لا بد من نقد الحدث التأريخي
التأريخ و محور النقد !

سعيد علي في الخميس ٢٠ - أبريل - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

العالم العربي لم يعرف التعليم النظامي بمدارسه و مناهجه و معلميه إلا بعد سقوط الدولة العثمانية في بدايات القرن العشرين و تفاوت تطبيق هذا النظام التعليمي بالشكل الحالي بين دولة و أخرى بحسب الإستعمار و استقلال تلك الدول تباعا هذا مع الإعتراف بأن بعض الدول المستعمرة – بكسر الميم – ساهمت بفرض التعليم و كمثال لذلك الإستعمار الفرنسي في تونس و الذي ألزم أولياء الأمور بضرورة تعليم ابنائهم و ارسالهم للمدارس .
و أنتشر التعليم في ربوع الوطن العربي و بدأ الناس يهتمون بالتعليم و بقيمة – الشهادة – الدراسية و استقلت الدول العربية و قامت حكومات وطنية فيها و كان التعليم من أولى أولوياتها فبنت المدارس و أهلت المعلمين و طبعت الكتب الدراسية و أوجدت مناهج للتعليم .
و هنا تكمن بداية تشكيل العقل العربي – الحديث !! - و تقزيمه !! و تدجين مستوى التفكير فيه فيما يخص التأريخ و كيف ساهم محتوى تلك المناهج و ما فيها من قصص و خرافات و أكاذيب من قولبة السلوك العام للمواطن العربي بحيث يصبح تفكيره فيما يخص التأريخ واحدا ثم ما لبث أن تحول هذا التأريخ إلى أسلوب حياة ثم تحوله إلى – دين – و تحول تلك الشخصيات التأريخية إلى قدوة يحتذى بها و تجريم من ينتقدها !! و تعظيم ما قامت به من أفعال في حالة غريبة و تشبه إلى حد كبير عملية غسيل للدماغ العربي و بشكل ممنهج بحيث أصبح من الصعوبة بمكان نقد التأريخ !! و بحيث أصبحت الخرافة حقيقة !! و بحيث أصبح اللامعقول معقولا !! .
أجيالا كثيرة نشأت على الفخر بما قام به صحابة الفتوحات تمثل هذا الفخر في تسميه أبنائهم بأسماء تلك الشخصيات التاريخية التي لو قام فريق محايد لا ينتمي إلى أي دين و قيّم ما قامت به من حروب و دمار و سبي و إنتهاك لحرية الإنسان لكانت أبسط التهم هي ( الإبادة الجماعية ) !! و تمثل الفخر و الإعتزاز بتلك الشخصيات كذلك في تسميه المرافق من مساجد و جوامع و جامعات و كليات و مستشفيات و حتى شوارع .
ومن العجيب أن يفتخر أبناء تلك البلاد بشخصيات قامت بإحتلال بلدانهم و إباده أجدادهم و نهب ثرواتهم و من العجيب كذلك أن تظل تلك الشخصيات التاريخية محل – تقديس – في قلوبهم و عقولهم بحيث إذا ذُكرت لا بد و أن تتبعها بكلمات و عبارات من التمجيد و التقديس !!
لنرجع إلى سنوات ليست بالبعيدة و هي السنوات التي بدأت فيها وزارات التربية و التعليم في العالم العبي بطباعة مناهج التربية الإسلامية و التأريخ و كيف تم إختيار مواضيع تلك المواد و ما هي الآلية الممنهجة في الإختيار و ما هو الهدف الرئيسي الفلسفي من إختيار نوعية تلك الأحداث التأريخية و هل تم مراجعة تلك الأحداث و التحقق منها لا سيما و فيها ما فيها من الخرافة و الكذب !!
هل عرف أولياء الأمور أنهم يجهزون فلذات أكبادهم صباح كل يوم و يحثوهم على طلب تعلم ( الخرافة و الظلم و الإستبداد و الكراهية ) !! ليعودوا و قد تم بذر بذور الكراهية و كره الحياة عموما و الفخر بمن قام بقتل الالاف لإختلاف في الرأي !! ثم لم يدعوا لهذا العقل العربي المسكين من برهة للإستراحة و أخذ نفس للتفكير !! بل أتبعوه في المساجد من خلال – الدروس – و خطب الجمعة الأسبوعية و هم يبثون فيهم نفس الأحداث و نفس ذلك التأريخ الملئ بالشخصيات التي رسخت قدسيتها في عقولهم !!!
كم أنت مسكين أيها العقل العربي !!! حتى كتاب ربك العظيم القران الكريم صوروه ككتاب غناء !! و أوهموك بأن قرائته فقط القراءة تأخذ عليها أجرا فقرأته مجرد قراءة دون تدبر و دون منهجية للتدبر ستأخذ الحسنات و اقرأ و رتل – رتل بمعنى تغنى – فمكانك في الجنة يعلو و يرتفع كلما قرأت أكثر و رتلت أكثر و لا أقول – ألم – حرف بل ألف حرف و لام حرف و ميم حرف !!!
في كل تلك المناهج نسوا أن يعلمونا البعد الأهم و هو ( نقد التأريخ ) لذا هم ركزوا على أن هذه المعلومات هي صحيحة و عليك أيها الطالب / المستمع أن تحفظها !! و من ثّم تتشكل في عقلك الباطن على أنها دين ثم عليك تطبيق هذا التأريخ – الدين – في أسلوب حياتك أي أنك تعيد حياة تلك الشخصيات من ظلم و جهل في صورتك أنت بل حتى منظرك و هيئتك الخارجية من الأحسن و المستحسن أن تكون بنفس هيئة و شكل تلك الشخصيات !!!! – أليست هذه عملية غسيل دماغية حقيقية - !!
لم يعلمونا ( نقد التأريخ ) و هو منهج فلسفي حقيقي بأن الأصل هو الشك و من الشك تصل للحق و الحق هو القرآن الكريم و ما دونه ظن و إن الظن لا يغني من الحق شيئا و صدق الحق جل و علا : ( وما يتبع اكثرهم الا ظنا ان الظن لا يغني من الحق شيئا ان الله عليم بما يفعلون ) .
ختاما أقول : لمعرفة التأريخ علينا بقراءه الحدث التأريخي من جهتين : الجهة الأولى هم المنتصرين و الجهة الأخرى هم الخاسرين أو المهزومين ثم نجمع ما كتب هؤلاء و ما كتب هؤلاء متحلين بالأمانة البحثية لنقرر الصورة النهائية للحدث التأريخي .
لدينا القرآن الكريم و هذا القرآن هو الحكم على أفعال الناس و في هذا القرآن الكريم آيات بينات مبينات تقول : ( لا إكراه في الدين ) و تنهى النبي عليه السلام أن يكره أحداً للدخول في الدين : (افانت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ) !! لأنه بكل بساطة لو أراد الحق جل و علا أن يؤمن من في الأرض كلهم لآمنوا و هو القادر جل و علا على ذلك لذلك تبدأ الآية السابقة بالقول : (ولو شاء ربك لامن من في الارض كلهم جميعا افانت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ) .
لنأخذ مثالا و ليس للحصر فتح القدس في زمن الخليفة عمر بن الخطاب عام 16 هـ و نقرأ المصادر الإسلامية العربية و كيف أن هذا الفتح تم بسهولة و يسر !! و لكن هل قرأنا المصادر المسيحية مثلا !!!

اجمالي القراءات 7188