كان تعليقا ، فأصبح مقالا !!..

لطفية سعيد في الثلاثاء ١٩ - سبتمبر - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

 
تعلمنا على صفحات الموقع من الأساتذة الكرام أن المسلم ليس فقط من هو متبعا لآخر رسالة ، ولكن هو كل مسالم على سطح البسيطة طالما أنه لا يقدم العداء لمن حوله ... وان المجرم على العكس منه في كل شيء.. فهو الذي يروع الآخرين ويعاديهم مهما كانت ديانته .. وهذا من خلال تتبع لعدد من الآيات الكريمة  والتي يبدو فيها العداء والاستكبار واضحين لهذا المجرم ... ولقد  تناول هذا الموضوع  الأستاذ إبراهيم دادي بعنوان ( وامتازوا اليوم أيها المجرمين ) وكان تعليقي  على مقاله  : شكرا للأستاذ إبراهيم دادي على هذا التدبر  الموضوعي لوصف المجرمين كما جاءت به آيات الذكر الحكيم ، وأستطيع بعد قراءة المقال أن أقول أن (المجرم ) هو من لا يكتفي بعدم الإيمان ،القلبي بل يوجه العداء وعدم المسالمة لغيره من المسلمين المسالمين  أيضا .. سواء أكان هذا العداء قولا او فعلا او سخرية أم غيره  ولذلك كان تعجب الآيات من ان تجعل المسلم كالمجرم ، رحم الله الأستاذ حواش .. الذي تحدث في موضوع له عن لفظ (جعل ) ردا عن سؤال كنت قد وجهته له ، وقد أثبت أن الجعل تاليا للخلق  ، ودائما صدق الله العظيم إذ يقول  "أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ(35) ..القلم انتهى 
 وقد أردت أن أكتب تعليقا على مقال الأستاذ محمد صادق والذي يحمل هذه الآية (35 القلم)   عنوانا للمقال ..ويفرق فيه بين المسلم والمجرم لكن تعليقي قد زاد وفاض، فآثرت أن أجعله مقالا لأبرز فيه معنى العدائية التي لاحظتها  وأنا أتتبع لفظ المجرم كما لاحظت أنه اختيار بجدارة ..  ليس فيه أي إجبار ، وذلك تم التعبير عنه في لفظ( مجرم ) من الفعل (أجرم) كفعل قام به مختارا كما أن المسلم اختيارا أيضا ..   التفاصيل:
هل المجرم عدو لأنبياء الله؟ 
الإجابة بنعم .. ولم ؟  لأن الآية 31 من الفرقان تقول تقرر هذا :
"وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا" (31الفرقان)      .
والبداية من الآية 21 من سورة (الفرقان ) تتحدث عما اتصف به هذا الجمع المجرم من صفات أهلته لأن يلتحق بجدارة بنار جهنم..  تلك المنزلة قد استحقها بلا منازع .. لماذا لأنهم لم يكفروا فقط بل استكبروا (وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَىٰ رَبَّنَا ۗ لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا  21 الفرقان ) حتى صاروا في عداء أو عداوة للمرسلين..
هل المجرم هو ذلك الكافر الذي يكتفي برفض الرسالة ولا يؤمن بها ؟ 
لا ليس فقط الكفر فقط ،   فالمجرم ما زاد على  كفره استكباره .. ليس الكفر وحده ،أو التكذيب وحده  وهذا ما ورد في آيات  الجاثية 31 ، الأعراف 40 : 
وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْمًا مُجْرِمِينَ ( الجاثية 31)
إنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ(40).الأعراف.
هل  المجرم هو ذلك الذي اغتر واستكبر بماله ومال عن قوم موسى ووالتحم بفرعون وهامان والملأ  ولا ننسى ما كان يرتكب في حق قوم موسى من ترويع وعداء وفي التحول الذي حدث له ووصمه ، قال تعالى: 
 "ِإنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَىٰ فَبَغَىٰ عَلَيْهِمْ ۖ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ (76) وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ۖ وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ( القصص77):
فكان استحقاقه لوصف (المجرمين ):   .
قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ ) (سورة القصص78 
ولا يخفى على القارئ العزيز ما كان يتصف به قوم لوط من صفات .. ليس الكفر فقط ،  ولكنه العداء... فقد وصفتهم الرسل الملائكة بلفظ مجرمين  (  قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ (57) قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ (58الحجر  )  أهذا الوصف  كان بسبب كفرهم  برسول الله لوط  فقط ؟ لا ، ولكن ما اتصفوا به من إجرام في تعاملهم بعنف.وعداء  جعلهم يحكمون سيطرتهم على لوط ويمنعونه من الاتصال بالعالمين عنوة .. 
: ( قَالَ إِنَّ هَٰؤُلَاءِ ضَيْفِي فَلَا تَفْضَحُونِ (68) وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ (69) قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ(الحجر70
وبالرغم من مما اتصفوا به، كان لوط عليه السلام دائم النصح لهم،  يشير إلى موطن الداء ..علهم  يستجيبوا ويتغلبوا على ما بهم ، لكن  كان جواب القوم  له مخيبا للآمال :
(إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاءِ ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُون(81)
وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ( الأعراف 82
ولا أعلم اهذا  تهكم عليهم يوم القيامة إذ ان لهم امتياز ؟ !!  أم  أن  امتيازهم كان فيما أُعد لهم  من منزلة خاصة في جهنم .. ، أبعدنا الله سبحانه عن هذه الميزة ،وإياكم  .. قال تعالى :  
وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ59يس)
وإن أردنا اختيارا موفقا في اختبار الحياة الدنيا ،علينا أن نسلم  الوجه لله ، مع الإحسان وهو نفسه منهج إبراهيم عليه السلام ، الذي اتخذه الله جل وعلا  خليلا : 
وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا  } (النساء 125
ودائما صدق الله العظيم
اجمالي القراءات 10086