الفرق بين الحكم الشرعي والرأي الشخصي

سامح عسكر في الإثنين ٢٩ - مايو - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

لا يوجد شئ إسمه.."حكم شرعي"..خارج القرآن الكريم

كل الآراء دون كتاب الله هي آراء شخصية بما فيها (الأحاديث -التفاسير- الفتاوى ) والقول أن إحدى هذه الأشياء حكم شرعي هو تجني على الدين وإنزال صفة العصمة والقدسية على آراء الناس..

حتى القرآن أحكامه ليست جميعها مطلقة..منها مقيد كقطع يد السارق مثلا، مع الاختلاف فيه سواء كان قطع معنوي أو حقيقي ، بتر كامل للعضو أم تشويه، لكن الغرض منه في النهاية هو (الردع) والدين لا يضع الأساليب في ذاتها غايات..قد تتنوع الأساليب لكن الغاية واحدة..مثال قصة يوسف لم يكن فيها قطع لليد بل ذكر القرآن عقوبة السجن بالإقرار دون إنكار

حتى القطع كان ثقافة قديمة تطورت من عقوبات أقدم للسارق مثلا عند السومريين والفراعنة روي أن عقوبة السرقة قد تصل للإعدام، وأحيانا الجلد وتشويه الأعضاء..الآن الوضع اختلف وتطورت العقوبات حتى وصلت لمستوى جيد من حقوق الإنسان، أي لا يمكن القول بأن قطع يد السارق عقوبة شرعية أو إلهية..هذه قد تناسب زمان وأعراف البدو في شبه الجزيرة منذ 1400 عام..

بالمناسبة: القول بأن قطع يد السارق فرض يتم تعطيله في زمن المجاعة هو غير صحيح، اجتهاد عمر بن الخطاب بتعطيل الحد في عام الرمادة هو(رؤية شخصية) وليس حكم شرعي، أي لا نص إلهي بتشريعه كقانون، ولو ما فعله عمر كان إلهيا فيجب إطلاق سراح الحرامية الآن من السجون، فأكثرية بلاد العرب الآن في أزمات مالية وبعضهم وصل لحد المجاعة، وعدم سجن المذنب يحوّل المجتمع لغابة يقتل فيها القوي الضعيف..

رواية تعطيل عمر لحد السرقة استدلوا بها لتقنين الحد وزيادة الالتزام به ..هذه خرجت من عقل كان يرى فعل عمر (إلهيا) يتضمن في نفس الوقت اعتراف بوحشية العقوبة وضررها على المجتمع، ثم من يحدد إذا كانت هذه مجاعة أم لا؟..بعض شيوخ السلطان في الدولة المملوكية اعتبر المجاعات تقصير من العامة وإنفاق على الحشيش بدل من الطعام، الآن سيخرج واحد من إياهم ليقول نفس الكلام ويُحمّل الشباب مسئولية المجاعة بإنفاقهم على المحمول والسجائر والبانحو..!

ثم لو كانت الحدود في ذاتها غاية لقضت على الجريمة، لكن هذه وسيلة، والثابت تاريخيا أن كل الدول التي طبقت الحدود زاد فيها حجم الجرائم، صدام حسين قطع يد السارق عام 94، باكستان وموريتانيا والسودان وإيران والسعودية دول يطبق فيها الحدود حتى الآن، لكن مع ذلك سجلت في السعودية 38 حالة سرقة سيارات يوميا أي بمعدل 1200 سيارة شهريا، هذه سرقة السيارات فقط غير المسجل..باكستان وصل فيها عدد السرقات عام 2005 أكثر من 90 ألف حالة سرقة في العام..إحسب معي كم يد سيقطعونها؟...هذه لا تكفي الشعب كله..

بينما على النقيض أنظر لحجم السرقة في السويد والدول الاسكندنافية..هذه لا تطبق الحدود، لكن بالعلم وصلوا لثقافة ترتقي بالمجتمع ويقل معها حجم التجاوز، فعلاج الخطأ ليس بالضرورة خطأ مثله..

المصيبة في قول أحدهم بالحكم الشرعي قد تصل لحد إنكار القرآن لصالح فتاوى الشيوخ، وهو تعطيل متعمد للنص المقدس شاع في زمن الدولة الأموية والعباسية وتوارثناه حتى أصبح (حكم سلف) يحرم الخروج عليه والطعن فيه بمثابة إنكار معلوم من الدين بالضرورة، ومذهب السلفيين شائع بنسخ الحديث للقرآن وهو أحد أوجه الطعن في كتاب الله وتحريف الدين لصالح أقوال البشر.
اجمالي القراءات 10869