المغرب وحرية العقيدة
اذهبوا إلى المغرب فإن بها ملكا لا يظلم عنده أحد

نهاد حداد في الأحد ٢٦ - فبراير - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

اذهبوا إلى المغرب فإن بها ملكا لا يظلم عنده أحد ! 
أرجو أن لا يوضع هذا المقال في خانة السياسة بل في خانة حرية الاعتقاد والتسامح الديني ! 
قد يستغرب القراء لماذا اخترت موضوعا كهذا ؟  فأقول : 
أنني سأتطرق إلى ما توصل إليه بلد مسلم مثل المغرب في مجال حرية العقائد ! ومدونة الاحوال الشخصية وحقوق المرأة منذ أن اعتلى الملك محمد السادس العرش ! أما عن العنوان فإن استقبال الملك لآلاف المهاجرين واعطاءهم حق الاقامة والمساوات بالرغم من انتمائهم الى المسيحية تارة او اليهودية ، فسكان ارثريا اغلبهم يهود والهاربون من ارهاب بوكو حرام اغلبهم مسيحيون وقد ذكرني هذا  بملك الحبشة الذي استقبل مهاجري المسلمين في بلده وقد كان مسيحيا واستقبل مستضعفي المسلمين ! 
ولقد استقبل المغرب آلاف اللاجئين السود وقام بتسوية أوضاعهم ومنحهم حقوق الإقامة والعمل والمواطنة ! كما أن الشيء الذي مازال يتخبط فيه الأزهر من ازدراء الأديان قد تجاوزه المغرب بآية قرآنية وأقره ( بالرغم من مذهبه المالكي ) فإنه في مسألة حرية العقيدة ، أخذ بهذا المبدإ القرآني ، من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ! 
ومنذ شهر ونيف احتج المغاربة على تبني المجلس العلمي القتل كعقاب للردة ولكنه تراجع وتبنى ، موقف إسلام بحيري في هذا الموضوع ، من أن الردة ليست في تغيير المعتقد بل ربطها بالخيانة العظمى ، واعتبر الردة على أنها الخروج من العقيدة والتعاون مع العدو ! وأما إن غيرت عقيدتك فهذا ليس بموجب لحد الردة كما عند الأزهر ! هذا من ناحية ، أما من ناحية أخرى فما يسمى بازدراء الأديان في مصر يسمى في الدستور المغربي بزعزعة عقيدة مسلم ! ويكون في الحالات القصوى التي يتعمد فيها فعلا المسلم ( وليس غير المسلم ) الإفطار أمام الملإ في يوم رمضان ! أما غير المسلم ، فمن حقه أن يمارس عقيدته كيفما شاء حيث تظل بعض المقاهي والمطاعم فاتحة ابوابها لغير المسلمين ! فالمغرب اصبح نموذجا للتسامح الديني ! 
والمغاربة بفطرتهم وعوا برفض زواج الصغيرة ، إذ لا يمكن تزويج فتاة قبل بلوغها سن الثامنة عشر ! طبعا ، قد تحدث خروقات لهذا القانون في البوادي ولكن من يفعل يعاقب اذا وقع تحت طائلة القانون ! 
فحين تجرأ أحد الفقهاء وقال بجواز زواج الصغيرة ، قامت قائمة المغاربة ولم تقعد !  وحتى أولئك الذين تبنوا موقف الفقيه نظريا عارضوه عمليا على انه ليس واجبا دينيا لذلك ليس للمسلمين ان يمتثلوا له ! 
وبالرغم من من أن عدد المسيحيين المغاربة لا يتعدون بضعة آلاف ، فإنك لا تجد مدينة كبيرة تخلو من كنيسة ! ويتمتع اليهود كأقلية بكل ما يتمتع به المواطن المغربي المسلم ، كما أن بطاقة الهوية لاذكر فيها لديانة الشخص ! 
يتميز المغرب بتعدديته الثقافية ، ممن طوارق وأمازيغ وبربر وعرب ، يجمعهم وطن واحد ومذهب مالكي معتدل ، بالرغم من صعود حزب  العدالة والتنمية الاسلامي إلى الحكم ، إلا أن الشارع المغربي يظل قرآنيا أكثر منه مالكيا أو سنيا ! الناس بسطاء يمارسون عقيدتهم بشكل بسيط أقل تعقيدا مما في المشرق ، ولو أن ظاهرة النقاب أصبحت تلاحظ في بعض المدن ولكن أقل حدة مما في بريطانيا وبعض الدول الأوروبية ، ولاترتديه  في الحقيقة إلا المتحزبات المنتميات إلى بعض تيارات الاسلام المتطرف ! وبالرغم من احتجاجات بعض المتطرفين ، إلا أن بعض ولاة بعض المدن حظروا بيع النقاب باعتباره يطمس الهوية المغربية ! فالمرأة المغربية طالما ارتدت الجلباب تماما كما كانت المرأة المصرية ترتدي الطرحة دون أن يعتبر ذلك رمزا دينيا وانما لباسا أنثويا اجتماعيا ! 
لم يعرف شمال افريقيا مثلا شيئا يسمى ختان البنات ، الذي مازالت تعاني منه النساء في السودان وفي دول إسلامية  أخرى! بل إن المرأة قد اكتسبت الكثير من الحقوق التي مازالت النساء في بلدان أخرى تعاني فيها من الظلم ! 
ولكن أهم حق تجاوز فيه المغرب كل الدول الاسلامية ، هو حرية العقيدة ، لذلك تساءلت ، لماذا لا يهجر مسيحيو سيناء للمغرب ، فإن فيها ملكا لا يظلم عنده أحد ! 
ثم لماذا لا يستقبل كل مغربي او عربي او مسلم طفلا مسيحيا حتى تضع الحرب أوزارها ! وهذا مافعلته آلاف العائلات الأمريكية إبان الحرب العالمية الثانية حيث استقبلت كل عائلة طفلا انجليزيا قامت بتربيته وتدريسه حتى انتهت الحرب فعاد إلى وطنه ! لماذا يترك العرب بني جلدتهم أذلاء على أبواب قبرص واليونان وتركيا ! 
ومع ذلك تجد الشعوب العربية أكثر من يتحدث عن الظلم وعدم تحمل الحكومات والأنظمة مسؤوليتها الإنسانية ، وهذا على مستوى أكبر ، فمابال المسلمين على المستوى الشخصي لا يفعلون سوى انهم ينهقون ! رحم الله القصيمي الذي قال ، بأن العرب ظاهرة صوتية ! ويا لخجلنا أمام أمثال بيل جيتس وانجلينا جولي مع ان بعض العرب يملكون ما قد يقضي على المجاعة في العالم أجمع ! انفق بيل جيتس ثروته كلها على افريقيا وقضى على اكثر الفيروسات فتكا بالأطفال ، وقد عوضه الله بثروة أكبر منها " إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا " ! 
اجمالي القراءات 11374