فيه ناس أول ما تجيب لهم سيرة إيران يركبهم ستين عفريت
بصوا ياجماعة باختصار
شئنا أم أبينا هذه دولة وشعب عايشين على الكوكب لا يمكن تجاهلهم، ما بالك وأصبحوا أقوياء مؤثرين وفي إيديهم عدة قوى مختلفة من السلاح للجغرافيا للدين والثقافة والسياسة..
تم حصارهم 30 عام واستعدائهم مذهبيا وعرقيا من دول الجوار ومنع السلاح ، وشن حرب عليهم 8 سنين وبطريقة من أقذر ما يكون اجتمع فيها السلاح بالدين بالقومية بالإعلام، ورغم ذلك نجحوا وصنعوا سلاحهم بإيديهم وأصبح جيشهم من أقوى 3 جيوش في المنطقة وبحريتهم الأولى في الشرق الأوسط، واقتصادهم ثاني أكبر اقتصاد بعد السعودية لكن تفوقوا على السعوديين بتنوع مصادر الدخل في الصناعة والزراعة والصحة..
مش زي دول عربية أخرى بعد حصارهم لعدة سنوات باعوا النووي بتاعهم وآخرين أرسلوا جنودهم لليمن طلبا للصفح والغفران، وآخرون دفعوا جزية 100 مليار دولار لشراء أسلحة تكدس في المخازن لا يستفيد بها المواطن رغم فقره
نجح الإيرانيون علميا وطبيا ووصلوا للفضاء، وأجبروا العالم كله على احترامهم ثم الجلوس معهم والتفاوض، لم يتنازلوا عن مبادئهم ولم يفرطوا في كراهيتهم لأمريكا، مش زي دول كتير عربية علشان ينولوا الرضا الأمريكي فرطوا في سلاحهم وثرواتهم وأعراضهم لو لزم الأمر..
هذا نموذج يستحق التوقف والإشادة ، سمعة الإيراني حول العالم أفضل بكثير من سمعة العربي، الأول يُذكر دائما بالنووي والعلم والطب والاعتماد على نفسه ، بينما العربي يُذكر بالإرهاب والعنف والاعتماد على أمريكا..
الحق ما يزعلش..إحنا اللي وحشين وعندنا كمية غرور وعنجهية تكفي لتدمير أعتى الدول..
أما نظامهم الديني فأختلف معه باعتباره يعطي الدولة صفة مذهبية، و بخس حقوق السنة في الترشح للرئاسة، علاوة على مواد وقوانين مقيدة للحريات..وملفهم في حقوق الإنسان مش نضيف مع زيادة أرقام الإعدام ..زي الصينيين والسعوديين ، لكن المتابع للشأن الإيراني الداخلي يلاحظ توجه عام للإصلاح والتخلص من هذه السلبيات..فبدلا من تشجيعهم للإصلاح نقوم نحرض عليهم ونقوّي موقف المتشددين وتنعدم فرص العدالة..
كذلك سياساتهم الخارجية بها لمحة طائفية واضحة ، وعندهم قصور في فهم أيدلوجيا العرب..دعموا الإخوان في مصر باعتبارهم داعمين لمبدأ ولاية الفقيه، ثم اكتشفوا إنهم وهابيين فجأة، وهذا دليل إن ثقافتهم بحاجة لتطوير..أخطأوا حساباتهم أكثر من مرة وظنوا إن الثورات العربية كانت تخدمهم..مش عارفين كم الاختراق الوهابي والتعصب القومي المنتشر عربيا آخر 40 سنة..
مع ذلك لديهم تعايش مذهبي وديني رائع، وأهل السنة عندهم ممثلين في مجلسي الشورى والخبراء أهم مجالس نيابية منتخبة ، وباعتبار أن مجلس الخبراء ينتخب المرشد فأهل السنة هناك يساهمون في انتخاب المرشد ودعم ولاية الفقيه..مش زي ما بنصور هنا في إعلامنا أن هناك اضطهاد يحدث لهم، هذا غير صحيح..يوجد تقصير في نسبة التمثيل السياسي بالضبط كأوضاع المسيحيين في مصر..لكن فارق إن عندهم مفيش حوادث عنف مذهبية زي اللي بتحصل في مصر للأقباط، ولم تسجل في إيران أي حادثة عنف مذهبي منذ عقود..
أما من يستهين بالحرب مع إيران ويظن أنها نزهة، هذه الدولة كانت سبب في سقوط أكبر إمبراطوريات العالم في هذا التوقيت وهي (الدولة العثمانية) خاضت معاها 10 حروب كاملة 8 منها في الأسرة الصفوية وواحدة مع سلالة .."كريم خان"..والأخيرة مع سلالة.."قاجار"..بدأت حروب العثمانيين مع الفرس بانتصار عثماني في .."جالديران".. عام 1514 وانتهت بانتصار فارسي في معركة.."أرضروم".. عام 1823 أرضروم، عندهم صبر طويل في الحرب ولا يستسلموا أبدا ولديهم حس سياسي عالي بتشكيل تحالفات وكيفية قراءة الخصوم..
حدث ذلك رغم فارق الإمكانيات، العثمانيون كانوا أكثر عددا وتسليحا ولديهم فارق الحشد المذهبي ودعم أوروبا الغربية، مع العلم إن بداية حروب العثمانيين ضد الصفويين كان سليم الأول على وشك السيطرة على أوروبا ومن ثم التوجه شمالا وشرقا لغزو روسيا، لكن حروبه مع الفرس أضعفت الدولة واضطر لخوض معركة استنزاف طويلة هو وورثته مع شعوب آسيا الوسطى اللي تعاطفوا مع إيران وقتها، ولم تنته حروب العثمانيين مع الإيرانيين إلا بانسحاب العثمانيين من كافة أراضي خراسان وبلاد ما وراء النهرين، ومن يومها بدأ السقوط الفعلي للأتراك..
ولماذا نذهب بعيدا ونموذج صدام حسين ماثل للعيان؟..العراق وقتها اجتمع على دعمه أكثرية العالم أمريكا وأوروبا ومصر ودول الخليج، وكان كان جيشه أقوى جيش عربي ودولته أغنى دولة عربية، بينما إيران كانت فقيرة وقتها وجيشها ضعيف وخارجة من ثورة شعبية، ورغم ذلك فشل صدام حسين في الحرب واستنزفت موارد العراق البشرية والمالية حتى أصبح جيشها لقمة سائغة في فم الأمريكان، وسقطت الدولة بفضل حماقات صدام ولجوءه لخيار الحرب واستهانته بالمجتمع الإيراني وجهله بالتاريخ وتركيبة وثقافة الشعب هناك....
الآن نعيد الكرّة مرة أخرى ويصدق بعض العرب أمريكا ويحشد مذهبيا وعسكريا ضد إيران، ويتمنى أن تتهور إسرائيل من الصبح فتضرب مفاعل بوشهر، وفي ظنه أنها النهاية، بل هي البداية..هذا الشعب عنيد جدا ..والحرب معه ليست خيار..أمريكا لو تيقنت بجدوى الحرب هناك لأشعلتها من الصباح، لكنها تعلم العواقب، ما بالك والفرس أصبحوا أقوى من الماضي وحلفائهم أكثر ونفوذهم أوسع..
بالمناسبة: الفرس لديهم طريقة ذكية جدا في الحرب يمارسوها الآن، مبدأهم.."إهجم على عدوك في مكان غير محروس ولا يتوقع مهاجمته فيه ولا يمكن أن تصل فيه النجدة"..ومعناها دراسة قوى الخصم جيدا ثم تضربه بحيث يفقد القدرة على الشكوى أو حتى تحديد المتهم، بل لو حاول يقاومك يفقد مصادر قوته، والنموذج دا تم تطبيقه في مدينة العوامية منذ أيام، محمد بن سلمان هدد بنقل المعركة إلى أراضي إيران، تصريح ساذج حتى لو ناوي أخطأ بالتصريح، وكان الرد الإيراني انتفاضة في مدينة العوامية السعودية وضرب بمختلف الأسلحة، أصبحت السعودية في مأزق لا هي قادرة على الشكوى ولا هي قادرة على التصعيد خشية حقوق الإنسان..ولا حتى قادرة على اتهام إيران لأن الاتهام جرح لكبرياء بن سلمان وإثبات بطريقة مباشرة أن الذراع الإيراني أطول...
كذلك في اليمن، هي ليست لها نفوذ حقيقي هناك بشهادة أمريكا نفسها، لكن تصريحها بدعم اليمن هو إغراء لآلة الحرب السعودية في التمادي..وهو المطلوب إثباته، يريدون مستنقع سعودي في اليمن يشغلهم عن سوريا والعراق ، بالتوازي تضمن روسيا للإيرانيين تحويل ملف اليمن دوليا إلى .."ملف إنساني"..وقد حدث، واجتماع الأمم المتحدة بالتمويل الإنساني منذ شهور نقلة نوعية في الحرب، وإدانة لقوى العدوان، وإفراغ لمضمون قرار مجلس الأمن بدعم شرعية هادي..أصبحت اليمن ورقة ضغط ضد السعودية فكلما صعد آل سعود من تصريحاتهم قابلهم الإيرانيون بملف اليمن..كأنها ذلة ومسكوها..
هذا الكلام صعب عليك..لا تريد تصديقه..لكنه حقيقة ماثلة أمامك مش هاتقدر تنكرها ، وفي ظنك أنه دعاية للاستسلام أمام قوى الغزو، وهذا غير صحيح، توجد ألف طريقة للتعامل مع إيران ليس من بينها الصراع، في إمكانك احتوائها والانفتاح عليها..هذا يشجع قوى الإصلاح في الداخل ، لكن في المقابل توجد مشكلة مذهبية عند العرب وطريقة تفكير قديمة تمنعهم من الانفتاح، إضافة إلى استسلامهم للدعاية الأمريكية والإسرائيلية ، ودي من بركات التخلف العربي إنهم تابعين وأكبر دليل اجتماع باكر ترامب بالقادة العرب..رغم إنه بعدها بيومين رايح إسرائيل يدشن عمليا نقل سفارة أمريكا للقدس..
كذلك أفضل طريقة للتعامل مع إيران هي حقوق الإنسان، ما المانع من الاعتراف بالشيعة والأقليات الدينية العربية وإعطائهم حقوقهم المسلوبة؟..ما المانع من ميثاق شرف إعلامي يمنع التحريض المذهبي الذي يخدم إيران بالدرجة الأولى؟.. فكل شيعي نؤذيه بالتحريض هو في الحقيقة مشروع موالي لإيران طبقا لنظرية الفراغ، فلو لم يجد هذا المواطن إنصاف من أشقائه في الوطن سيتعاطف مع من ينصفه على بعد مئات الأميال..
مثال ما حدث مع الحوثي، كان جماعة صغيرة وقبيلة لا تتخطى حدود جبال مران في صعدة، لكن اتهامهم والتحريض عليهم مذهبيا وسع من شعبيتهم وأعطى لهم ميل عاطفي للإيرانيين الذين أنصفوهم، والآن سيطروا بشكل شبه كامل على 10 محافظات يمنية..ليست فقط سيطرة عسكرية ولكن أيدلوجية وسياسية وثقافية..هناك نوع من السيطرة متعدد الأبعاد أصبح فيه الحوثي حالة شعبية متوقع أن تستمر لعدة عقود قادمة، والقول أنه جماعة صغيرة أصبح من الماضي.
أما اليوم توجد انتخابات رئاسية إيرانية وذكرهم شئ طبيعي..هناك حدث مهم وتغطية الانتخاب بالرأي والتحليل جزء من معايشة الواقع وألا نعزل نفسنا داخل أقفاص نغمض فيه أعيننا عن رؤية الحقيقة، ولو شايف إيران عدوتك هذا حقك لكن قبل ما تحاربها وفر لنفسك الأجواء الكافية للانتصار، يعني ماينفعش تقول هانتصر على إيران وحجم الفقر عندك تخطى 90% والبطالة 40% من السكان، وجودة التعليم عندك 170 على مستوى العالم..ومركزك العلمي والطبي والفلسفي غير موجود..حتى في خريطة الرياضة..أنت أيضا غير موجود..
الخلاصة: أن الحقد لا ينتج نهضة والكراهية لا تؤدي إلى الخير، صفي قلبك واجعل رد فعلك يوازي قيمة وأفعال الآخرين لا مجرد الانتماء أو الفكر، أنا لم أختلف مع السعوديين بهذا الشكل إلا بعد عدوانهم على اليمن وتماديهم في سوريا، قبل ذلك كنت أنصف الملك عبدالله كثيرا، لا مشكلة عندي في العائلة أو الدين أو ال والعرق..هذه كلها شكليات لا تؤثر ولم يخترها الإنسان..أحاسبك فقط على ما تفعل ومعيار الأخلاق عندي التزامك بها..ومقياس العدل الوحيد أن تعامل الناس كما تحب أن يعاملوك
بصوا ياجماعة باختصار
شئنا أم أبينا هذه دولة وشعب عايشين على الكوكب لا يمكن تجاهلهم، ما بالك وأصبحوا أقوياء مؤثرين وفي إيديهم عدة قوى مختلفة من السلاح للجغرافيا للدين والثقافة والسياسة..
تم حصارهم 30 عام واستعدائهم مذهبيا وعرقيا من دول الجوار ومنع السلاح ، وشن حرب عليهم 8 سنين وبطريقة من أقذر ما يكون اجتمع فيها السلاح بالدين بالقومية بالإعلام، ورغم ذلك نجحوا وصنعوا سلاحهم بإيديهم وأصبح جيشهم من أقوى 3 جيوش في المنطقة وبحريتهم الأولى في الشرق الأوسط، واقتصادهم ثاني أكبر اقتصاد بعد السعودية لكن تفوقوا على السعوديين بتنوع مصادر الدخل في الصناعة والزراعة والصحة..
مش زي دول عربية أخرى بعد حصارهم لعدة سنوات باعوا النووي بتاعهم وآخرين أرسلوا جنودهم لليمن طلبا للصفح والغفران، وآخرون دفعوا جزية 100 مليار دولار لشراء أسلحة تكدس في المخازن لا يستفيد بها المواطن رغم فقره
نجح الإيرانيون علميا وطبيا ووصلوا للفضاء، وأجبروا العالم كله على احترامهم ثم الجلوس معهم والتفاوض، لم يتنازلوا عن مبادئهم ولم يفرطوا في كراهيتهم لأمريكا، مش زي دول كتير عربية علشان ينولوا الرضا الأمريكي فرطوا في سلاحهم وثرواتهم وأعراضهم لو لزم الأمر..
هذا نموذج يستحق التوقف والإشادة ، سمعة الإيراني حول العالم أفضل بكثير من سمعة العربي، الأول يُذكر دائما بالنووي والعلم والطب والاعتماد على نفسه ، بينما العربي يُذكر بالإرهاب والعنف والاعتماد على أمريكا..
الحق ما يزعلش..إحنا اللي وحشين وعندنا كمية غرور وعنجهية تكفي لتدمير أعتى الدول..
أما نظامهم الديني فأختلف معه باعتباره يعطي الدولة صفة مذهبية، و بخس حقوق السنة في الترشح للرئاسة، علاوة على مواد وقوانين مقيدة للحريات..وملفهم في حقوق الإنسان مش نضيف مع زيادة أرقام الإعدام ..زي الصينيين والسعوديين ، لكن المتابع للشأن الإيراني الداخلي يلاحظ توجه عام للإصلاح والتخلص من هذه السلبيات..فبدلا من تشجيعهم للإصلاح نقوم نحرض عليهم ونقوّي موقف المتشددين وتنعدم فرص العدالة..
كذلك سياساتهم الخارجية بها لمحة طائفية واضحة ، وعندهم قصور في فهم أيدلوجيا العرب..دعموا الإخوان في مصر باعتبارهم داعمين لمبدأ ولاية الفقيه، ثم اكتشفوا إنهم وهابيين فجأة، وهذا دليل إن ثقافتهم بحاجة لتطوير..أخطأوا حساباتهم أكثر من مرة وظنوا إن الثورات العربية كانت تخدمهم..مش عارفين كم الاختراق الوهابي والتعصب القومي المنتشر عربيا آخر 40 سنة..
مع ذلك لديهم تعايش مذهبي وديني رائع، وأهل السنة عندهم ممثلين في مجلسي الشورى والخبراء أهم مجالس نيابية منتخبة ، وباعتبار أن مجلس الخبراء ينتخب المرشد فأهل السنة هناك يساهمون في انتخاب المرشد ودعم ولاية الفقيه..مش زي ما بنصور هنا في إعلامنا أن هناك اضطهاد يحدث لهم، هذا غير صحيح..يوجد تقصير في نسبة التمثيل السياسي بالضبط كأوضاع المسيحيين في مصر..لكن فارق إن عندهم مفيش حوادث عنف مذهبية زي اللي بتحصل في مصر للأقباط، ولم تسجل في إيران أي حادثة عنف مذهبي منذ عقود..
أما من يستهين بالحرب مع إيران ويظن أنها نزهة، هذه الدولة كانت سبب في سقوط أكبر إمبراطوريات العالم في هذا التوقيت وهي (الدولة العثمانية) خاضت معاها 10 حروب كاملة 8 منها في الأسرة الصفوية وواحدة مع سلالة .."كريم خان"..والأخيرة مع سلالة.."قاجار"..بدأت حروب العثمانيين مع الفرس بانتصار عثماني في .."جالديران".. عام 1514 وانتهت بانتصار فارسي في معركة.."أرضروم".. عام 1823 أرضروم، عندهم صبر طويل في الحرب ولا يستسلموا أبدا ولديهم حس سياسي عالي بتشكيل تحالفات وكيفية قراءة الخصوم..
حدث ذلك رغم فارق الإمكانيات، العثمانيون كانوا أكثر عددا وتسليحا ولديهم فارق الحشد المذهبي ودعم أوروبا الغربية، مع العلم إن بداية حروب العثمانيين ضد الصفويين كان سليم الأول على وشك السيطرة على أوروبا ومن ثم التوجه شمالا وشرقا لغزو روسيا، لكن حروبه مع الفرس أضعفت الدولة واضطر لخوض معركة استنزاف طويلة هو وورثته مع شعوب آسيا الوسطى اللي تعاطفوا مع إيران وقتها، ولم تنته حروب العثمانيين مع الإيرانيين إلا بانسحاب العثمانيين من كافة أراضي خراسان وبلاد ما وراء النهرين، ومن يومها بدأ السقوط الفعلي للأتراك..
ولماذا نذهب بعيدا ونموذج صدام حسين ماثل للعيان؟..العراق وقتها اجتمع على دعمه أكثرية العالم أمريكا وأوروبا ومصر ودول الخليج، وكان كان جيشه أقوى جيش عربي ودولته أغنى دولة عربية، بينما إيران كانت فقيرة وقتها وجيشها ضعيف وخارجة من ثورة شعبية، ورغم ذلك فشل صدام حسين في الحرب واستنزفت موارد العراق البشرية والمالية حتى أصبح جيشها لقمة سائغة في فم الأمريكان، وسقطت الدولة بفضل حماقات صدام ولجوءه لخيار الحرب واستهانته بالمجتمع الإيراني وجهله بالتاريخ وتركيبة وثقافة الشعب هناك....
الآن نعيد الكرّة مرة أخرى ويصدق بعض العرب أمريكا ويحشد مذهبيا وعسكريا ضد إيران، ويتمنى أن تتهور إسرائيل من الصبح فتضرب مفاعل بوشهر، وفي ظنه أنها النهاية، بل هي البداية..هذا الشعب عنيد جدا ..والحرب معه ليست خيار..أمريكا لو تيقنت بجدوى الحرب هناك لأشعلتها من الصباح، لكنها تعلم العواقب، ما بالك والفرس أصبحوا أقوى من الماضي وحلفائهم أكثر ونفوذهم أوسع..
بالمناسبة: الفرس لديهم طريقة ذكية جدا في الحرب يمارسوها الآن، مبدأهم.."إهجم على عدوك في مكان غير محروس ولا يتوقع مهاجمته فيه ولا يمكن أن تصل فيه النجدة"..ومعناها دراسة قوى الخصم جيدا ثم تضربه بحيث يفقد القدرة على الشكوى أو حتى تحديد المتهم، بل لو حاول يقاومك يفقد مصادر قوته، والنموذج دا تم تطبيقه في مدينة العوامية منذ أيام، محمد بن سلمان هدد بنقل المعركة إلى أراضي إيران، تصريح ساذج حتى لو ناوي أخطأ بالتصريح، وكان الرد الإيراني انتفاضة في مدينة العوامية السعودية وضرب بمختلف الأسلحة، أصبحت السعودية في مأزق لا هي قادرة على الشكوى ولا هي قادرة على التصعيد خشية حقوق الإنسان..ولا حتى قادرة على اتهام إيران لأن الاتهام جرح لكبرياء بن سلمان وإثبات بطريقة مباشرة أن الذراع الإيراني أطول...
كذلك في اليمن، هي ليست لها نفوذ حقيقي هناك بشهادة أمريكا نفسها، لكن تصريحها بدعم اليمن هو إغراء لآلة الحرب السعودية في التمادي..وهو المطلوب إثباته، يريدون مستنقع سعودي في اليمن يشغلهم عن سوريا والعراق ، بالتوازي تضمن روسيا للإيرانيين تحويل ملف اليمن دوليا إلى .."ملف إنساني"..وقد حدث، واجتماع الأمم المتحدة بالتمويل الإنساني منذ شهور نقلة نوعية في الحرب، وإدانة لقوى العدوان، وإفراغ لمضمون قرار مجلس الأمن بدعم شرعية هادي..أصبحت اليمن ورقة ضغط ضد السعودية فكلما صعد آل سعود من تصريحاتهم قابلهم الإيرانيون بملف اليمن..كأنها ذلة ومسكوها..
هذا الكلام صعب عليك..لا تريد تصديقه..لكنه حقيقة ماثلة أمامك مش هاتقدر تنكرها ، وفي ظنك أنه دعاية للاستسلام أمام قوى الغزو، وهذا غير صحيح، توجد ألف طريقة للتعامل مع إيران ليس من بينها الصراع، في إمكانك احتوائها والانفتاح عليها..هذا يشجع قوى الإصلاح في الداخل ، لكن في المقابل توجد مشكلة مذهبية عند العرب وطريقة تفكير قديمة تمنعهم من الانفتاح، إضافة إلى استسلامهم للدعاية الأمريكية والإسرائيلية ، ودي من بركات التخلف العربي إنهم تابعين وأكبر دليل اجتماع باكر ترامب بالقادة العرب..رغم إنه بعدها بيومين رايح إسرائيل يدشن عمليا نقل سفارة أمريكا للقدس..
كذلك أفضل طريقة للتعامل مع إيران هي حقوق الإنسان، ما المانع من الاعتراف بالشيعة والأقليات الدينية العربية وإعطائهم حقوقهم المسلوبة؟..ما المانع من ميثاق شرف إعلامي يمنع التحريض المذهبي الذي يخدم إيران بالدرجة الأولى؟.. فكل شيعي نؤذيه بالتحريض هو في الحقيقة مشروع موالي لإيران طبقا لنظرية الفراغ، فلو لم يجد هذا المواطن إنصاف من أشقائه في الوطن سيتعاطف مع من ينصفه على بعد مئات الأميال..
مثال ما حدث مع الحوثي، كان جماعة صغيرة وقبيلة لا تتخطى حدود جبال مران في صعدة، لكن اتهامهم والتحريض عليهم مذهبيا وسع من شعبيتهم وأعطى لهم ميل عاطفي للإيرانيين الذين أنصفوهم، والآن سيطروا بشكل شبه كامل على 10 محافظات يمنية..ليست فقط سيطرة عسكرية ولكن أيدلوجية وسياسية وثقافية..هناك نوع من السيطرة متعدد الأبعاد أصبح فيه الحوثي حالة شعبية متوقع أن تستمر لعدة عقود قادمة، والقول أنه جماعة صغيرة أصبح من الماضي.
أما اليوم توجد انتخابات رئاسية إيرانية وذكرهم شئ طبيعي..هناك حدث مهم وتغطية الانتخاب بالرأي والتحليل جزء من معايشة الواقع وألا نعزل نفسنا داخل أقفاص نغمض فيه أعيننا عن رؤية الحقيقة، ولو شايف إيران عدوتك هذا حقك لكن قبل ما تحاربها وفر لنفسك الأجواء الكافية للانتصار، يعني ماينفعش تقول هانتصر على إيران وحجم الفقر عندك تخطى 90% والبطالة 40% من السكان، وجودة التعليم عندك 170 على مستوى العالم..ومركزك العلمي والطبي والفلسفي غير موجود..حتى في خريطة الرياضة..أنت أيضا غير موجود..
الخلاصة: أن الحقد لا ينتج نهضة والكراهية لا تؤدي إلى الخير، صفي قلبك واجعل رد فعلك يوازي قيمة وأفعال الآخرين لا مجرد الانتماء أو الفكر، أنا لم أختلف مع السعوديين بهذا الشكل إلا بعد عدوانهم على اليمن وتماديهم في سوريا، قبل ذلك كنت أنصف الملك عبدالله كثيرا، لا مشكلة عندي في العائلة أو الدين أو ال والعرق..هذه كلها شكليات لا تؤثر ولم يخترها الإنسان..أحاسبك فقط على ما تفعل ومعيار الأخلاق عندي التزامك بها..ومقياس العدل الوحيد أن تعامل الناس كما تحب أن يعاملوك