يقدر معهد التمويل الدولي ـ ومقره واشنطن ـ ان حجم الاصول الاجنبية لدول مجلس التعاون الخليجي قد يتجاوز ألفي مليار دولار بنهاية العام الجاري.
وبوصول الناتج المحلي الاجمالي لدول المجلس الست الى 900 مليار دولار العام الماضي، يصبح حجم الموجودات الخارجية لها اكثر من ضعفه.
وتعود التدفقات الاستثمارية الخليجية الكبيرة الى زيادة الفوائض النقدية نتيجة ارتفاع اسعار النفط وتغير الاستراتيجية الاستثمارية لدول مجلس التعاون الخليجي.
وساعدت عائدات النفط في ضبط حسابات دول الخليج اولا ثم التوجه الى الخارج.
يقول الاستشاري الاقتصادي د. محمد العسومي: "بعد سد عجز الميزانيات الخليجية وتسديد الديون، تتجه الفوائض النفطية الى بناء احتياطيات قوية لتلك الدول وتدعيم الصناديق السيادية التي تدير استثمارات كبيرة لدول المجلس".
تدفقات استثمارية
وكانت دراسة سابقة للمعهد ذكرت ان حجم التدفقات المالية من دول الخليج الى الخارج تجاوزت نصف تريليون دولار في السنوات الخمس الاخيرة (دون العام الماضي).
وتم ضخ اكثر من نصف تلك الاستثمارات في الاقتصاد الامريكي عبر عمليات استحواذ واستثمار في الولايات المتحدة الامريكية والاصول المقومة بالدولار.
وذهب نحو خمس تلك التدفقات الى الاقتصادات الاوروبية او الاصول المقومة باليورو، بينما نصيب الاستثمارات الخليجية في العالم العربي من حجم التدفقات خلال الخمس سنوات فقد زاد قليلا عن عشرة في المئة، وذهبت البقية لدول اخرى اكثرها في اسيا.
انتعشت اقتصادات الخليج بارتفاع اسعار النفط
واشارت دراسة معهد التمويل الدولي الى ان الاستثمارات الخارجية الخليجية اخذت في التنوع في السنوات الاخيرة، بدلا من تركيزها في الاسهم والسندات والاصول العقارية، لتدخل في اصول الشركات وتمويل المشروعات والمساهمة في صناديق الاستثمار المغلقة وصناديق التحوط وعمليات الشراء والاستحواذ على الشركات الكبرى.
وحسب الدراسة فان التدفقات الاستثمارية الخليجية الى العالم العربي، باستثناء داخل مجلس التعاون الخليجي، في تلك الفترة (2002 الى 2006) بلغت نحو 60 مليار دولار ذهب اغلبها الى المغرب والاردن ومصر.
مخاوف غربية
ومع الاعلان عن صفقات تمويل مصرفي سيتي غروب وميريل لينش باكثر من عشرين مليار دولار، معظمها من اموال خليجية عبر صناديق سيادية، قبل ايام، والجدل محتدم في الغرب حول تاثير تلك الاستثمارات.
ويتوالى اعلان المصارف الرئيسية عن شطب ديون معدومة بمليارات الدولارات بعد انكشافها على ازمة القروض العقارية الرديئة في السوق الامريكية.
وتقدر حاجة تلك المصارف لتمويل عاجل بحدود 40 مليار دولار، بعد خسائرها في الربع الاخير من العام الماضي.
ومع استمرار مشاكل الاقتصاد الامريكي، وربما الاوروبي بعض الشئ، يتوقع كثير من المراقبين زيادة ضخ الاستثمارات الخليجية في الاقتصادات الغربية في العام الجاري ربما بوتيرة اعلى من العام الماضي.
وتتصاعد المخاوف في الغرب من استثمار الصناديق السيادية في اصوله، ويرى البعض انها قد تكون لها اهداف سياسية.
اقتراب سعر النفط من 100 دولار للبرميل ضاعف عائدات الخليج
الا ان المحلل الاقتصادي ابراهيم خياط يعيد تلك المخاوف الى موقف الغرب من الاخر سياسيا واقتصاديا.
ويقول: "هذه المخاوف ليست جديدة ولا تعود لاسباب يمكن تفسيرها، الا السياسات الحمائية والعداء للراسمال الاجنبي حتى لو كان الغرب يتحدث عن انفتاح وعولمة".
وبما ان استحواذات دول الخليج تكون بنسب اقل من 10 في المئة ولا تسمح لها بالتمثيل في ادارة المؤسسات الغربية، لا يجد البعض مبررا لتلك المخاوف، ويقول د. محمد العسومي ان اهداف الاستثمارات الخليجية اقتصادية بحتة.
ويضيف ان الاستثمارات الخليجية "هي في اصول ثابتة مالية وغيرها وبعيدة عما يتعبرونه في الغرب اصول لها علاقة بالسيادة الوطنية".
الاقتصاد الامريكي
يشار الى ان الولايات المتحدة الامريكية هي اكبر مقترض في العالم، وتستدين عبر اسواق نيويورك وغيرها اكثر من ملياري دولار يوميا من بقية العالم لتحافظ على حساباتها المختلة في حالة جيدة.
والخطر هنا هو التحول من وضع كان كل من لديه فائض اموال في العالم يسعى لاستثمارها في سندات الخزانة الامريكية، الى سعي الامريكيين انفسهم لتوفير التمويل.
ويخشى كثيرون من ان الاقتصاد الامريكي لم يعد مغريا استثماريا بذات القدر الذي يسمح للامريكيين بالعيش في مستوى اكبر مما توفره مواردهم الحقيقية.
وبدلا من تنافس المستثمرين على شراء سندات الدين الامريكية والاسهم المطروحة، التي كانت تلقى طلبا اكبر من العرض، ربما يحتاج الامريكيون الى جهد كبير لاقناع الاخرين في العالم لاقراضهم.
AM