تذكير فقط فإن الذكرى تنفع المؤمنين !
القرآنيون لا ينكرون السنة ، فالسنة العملية معمول بها في صلاتهم وهي متواترة ! ولا ينكرون الاحاديث التي هي جزء من التاريخ ، بل ينكرون كونها دينا ! الاحاديث اقوال منسوبة الى النبي وليست دينا ! فقد كتبت على الاقل بقرنين من الزمن بعد وفاته ، ولا يوجد لها مخطوطات اصلية تدل على صحتها ، وهي تعارض القرآن في جل الاحيان ! لذلك فلا يمكن نهائيا الاخذ بها في التقرب الى الله وعبادته ، ولكن هذا لايمنع اننا نستفيد منها في كونها تاريخا انسانيا ( الذي يحتمل الخطأ والصواب ) وهو ليس ملزما لنا ! بل يساعدنا في فهم الشخصيات التاريخية في الاسلام والصحابة وسلوكاتهم وتعاملهم مع دينهم ! وفي رأيي ذلك ادعى ان لا نأخذ بها ! لانهم صنعوا لانفسهم دينا موازيا يسوغون به لانفسهم ما حرم الله وقرآنه !
وكنت دائما اقول ، ان الانسان خُلق على الفطرة ، ويعرف الخير والشر والخطأ والصواب ، ولكنه حين يستفتي فقيها ، فاعلم بانه في قرارة نفسه ، يعلم بأن ما هو مُقدِمٌ عليه شيء خاطئ ترفضه فطرته وسريرته ، لذلك فهو يبحث عن من يبيح له المحظور عنه أخلاقيا ودينيا ! لذلك صنعوا الاحاديث ! ليحلوا لامراءهم ماحرم الله عليهم ! ليقتلوا الناس بغير حق ! ليقننوا الظلم ويفتروا على الخلق ! ليسبوا وينهبوا وينتهكوا الحرمات ! لان الايمان لم يدخل الى قلوبهم بل بقوا اعرابا اجلافا منافقين كما وصفهم القرآن ! ( الاعراب هم اشد كفرا ونفاقا ) . لذلك قدسوا الصحابة والتابعين وتابعي التابعين !
او لم يكن الحجاج تابعا للتابعين فهدم الكعبة؟ أو لم يكن قتلة الخلفاء انفسهم وحفدة النبي من التابعين وتابعي التابعين ؟
لقد صنعوا الاحاديث لصنع القديسين من الامراء ! لقد فهم امراء بني امية وبني العباس تأثير الدعاية قبل الميكروسوفت ! فسخروا لها أبواقهم ممن عاشوا في زمن النبي كأبي هريرة وغيره ، وأقصوا آخرين الذين عايشوا النبي كعمار بن ياسر وابا ذر الغفاري وغيرهم ! فيتساءل المرء ! من كان الأقرب والأحق والأولى برواية الأحاديث ، عائشة أم علي ؟ ( هذا السؤال منطقي ولا علاقة له بالانتصار لطائفة دون أخرى ! فعلي لم يخترع دين الشيعة بل اخترعره من بعده ! والنبي لم يتحدث عن سنة اخرى غير سنة الله في خلقه ! بل اخترعوا سنة لانفسهم يبررون بها هجرهم للقرآن !
هي مقدمة طويلة ، ولكن كان لابد منها للتذكير ببعض الاشياء ، فحين نقول بان زمن الرسول لم يكن فيه اسياد وعبيد ، فهذا غير صحيح ، كان هناك اسياد وعبيد وملكات يمين ، والنبي ليس مسؤولا عن المجتمع الذي نشأ فيه ! النبي رسول مبلغ لدين ، اما الدنيا فمن شأن أصحابها !
حمزة عم النبي قتله عبد حبشي اسمه وحشي ، وكان لعمر وعلي وغيرهم امهات أولاد ، اي انهم قد استمروا بامتلاك رقاب الناس ونكاح ماطاب لهم من ملكات اليمين حتى بعد أن قالوا لنا بأن النبي عليه السلام قد حرر كل عبيده قبل وفاته !
جاؤوا لنا بأحاديث تجمل صورة عمر فقالوا باسمه : " متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا ؟ " ونسوا بان من قتله كان من الموالي ( العبيد ) الذين ابعدهم عمر عن المدينة تاركا فقط النساء منهم والاطفال ، وقد كان قتل المجوسي لعمر سببه استعباد عمر لاطفالهم ونسائهم ! اي ان سبب وفاته كان استعباده للبشر وليس الدفاع عن حرية البشر ! اذ كيف تفسر قتل احدهم لرجل عادل ورع ؟ هل كان المجوسي راغبا في الحكم ؟ لا ! بل كان قتله لعمر عملية انتحارية كان يعرف انه مقتول بعدها لا محالة !
كذلك توفي علي لدفاعه عن الدنيا والخلافة وكذا قضى من بعده ابناؤه !
ولهذا كانت عائشة تبكي حتى تبتل ثيابها ندما على ما فعلته بالمسلمين في موقعة الجمل !
إن أناسا لا يتورعون على قتل بعضهم ليسوا أهلا للثقة كي نأخذ ديننا منهم !
لايمكن ان تلزمني ان آخذ نصف ديني عن الحميراء التي تسببت في قتل الاف الناس ! لقد اخطأت ووزرها عليها ، ولها الاحترام لكونها زوجة للنبي ! ولكن الدين لا يؤخذ إلا من كتاب الله !
لقد دفنوا عثمان في مقبرة لليهود ، وجشوا رأس الحسين في كربلاء ، وسمموا الحسن واحرقوا محمد بن ابي بكر داخل بطن حمار ! ان من لا يتورع عن مثل هذا الاستعباد والظلم والقتل لا يتورع عن الكذب لتبرير افعاله وجعلها دينا !
لقد كذبوا لكي يجملوا خلفاءهم فلسنا ملزمين بتصديقهم ، ولكن مع ذلك ، نحن مضطرون لكي نفهم تاريخنا للعودة الى مصادرهم ! ومع انهم هم المنتصرون ، والتاريخ يكتبه المنتصر ، الا ان من كتب عنهم لم يكونوا بذلك الذكاء الذي يجعلهم يحسبون حساب التناقضات التي يحملها تراثهم ! لا يمكننا ان نصلح الحاضر دون العودة للماضي ! ولا يمكن التحرر من الماضي الا بالنظر اليه بشكل موضوعي محايد ! التاريخ ليس دينا ، والاشخاص ليسوا اولياء الله وخلفاءه في ارضه ! بل الملكوت لله وحده !
ومشكلة المسلمين ، انهم يحاولون الدفاع عن دينهم بشكل ترقيعي ! وبالدفاع عن الاشخاص !
ينسون بان مهمتهم هي اصلاح انفسهم بجهاد النفس ، ينسون بان الدفاع عن الدين ليس من شأنهم وانما البلاغ فقط هو شأنهم ! ومن شاء بعد ذلك فليؤمن ومن شاء فليكفر ! ما شأني أنا بصدق عمر أو علي او الدفاع عن احدهما ولم اعايش احدا منهما ولا اتمنى ان اكون قد عشت في عهدهما لانني وبالتأكيد كنت سأكون من ملكات اليمين وغنائم بني الاصفر !
لم يستطع عمر رد نساء مصر اللائي سباهن ابن العاص الى اهاليهم وابناءهم وازواجهم ، لانه كان قد فرقهم على حثالة الاعراب !
أو لم يكن باستطاعته الجهر بالقول كما كانوا يفعلون في الاسواق؟
يامعشر المسلمين ، الا فليبلغ الحاضر الغائب ، ان عمرا امير المؤمنين يأمركم بتحرير سبايا مصر لاعادتهن الى اهاليهن وديارهن ! فمن عفي له من سبيته شيء وارادت البقاء معه فلتجهر بذلك أمام ملإ المسلمين ، وإلا فلترجعن الى ديارهن معززات مكرمات ! وليجزين الله الصابرين منكم والعافين ! اللهم اني قد بلغت ! اللهم فاشهد !
لقد كانوا يمرون على المنازل لجمع الخراج ، فلماذا لم يمروا بنفس الطريقة لتحرير الرقاب ! وكان ذلك سيُحسب لهم !
حين تتحدثون عن العبودية وملكات اليمين ، حاولوا ولو للحظة ان تتخيلوا حياتهم ! فكل شيء سهل حين لا تراه بعينك ولا تعيشه ! الافلام لا تظهر لنا كل الوساخة التي يجب ان نراها حين ننقل عبيدا مقيدين من مكان الى مكان في سفينة او على اليابسة ! كيف يقضون حاجاتهم ، كيف يستحملون دوار البحر ، كيف يقيء بعضهم على بعض ، كيف يعدي أحدهم الآخر ، كيف هي الظروف التي ينقلون فيها من بلد الى بلد ، يا أمة تتبجح بالطهارة وتعتبرها من الايمان ! كيف تنقلون نساء وصبايا من نيل مصر وخصبها الى صحراء قاحلة تفرض عليهن الوضوء فلا ماء وتجبهرهن على التيمم وتقول بانك كرمتهن ! كيف تنقل بنات الامازيغ والاندلس الى اجلاف الصحراء وتدعي بان احصانهن هو اسلامهن ؟
او لم يكن بوسعك ادخالهن الى الاسلام والزواج بهن برضاهن ( هذا ان رضين بك ) ؟ فالحرة ابدا لا ترضى بقاطع طريق زوجا !
كانت هذه خواطر فقط ، فأحيانا ، نحن بحاجة الى قذف الحقيقة في وجوه المرائين المجملين لماض قاتم لا جمال فيه ويسمون ذلك بالعودة الى السلف الصالح ! اما انا فلا ارى صلاحا ولا تقوى في ما فعلوه بالبشر !