حضارة شامخة عمرها 7 آلاف سنة
"الأقصر" المدينة التي تحوي ثلث آثار العالم
الأقصر مدينة في جنوب مصر تحتوي على ثلث آثار العالم، شهرتها تجاوزت حدودها الاقيليمة ووصلت للعالمية وأصبحت أحد قبلة للسائحين ليتنقلوا في رحابها بين أكثر من 800 مزار أثري.
تعد الأقصر أهم المدن السياحية في العالم، بوجود ثلث آثار العالم بين جنباتها في أكثر من 800 مزار، وهي مدينة الملوك التي وصفها الشاعر اليوناني هوميروس في النشيد التاسع من الالياذة قائلا "هناك في طيبة تلمع أكوام الذهب.. طيبة ذات المائة باب، حيث يمر في مشية عسكرية، أربعمائة من الرجال بخيلهم ومركباتهم، من كل باب من أبوابها الضخمة"، أسماء كثيرة اطلقت على المدينة التي كانت عاصمة للدولة المصرية القديمة طوال 900 سنة، منها "مدينة الـ 100 باب" و"الشمس" و"طيبة" و"النور" و"الصولجان" حتى استقرت على اسمها الحالي"الأقصر" الذي أطلقه عليه العرب كجمع لكلمة قصر بعد الفتح الاسلامي، لتعكس هذه الأسماء عظمة مدينة، وتشهد آثارها بروعة عمرانها.
تبعد الأقصر عن العاصمة المصرية القاهرة 620 كم جنوبا، ينصفها نهر النيل إلى شرق وغرب، كان الجزء الشرقي منها قديما يرمز للحياة حيث تشرق من جانبه الشمس، فيما يرمز البر الغربي للحياة الآخرة، ولذلك بنيت به مقابر ملوك الفراعنة، وبه أشهر المقابر الملكية في التاريخ، مقبرة توت عنخ أمون، التي أكتشفت كاملة في يوم 4 نوفمبر عام 1922، وهو اليوم الذي حدد عيد قوميا للمدينة، التي يزورها ما يزيد على 3.5 مليون سائح من مختلف دول العالم، وهو ما يقارب ملايين 45% من إجمالي زوار مصر، وذلك بهدف زيارة معابدها المشهورة على مستوي العالم وأهمها، معبد الأقصر، والكرنك، وحتشبسوت، والرمسيوم، وسيتي الأول الموجود بالقرية الصغيرة المسمي "القرنة"، وكذلك مقابر وادي الملوك ووادي الملكات، الذي يحتوي مقبرة الملكة نفرتاري، وعدد من التماثيل المهمة، اشهرها تمثال منون، وبعض المتاحف مثل متحف الاقصر الكبير، ومتحف التحنيط ، والمتحف الخاص بحيوان التمساح الذي كان يحتل مكانة عند الفراعنة.
مجمع معابد الكرنك
عبارة عن مجموعة من المعابد الجميلة التي لا نظير لها انشئت منذ آلاف السنين، وتضم معابد الإله "آمون" وزوجته الإلهه "موت" وابنها الإله "خنسو"، وكان كل ملك يُضيف جديداً إلى المعبد .. وذلك تقرباً إلى الآلهة، ورغبة فى الخلود، والحصول على شهرة كبيرة عند أفراد الشعب. يتألف المعبد الأول منها "آمون رع" الكبير من محراب يقع فى أقصى الناحية الشرقية. أُعد لحفظ تماثيل الاله "آمون" وعائلته. ويعرف بـ "قدس الأقداس" ودائما الظلام يلفه، ثم يتبعه بعد ذلك فناء مكشوف يغمره ضوء النهار، ثم ينتهى هذا الفناء بصرح عظيم يقع المدخل بين برجيه، وأمام المعبد توجد ساحة عظيمة، يرى فيها الزائر منصة مرتفعة فى الوسط، كانت مرسى للسفن الخاصة بالمعبد قديما، حيث كان النيل يجرى فيما مضى بالقرب منها، وقد أقام الملك "سيتى الأول" مسلّتين امامه، لا تزال إحداهما باقية فى مكانها، بينما الاخرى في ميدان الكونكراد في باريس، ويمتد أمام المعبد صفان من التماثيل التى أقامها "رمسيس الثانى" على هيئة تمثال "أبوالهول"، لكل منه رأس كبش وجسم أسد. ويلاحظ أن تحت ذقن كل منها تمثالاً للملك نفسه. وهذا الطريق هو الذى يسمي "طريق الكِباش".
المعبد الثاني في المجموعة هو "صرح معبد أمون"، وهو عبارة عن فناء واسع يحيط به صفين من الأعمدة على هيئة نبات البردى. كما توجد فى زاويته الشمالية الغربية ثلاثة مقصورات، أُعدت لإيواء السفن المقدسة الخاصة بثالوث "طيبة"، وزينت جدران هذه المقصورات بنقوش بارزة تمثل السفن المقدسة.، وهو معبد أخر اقامه رمسيس الثالث، وسمي باسمه، وهو من المعابد القليلة الكاملة، ويبدأ بصرح عظيم يزينه تمثالان رائعان للملك من الخارج. ويليه من الداخل الفناء المكشوف الذى تحده الاعمدة شرقاً وغرباً. ويبدو الملك على الأعمدة فى هيئة "أوزوريس"، فيما الجدران مزخرفة بالنقوش التى تمثل الملك فى أوضاع مختلفة أمام "الإله آمون"، ثم يلى ذلك دهليز به صفان من الأعمدة .. الأول منها يتكون من أعمدة تلتصق بها تماثيل تمثل احد الالهة،والصف الثانى يتكون من أربعة أعمدة على هيئة نبات البردي، ويحتوى هذا المعبد على 134 عمود، قطر كل منها 3,37 متراً، وارتفاع الأعمدة الجانبية 13 متراً أما ارتفاع الأعمدة الوسطى فيصل إلى 21 متراً، وتغطي مساحة من الأرض قدرها ستة آلاف متر مربع.
وهناك معبد الملكة حتشبسوت، وبني هذا المعبد بتصميم فريد باتخاذ شكل ثلاثة مدرجات متصاعدة، يقسمها طريق صاعد لتؤدى فيه الملكة حتشبسوت الطقوس، ويطلق على المعبد اسم "الدير البحري" بعد استخدم الأقباط للمعبد ديرا للتعبد في القرن السابع الميلادي. ويوجد في البر الشرقي معبد الرامسيوم، الذي كان معبد جنائزي بني تخليدا لذكري للملك رمسيس الثاني، ورسم على جدرانه تاريخه العظيمن ومعاركه الحربية التي خاضها مثل معركة قادش ومناسك الاحتفالات الدينية المختلفة والتي تمثل علاقة رمسيس الثاني بالآلهة، أما معبد مدينة هابو، فيمثل مقر تخليد لذكري الملك رمسيس الثالث، وتحكي جدرانه معاركه الحربية وطقوسه الدينية.
وادي الملوك
يوجد في وادي الملوك أكثر من60 مقبرة ملكية، أهمها مقبرة الملك "توت عنخ آمون" فى وادي الملوك بالبر الغربي بالأقصر، التي تعد أشهر وأغنى مقبرة فى العالم، ففيها كثير من النفائس والآثار الرائعة التى أذهلت العالم. حيث عُثر على الأثاث الجنائزي كاملاً (أكثر من 5000 قطعة تشمل أثاث طُلى أكثره بالذهب البراق، وصناديق جميلة مُطعمة بالعاج والأبنوس، وأخرى عليها منظر للصيد والحرب، وبعض الكراسى، والأسرة، وعربات ملكية، وأوانى مرمرية، وتماثيل من مختلف الأشكال والألوان )، وحُفرت المقبرة فى منخفض وادى "رمسيس السادس" الذى بنى مقبرته بجوار مقبرة "توت عنخ آمون"، فكان ذلك من العوامل التى ساعدت على حفظ مقبرة "توت عنخ آمون" سليمة بعيداً عن أعين اللصوص، حتى اكتشافها في عام 1922 فى واحدة من أهم الاكتشافات الاثرية فى العالم، ولا تزال مومياء الملك الصغير محفوظة فى مكانها مع أحد التوابيت الخشبية المغطاة برقائق الذهب. وتوجد رسوم جميلة على حوائط الغرفة منها رسم "لتوت عنخ آمون" ويظهر خلفه على العرش "آى" الذى أصبح ملكاً بعد "توت عنخ آمون"، وهو يرتدى ملابس الكهنة ويقوم بالطقوس الدينية.
وفي البر الغربي أيضا مقبرة الملك "سيتى الأول"، المحفورة فى الصخر، ويبلغ عمقها حوالي 30 متراً، ونقوشها على جانب كبير من الجمال ، وتخلل هذه النقوش فى بعض أجزائها رسوم بارزة كبيرة تُمثل الملك وهو يتعبد أمام الآلهة التى تستقبله وترحب به، وتضم المقبرة أكبر عدد من الكتب الجنائزية، ومن أبرز ما فيها اسقف الذى يبدو وكأنه يغطى العرش بنقوش ألوانها زاهية ويبدو كالسماء بلون ازرق قاتم كالليل وعليها أبراج الشمس المعروفة بشكل الحيوانات التى ترمز إلى تلك الأبراج، وفى وسط أحد قاعاتها مكان منخفض لوضع تابوت الملك المصنوع من المرمر، والذي نقل إلى أحد متاحف لندن. هذا بخلاف العديد من المقابر الاخري الملكية، وهناك أيضا مقابر وادي الملكات المخصصة لدفن ملكات وأميرات الأسر 19 و20 الفرعونية، وتضم ما يقرب من 75 مقبرة، أشهرها مقبرة نفرتيتي.
تمثالا ممنون
تمثالا ممنون هما آخر ما تبقي من تخليد ذكري الفرعون أمنحتب الثالث، ويشتهر هذان التمثالان بسبب أسطورة إغريقية شهيرة، فعندما تصدع أحد التمثالين, كان يصدر منه صفير فى الصباح البكر نتيجة مرور الهواء بين شقوقه فأعتقد اليونانيون أن روح القائد "أجا ممنون" الذي قتل في حرب طروادة سكنت هذا التمثال وهو ينادى أمه " أيوس " إلهة الفجر كل صباح فكانت تبكى عليه وكانت دموعها الندى الذي يكون على التمثال في الصباح، ويصل ارتفاع التمثال الواحد نحو 19.20 متر.
المتاحف
يعتبر متحف التحنيط من أحدث المزارات في مدينة الأقصر، فهو متحف فريد من نوعه يضم 150 قطعة آثرية ما بين توابيت وأدوات تحنيط كان يستخدمها الطبيب المصري القديم ولوحات الطقوس الدينية الجنائزية، وهناك متحف الأقصر، الذي يتوسط معبدي الأقصر والكرنك المطلين علي كورنيش الأقصر، ويضم مجموعات أثرية فرعونية تنتمي للأقصر والمناطق المجاورة، بخلاف ما عثر عليه بمقبرة توت عنخ أمون، وهناك متحف التماسيح المخصص لحيوانات التمساح التي عثر عليها بالمقابرالفرعونية محنطة وكذلك الرسوم والنصوص الخاصة بها من الدولة القديمة.
هناك أوجه أخرى للاستمتاع في الأقصر، منها عروض الصوت والضوء ليلا في معبد الكرنك، والتي يتحول معها المعبد لتحفة فنية تعكس شموخ حضارة عمرها 7آلاف سنة، ويقدم هذا العرض بسبع لغات: العربية، الانجليزية، الفرنسية، الألمانية، الأسبانية، الايطالية، اليابانية، بالاضافة إلى رحلات البالون الطائر، التي تحلق فوق مدينة الأقصر ويشاهد ركابها المعابد والنيل من السماء، هذا بالاضافة إلى الرحلات النيلية عن طريق البواخر إلى أسوان من الأقصر والتي تستغرق 5 ليال.