هل( يصعد) من الصعود ..

لطفية سعيد في الجمعة ٢٨ - يوليو - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

  
كلمة (صعد)، ومشتقاتها وردت في القرآن سبع مرات  أرى (وهذا رأي خاص بي) أنها  من الصعود ،مادياً كان أو معنوياً .. الأولى جاءت في سورة فاطر، وهي تتحدث عن صعود الكلم الطيب لرب العزة، بصيغة الفعل المضارع ، فالكلم الطيب مستمر في الصعود دون توقف، وهذا يكمن في استخدام الفعل المضارع (يصعد ) ولا يمكن فهم يصعد إلا بمعنى الصعود، نقرأ معاً :  
1ـ مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّـهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَـئِكَ هُوَ يَبُورُ ﴿١٠فاطر﴾
وجاءت أيضا في سورة الجن في الآية رقم 17 فـ (صعد) هنا صفة للعذاب الذي يتعرض له، من يعرض عن ذكر ربه ..فهو يلقى عذابا في صعود مستمر في الزيادة (متصاعد) نقرأ معا ً:   
2ـ لِّنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ۚ وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا (17الجن)
وفي سورة الكهف وردت  (صعيدا ) ًمرتين ،في الآية الثامنة جاءت في الحديث عن الأرض في حالتين ، بدأ الحديث عن الحالة الأولى من حالات الأرض في الآية السابعة،  في  حالة الزينة في الدنيا ،وهي حال اختبار العمل ، والحالة الثانية هي حال التدمبر بطريقة محددة (صَعِيدًا جُرُزًا ) والاستعداد لوقت الحساب اقرأ معي :    
3ـ إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (7) وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا(الكهف 8
وفي الآية  رقم  40 من نفس السورة ( الكهف )والتي تحكي قصة صاحب الجنتين تلك القصة المعروفة والحديث جاء على لسان الصاحب المؤمن، الذي يُذكر صاحب الجنتين بضرورة تذكره لفضل الله  ووجووب حمده وشكره ، لأنه سبحانه المُعطي الذي يستحق الشكر وحده ،اعترافا بالفضل من ناحية  وتوسلاً لاستمرار النعمة من ناحية أخرى ، فمن حق المعطي أن يحطم جنتيه بطريقتين مختلفتين في التدمير ،حسبانا  من السماء فتصبح  أرضها  صاعدة وزلقة (فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا )لا يبقى شيء فيها، وهذا يعيب الأرض نفسها ، أو جفاف الماء لأنه يغور في بطن الأرض .. ولن يستطيع طلبه مهما أُوتي من وسائل .. ونلاىحظ استخدام ( لن) التي تنفي المستقبل مع الماضي طبعا في الحصول على هذا الماء الذي هو حياة الأرض :     
4ـ فَعَسَىٰ رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِّن جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِّنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا (40الكهف) أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا  فَلَن تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا (41الكهف)
والآية الخامسةالتي وردت فيها كلمة( صعد) الآية 43 من النساء والتي تتحدث عن النهي عن القرب من الصلاة في حالة الغفلة وانشغال العقل عما يقال أثناء الصلاة وأيضا عن الطهارة التي هي شرط أساس للدخول في الصلاة ومصطلحنا ( صعيداً طيباً ) جاء في كوسيلة للتيمم  وهو مما يصعد من هواء طيب كبديل للماء في حالة عدم وجوده أو تعذر استعماله ..    
5ـ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغْتَسِلُوا ۚ وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا (النساء43
والآية السادسة تتحدث عن حالة شعورية ،ولكن تتضح سماتها على الوجة جلية واضحة تفرق الآية بين حالين انشراح الصدرالذي يقابله ضيق وحرج ، وتشبيه للحالة الضيقة هذه كأنما يصعد الإنسان إلى السماء بعكس جاذبية الأرض)  صعود  اجباري  يبدو ثقله  في التضعيف(يَصَّعَّد )ُ    
6ـ فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ ۖ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ ۚ كَذَٰلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى 
الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ(125الأنعام)
والآية السابعة والأخيرة 153 من سورة آل عمران ، تتحدث عن الفشل والنزاع بعد ما  قرب وقوع النصر ،وهذا النزاع قد أعقبه غما قد زاد حدته تصاعداً وكان في تصاعده هذا ينأى عن توجيهات الرسول الكريم  ( تصعدون ولا تلوون على أحد )  وزاد على  الغم الذي هو اختياراً لهم متصاعدا غما إضافيا عقابا من الله لأنهم قد انحرفوا عن توجيهات الرسول لهم بعدم الحزن على ما فاتهم ولا ما أصابهم،  ودعوته لهم بضرورة العمل للآخرة ،وليس فقط ما يخص الدنيا وجمع الغنائم  ..        
7ـ وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ ۚ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الْآخِرَةَ ۚ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ ۖ وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ ۗ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (152) ۞ إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَىٰ أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِّكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ ۗ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ  
 (آل عمران153)
وبعد هذه قراءة خاصة لهذه الآيات كان العمدة فيها هو  التدبر للفظ : (صعد ) في القرآن ، أرجو أن تكون خطوة على الطريق ، وكلي قناعة أنها وجهة نظر شخصية، يشوبها التقصير والنقصان.. راجية من المولى عز وجل أن يتقبل صلاتي ودعائي ويفتح لنا نور علمه ومعرفته ، إنه سبحانه سميع الدعاء ..  
اجمالي القراءات 12529