برغم أنه نزل قرآن عربي حتى نعقله يقول جل و علا : ( إنا أنزلناه قرآنا عربي لعلكم تعقلون ) و برغم أنه نور مبين للناس يقول جل و علا : ( يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم و أنزلنا إليكم نورا مبينا ) و تكرر قول الحق جل و علا في تأكيده لهذا القران بأنه مبين حيث يقول سبحانه : ( آلر تلك آيات الكتاب و قران مبين ) و ( آلر تلك آيات الكتاب المبين ) و جاء وصف آياته بأنها مبينات يقول سبحانه : ( و لقد أنزلنا إليكم آيات مبينات ) و كذلك هذه الآيات مثلا من الذين خلوا من قبل و هي موعظة للمتقين لذا فتكمله الآية السابقة قوله سبحانه : ( و مثلا من الذين خلوا من قبلكم و موعظة للمتقين ) و لأن المشيئة فردية و الفرد مسئول عن ما يختار وما يشاء أكان إختياره لهذا القران العظيم و آياته المبينات أم يبتعد و يصد عنه و يتجه إلى كتب بشرية هي نتاج فكر بشري حيث الإختلافات في الفهم و الإستيعاب ناهيك عن الخلفية المذهبية و التي من أسف أن تجعل من القران العظيم وسيلة لإثبات ذاك الإنتماء يقول جل و علا : ( لقد أنزلنا آيات مبينات و الله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ) و ما أجمل و أفصح و أبيّن قول ربي جل و علا مخاطبا من يصد عن القران نافيا أن يكون هذا البيان شعراً و ما ينبغي لنبي من عند الله أن يكون شاعرا !! فالقران العظيم هو نذير و من يقرأه يقرأه بتدبر طالبا فهمه و معرفته يقول جل و علا : ( و ما علمناه الشعر و ما ينبغي له إن هو إلا ذكر و قرآن مبين ) .
النبي عليه السلام كان مطلوب منه إبلاغ القران أي قرائته أي تلاوته تلك القراءة كانت قراءة واحدة كما يفهمها العرب و هي قراءة واضحة لأن القران واضح و بيّن بل هو البيان و الذي علمه هو شديد القوى و حيث أنه هو البيان يقول سبحانه : ( علمه البيان ) و جبريل عليه السلام هو الذي علم خاتم النبيين في أسلوب تعليمي راق يقول جل و علا في هذا : ( علمه شديد القوى ) و يقول جل و علا : ( و لا تعجل بالقران من قبل أن يقضى إليك وحيه و قل ربي زدني علما ) و العلم هنا هو القران و نفهم أنه عليه السلام طلب الزيادة من العلم – القران – و هو البيان بحيث أصبح هذا البيان لا غموض فيه و من العجب أن يأتي بشر ليفسر البيان !! هذا مع أنه بيان !! فكيف للبيان أن يفسّر !! و من المضحك أن التفسير يحتاج لتفسير !! هذا ما كتبه البشر بعد أن إبتعدوا عن كيفية تدبر القران البيان بحد ذاته .
كيف سيكون حالنا لو أنكب المسلمون على كتابهم العظيم يتدبرونه و يخرجون من هذا البيان الدرر النفيسة و في أسلوب حياه سليمة و تعامل آمن و مسالم مع الآخرين ؟ كيف لأحكام تجيز بقتل الآخر لإختلافه في الدين و لمن لم يؤمن !! كيف لمن تولى أمر المسلمين أن لا يحكم بما في هذا القران ؟ كيف أصبح هذا القران مهجورا ؟ و بهجره طغت أحكام ما أنزل الله بها و من أسف أن تنسب لهذا الدين و الذي مصدره القران و تلك الأحكام الدين منها برئ و من المحزن جدا أن يقام دين موازي قائم على أقوال بشر .. دين سماعي !! من فلان و علان و ينسى قول السميع العليم !!
إننا في أهل القران عدنا لتدبر هذا البيان ومن يريد أن يتدبر فعليه أن يتقي الله جل و علا أولا و أن يدخل للقران باحثا بدون حكم مسبق في القضية المراد بحثها ثم يجّمع الآيات محل البحث و قراءه بتأتي الآيات التي قبلها و التي بعدها ثم يخرج بنتيجة و هذه النتيجة هي رأي و لا أحد يمتلك الكلمة الأخيرة في القضية و لكن هناك أسس يرتكز عليها هذا الدين هي الفطرة التي فطر الله جل و علا الناس عليها .
الإختلاف شئ طبيعي في الفهم و التدبر و النتيجة و لكن أعتقد أن الإختلاف في فهم القران لا يأتي في العقيدة و لا في الأحكام من حيث أنها أحكام فمثلا لا يختلف أحد على أن الشهادة هي : لا إله إلا الله فقط يقول سبحانه : ( فاعلم أنه لا إله إلا الله ) و هل هناك شهادة أعظم من قول الحق جل و علا بقوله : ( شهد الله أنه لا إله إلا هو ) و يحسب للدكتور أحمد – حفظه الله – جاهده بالقران و كفى حيث استطاع أن يقرأ القران القراءة الحقيقية و ليست القراءة التي يقرأ بها أغلب المسلمين و هي – التغني بالقران – هذا التغني هو الذي أدى إلى هجر تدبر القران و هنا يكمن الفارق الهائل بين فكر الدكتور أحمد و تعامله مع القران الكريم و بين غيره ممن أتخذ القران للتغني !!
يصادف هذا المقال مقال للأخ العزيز أسامة قفيشه بعنوان – هل فعلها سليمان – في جزئية ( قال الذي عنده علم من الكتاب ) و إختلاف الأخ العزيز الدكتور عثمان محمد علي معه هذا الإختلاف طبيعي لأنه إختلاف في القصص القراني و القصص القراني لا يؤخذ منه حكم إنما هو سرد لما حدث و القصة القرانية بأركانها الرائعة هي للعظة و العبرة .
لذا أقول المسلمين أغراب على دينهم بهجرهم لأصل الإسلام و النبع الصافي له و هو القران الكريم جعلنا الله و إياكم من المتدبرين لقرآنه العظيم .