان ينسبونها اليهم كالاعراب لا يعرفون الا السلب و النهب و هتك الاعراض تحت شعار عريض الا و هو الجهاد في سبيل الله كما تفعله الوهابية و اخواتها عبر جغرافية العالم .
ان التاريخ الرسمي و المدرس الان في مدارسنا العمومية قد طمس تاريخنا الاجتماعي من البداية الى النهاية حيث ان اغلب المغاربة يجهلون الان كيف تم ما يسمى بالفتح الاسلامي للمغرب او الغزو الاموي كما اسميه و يجهلون الان كيف كانت السياسة في مجموع القبائل الامازيغية و كيف كان الفصل بين الدين و السياسة العمومية حيث لا يمكننا ان نتقدم في تفعيل الطابع الرسمي للامازيغية الا بمراجعة شاملة لمقرر التاريخ المدرس داخل مدارسنا العمومية و الخاصة بغية تربية اطفالنا على تاريخنا الحقيقي حيث هل ستتعلم ابنتي تيليلا و ابني ماسين ان الدولة الادرسية هي الدولة الاسلامية الاولى بالمغرب كأن الامازيغيين لم يؤسسوا ايدا الدولة البرغواطية التي دامت اكثر من 400 عام و ترجمت القران الكريم للغة الامازيغية ابتداء من القرن الثاني للهجرة .
لا يمكن ان نقبل بقانون تنظيمي لا يتوفر على اي تصور لادماج الامازيغية كلغة اولا ثم كثقافة اسلامية في حقلنا الديني حيث كما قلت منذ ان كتبت كتابي ان حقلنا الديني الرسمي منذ سنة 1956 الى يومنا هذا تدبره ايديولوجية الظهير البربري بمعنى ان الامازيغية في عيون نخبتنا الدينية الحالية تعتبر جاهلية قائمة الذات او نعرة عرقية حيث قلت في مقال سابق ان تدبير الحقل الديني ظل بعيد كل البعد عن السياسة الامازيغية الجديدة التي انطلقت منذ سنة 2001 مع كامل الاسف بحكم ان في ذلك الوقت كان لا احد يتصور او يتخيل ان الظهير البربري هو اصلا مجرد اكذوبة سياسية تحولت مع مرور هذه العقود الى الايديولوجية الخطيرة التي مازالت تدبر حقلنا الديني حتى هذا اليوم بمعنى علينا الاعتراف ان الحركة الامازيغية طيلة عقود طويلة من الزمان تتجاهل هذا المعطى الواقعي تحت ذرائع مختلفة حتى السنوات الاخيرة مع ظهور افكار كتابي على الانترنت...
كما قلت في بداية هذا المقال فان ما يسمى بالاسلاميين ببلادنا لا يمثلون الا السلفية كفكر ماضوي قد قتل الاف من الابرياء منذ قرون و استحل فروج الاف من النساء تحت نظام ملك اليمين الجاهلي الذي اعاده الاعراب في عز خلافتهم المسماة بالاسلامية حيث انني اتساءل ما هو الفرق بين ملك اليمين و الزنا؟
اعتقد ان لن اجبني احد من فقهاءنا الكرام لان نظام ملك اليمين اصبح تقليد اسلامي منذ دولة بني امية الى ما شاء الله مادام الفكر السلفي هو حي في مجتمعاتنا الاسلامية............................................................
المهدي مالك