إختلاف مصطلح ( وكيل ) فى ثقافتنا عنها فى القرآن الكريم:
تقول ( وكّلت محاميا ) أى إستأجرته وجعلته نائبا عنك ينوب عنك أمام القضاء . فمصطلح ( وكيل ) هنا يعنى النائب المستأجر الذى يعمل فى خدمة من يعطيه أجرا ، أى هو أجير لديك ، يخدمك ، ويقوم عنك ببعض المهام بحكم تخصصه .
أما ( وكيل ) فى المصطلح القرآنى فهو صفة من صفات الله جلّ وعلا ـ لا يوصف بها غيره ، وبالتالى لها معنى الاهى مختلف عن المفهوم السائد لنفس الكلمة فى ثقافتنا المعاصرة. فالوكيل فى مفهوم القرآن الكريم ـ وهو رب العزّة جل وعلا ـ يأتى من الاستعانة والتوكّل والاعتماد عليه جل وعلا فى الدنيا ، وبمعنى الشاهد والمدافع والنصير يوم الحساب .
الله جل وعلا وحده هو الوكيل
1 ـ الأصل فى دين الاسلام أن الاستعانة لا تكون إلّا بالله جل وعلا . والدين وجهان : إيمان وعبادة ، أو بتعبير سورة الفاتحة عبادة وإستعانة ، والمؤمن يقول فى صلاته وقارءته الفاتحة ( إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) )، أى نعبد الله وحده ، ونستعين به وحده ، وندعوه وحده ، أى نتوكّل عليه وحده .
2 ـ ومن هنا يأتى توكل المؤمنين على الله جلّ وعلا وحده ، ويأتى الاسلوب بالقصر والحصر. والتقديم من وسائل التعبير بالقصر والحصر ، مثل ( إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) )، أى نعبدك وحدك ، ونستعين بك وحدك . ويختلف الحال لو قيل ( نعبد إياك ونستعين بك ) لأنها هنا تفتح المجال للشركاء أو لآخرين ،أى يسمح التعبير بقولك ( نعبد اياك وغيرك ونستعين بك وبغيرك ). هذا ممنوع لغويا حين تقول ( إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) ) فضمير المفعول المنفصل ( إيّاك ) والذى يشير الى رب العزة بالخطاب جاء مقدما على الفعل ( نعبد ) و ( نستعين ) ليفيد الحصر والقصر . ومنه أيضا قوله جلّ وعلا ( وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ (122)آل عمران) ، فقد تقدم الجار والمجرور الذى يخص رب العزة :( وَعَلَى اللَّهِ) ، على الفعل والفاعل ( فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ )أى فعليه وحده يجب أن يتوكل المؤمنون . ومثله قوله جل وعلا أيضا : ( وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ (11)المائدة ).
ـ المؤمنون المتقون هم المتوكلون على الله وحده
1 ـ وقالها النبى يعقوب عليه السلام لأبنائه : ( وَقَالَ يَا بَنِي لا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنكُمْ مِنْ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنْ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُتَوَكِّلُونَ (67) يوسف ) وقالها كل نبى لقومه متوكلا على الله الذى عليه فقط يتوكل ( المتوكلون ): ( وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ (11) وَمَا لَنَا أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُتَوَكِّلُونَ (12) ابراهيم ) . فالمؤمنون هم الذين على الله جل وعلا وحده يتوكلون ، وهؤلاء يحظون بحب الله جل وعلا ، وهذا ما قاله رب العزة لخاتم النبيين بأن يتوكل على الله جل وعلا إذا عزم على تنفيذ أمر : ( فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159) آل عمران ) وإذا أعرض عن أذى وتآمر المنافقين فعليه أن يتوكل على الله جلّ وعلا : ( فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً (81) النساء ).
2 ـ ولأن التوكل على الله وحده من صفات المؤمنين فقد جعله رب العزّة من سمات الايمان الحقيقى والمؤمنين الحقيقيين فقال رب العزة : ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانَاً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (3) الانفال ). ، وهذا ما قيل لبنى اسرائيل حين جبنوا عن دخول الأرض المقدسة : ( قَالَ رَجُلانِ مِنْ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمْ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (23) المائدة )
ـ التوكل على الله جل وعلا عند الشّدة وغلبة الخوف
1 ـ والمؤمن عند الشدة وغلبة الخوف يستعين بالله جل وعلا ، فحسبه ربه جل وعلا . وحدث أن تعرض المؤمنون بعد هزيمة أحد الى حرب تخويف نفسية ولكنهم اعتمدوا على الله جل وعلا وتوكلوا عليه وطاردوا عدوهم. كان أولئك المؤمنون مثقلين بالجراح ، ولكن لم تمنعهم جراحهم الجسدية والنفسية من ملاحقة المشركين الذين خطفوا النصر ثم فروا ، فطاردهم أولئك المؤمنون وقد تغلبوا على الخوف والجراح ، فرجعوا بنعمة من الله جل وعلا وفضل ، وفى ذلك يقول جلّ وعلا عنهم يعطينا درسا فى أن نخافه وحده ونخشاه وحده ونتوكل عليه وحده : (الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174) إِنَّمَا ذَلِكُمْ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِي إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (175) آل عمران ). أى إنهم حين قالوا بصدق وإخلاص ( حسبنا الله ونعم الوكيل ) فقد تغلبوا على مخاوفهم ، واستحقوا النعمة والفضل .
ـ المتوكل على الله حسبه الله ، ويكفيه الله جل وعلا
ومن هنا فكل مؤمن حين يكون الله جل وعلا حسبه وكيلا ونصيرا فلن يخاف من أحد ،وسينجيه الله جل وعلا من كيد أعدائه ، فالله جل وعلا يقول لخاتم النبيين عليهم جميعا السلام عن أعدائه :( وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (61) وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ ..(62) الانفال ) وإذا تخلى عنه انمؤمنون فإن الله جل وعلا يأمر رسوله أن يقول : ( حَسْبِي اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (129) التوبة )
الارتباط بين كون الله جل وعلا وكيلنا وكونه حسبنا لا نبتغى غيره وكيلا
1 ـ تعبير ( حسبنا ) أو ( حسبى ) أى يكفينا ويكفينى ، وبهذا يرتبط هذا المصطلح بكونه جل وعلا وكيلا لا شريك له ، وقد جاء فى هذا قوله جل وعلا للنبى ولنا :( وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ .. (62) الانفال )( حَسْبِي اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (129) التوبة )( وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173)( آل عمران ) (قُلْ حَسْبِي اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ (38))( الزمر ).
2 ـ أن المظلوم يقول عند العجز عن مواجهة الظالم ( حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ )، وقد يقولها وعظا له وتخويفا له بقدرة المنتقم الجبّار الذى يمهل ولا يهمل . وهذا يعكس فهما لمعنى الوكيل الله جل وعلا الذى يستجير به المظلومون .
3 ـ ولكن ويبقى على أولئك المظلومين أن ينصفوا رب العزة فلا يؤمنون بحديث إلا حديث الله جل وعلا فى القرآن ( فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (185)( الأعراف 185،المرسلات 50 ) (تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ (6) وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (7) يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (8) ( الجاثية ). عليهم أن يكفروا بأكاذيب الوحى السّنى والصوفى والشيعى ، وأن ألّا يظلموا رب العزة بالوقوع فى الشّرك ، والشرك ظلم عظيم: ( إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13) ( لقمان ).
ـ الله جلّ وعلا هو الوكيل للنبى
1 ـ أمره ربه جلّ وعلا بتقوى الله واتباع الوحى وبالتوكل على الله ونهاه عن طاعة الكافرين والمنافقين ، وهذا ما جاء فى بداية سورة الآحزاب : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعْ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً (1) وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً (2) وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً (3) )، أى كفى بالله جل وعلا وكيلا للنبى نفسه. وفى مكة كان المشركون يخيفونه بسطوة آلهتهم المزعومة ، فقال له ربه جل وعلا : ( أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ (36) ( الزمر ) .أى فالله جل وعلا يكفيه ويكفى كل مؤمن يكتفى بالله جلّ وعلا وكيلا .
2 ـ وفى حوار المشركين معه وهم يعتقدون بمقدرة أوليائهم وأوثانهم على النفع والضرر أمر الله جل وعلا رسوله أن يحاورهم ويسائلهم ، فهم يؤمنون أن الله جل وعلا هو خالق السماوات والأرض وبالتالى فتلك الآلهة الوهمية لا تستطيع أن تمنع قضاء الله جلّ وعلا وقدره:( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِوَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِي اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِي اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ (38)( الزمر ) . وهو درس لكل من يتقى الله جل وعلا ، أن يتوكل على الله وحده ، وأن يكون حسبه هو الله وعندها يجد العون والرزق من حيث لا يحتسب : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً (3)( الطلاق )
النبى ليس وكيلا
1 ـ ولأن الله وحده هو الوكيل الذى عليه وحده يتوكل المؤمنون والمتوكلون بما فيهم النبى فإن النبى ليس وكيلا عن أحد .
2 ـ ليس وكيلا عن الصحابة ، فقد دافع عن بعضهم دون أن يعرف أنه ظالم فجاءه العتاب والتوضيح ، ومنه قوله جل وعلا : (هَاأَنتُمْ هَؤُلاء جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَن يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً ) ( النساء 109 ).
3 ـ ولن يحمل النبى عن أحد من أصحابه شيئا من حسابه، كما لن يحمل أحد من أصحابه شيئا من حساب النبى يوم القيامة : ( مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِم مِّن شَيْءٍ ) ( الأنعام 52 ).
4 ـ وليس النبى محمد عليه السلام وكيلا عن قريش المكذبين للقرآن الكريم : (وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُل لَّسْتُ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ )(الأنعام 65 ).
5 ـ هذه الحقائق القرآنية الساطعة لا يؤمن بها أغلبية المسلمين السنيين والشيعة والصوفية الذين يختلفون فى كل شىء ولكن يتفقون فى تقديس البشر والحجر والأكاذيب الضالة من الأحاديث الشيطانية والشرائع الابليسية . ويكفى إنهم جميعا يتزاحمون على الرجس المسمى بقبر النبى معتقدين أن النبى تحت الأرض ـ تحت أقدامهم ـ يسمع ويرى ، ويعتقدون أن أعمالهم تعرض على النبى فيستغفر لهم ، أى يكون وكيلا لهم يتوكلون عليه ليدخلوا الجنة ، ولهذا يتزاحمون على قبره لينالوا ـ بزعمهم ـ شفاعته . ويوم القيامة سيرون من الله جل وعلا ما لم يكونوا يحتسبون : (وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَبَدَا لَهُمْ مِنْ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ (47) وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون (48)( الزمر )
إرتباط مصطلح ( الله الوكيل ) بتقرير حرية البشر فى الدين ومسئوليتهم عن إختيارهم فى الدين
1 ـ ليس عليه السلام مسئولا عن هداية أحد أو عن ضلال أحد لأنّ مهمته هى التبليغ فقط ، لذا يقول له ربه جلّ وعلا عن المكذبين العرب : (أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلا ) ( الفرقان 43 )( وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ ) ( الشورى 6 )، ويقول جل وعلا عن الناس جميعا (إِنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ) ( الزمر 41 ).
2 ـ فكل إنسان يتمتع بحرية الاختيار ، وهو مسئول مسئولية شخصية عن هداية نفسه أو ضلالها ،إن إهتدى فلنفسه وإن ضل فعلى نفسه ، وليس النبى مساءلا عن أحد أو مسئولا عن أحد ، فهو عليه السلام مجرد نذير ، والله جل وعلا هو على كل شىء وكيل : ( إِنَّمَا أَنتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ) ( هود 12 ).
3 ـ يكفى أن نتدبر قوله جل وعلا فى سورة الأنعام : ( ذَلِكُمْ اللَّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (102) لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (103) قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (104) وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (105) اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَأَعْرِضْ عَنْ الْمُشْرِكِينَ (106) وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (107). فالله جل وعلا على كل شىء وكيل ، أى شهيد، وهنا المسئولية الشخصية لكل إنسان ، وليس النبى مسئولا عن حد أأحد ، وليس حفيظا على أحد ، ، بل هو عليه السلام كان مأمورا بالإعراض عن المشركين الجاهلين فكيف يرغمهم على إعتناق الاسلام ؟. نرجو تدبر هذه الآيات الكريمة فى ضوء واقعنا البائس حيث يستطيل جهلة وبلطجية وشبيحة السلفية على الناس يمارسون الإكراه فى الدين ، ثم يزعمون أن ذلك هو الاسلام وهو نقيض الاسلام . هذه السلفية السنية هى دين بشرى إخترعه مالك والشافعى وابن حنبل وابن تيمية وابن عبد الوهاب ..هو دين ( حدّ الردة ) ودين ( من رأى منكم منكرا فليغيره ) . وهم يقومون بحمايته بقانون إزدراء الدين (الأرضى ) .!