نماذج من النشر فى جريدة ( الأحرار ) ضد فساد العسكر المصرى الوهابى

آحمد صبحي منصور في الأربعاء ١٦ - أغسطس - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

نماذج من النشر فىجريدة ( الأحرار ) ضد فساد العسكر المصرى الوهابى  

كتاب : نشأة  وتطور أديان المسلمين الأرضية.  ج 2 الوهابية

الباب السادس : جهادنا ضد الوهابية 

الفصل التمهيدى: نماذج من النشر فىجريدة ( الأحرار ) ضد فساد العسكر المصرى الوهابى

مقدمة :

1 ـ الدين الفعلى والعلمى للعسكر المصرى من عهد السادات كان ـ ولا يزال ـ الوهابية . العسكر وهابيون ، وهم يستخدمون الوهابية فى تركيز سلطانهم مستغلين شيوخهم الرسميين فى الأزهر والأوقاف . والعسكر يريدون من الاخوان والسلفيين الوهابيين أن يكونوا جزءا من النظام . وفعلا كان السلفيون ـ ولا يزالون ـ فى معظمهم جزءا من النظام ، يركبهم المستبد العسكرى ضمن مطاياه من الشيوخ والعاملين فى الأوقاف وأجهزة الاعلام . ولكن الطامحين الى السلطة من الوهابيين ( الاخوان وما أنتجه الاخوان من تنظيمات سرية وعلنية ) كانوا ينازعون المستبد العسكرى المصرى الوهابى سلطته ، يريدون أن يركبوه  لا أن يركبهم . نفس القصة فى التنازع التى كانت بين عبد الناصر والهضيبى  . ونفس مشكلة الاخوان مع السعوديين أصل الوهابية . الاخوان وهم فى السعودية إستكثروا على الأسرة السعودية إستئثارها بالثروة والسلطة ، فنفخوا نار المعارضة السياسية لدى الوهابيين فى المملكة وأسّسوا المعارضة الوهابية داخل المملكة السعودية ، والتى ظهرت فى أوائل التسعينيات أبّان حرب الخليج ، على نحو ما فصلناه فى مقالات كتابنا المنشور هنا عن المعارضة الوهابية فى الدولة السعودية فى القرن العشرين .

2 ـ من هنا نفهم سياسة مبارك فى نشر الوهابية فى التعليم وفى الاعلام وفى المساجد ، مع مطاردته للوهابيين السياسيين من الاخوان والجهاديين ..

ومن هنا أيضا نفهم لماذا ينسى العسكر والاخوان خلافاتهم السياسية وصراعاتهم الدموية ويتّحدون ضدنا ـ نحن أهل القرآن ـ . العسكر يقبضون علينا وأجهزته الرسمية الدينية والاعلامية وأبواق الوهابية من الاخوان والسلفيين والجهاديين يهللون لاغتقالنا ، ويطالبون بتصفيتنا .

ومن هنا أيضا نفهم كيف أثمرت الوهابية ــ دين العسكر والاخوان والسلفيين ـ تجذيرا لفساد غير مسبوق فى تاريخ مصر الحديث .

3 ـ  الوهابية رسّخت الجذور الدينية للفساد بدفاعها عن ( الشفاعة ) ودخول المسلم العاصى النار مهما إرتكب من عصيان لمجرد قوله ( لا إله إلا الله محمد رسول الله ) ، وقد كان من الأسباب المباشرة لاعتقالنا عام 1987 كتاب ( المسلم العاصى : هل يخرج من النار ويدخل الجنة ) وقد سبق إعتقالنا هجوم على الكتاب من الكاتب الصحفى أحمد زين فى  جريدة الأخبار، وهجوم لاحق من فهمى هويدى فى الأهرام ، ودعوة من الشيخ متولى الشعراوى فى جريدة ( اللواء الاسلامى ) التى تصدر عن الأخبار لتطبيق حدّ الحرابة علينا .

4 ـ دعوتنا الى الاصلاح الأخلاقى بالقرآن مسّت عصبا حسّاسا لديهم جميعا ، فقد كان مبارك سبّاقا فى مضمار السرقة والنهب ، وكان يستخدم نفوذه فى هذا ، على نحو ما فصلناه فى مقالات كتابنا المنشور هنا عن ( وعظ السلاطين من الخلفاء الفاسقين الى مبارك اللعين ) .

5 ـ  إنتشر الفساد ، ووصل الى القاعدة الشعبية ، وأصبح دينا مرتبطا بالتدين السطحى والاحتراف الدينى . وتخصصت فى الفساد أجهزة الدولة التى تتدخل فى كل شىء ، وتتعامل مع المواطنين بمنطق الرشوة ، وخصوصا أجهزة الإدارة المحلية والاستيراد والتصدير ، وفضح زلزال اكتوبر 1992 الفساد فى قطاع المساكن ، إذ إنهارت عمارات جديدة ومئات المدارس والمبانى الحكومية بينما صمدت مساكن تم بناؤها من أكثر من قرن . وأصبح عاديا سقوط عمارات بعد قليل من تأسيسها ، وإشتهر بهذا مقاولون كثيرون فاسدون ، وكانت ظاهرة سماها الكاتب الصحفى ( أحمد رجب ) ( البيوميزم ) نسبة الى مقاول فاسد إسمه بيومى . وتحدثت الصحف عن الحاجة ( كاملة ) التى كانت تملك شركة مقاولات ، وسقط بعض عماراتها فى حىّ ( مصر الجديدة ) .

6 ـ توالت مقالاتنا فى الأحرار تهاجم فساد العسكر الوهابى ،  ونعطى هنا أمثلة :

أولا : ( جريدة الاحرار بتاريخ : 7-12-1992 ) ( قال الراوى : احلام الست كاملة )

( 1 ـ   الست كاملة ارتدت الحجاب وأدت فريضة الحج واقامت عمارة تعلم انها آيلة للسقوط ومع ذلك نامت الست كاملة مستريحة الضمير تحلم بالجنة، وسقطت العمارة ومات الضحايا وظهر أن الست كاملة قد شاركت فى فساد كبير تحقق فيه الاجهزة المسئولة. ولكن لاتزال الست كاملة تعتقد انها تضمن لنفسها وشركائها الجنة ، لان الاجهزة الحكومية المسئولة لم تصل للمجرم الحقيقى ، وهم أولئك الذين يروجون الاحاديث الكاذبة التى تجعل الجنة من نصيب المفسدين فى الارض طالما نطقوا " بالشهادتين"

2 – وأعرف تاجرا ينطبق عليه وصف " رجل هذا العصر " .. كان يجلس فى أحد النوادى وأمامه زجاجات الخمر وحوله الحسناوات والضحكات ، وهو يتيه على الحاضرين  بنقوده ونفوذه وبلقب الحاج الذى يتحلى به ، وقد قال لبعض السذج المتسائلين : يابنى طالما طريق الحج مفتوح فالجنة مضمونة ..  وكلها يومين " وأرجع من الحج كمن ولدته امه .." وتتعالى الضحكات الناعمة ، وقد فهمن من الحديث معنى آخر لأن الحاج بطل الواقعة غمز لهن بعينيه ..

3 ـ ومهما يكن من أمر هذه الواقعة التى رواها لى شاهد عيان فإنها دليل آخر على أن الفساد الذى يهدد حاضرنا ومستقبلنا يستند الى اسس دينية تراثية ، طالما نبّهنا اليها وكوفئنا على ذلك بالاضطهاد والاتهامات الظالمة ..

4 – اذكر اننى واجهت هجوما عاتيا عندما أصدرت كتابى "المسلم ا لعاصى: هل يخرج من النار ليدخل الجنة" . وكان كتابا صغيرا احتوى على آيات قرآنية تثبت ان العاصى الذى يموت بلا توبة سيدخل النار ولن تنفعه شفاعة ولن يخرج من النار أبدا مهما نطق بالشهادة او الشهادتين ، ودعوت فيه الى تنظيف القلب من تلك الاحاديث الهدامة التى لم يقلها الرسول عليه السلام والتى تشجع على العصيان بدعوى ان الجنة من نصيب المسلم الذى يقول لا اله الا الله بلسانه مهما فعل . ومع أنها دعوة للهداية والاصلاح وتستند الى عشرات الآيات القرآنية فإذا بالاشياخ ذوى النفوذ مازالوا بالسلطات الحكومية حتى تم وضعى فى السجن بسبب هذا الكتاب وقامت بمصادرته ، وأثيرت حملة ضدى وضد الكتاب على صفحات مجلة" اللواء الاسلامى " لتؤكد أن الجنة من نصيب العاصى مهما أفسد فى الارض ، وأن النبى فى انتظاره ليشفع له مهما عصى ، وأنه سيدخل الجنة وان سرق وان زنى  رغم انف ابى ذر ورغم انف احمد صبحى منصور ..

5 ــ وكان من الممكن ان يظل كتابى محدود الأثر وأن أظل  أنا بنفس محدودية التأثير ، ولكنهم فى اندفاعهم للدفاع عن تلك الأحاديث الكاذبة قاموا بحملة تنبيه للأغلبية من الناس بأن فى امكانهم الفساد والعصيان طالما يقولون باللسان لا اله الا الله ، وأن طريق الفساد مفروش بالورود ، وأن الجنة تحت أقدام المفسدين طالما أقام أحدهم مسجدا أو أدى حجة لبيت الله الحرام يرجع منها كيوم ولدته أمه ، ثم يعود للعصيان ويغرق فى الفساد ليعود الى الحج  فينظف جسده من المعاصى ، وهكذا يكون الحج بزعمهم من أدوات  العصيان لا من بواعث التقى والايمان .

6 – وأسفرت تلك الحملة عن عقد صلح بين الفساد ونوعية التدين الفاسد .. وقد صدر كتابى المسلم العاصى " سنة 1987 وصودر فى نفس العام . واستمرت اجهزة الاعلام الرسمية والشعبية تنهل من كتب التراث تؤكد على نفس الخط ، وكانت ثمراتها تتوالى من فضيحة شركات توظيف الأموال الى قضايا الفساد التى يتوالى الكشف عنها ، ثم جاء الزلزال فكشف الكثير من العورات وأحال للنيابة (52 الف) موظف ومهندس فاسد ، كل منهم يعتقد اعتقادا جازما ان من حقه ان يفسد فى الارض وأن يحتفظ فى نفس الوقت بقصر فى الجنة تجرى من تحته الانهار ، لأنه أدى فريضة الحج أو صام ستة ايام بعد رمضان أو قال بعض التسبيحات وهو يتلاعب بحبات مسبحته أثناء أخذ رشوة أو عقد صفقة مشبوهة .

7 – إن الايمان يعنى الاعتقاد فى الله تعالى وحده بدون ولى أو شفيع ، فهو وحده الولى والشفيع ، والايمان لا يكفى وحده لدخول الجنة حتى لوكان ايمانا حقيقيا ، إذ لابد من اقتران الايمان بالعمل الصالح ، ودائما يتكرر فى القرآن  الكريم لفظ " الذين آمنوا وعملوا الصالحات ". و ليست الاعمال الصالحات  مجرد العبادة ، ولكن تشمل كل عمل نافع للمجتمع ، والعبادات من صلاة وزكاة وصيام وحج وطاعات كلها مجرد وسائل للتقوى ، والله تعالى يقول " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) البقرة ) . والمتقون وحدهم هم الذين يدخلون الجنة : (تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيّاً (63) مريم ).  والتقوى تعنى الخوف من الله تعالى بحيث يحاسب الانسان نفسه فى الدنيا فيبتعد ما أمكنه عن المعاصى من سرقة ورشوة وفواحش وظلم وبغى وكذب . وكل الرسالات السماوية كانت تتلخص فى كلمة واحدة هى التقوى ، والله تعالى يقول : (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنْ اتَّقُوا اللَّهَ  )  (131) النساء  ) .

8 – ولكن العادة السيئة للانسان انه يحبُّ أن يفسد فى الأرض وأن يدخل الجنة أيضا ، ولكى يحقق هذه المعادلة المستحيلة يتطوع بعض الناس بالكذب على الله ورسوله، وينسبون لله ورسوله أحاديث الشفاعات ودخول الجنة بغير حساب او بمجرد النطق ببعض الكلمات والدعوات . وقد تظل تلك الأكاذيب فى طىّ الكتمان لايحس بها احد ، فاذا اتيحت الفرصة لرجال التدين الفاسد أذاعوها على الناس فى وسائل الاعلام ، وحينئذ يسود الفساد ، وتتوزع الاتهامات . ولكن يظل المجرم الحقيقى طليقا ، لأنه سيدنا الشيخ !! )

إنتهى المقال ..وإزداد الفساد إنتشارا .!

ثانيا : مقال ( أخلاق عشوائية   ـ قال الراوي ـ الأحرار بتاريخ : 28 / 2/ 1994  )

( 1 ـ اقتربت قوات الأمن من أحد مساكن الإيواء للقبض على أحد الإرهابيين ، وفى ساعة الصفر اقتحمت المسكن ففوجئت برجلين وامرأتين فى وضع شائن فى غرفة النوم الوحيدة المزدحمة بالأولاد والبنات النائمين أو المتظاهرين بالنوم ، وكانت المفاجأة الأكبر انهما زوجان وزوجتان ولكن فى حالة تبادل للزوجات ، وقالت واحدة منهما للضابط : " أنتم السبب ففى الحمامات المشتركة لم تعد لنا خصوصيات".! أى ضاعت كل الحُرمات ..

2 ــ تذكرت هذه القصة وانا أقرأ العرض المثير للحزن والذي كتبته الأحرار فى 14 فبراير عن المساكن العشوائية بقلم الصحفى عصام كامل .. وزاد فى اللوعة والحزن ما نشرته الأحرار فى نفس العدد وفى الصفحة الاولى عن استرداد الحكومة لعدد (42) سيارة مرسيدس مصفحة للوزراء والكبار ، وتبلغ قيمة السيارة الواحدة 2 مليون جنيه .. ولكل واحدة من أولئك السادة اسطول آخر من السيارات الفارهة . ولكن ميزة السيارة الجديدة أنها ضد الرصاص ، ولكنها لن تكون بالطبع ضد الموت ، والله تعالى يقول : (  أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُّمْ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ  ) (78) النساء )  ويقول : (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (8) الجمعة ). وإذن فالسيارات الجديدة ( بما تكلفه من ملايين من عرق الشعب الكادح ) لا تعطى السادة الحكام إلا بعض الأمن الوهمى.

3 ـ وكان يمكن لكاتب ساذج مثلى أن يطالب بان تتوجه تلك الأموال إلى إصلاح حال المساكن العشوائية التى اصبحت وصمة عار فى وجه مصر، تتضخم يوما بعد يوم إلى درجة استدعت تدخل اليونيسيف لتقديم المساعدات لأهلها . ولكن يبدو أن قلوب الخواجات أرق قلبا من قلوب سادتنا الأكابر ، الذين يعيشون فى أبراج عاجية من شاليهات وقصور ومرسيدس تجعل بينهم وبين الاحساس بالآم المصريين سدا منيعا ..

4 ــ كان يمكن أن نطالب الحكومة بالتقشف بدلا من الإسراف فى فرض المزيد من الضرائب ، ولكنها تتمسك بمنطقها فى أن يتحمل الشعب المطحون إسرافها ، فيزداد دخول الملايين إلى دائرة الفقر والحرمان ، بينما تتمتع الحكومة بالصف الأول فى حجز احداث الموديلات من المرسيدس . ويقال ان ذلك يسبب ضيقا للمسئولين فى الدول التى تعطى المعونات لتصل الجوعى المصريين وهم يرون أن سادة المصريين وحكامهم ينافسون أغنى أغنياء العالم فى الترف والثروة بينما يعيش أغلب المصريين تحت خطر الفقر ..

5 ـ والمشكلة الظاهرة أننا ندخل عصر المساكن العشوائية ؛ فأغلب مساكن القاهرة آيلة للسقوط ، بل إن القاهرة تسبح فوق بحيرة من المجارى،أى أن كل عماراتها مهددة ، واغلب سكان القاهرة ينطبق عليهم وصف " المستورين" أى يعيشون فى ضنك   لا يعلم به إلا الله تعالى ، ولو ـ لا قدر الله ـ سقط المبنى لتحولوا بين يوم وليلة إلى الاقامة فى المساكن العشوائية وتحولوا بالتالى إلى الأخلاق العشوائية ، لأنهم لا يستطيعون شراء شقة جديدة !..

6 ــ ولكن المشكلة الحقيقة أننا نعيش عصر الاخلاق العشوائية .. لقد انتهى الزمن الذى كان المصريون يطلقون على السارق لقب " الحرامى  " المشتق من الحُرمة ، ويقولون عن الانثى الغريبة أنها " حُرمة " من الحرام ، ويحرم النظر إليها ، إلى هذه الدرجة بلغت حساسية المصريين للحرام وبلغ تحذرهم منه . ولكن فى عصرنا الردىء ضاعت كل الحُرمات وكل القيم المصرية الأصيلة. وبانتشار المساكن العشوائية انتشرت معها الاخلاق العشوائية ، بين الحكام والرعاع .!. وإلا فكيف تفسر وجود مئات القرى الساحلية والسياحية وآلاف الشاليهات وآلاف الشقق لأبناء الاكابر فى وقت يعجز فيه الملايين من الشباب عن لقمة العيش وشقة ، وفى الوقت الذى ينحشر فيه اكثر من اسرة فى شقة واحدة أو خيمة واحدة ؟!!

7 ــ كيف ينام واحد من المترفين فى واحد من شاليهاته أو قصوره وينسى آلاف المشردين المصرين بينما يتذكرهم اليونيسيف والاجانب ؟

8 ــ إن أطقم الحراسة والمرسيدس المصفحة لن تجلب الأمن ، فالأمن مرتبط بإصلاح جذرى وإقامة القسط ورفع الظلم واعطاء الحقوق لأصحابها . وإلا فإن الفساد هو الوجه الآخر للإرهاب . وكما نستنكر الإرهاب بكل قوة ، فإننا بكل القوة نهاجم الفساد ولصوص الخمسة نجوم . والإرهاب والفساد عملة واحدة صدرت عن الحكومة ومن انجازاتها .!!.   )

إنتهى المقال ..فهل إنتهى نهب مصر ؟ !!

لن ينته نهب مصر إلا بقيام دولة ديمقراطية علمانية حقوقية فيها . !!

ثالثا :

( قـال الــراوي ) (  لك يوم يا طبلاوي ! ) الأحرار ، بتاريخ ( الإثنين 23 صفر 1412 هـ 2 سبتمير 1991م.)

( 1 ـ " لك يوم يا ظالم" تنهيدة يقولها المصريون .! وكثيرا ما قالوها عبر تاريخهم الطويل . وهم في العادة يقولونها للظالم في موقفين : حين يتجبر عليهم بظلمه ، فيقولون له على سبيل التهديد : " لك يوم يا ظالم " !! وحين يرون مصرعه ونهايته فيقولونها على سبيل التفلسف لا التشفي : " لك يوم يا ظالم" !! .

وكم شهد المصريون مصرع الكثيرين من الظلمة وصاغوا منها تلك الحكمة الخالدة . ومع ذلك فلم يتعظ أحد من الظلمة ويرجع عن ظلمه. ولو فعل لإستراح وأراح وعاش عمره في أمن وأمان وسعادة واطمئنان . ولكن الذي يحدث أن الظالم ينسى ربه المنتقم وهو في أوج نفوذه ، وحين يتخلى عن نفوذه تطارده أشباح المظلومين ولعناتهم ، وتجعل منه عبرة لا يستفيد منها الظلمة اللاحقون مع شدة الأسف. وكم في التاريخ المصري من عبرة .. وكم منا من لا يعتبر !!

2 ـ في العصر المملوكي كان الظلم لا يعرف الحدود لأنه كان يعيش تحت حماية شعار تطبيق الشريعة.  والشريعة الإسلامية بريئة من هذا الإفك . وكان السلطان المملوكي يتخير زبانيته من أرذل الناس ويستخدمهم سوطاً يلهب به ظهر المصريين ، فإذا اشتد ألمهم وصراخهم عاقب السلطان بعض الزبانية وأرضى الناس بتعيين ظالم آخر يكرر نفس الظلم بعد قليل .. وهكذا .. يكسب السلطان دائما، ويصرخ الناس أبداً ، ويتعاقب على ظلم الناس أعوان السلطان،  كل منهم ياخذ دوره وينتهي ، وسط لعنات المظلومين الغافلين عن الظالم الأكبر ، وهو السلطان المملوكي نفسه .

3 ونأخذ مثالاً من التاريخ لبعض الظلمة من زبانية السلطان المملوكي إنه الأمير شهاب الدين أحمد بن الطبلاوي .. أو الطبلاوي ..

* في 21 رجب 810هـ أمر السلطان باعتقال والي القاهرة حسام الدين وصادر أمواله ، وعين مكانه أحمد بن الطبلاوي .

* في 15 ذي القعدة 811 هـ  .. كان أحد الظلمة السابقين يعيش أيامه الأخيرة يقاسي الذل في محنته ويقوم بإذلاله ظالم جديد هو جمال الدين الاستادار . وذلك الظالم السابق هو ابن غراب الذي كانت له صولة في أيامه حين كان وزيراً يتحكم في السلاطين. وبعد أن غربت شمس نفوذه أمر السلطان بأن يتسلمه صاحينا ابن الطبلاوي والي القاهرة ليقوم بتعذيبه .  وقام ابن الطبلاوي بالمهمة خير قيام إلى أن لفظ الوزير السابق ابن غراب أنفاسه تحت التعذيب. وأخرجوه ميتاً من دار ابن الطبلاوي يوم الأربعاء أول ذي الحجة 811هـ .

* وبذلك أدى ابن الطبلاوي المهمة المطلوبة منه للسلطان ، لذا عزله السلطان في 10 ذي القعدة 812 هـ وولى مكانه أحد الأمراء المماليك. ولكن استطاع ابن الطبلاوي أن يقنع السلطان بأنه لا تزال لديه المقدرة على الظلم ، فعينه السلطان  متولياً للقاهرة ، يقوم بمصادرة الأموال  وجمع الضرائب والمكوس.  واجتهد ابن الطبلاوي في إرضاء السلطان وانهمك في ظلم الناس، فعلا أمره حتى ولاه السلطان كاشفاً ــ  أي حاكماً  ــ على الشرقية . ولكن ما لبث أن مل السلطان من ظلمه فأمر باعتقاله وعزله وسلمه للوزير ابن البشيري ليتولى تعذيبه وعقابه !!

* وفي ليلة الخميس 27 ذي القعدة 814 هـ ضرب السلطان عنق ابن الطبلاوي بنفسه. بل قتل السلطان امرأة ابن الطبلاوي لأنها كانت تأتي إليه في السجن . وأمر السلطان أن يوضعا في لحاف واحد وأن يدفنا معاً في قبر واحد !!.

* ويعلق المقريزي على مقتل ابن الطبلاوي – وكان يعيش في عصره – فيقول إن الناس استراحت من ظلمه وفسقه وعتوه .. !!

4 ـ ولم يعتبر بنهاية أحمد بن الطبلاوي أقرب الناس إليه :أخوه (علي بن الطبلاوي) ..

* فقد سعى لأن يكون والياً على القاهرة هو الآخر ، فتولاها في 2 ربيع الآخر 821 هـ . ومارس الظلم حتى منع الناس من دفن موتاهم إلا بإذنه.!

*  وزاد ظلمه حتى ضربه السلطان بالمقارع ثم عزله وضربه  في 11 جمادى الآخرة 823 هـ ،  وأشهره في القاهرة عاري البدن على حمار إلى  أن تسلمه زبانية السلطان ليعذبوه ويستخلصوا منه أمواله .!!

* ونما إلى علم السلطان أنه لا تزال أموال لدى على بن الطبلاوي ،  وأنه لن ياخذها منه إلا بالحيلة ، فأوعز إليه أن يتولى ولاية القاهرة في نظير رشوة. ودفع ابن الطبلاوي 1200 دينار وعاد واليا للقاهرة وهو يمني النفس بأن يسترد هذه الأموال بالظلم . ولكن سرعان ما عزله السلطان بعد شهور  .

* وهكذا كان السلطان يتسلى به، يوليه ويعزله ويضربه ويصادر أمواله وهو لا يتعظ !!   )

ملاحظات :

1 ـ فى نهاية هذا المقال كتبت سطرا واحدا هو ( مصر أغنى بلد فى العالم . وهذه حقيقة يعرفها لصوص مصر جيدا ) . كتبت كل المقال من أجل هذا السطر وحده . وقام رئيس التحرير الاستاذ وحيد غازى بحذف هذا السطر .

2 ـ ولا ألومه .. فالفساد فى مصر كان ـ ولا يزال ـ دولة مهيبة الجانب ، يعززها التعذيب . من العسكر المملوكى فى القرون الوسطى الى العسكر المصرى فى عصرنا البائس . فالمستبد العسكرى المصرى كان ـ ولا يزال ــ  يسرق بيده اليمنى ويقوم بالتعذيب باليد اليسرى ، قهرا للمصريين الشرفاء .

3  ـ فماذا عن التعذيب ؟ 

اجمالي القراءات 7148