مباراة حربية بين إيران والسعودية (3)

سامح عسكر في الثلاثاء ٢٠ - سبتمبر - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

حذر مسئول إيراني من محاكمة الشيخ.."عيسى قاسم"..المرجع الشيعي البحريني ، وقال أن ذلك ستكون له عواقب وخيمة، في المقابل ردت الخارجية البحرانية بالتنديد وشجب تصريحات إيران، وحدد ميعاد المحاكمة بعد نزع جنسية الشيخ منه قبل مدة.

عقدت المحاكمة في ظل تردي الأوضاع الأمنية في الشارع، وأنباء عن مظاهرات ضخمة تجتاح المنامة وجزيرة سترة، ومواجهات بين المحتجين وقوات الأمن، وأصدرت السعودية قرارها بتدخل قوات درع الجزيرة مع الجيش البحريني لقمع المظاهرات، ونقلت وكالة رويترز للأنباء عن مسئولين في وزارة الصحة أن 11 متظاهرا قد قتلوا اليوم برصاص الأمن، في حين تصاعدت المواجهات وامتدت إلى مناطق المحرق وجزيرة النبيه ، وكذلك في قرى الجسرة والهملة وابو العيش، وأنباء عن مقتل جنديين بحرينيين في المواجهات الدائرة منذ الصباح..

في هذه الأنباء حذر عادل الجبير وزير الخارجية السعودي إيران من مغبة التدخل في البحرين واحترام قرار مجلس الأمن بوقف إطلاق النار، في حين ردت إيران بضرورة تدخل المجتمع الدولي (لإنقاذ الشعب البحريني) من الإبادة الجماعية، وتقارير لجمعيات حقوق الإنسان وهيومن رايتس ووتش تشير إلى ارتكاب قوات درع الجزيرة مجزرة في جزيرة سترة راح ضحيتها 17 متظاهرا عصر اليوم..

صحا العالم على مجزرة جديدة في منطقة المحرق شمالا بارتكاب درع الجزيرة جريمة إنسانية بقتل ما لا يقل عن 300 متظاهر بحريني، ردت إيران باجتماع مجلس الأمن القومي وتحذير سلطات المنامة من عواقب وخيمة، وبعد شيوع أنباء المجزرة في حق المتظاهرين دعت روسيا مجلس الأمن للانعقاد ومناقشة أزمة البحرين، ووافقت أمريكا بعد تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة بضرورة تدخل المجتمع الدولي ، وكذلك باعتبار أن المنامة لها سجل (أسود) في حقوق الإنسان، وتوقعات بفرض عقوبات على النظام البحريني..

اجتمع مجلس الأمن وأصدر قراراً بالأغلبية بفرض عقوبات على النظام البحريني تشمل منع السلاح ومحاكمة المسئولين عن مجزرة سترة أمام جرائم الحرب بلاهاي، وقد عارض القرار مصر وتحفظت عليه السنغال.

في هذه الأثناء دعت السعودية لاجتماع وزراء الخارجية العرب لإصدار بيان تنديد بقرار مجلس الأمن، وخلافات شديدة في أروقة الجامعة بعد اعتراض العراق ولبنان وتونس، وتحفظ عمان والجزائر، وفي بيان اعتراضها قال وزير الخارجية العراقي أن (مجزرة المحرق) سبة في جبين العرب، وعلى المسئولين في البحرين وضع حد لهذه الجرائم في حق الشيعة..وأن الجامعة يفترض بها حماية المدنيين لا أن تدعم قتلهم..في المقابل رد المسئول السعودي بأن تدخلات العراق غير مقبولة، ورد عليه المسئول العراقي أن تدخلات السعودية في البحرين يجب أن تحفظ أمنها لا أن تساهم في زيادة التوتر..

وحدثت مشادة طويلة بين المسئولين السعودي والعراقي حيث اتهم الجبير إيران بتسليح متظاهري البحرين، وأن موقف العراق المؤيد لإيران يجعلها تتحمل المسئولية أمام الجامعة، في حين رد الوزير العراقي بأن الجامعة لا تعترف بكلام مرسل وأن على السعودية تقديم أدلة عن تسليح المتظاهرين، وأن قرار مجلس الأمن يدعم موقف بلاده بسلمية التظاهر ، بينما الموقف السعودي يجعله يتحمل المسئولية عن جرائم المنامة سواء في قتل الشباب أو في التجنيس المذهبي الذي يحدث، ورفع الوزير العراقي أدلة عن قيام المنامة بالتمييز المذهبي باضطهاد الشيعة أولا وبتجنيس السنة (غير العرب) على حسابهم لإحداث تغير ديموغرافي في المملكة..

وبعد مشادات وتطاول لفظي (خفيف) عقدت الجامعة اجتماعا مغلقا خرج فيه الوزراء ببيان ختامي يطالب بدعم سلطة المنامة، وبأن الجامعة لن تتوانى في الحفاظ على أمن الشعب البحريني، وصرح أبو الغيط بأن التدخل الإيراني في المنطقة هو سبب ما يحدث، ودعا طهران لتحكيم العقل وعدم الانجرار وراء المتطرفين والطائفيين الذين يحرضون على إشعال الوضع في الخليج..

في المقابل كرر وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف تصريحاته بضرورة (إنقاذ) الشعب البحريني الذي تتعرض فيه الطائفة الشيعية لإبادة جماعية، وقال أنه على استعداد لعرض أدلة ومخططات تلك الإبادة على المجتمع الدولي، وقال أن مأساة الشعب البحريني تشبه مأساة الشعب الفلسطيني..وأن على المجتمع الدولي محاكمة رموز النظام البحريني أمام محكمة العدل الدولية..

وضح من السيناريو الماضي كيف أن المباراة الحربية اتخذت طريق آخر ربما لم يتوقعه البعض، وتمثل في (فتح جبهة البحرين) على السعودية، وقد نجحت إيران في ذلك بحشد المجتمع الدولي وبأخطاء وحماقات آل خليفة لنصرة والتعاطف مع شعب البحرين، واعتبار قضيته (دولية) وليست (إقليمية) تخص أمن المملكة، وهذا تطور نقل معركة إيران والسعودية إلى (تماس) الحد الشرقي للمملكة بعدما تسببت عاصفة الحزم بنقل المعركة (لتماس) الحد الجنوبي، وهذه ربما كانت خطة من إيران لفتح أقرب وأخطر جبهة في الشرق على النظام السعودي، ومعلوم ما هي البحرين لأمن المملكة.

كان ما حدث يمثل نقلة للصراع والمباراة من المواجهة المباشرة إلى المواجهة المعتادة وهي (حرب الأدوات) وربما بعد ذلك نرى مثلا تدخل الحشد الشعبي العراقي وإثارة مشاكل على الحدود، خاصة وأن العلاقة السعودية العراقية مشتعلة بعد طرد السفير السعودي من بغداد.

سنرى في الجزء الرابع هل سيؤدي الوضع البحريني لإشعال حرب برية بين إيران والسعودية..أما أن هذه الحرب (المفترضة) ستبدأ من العراق؟..خصوصا وأن إيران بحاجة إلى .."ساتر عربي"..لإحداث تلك الحرب منعاً لأي تحالف عربي ضدها، وهل الوضع العراقي الداخلي يسمح لأن تكون العراق أداة إيرانية لشن حرب برية مع المملكة؟..أم أن إيران لا تفكر بذلك وترى أنه ليس من مصلحتها إحداث حرب برية مع أحد..خصوصا وأن لها تجربة مريرة في الثمانينات..سنرى ذلك..كونوا معنا

اجمالي القراءات 6383