القاضي فؤاد راشد يتساءل عن سر تأخر محاكمة “أكابر المجرمين” في النظام السابق ويدعو إلى “جمعة عدالة” !

في الإثنين ٢١ - مارس - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

 

  • لدينا ملف ضخم من الفظائع والجرائم فهل الذين قتلوا أو نهبوا مجهولون أم أنهم لازالوا فوق القانون
  • أطالب بهيئة قضائية للتحقيق في المظالم برئاسة قاضي بدرجة نائب رئيس وزراء تكون مهمتها رد الحقوق وإنزال سيف العدل علي الظالمين

أري وجوها تراهن علي طيبة المصريين وسرعة نسيانهم  وأري من لم يستوعبوا الدرس ومن لازالوا يحلمون بالعودة إلى عهدهم الفاسد

يقول بيت من الشعر للشاعر والأمير نصر بن سيار الكناني  “أري تحت الرماد وميض نار ويوشك أن يكون له ضرام “  والبيت يمثل وصفا صادقا وربما صادما لجانب من الصورة العامة في مصر اليوم , فلقد ترسخت ثقافة عاتية لدي النخب الحاكمة في مصر مؤداها عدم التعويل علي النذر البادية حتي يتحقق الخطر ويصبح واقعا , ولو سمع المخلوع حسني مبارك ربع ماقيل له علي لسان المخلصين لمصرمن غير ذوي الهوي ماهوي الي حيث هوي , وأخشي ما أخشي ويخشي غيري أن هناك ملفات متفجرة  يراهن البعض – فيما تشير ظواهر الحال حيالها – علي أن يطويها الصمت وتنزل عليها أستار النسيان ! ومن تلك الملفات ملف المظالم و العدالة التي لاتفرق بين خلق الله , انسياقا وراء ثقافة مطاردة سارق البيضة بالعار والشنار والسجن  وتكريم  سارق المليارات !

انني  أري وجوها تراهن – واهمة  -  علي طيبة المصريين وسرعة نسيانهم  ومبادرتهم للصفح , وأري من لم يستوعبوا الدرس جيدا ومن لازالوا يحلمون بالعودة الي سابق عهدهم الفاسد داهسين كرامة المصريين ودم شهدائهم , شهداء الثورة وماقبل ذروة الثورة ممن راحت زهرة عمرهم في معتقلات الحاكم العار , ومن ماتوا تحت وطأة التعذيب لاعلي يد صهاينة بل علي يد جلادين صناعة مصرية خالصة لحساب سيدهم ليأكلوا لقمة السحت ممزوجة بدم المظلومين وأنات الثكالي والأيتام والأرامل  , أولئك الجلادون الذين  رضوا لأنفسهم سبيل الدنايا للبقاء علي كراسي العار لافي خدمة الناس بل في خدمة نظام حكم عادي ثوابت الأمة وأحلام أبنائها واستباحها وأباحها غنيمة لأفراد التشكيل العصابي من حوله , حتي صار من النوادر أن تجد لصا سرق ملايين وليس مليارات من دم المصريين وعلي حساب حقهم في حياة كريمة !

لم تبدأ ثورة مصر يوم الخامس والعشرين من يناير , وانما كان ذاك يوم ذروتها , فلقد حمل  الأحرار شعلتها  ولم تخمد يوما واحدا , والشاهد علي ذلك أنه في سنوات حكم العار تم أسر نحو مائة الف مصري في معتقلاته , وهناك صحف أغلقت وصحفيون من خيرة الكفاءات  شرع الطاغية في قصف أقلامهم  ولوحقوا بالاتهامات ولم ينثن عودهم وقوائم الشرف طويلة من كل الأطياف , وهناك من طوردوا من عمل الي عمل ومن سحلوا علي يد الأغوات خدم أسيادهم ممن تفننوا في اذلال المصريين ومع هذا لاخمدت الثورة ولاخمد صوت الأحرار فكنا في كل يوم نري الاعتصامات والاحتجاجات والانتفاضات وكلمات الحق مدوية !

واليوم هناك ملف ضخم هائل رهيب عظيم مفجع ولولا أن المقام لايتسع لعددت أوصافا طويلة , هذا الملف هو ملف المظالم والمظلومين والظالمين .

ولنرتب الأمر علي نحو منطقي هاديء , هناك عدوان اجرامي تم علي أشخاص المواطنين ممايسمي جرائم الأشخاص  وعدوان اجرامي آخر تم علي مالهم وهو مايسمي جرائم الأموال , ولن أتحدث عن جرائم سياسية كالتعاون مع الصهاينة ضد أهلنا فذلك ملف له مجال آخر, ولكني أتحدث في مجال الجرائم الجنائية الصرفة ,  وفيما تعلق بالعدوان علي الأشخاص فان  لدينا أناسا اعتقلوا بلاذنب ولاجريرة الا أنهم قالوا ربنا الله , وهناك من عذبوا في السجون علي أيدي زبانية الحاكم العار , وهناك من استشهدوا علي يد الجلادين  , وهناك من لفقت لهم ولهن قضايا بعضها مشين لالهاء الناس وتحويل انتباههم من أمر الي أمر ولو كان الثمن دمغ الأبرياء والبريئات بالعار , وفيما تعلق بجرائم الأموال فان لدينا قائمة طويلة من الرشوة والاستيلاء علي مال الشعب المصري وتسهيل ذلك للآخرين ومن ذلك اهداء الحاكم العار غاز مصر لأحبائه الصهاينة بهبة مستترة تتخفي في ستار عقود بيع  وبيع المؤسسات والآراضي  باهدار مئات المليارات , ولدينا جرائم الكسب غير المشروع وغيرها , وكل ذلك مؤثم لابقوانين استثنائية وانما بقانون العقوبات العادي ,

وما أقوله ليس ضربا من الخيال ولا أقوال مرسلة قائمة علي افتراضات , فمن قتلوا ومن عذبوا ومن أعتقلوا ومن أهدرت كرامتهم ومن لفقت لهم قضايا هم جميعا معروفون بالاسم , وأما المال المهدر فهو أرقام  حسابية وهي مسجلة وليست موضع ريبة.

ونحن اليوم في مفترق طريق , اما أن تواصل الثورة سيرها فتطهر وتنقي وتعلي ميزان العدل فينال من ظلم حقه وينال من اتعدي جزاءه , بحيث نرسخ في مجال العمل العام قاعدة تكون درسا للمستقبل مؤداه أن المعتدي يسأل مهما طال الزمن وأن المجرم يدفع ثمن جريمته , واما أن نرسخ قاعدة أخري تكون شر اغراء للمجرمين مستقبلا  مؤداها أن من يغنم يمر بالغنيمة ولايلاحق وأن من يقتل أو يهدر كرامة الناس يبقي محصنا من المساءلة .

واذا كانت الثورة قد قامت علي تضحيات أجيال ونجحت بدم خيرة أبناء الوطن , فكيف نترك لليوم أكابر المجرمين أو أصاغرهم  بلا مساءلة ؟ هل الذين قتلوا أو نهبوا مجهولون أم أنهم لازالوا فوق القانون ؟ لن أعدد الأسماء فالقوائم معلومة للكافة , وعلي رأسها يأتي  المخلوع محمد حسني مبارك وعائلته ممن نسبت لهم اتهامات جنائية أيا كانت .

ولقد قلت من قبل وقال غيري ولكن لا أحد يريد أن يسمع وانما الرهان فيما يبدو علي أن يمر الأمر دون مساءلة ! وهو رهان خائب يهين لاوعي الناس فحسب بل يهين كرامتهم ودماءهم أيضا !

أقول في يقين وجلاء لا أحد في هذا الوطن يملك حق افلات أحد من جرائمه سيما اذا كان ضحايا تلك الجرائم شعب بأكمله عدا أفراد العصابة الاجرامية والأغوات المتناثرين في أرجاء الوطن ممن نالوا بعض الفتات من مال أو نفوذ !

ان اقامة العدل  ليست ملتمسا من أحد لأحد مهما كان مقامه وانما هي أمر جازم واضح لالبس فيه يصدر من الشعب- مصدر كل سلطة – الي كل من يعنيهم الأمر  , فان ظل مسلسل التغاضي قائما فانني  أطالب بوقفة ملايينية  في كل بقاع  مصر تطالب بالعدالة وترفع مطالب المصريين عاليا وتفرضها فرضا , لابد من محاكمة كل من عذب وكل من قتل وكل من سحل وكل من سرق مالنا وكل من اعتدي علي كرامة المصريين   , ولابد أن يعلم كل من يعنيهم الأمر أن زمن التغاضي عن اهدار مال الناس ودمهم وكرامتهم قد ولي الي غير رجعه , وأنه لا وصاية لأحد علي الناس ولاعصمة لمخلوق تعلو فوق كرامة الناس ومالهم ودمائهم !

انني أطالب بتشكيل هيئة قضائية للتحقيق في المظالم كلها صغيرها وكبيرها تحت رئاسة قاضي بدرجة نائب رئيس وزراء تكون مهمتها رد الحقوق لكل من ظلموا وانزال سيف العدل علي الظالمين كلا حسب ماجنت يداه  ,  لابد من القصاص العادل عقابا للمجرمين وجبرا لخاطر المجروحين وردعا لاحقا لكل من تسول له نفسه أن يفكر في العدوان علي خلق الله !

اجمالي القراءات 2266