لكل عربي سيقرأ مقالاتي ، نحن لا نحملكم أوزار أجدادكم " حيث لا تزر وازرة وزر أخرى " ولكن لنقل بأنها شهادة للتاريخ ، شهادة سيأتي يوم القيامة فيها أجدادكم وأجدادنا بصفائح كتبهم وأعمالهم أمام البارئ وهو العلي القدير أعلم بمن اتقى وستجاذل يومها كل نفس عن نفسها !
ولكن من حق أبنائنا وأحفادنا وكل من سيأتون بعدنا أن يعرفوا بأننا لم نسلم ولم نفرط ! قرأنا كل اللغات ولم ننسى ! قُتّـلنا وهُجِّرنا ولم ننسى ، ولن ننسى ! هويتنا تجري مع الدم في عروقنا ، نحن مسلمون لله ، وأمازيغ وطن واحد ، هو شمال إفريقية حتى مالي ، لاتفرقنا الحدود بل تجمعنا الإنسانية ومظلومية عانى منها أجدادنا الأمرين ، من طرف بني أمية وبني العباس حينا ، والاتراك والمستعمر الاوروبي احيانا ! هو هولوكوست على مر التاريخ والأزمان ! دونته جداتنا في خضاب الحناء ، في أغاني الأطفال ومواويل ومراثي الكبار !
حين يكون عمر دويلتك ستون سنة ، ثم تغزو دولة تحتفل بخمسمئة سنة بعد الألف فتظن بأنك ستطمس هويتها فأنت واهم ! قد تكون لك الغلبة العسكرية لأنك دخلت على مدنيين عزل ، فتثخن فيهم وتذبح شيوخهم وتستحيي نساءهم وتستعبد أطفالهم ! ( ما الفرق بينك وبين فرعون موسى؟ )
لكنك أبدا لن تكون بطلا ! بل سفاحا أجيرا عند أسياد يعيشون على أخماسك من النهب والسلب ! أخماس استحلوها باسم الدين والدين منهم براء ! مرتزقة استحلوا أموال وأعراض الغير وعاثوا في الأرض فسادا ! اغتصبوا النساء باسم ملكات الأيمان ، واستعبدوا الولدان لتتحقق لهم جنة الخلد بغلمان يطوفون عليهم بأكواب وأباريق في قصور لن تنقذهم ولم تنقذهم من الإندثار ! فالجنة الأرضية تفنى وماعند الله أبقى وأجل !
هي قصة العرب ، عرب استغلوا دينهم أبشع استغلال ! وجعلوا منه سيفا يقطعون به رقاب البشر ! لم يثنهم عن دمويتهم ووحشيتهم استجداء أم ثكلى أو رضيع يصرخ ! فأجدادهم أدفئوا الأسرى وركبوا على اختلاف اللهجات ! كفنوا نساءهم في مروط سوداء وعروا بنات ونساء أشراف لاذنب لهن سوى أنهن وقعن فريسة لرجال حرفوا دينهم لينكحوا ماطاب لهم من الإماء ! ( فعورة الأمة من السرة إلى الركبة ) !
كان أغلب الأمازيغ مسيحيين ، قاوموا الرومان الذين لم يدينوا بعْدُ وقتها بالمسيحية إلا بعد ثلاثة قرون ! بعد أن رأى الرومان أنه يمكن استعباد الامازيغ بالدين ! قاوم البربر الكنيسة ( ولنقل أن عصر التنوير الذي بدأ في القرن الثامن عشر في أوروبا ، ابتدأ عند الأمازيغ قبل ذلك بقرون ) ! فأصلحوا ما أفسدته الكنيسة الرومانية التي انشقوا عليها واتبعوا المذهب الدوناتي - نسبةً إلى صاحبه دونات الكبير، أسقف الوطنيين، الذي أعلن عدم الاعتراف بأي كاهنٍ مهما علت مرتبته طالما كان مُستكينًا وراضخًا للسُلطات الإمبراطوريَّة، وطلب الاستشهاد في سبيل ذلك واستجاب لهُ كُل السَّاخطين على الإمبراطوريَّة وخاصَّةً من طبقات الكادحين !
حيث عرفوا بفطرتهم ، أن الظلم لا يمكن أن يكون من الدين !
ظن العرب أن كل من يقاومهم كافر ، ولكن ، لنطرح تساؤلا بسيطا ! كيفما كان دينك وكيفما كانت مصداقيته ، ثم تأتي إلى أناس يديون بدين آخر وتريد إقناعهم بدينك ، فإما أن تأتيهم بالأفضل ، أو أن تتركهم يعيشون بأمان وتذهب إلى حال سبيلك !
جئت فوجدت شعوبا وقبائل تدين بأديان مختلفة من مجوسية ويهودية ومسيحية ! ولكل هذه الديانات قيمها ! والأقرب إلى دينك أيها العربي من هذه الاديان الثلاثة هو المجوسية ! لكن لنترك هذا الآن !
تأتي فتجد شعبا يصلي لإله واحد ، وهم اليهود ، وتأتي مصدقا لما بين يدي المسيحيين الأمازيغ ثم تُقتِّلهم رغم ذلك ؟
تقول لهم بأن مريم أم عيسى فيقولون نعم ، تقول لهم بأنها كانت عذراء ولا ينكرون ، ثم تفتض أبكار عذاراهم المتبتلات المسيحيات !
كيف تريد هم أن يصدقوك ؟ تُبَجِّل العذرية وتغتصب العذارى ، تقدس عيسى وتقتل أتباعه ، تفتخر بكرم حاتمك الطائي وتعيب قراهم لأضيافهم ! تطلب خراجهم فيوفون بعهدك ! تمجد الفروسية وتستكثر عليهم إباءهم !
الأمازيغ حاربوا نفاقكم وتناقضكم ولم يحاربوا دينكم ! لأنهم رأوا فيكم كفارا بكل ماتقولون ! لقد رأوا بأنكم تقولون مالاتفعلون ! تحملون رايات سلام فوق رماح تقطر دما ! تقولون شعارات لا تعدو القناعة بها حناجركم ! لقد حاربوكم لأنهم عرفوا حقيقة ماجئتم به !
ونسيتم ما علمه لكم النبي عليه السلام من أن ملك الحبشة ملك لا يُظلم عنده أحد؟ ألم يحمكم عندما كنتم مستضعفين ؟ ألم يجمع شتاتكم بالرغم من الحلف الذي كان يجمعه مع قريش؟ ألم يضمد جراحكم ويعطف على مريضكم ؟
نعم ، الأمازيغ هم الأحباش أيضا في جنوب الصحراء ! نحن لانخجل من أسودنا ولا نفتخر بصفر البشرة منا فكلنا سواء !
آه نسيت ! لم يهمكم الاحباش إلا كزنج يزرعون أراضيكم ، أما شقراوات الأمازيغ ، فجعلتموهن إماء ، حورا عينا في قصور خلفاءكم ! نهبتم زرابي الفرس واستبرقهم وبثثتموها في ثراياكم الحمراء ، سرقتم زمرد بحارهم وأذبتم تيجان ملوكهم لتوزعو ذهبها على رعاع الصحراء وزنادقة بني أمية ! هذا ما فعله العرب باسم الدين والدين منهم براء ! لقد قتلوا احفاد نبيهم ! أبادوهم عن آخرهم ؟ وأخذوا نساءهم سبايا وسط هجير ورمال الصحراء ! هؤلاء كن من آل بيت النبي ! ( اللائي كان عليكم حجبهن ، ولكن من لا غيرة له على عرضه ، لايمكن أن تكون له غيرة على عرض غيره )!
فكيف نرجوا خيرا من هؤلاء !
باسم الله الرحمان الرحيم : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾ .
فهل تركتم لله صلاحياته للبث في هذا يوم القيامة أم اعتديتم على حدود الله مع أنه جل جلاله لا يحب المعتدين ؟
هل مافعلتموه من الدين أم زيغ من الشيطان ؟ أولم يقل لكم عز وجل بأن من يتعدى حدود الله فقد ظلم نفسه ؟ تلك حدود الله ! لكنكم تجاوزتموها وأقحمتم الدين فيها وهو من ذلك براء !
قد يتخيل البعض أنني أدافع هنا عن عنصر أو عرق ، بل أنا هنا أدافع عن دين !
أدافع عن إسلام جاء بقرآن فيه ، " وإن جنحوا للسلم فاجنح لها ". ولقد جنح البربر / الأمازيغ للسلم وجنح العرب للعدوان ! لا يمكنني أن أثق بك وانت تحمل كتابا وتعمل بغير مافيه !
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ ، كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تفعلون ) !
نحن هنا لا نتبلى عليكم ، بل نحاكمكم بكتابكم / كتابنا / كتاب الله !
في الحلقات القادمة سنتحدث عن ملوك الأمازيغ وشعوبهم منذ ماقبل التاريخ وصولا إلى تيهيا ، ملكة الأوراس !
وإن كنا قد أطلنا في هذه المقدمة فلكي نقول بأن الذين يعتبرون بأن البربر دافعوا عن كفرهم فهو واهم ، فالبربر أبناء الكلمة والوفاء بالعهد ( لذلك أحبوا القرآن واعتنقوا الإسلام بعد ذلك لأنهم لم يتنافى مع أخلاقهم ) أما العرب فقد فهموا التقية على أنها مراوغة كل خلق الله ونفاقهم ! لذلك ، لم يثق الأمازيغ أبدا بالعرب ، برغم دخولهم الإسلام ، لقد اعتنقوا دينا ، و لم يحترموا أبدا من جاء به ( العرب الغزاة ) ! فقد أتوهم بكتاب وفعلوا غير ما يأمرهم به كتابهم !
نحن نعتبر مايسمى بالفتوحات غزوا ، واستعبادا واستعمارا وكفرا بكتاب الله !
لقد استهزأ العرب ( المسلمون ) بآيات الله وجعلوها فوق أسنة رماحهم كلما دعت ضرورات السياسة والفتن ذلك !
ومن سخرية الأقدار أن كان عبد الله بن أبي السرح ، الذي أمر النبي بقتله حتى ولو تشبث بأستار الكعبة ، هو أول من يبتز الأمازيغ بعد أن عفا عنه الرسول عليه السلام إبان فتح مكة ! يبعث عثمان مرتدا عفى عليه النبي ليدعو الناس إلى الدخول إلى الإسلام ، مع أنه كان أول مرتد في الإسلام !