متى سيتم ترسيم السنة الامازيغية كعيد وطني في ببلادنا؟

مهدي مالك في الجمعة ٢٣ - ديسمبر - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

 

 

 متى سيتم  ترسيم السنة الامازيغية كعيد وطني في ببلادنا؟  

مقدمة                               

اعتقد ان القضية الامازيغية بشموليتها ببلادنا قد عرفت سلسلة من التراجعات الخطيرة على كافة المستويات و الاصعدة حيث كما يعلم الجميع تم الافراج في الصيف الماضي عن مشروع قانون تنظيمي لجعل الامازيغية تموت شيئا فشيئا في حياتنا العامة طيلة 15 سنة القادمة كمقدمة طبيعية لترسيخ التعريب الايديولوجي و الاسلمة الوهابية بصريح العبارة حيث عبرت كل مكونات الحركة الامازيغية عن رفضها الواضح لهذا المشروع الذي مر على المجلس الوزاري برئاسة الملك محمد السادس و سيمر على البرلمان اذا شكلت حكومة الاستاذ عبد الاه بنكيران الجديدة اصلا بحكم اننا مازلنا ننتظر منذ اكتوبر الماضي تشكيل هذه الحكومة ..

اعتقد ان طرح هذا الموضوع للتداول الدولي عبر موقع اهل القران صار امر طبيعي للغاية بحكم ان المسالة الامازيغية اصبحت مسالة دولية منذ اواسط تسعينات القرن الماضي كما قال الاستاذ حسن اد بلقاسم في اول حوار صحافي معي في صيف 2016 ..

ان الحركة الامازيغية لا تحتاج الى المزيد من التعريف او التوصيف باعتبارها حركة علمانية بمفهومها الاصيل في مجتمعنا الامازيغي المسلم منذ ما قبل الغزو العربي كما اسمه شخصيا و وصفه كذلك الاستاذ الحسين جهادي اباعمران في كتابه الجدير بالقراءة حول الدولة البرغواطية و هو تحت عنوان بارز نموذج المقاومة المغربية في دولة برغواطة الامازيغية حيث  كشف فيه عن حقائق نادرة من تاريخنا الحقيقي بعيدا عن تاريخنا الرسمي الذي اصبح مرجعية جوهرية لمؤسسة  المعهد الملكي للثقافة الامازيغية منذ سنوات مع الاسف الشديد بدليل انه اعترض علي قولي في كتابي الجديد ان الدولة المرابطية قدمت خدمات جليلة للاسلام اكثر من الدولة الاموية و الدولة الادريسية صدقوا او لا تصدقوا حيث ان الواقع هو هذا بالنسبة لي ...

الدخول   الى صلبالموضوع                    

اننا اليوم قد وصلنا كنخبة امازيغية جديدة الى درجة عالية من النضج السياسي و الفكري باعتبارنا اصلا حركة امازيغية علمانية اصيلة تنطلق من ثوابت هذه الارض الحقيقية عوض الانطلاق من ثوابت الشرق او الغرب كما فعلت اغلب احزابنا القومية و السلفية و الحداثية  حيث ان الحركة الامازيغية لم تعد ابدا تلك الحركة الثقافية او اللغوية بل اصبحت الحركة السياسية منذ سنة 2005 بحكم ان ايديولوجية الامازيغيين السياسية تم اقبارها منذ سنة 1956 بغرض ان يكون المغرب دولة عربية بالمفهوم العرقي و السياسي مع العلم ان المغرب ظل دولة علمانية بالمفهوم الفرنسي اي اغلب قوانيننا المغربية الحالية هي وضعية تركها الاستعمار الفرنسي كما يعلمه العقلاء و الحكماء فكفى من التضليل في خطابنا الديني الرسمي او في خطاب تيارات الاسلام السياسي لان التغريب فكر موجود في بلادنا  منذ سنة 1956 الى الان  .

ان ترسيم السنة الامازيغية  كعيد وطني اصبح من الضروريات اليوم اكثر من وقت مضى حيث اعتبر الاستاذ الحسين ايت باحسين الذي هو احد اطر الجمعية المغربية للبحث و التبادل الثقافي في مقاله المنشور في موقع الحوار المتمدن في هذا السياق ان الاحتفال بالسنة الامازيغية  مازال يمارس في بلادنا بمختلف مناطقها سواء بها الناطقون بالامازيغية او بها الناطقون بالدارجة بحكم ان اصلا لا توجد مناطق عربية اصيلة في المغرب كما هو الحال في الجزيرة العربية و يشمل هذا الاحتفال العريق مختلف بقاع شمال افريقيا منذ قرون غابرة....

و حسب راي الاستاذ ايت باحسين فقد شكل اعتلاء الملك الامازيغي شيشونك على عرش مصر سنة 950 قبل الميلاد بداية التقويم الامازيغي الحالي بمعنى ان الملك الامازيغي شيشونك حكم الاسرة 21 الفرعونية اي ان الاجداد الامازيغيين لهم علاقات مختلفة مع فراعنة مصر منذ اقدم العصور اي قبل نزول اي دين سماوي.

ينبغي على الجميع فهم رمزية هذا الاحتفال حيث ان هذا الاخير لا يرمز الى الحرب او العودة الى امجاد الامازيغيين الماضية كما هو الحال لدى السلفيين و انما يرمز هذا الاحتفال الى ارتباط الامازيغيين بالارض كتاريخ حافل بالايجابيات و كذا بالسلبيات بالنسبة للامازيغيين بدون ادنى شك غير ان ثقافتهم الاصيلة لا تقدس الحرب او القتال بل تقدس الحرية و حقوق الانسان عبر القوانين الوضعية الامازيغية اي لا يوجد اي وجه للمقارنة بين الامازيغيين و الاعراب  حيث انهم  قبل الاسلام و بعده قدسوا الحرب و القتال من خلال الفتنة الكبرى بين الصحابة و حروب الدولة الاموية الدامية الخ ....

و يرمز هذا الاحتفال بالسنة الامازيغية كذلك الى الارتباط بالارض  كخيرات زراعية بحكم ان عامة المغاربة كانوا يسمون هذا التقويم اسم السنة الفلاحية حتى بدا الوعي داخل الجمعيات الثقافية الامازيغية بضرورة احياء ايض يناير اي ليلة يناير من خلال اقامة سهرات للتوعية بهذا التاريخ الطويل  لدى الامازيغيين كقوة سياسية و قوة عسكرية ..

 فان هذه الاحتفالات الجمعوية ان صح التعبير استطاعت خلق موعد سنوي مع التنشيط المفيد عبر فقرات موسيقية و فكاهية بحضور العائلات حيث انطلقت هذه الاحتفالات بالمغرب منذ سنة 2001 تقريبا حتى وصلت الى الجاليات الامازيغية في فرنسا و  الولايات المتحدة الامريكية.

ان كل اعيادنا الوطنية بدون استثناء تعود تاريخيا الى ما بعد نشاة الحركة الوطنية المزعومة سنة 1930 كأن تاريخنا هو خالي من الامجاد و من البطولات حتى جاءت الحركة الوطنية المباركة التي حررت البلاد و العباد من الاستعمار كما يزعمون بينما تاريخنا الحقيقي حافل  بالاحداث الجديرة بالاحتفال الرسمي و الشعبي مثل ذكرى معركة انوال العظيمة و ذكرى رفض قبائل ايت باعمران لسياسة التجنيس من طرف المملكة الاسبانية المسيحية الخ من هذه الاحداث التي ظلت في طي النسيان من اجل تقوية نفوذ الحركة الوطنية الايديولوجي و الديني داخل مجتمعنا منذ عقود من الزمان حتى اعتقد اغلب المغاربة ان الامازيغية هي صناعة فرنسية صرفة الخ من اكاذيب اصحاب اللطيف ...

ان تاريخنا الحقيقي يمتد الى 33 قرنا اي منذ انتصار اجدادنا الامازيغيين على فراعنة مصر  بينما  تاريخنا الرسمي يبدا منذ 12 قرنا فقط حيث ان هذا المعطى التاريخي يعد فخرا و اعتزازا لكل المغاربة خصوصا و عموم سكان شمال افريقيا حيث انني هنا اتساءل متى سيتم ترسيم السنة الامازيغية كعيد وطني في بلادنا علما ان ذكرى تقديم وثيقة مطالبة بالاستقلال الموقرة لدى اصحابها تكون في يوم 11 يناير من كل سنة و تعتبر هذه الذكرى عيد وطني بينما فاتح السنة الامازيغية المصادف ليوم 13 او 14 يناير يظل يوم كسائر الايام حيث هناك مشكل عظيم في خطابنا الديني الرسمي تجاه تاريخ الامازيغيين و الامازيغية ................

 ان ترسيم السنة الامازيغية الان سيعتبر بداية واقعية لتفعيل الطابع الرسمي للامازيغية لدى الفعالين الامازيغيين حيث ان هذه السنة عرفت

العديد من التراجعات الخطيرة تجاه القضية الامازيغية بشموليتها  حيث في هذا السياق نظم التجمع الامازيغي العالمي وقفة احتجاجية كبيرة بمدينة مراكش في يوم 12 نونبر الماضي بمناسبة قمة المناخ كوب 22 حيث كانت رسائل هذه الوقفة العظيمة بالنسبة لي قوية حيث ساعود الى هذا الموضوع لاحقا ضمن مقالاتي القادمة.

ان كل الامم الاسلامية العجمية مثلنا لها لغاتها و هويتها حيث اعتبرت في كتابي الجديد ان من المؤكد ان فكر المختار السوسي العروبي و السلفي قد ساهم بشكل عظيم في جعل نخبتنا الدينية الرسمية في سوس خصوصا و المغرب عموما تقوم بالانكار التام لفضل الامازيغية على الاسلام ببلادنا منذ قرون من الزمان و بالتالي خدمة ايديولوجية الظهير البربري في اهدافها الكبرى من قبيل الفصل التام بين الامازيغية كلغة و كثقافة و كهوية اصلية لهذه الارض و الاسلام كدين عالمي امن به الكثير من الشعوب العجمية مثلنا كالاتراك و الايرانيين و الافغان الخ من هذه الشعوب المسلمة بثقافاتها الاصلية و الممارسة بشكل طبيعي في العادات و التقاليد بدون أي تحريم ينطلق من المنهج السلفي الذي يرفض مفهوم التعدد و الاختلاف اصلا داخل دائرتنا الاسلامية الكبرى.

و من خلال سياسات هذه الشعوب العجمية مثلنا في الشان الديني حيث يخطب امام الجمعة هناك بلغة قومهم الاصلية  بكل حرية  بينما في المغرب ليس عندنا الى حد الان اية رغبة او استراتيجية اولية لادماج الامازيغية كهوية في مجال الشرعية الدينية بحكم ان هذا الادماج الاولي سيحطم ايديولوجية الظهير البربري و شرعيتها الكاذبة بكل المقاييس الاخلاقية و التاريخية.

ان اي انسان عادي قد لا يعلم  ان الامازيغية في عقول اغلب نخبتنا الدينية الرسمية هي بمثابة المؤامرة الاستعمارية او الجاهلية او اللهجات الحقيرة حيث ان المعهد الملكي للثقافة الامازيغية لم يقم باي مجهود في تكوين نخبتنا الدينية في الثقافة الامازيغية حيث هل استطاع هذا المعهد الموقر اي اركام ان ينظم ندوة و لو واحدة حول موضوع الامازيغية و الاسلام طيلة  15 عام من تاسيسه و هل استطاع هذا المعهد الموقر ان ينظم دورات تكوينية لفائدة نخبتنا الدينية باهمية الثقافة الامازيغية كقيم اصيلة و كفنون اعطت الشيء الكثير للاسلام و هل استطاع هذا المعهد الموقر فتح نقاش عمومي حول العرف الامازيغي و علاقته بالاسلام حيث لو سالت فقيه رفيع الان عن ما حكم الشرع في الاحتفال بالسنة الامازيغية فسيرد عليك بكل السهولة بالقول ان الاسلام اصلا لا يعترف بهذه النعرات الجاهلية فالامازيغية اصلا هي صناعة فرنسية صرفة في سنة 1930 الخ من هذا الاستحضار لايديولوجية الظهير البربري اي اركام لن يستطيع فعل اي شيء في هذا المجال باعتباره مؤسسة أحدثت في سياق تاريخي تعتبر فيه الامازيغية سؤال ثقافي صرف لا علاقة له من قريب او بعيد بمجال الشرعية الدينية او بمجال السياسة مع كامل احترامي الشديد لاساتذة اركام المحترمين ..... لا شك ان الامازيغيين هم واعون بتحديات المرحلة على مختلف الاصعدة و المستويات حيث نتمنى الخير للامازيغية في المستقبل القريب انشاء الله

تحرير المهدي مالك

اجمالي القراءات 7114