الجنة بالعمل وليست بالرحمة:
بسم الله الرحمن الرحيم
كنتيجة حتمية لتقديمهم فقه الرواية على فقه الآية، فإنهم يرون أنه لن يدخل أحدنا الجنة بعمله ولكن يدخلها برحمة الله، نعم جميعنا مُترقِّبُون لأمر الله ونبذل قصارى جهدنا لنصل لرضوانه، لكنه - سبحانه وتعالى - لم يجعل دخول الجنة ضربة حظ، وإنما وضع قانونا لدخولها، فجعل مصير الإنسان بالآخرة مُتوقّفاً على عملِه في الدنيا.
أما الرحمة فقد أنزلها الله فعلاً وقررها لنا، وذلك بالدنيا حال الحياة، فالحسنة بعشر أمثالها فذلك من الرحمة، ومحو الحسنات للسيئات من الرحمة، ومن هَمَّ بسيئة فلم يعملها كُتِبَت له حسنة من الرحمة، وقبول استغفار العبد حتما من الرحمة، وقبول توبة التائب من الرحمة، وتبديل السيئات لحسنات من الرحمة، والسماح بمجادلة العبد لله يوم القيامة من الرحمة، والميزان من الرحمة، لأنه لا يستوي الذين يعملون والذين لا يعملون، وأهل الأعراف يدخلون الجنة برحمة الله، فهؤلاء هم الفئة الوحيدة التي ستدخل الجنة برحمة الله.
وحتى تتبين أنك لن تدخل الجنة إلا بعملك .....فتدبر قوله تعالى:
1. [هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ]... [النمل:90].
2. [وَلا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ]... [يـس:54].
3. [وَمَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ]... [الصافات: 39].
4. [الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ]... [الجاثـية:28].
5. [إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ]... [الطور:16].
فما رأي القارئ في كلمة [إلاّ] الواردة بالآيات السابقات، إنها تحصر الفئة التي ستدخل الجنة فيمن يعملون، إلا إنهم يُصرون على اتباع مدسوسات الروايات المنسوبة زورًا لسيد الأولين، لا لشيء إلا لأنها وردت بكتب الصحاح التي يقدسونها، بل يقدمون أحكامها على حكم القرءان الواضح الجلي. فها هو الله يقول في قرءان نتلوه دون تدبر قائلاً:
1ـ {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى}النجم31.
2ـ {لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ} الزمر35.
3ـ {لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} النور38.
4ـ {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزيدُهُم مِّن فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنكَفُواْ وَاسْتَكْبَرُواْ فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلُيمًا وَلاَ يَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ اللّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيرًا} النساء173.
5ـ {وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى{39} وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى{40} ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاء الْأَوْفَى{41} النجم.
6ـ {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ{73} وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاء فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ{74} الزمر 73،74.
7ـ {وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيرًا} النساء124.
8ـ {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} النحل97.
9ـ {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَاباً مِّن عِندِ اللّهِ وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ} آل عمران195.
10ـ{فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شيئاً وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} يس54.
فهل بعد كل هذه الآيات التي تثبت بأن العمل وحده هو سبب دخول الجنة، نكفر بها ونتبع فهم حديثاً واحدًا لمن قالوا بأننا ندخل الجنة برحمة الله؟، وتجدهم يتلمسون لفهمهم أدلة من الضلال ليقنعوا الناس، فيحاسبونهم قائلين أين شكر نعمة البصر، وأين شكر نعمة السمع؟ ...و...و...، وكأن الله سيحاسبنا على نعمة الهضم، وإفرازات الغدد الصماء، لكنها دروب أهل التبرير والجدال الذين أشركوا رسول الله مع الله في الحكم.
وهم يقولون بأن رحمة الله ستطالك بالآخرة وهذا من الخرف، ويعمدون إلى تضخيم دور الشفاعة، كل ذلك لأجل خدمة المفهوم التراثي عن السُّنَة مهما خالف القرءان، فالقرءان بنظرهم يمكن التلاعب به طالما هم مع السُنّة، وما أرى ذلك إلا وحي الشياطين.
ولو كان أمر دخول الجنة موكول إلى رحمة الله، لكان أمر دخول النار موكول لنقمته، ولتوارت العدالة بين الرحمة والنقمة، تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا، لكن ولحساسية ذلك الموضوع، وإذا كان هذا المعتقد صحيحا فلماذا يكون تطاير الكتب، واستلام البعض لها باليمين، وآخرين بالشمال، والبعض يتسلمها من وراء ظهره.
وهناك مخابيل يقولون [انهم سيدخلون الجنة بالرحمة ] لأنهم لا يستطيعون تأدية شكر الله على كل نعمه....وهؤلاء أيضا أصابتهم البلاهة ........إذ أن السمع والبصر والفؤاد إنما هي وسائل الوعي وبغيرها لا تكون مكلفا من الأصل.....ولن يحاسبك الله على نعمة الهضم ونعمة الجهاز الدوري وإخراج الفضلات فكلها أجهزة لازمة لحياتك وبغيرها لم يحاسبك الله لأنك ستكون ميتا....وهناك عبادا استطاعوا أن يكونوا من الشاكرين لكنهم لم يفهموا ذلك الفهم السقيم.
ولماذا يكون الميزان؟، ولن تكون هناك فائدة لصراطهم المزعوم إلا للوقــوع في النار، ولماذا سيكون مع كل نفس ســائق وشــهيد؟، ولن تكون هناك جدوى لكلام وشــهادة الجلود والأيـدي والأرجل على العبد إلا لدخول النار، ولماذا ستبيض وجوه وتسود وجوه، أتنتهي كل تلك الأحداث لإعلاء رحمة الله التي نعلم تمامًا من قبل أن نموت أنها عالية؟!، أم تنتهي لتأكيد عدل الله المطلق وأنه أحصى علينا السر وأخفى!؟.
أكتب لكم هذا حتى لا تسمحوا لأنفسكم بأن تكونوا مجموعة من المكذبين بآيات الله لذمة مرويات يستحيل أن يقول بها من كان قرءانا يمشي على الأرض ومع هذا تظنون بأنكم مسلمون.....وعليكم أن تعتقدوا بأن دخول الجنة بالعمل وأن دخول النار بالعمل أيضا فليست هناك ضربات حظ لهذا أو أفضلية لذاك ودعكم من مرويات تناهض كلمات الله تضعكم موضع الكافرين بالقرءان.
مستشار/أحمد عبده ماهر
محام بالنقض وباحث إسلامي