بين ديهيا والخيزران
هذه أم ، وتلك أم !!

لطفية سعيد في السبت ٢٧ - أغسطس - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

لفت نظري تعليق على مقال الدكتور احمد صبحي والذي بعنوان: ملك اليمين فى الحكم : ( الخيزران ) أم الخلفاء العباسيين)
وكان تعليق الأستاذ سعيد علي :
أم تقتل إبنها و تولي الآخر ثم تحج!!
العقلية التي كانت تسود تلك الفترة عقلية من الظلم بمكان أن ( تحل الحرام ) و ( تحرم الحلال ) هي في كل الأحوال بعيدة عن القران .. نستشف من قول الهادي لأمه : ( عليك بصلاتك و تسبيحك ) هنا يفترض بالآمر أن يعي قدر الصلاة و التسبيح و يفترض أنه على قدر عال من الإلتزام بها و لكنه يدس السم لقتل والدته !!! 
ألم يقرأ هذا الهادئ في القران الكريم وصية الحق جل و علا للإنسان ( بوالديه ) ؟ أيعقل أن يقتل الإبن أمه من أجل منصب !! أيعقل أن تقتل الأم إبنها من أجل منصب إبنها الآخر !!! 
من أسف أن هذه البيئة هي من عاش فيها من قام بكتابة الأحاديث و نسبوها لله عز و جل و لخاتم النبيين عليه الصلاة و السلام هذا مدخل مهم لتحليل ( عقلية ) الناس الذين عاشوا في تلك الفترة ) انتهى
 وقد نقلت نبذة مختصرة من المقال ليكون القارئ مدركا للموضوع  : (ونعطى لمحة عن أشهر جارية ملك يمين كان لها النفوذ الأكبر فى عهد زوجها وابنها ، و  الخيزران " هي أم الخلافة العباسية منذ عصر الخليفة المهدي ثالث الخلفاء العباسيين وحتى انقراض الخلافة العباسية في القاهرة بالفتح العثماني لمصر سنة 921 هجرية / 1517 م . تزوجها الخليفة المهدي بن الخليفة المنصور ، وأنجبت له الهادي ثم الرشيد وكلاهما تولى الخلافة . ومن نسل هارون الرشيد جاء كل الخلفاء العباسيين ومن ثم فهي أم الخلفاء العباسيين .لقد تمتعت الخيزران بنفوذ سياسي هائل في خلافة المهدي إلا أن ابنها الهادي لم يكن يرتاح إلى هذا حين كان وليا للعهد في حياة أبيه ، ولم يكن ذلك خافيا على أمه الخيزران لذا استغلت كل نفوذها حتى أقنعت زوجها المهدي بأن يقدم الرشيد في ولاية العهد على الهادي وفى محرم 169 كان المهدي قد صمم على تنفيذ رأى الخيزران  بتقديم الرشيد على الهادي ولكن سرعان ما مات  الخليفة المهدى بطريقة غامضة !! وتولى الخلافة الهادي ... فكان لابد أن تثور المشاكل بينه وبين أمه الخيزران وبدأ الصراع بينهما ، فقد التفت الهادي إلى أخيه هارون الرشيد يحاول أن يخلعه من ولاية العهد ليضع مكانه الطفل (جعفر ابن الهادي). وتحركت الخيزران لدرء هذا الخطر عن ابنها الرشيد .. ولم يكن لها أن تنجح في منع الهادي إلا بطريق واحد هو اغتيال الهادي .. إلا انه ليس من المنتظر أن تقدم الخيزران على اغتيال ابنها لذلك السبب وحده . لذلك  تأتى الفعلة الأخيرة من جانب الهادي لتجعل الخيزران تقتنع بأنها إذا لم تقتل الهادي فان الهادي سيقتلها وربما يقتل ابنها الرشيد أيضا .. فقد بعث لها الهادي بطعام مسموم مع رسالة منه إليها تقول : انه استطاب ذلك الطعام فأحب أن تأكل أمه منه ، وكانت على وشك أن تأكل ، لولا أن جاريتها (خالصة ) حذرتها ، وربما تذكرت المصير الغامض للخليفة المهدي من قبل ، وجاءوا بكلب أكل من ذلك الطعام فتساقط لحمه ومات ...
11 ــ ومع نجاة الخيزران من هذه المؤامرة إلا أن تآمر الهادي لم ينقطع عن أخيه الرشيد ، لذلك تحركت الخيزران فدست بعض الجواري فقتلن ابنها الهادي خنقا وهو نائم .. ومات الهادي سنة   170 هجريا . وبعثت الخيزران إلى يحيى بن خالد ليتولى عقد الخلافة للرشيد في نفس الليلة .  .
  وهذا هو رابط الموضوع لمن أراد الاستزادة: 
http://www.ahl-alquran.com/arabic/show_article.php?main_id=15143 
عندما قرات موضوع الخيزران وقتلها  ابنها  تذكرت ما قرأت عن الملكةتيهيا ملكة  الأمازيغ ،  تبنت ابنا عربيا ،وتعهدته وأحسنت إليه ولكنه خانها ونقل معلوماتها وخطتها الحربية لعدوها و كان السبب في موتها ونهايتها  ، فكانت المقارنة واجبة بين الشخصتين .. كلتاهما تحب النفوذ وتهوى السلطة ،هاتان الملكتان تتشابهان  أيضا بالتفاني في المحافظة على الملك بقبضة من حديد ، كلتاهما جميلة ، وأيضا قد حظيت كتاهما باهتمام تاريخي ،وكانتا محل اهتمام المؤرخين لكن الاختلاف بين الملكتين يتسع هوته لكي يصل لحد التناقض فيما يخص الخلق والعدالة والحنو والأمومة
نحن هنا  لا نتحدث عن ان إحداهما كانت ملكة والأخرى جارية  ،لا  !! لأن الله سبحانه خلق الناس أحرار  ، وربما كانت الخيزران ضحية قد غُرر بها  ،ونالت من الظلم  الكثير من جراء أسرها، وفراقها لأهلها وبلدها ، حيث كانت قبل ذلك  حرة  طليقة !! حديثي عن الاختلاف بين تيهيا التي  شعرت بالأمومة والحنان نحو أبناء لم تنجبهم بيد أن الخيزران لم ترتجف وهي تأمر بقتل ابنها ، لم أكن لأصدق أنها كانت بين خيارين : إما أن تقتله أو تكون هي القتيلة !!  كان بوسعها أن تتنازل لابنها وبطريقة عملية مع أخذ الحيطة والحذر اللازمان منه ، حتى تتقي شره ، كان بوسعها ان توقظ حنو الابن بعد أن ضيعته المؤامرات ، حيث كانت هي نفسها بطلتها  .. كان عليها الابتعاد, ولكن ولأنها  شخصيات تاريخية أصبحت تاريخا ملك للبشرية ،فدعنا ندرسها للعظة والاعتبار فإلى التفاصيل : 
 تيهيا  في سطور التاريخ .  .
ديهيا أو تيهيا، الملكة ديهيا بنت ماتيه بن تيفان[5] (585 م - 712 م)، المشهورة بلقب الكاهنة [6] قائدة عسكرية وملكة أمازيغية خلفت الملك أكسيل في حكم الأمازيغ وحكمت شمال أفريقيا [7] مدة 35 سنة[8] تشكل مملكتها اليوم جزء من الجزائر وتونس والمغرب وليبيا [9] وعاصمة مملكتها هي مدينة ماسكولا (خنشلة حاليا) في الأوراس.
قادت ديهيا عدّة حملات ومعارك ضد الرومان والعرب والبيزنطيين في سبيل استعادة الأراضي الأمازيغية التي قد أستولوا عليها في أواخر القرن السادس ميلادي وبدلاً من أن تتحول لملكة مكروهة عند المسلمين أصبحت إمراة شجاعة يحترمونها وأصبحت رمزًا من رموز الذكاء والتضحية الوطنية وورد ذكرها عند الكثير من المؤرخين المسلمين وقد تمكنت في نهاية المطاف من أستعادة معظم أراضي مملكتها بما فيها مدينة خنشلة بعد أن هزمت الرومان هزيمة شنيعة [10] وتمكنت من توحيد أهم القبائل الأمازيغية حولها [11] خلال زحف جيوش المسلمين واستطاعت ديهيا أن تلحق هزيمة كبيرة بجيش القائد حسان بن النعمان عام 693م وتمكنت من هزمهم وطاردتهم إلى أن أخرجتهم من تونس الحالية وطرابلس إلى منطقة تسمى اليوم بقصور حسان في سرت وانتهى حسّان إلى برقة فأقام بها حتى جاءه المدد من عبد الملك[12]. وما إن سمعت بتقدم جيش حسان حتى بادرت بتحرير مدينة خنشلة من الاحتلال الروماني وطردت منها الروم ثم هدمت حصونها لكي لا يحتمي بها جيش حسان. فاستنجد هؤلاء الروم بحسان بن النعـمان
وكان اللقاء بوادي مسكيانة وانتهت الحرب بتراجع حسان. وبعد هذه الهزيمة لحسان جعلته يهرب من المنطقة إلى غرب ليبيا سالما مع من بقي من جيشه تحت أنظار جيش ديهيا
ومن مظاهر إنسانية ديهيا أنها عندما تتبعت جيش حسان بن النعمان إلى تخوم تونس لم تخرب القيروان ولم تقتل المسلمين المتواجدين بها أو تقوم بالتنكيل بهم ثأرا وانتقاما، بل عادت برجالها إلى مقر عاصمتها بالأوراس، مما يعني هذا أن ثورتها كانت محلية وتستهدف من ورائها طرد المسلمون من بلادها إلى خارج أفريقية.
في مقابل إنهزامه سيطرت ديهيا على شمال إفريقيا لمدة خمس سنوات وتشكل مملكتها اليوم جزء من الجزائر وتونس والمغرب وليبيا [14]
ومما قامت به أنها بسلوك حضاري أفرجت عن جميع الأسرى وعددهم 80 أسير وأعطتهم الحرية بعد أن رأت بأم عينها سلوكهم وتعاملهم البسيط الموافق لفطرة الأمازيغ [3]
ثم قررت ديهيا إبقاء أسير عربي واحد من الأسرى بالأوراس، فكان خالد بن يزيد القيسي. تبنته وأقام عندها وعاش مع أبنائها الأخرين الذي تبنتهم أيضا ومنهم يوناني تبنته وأمازيغي 15]
وقد قال المؤرخ إبن عبد الحكم:
«فأحسنت ديهيا أسر من أسرته من أصحابه وأرسلتهم إلا رجلا منهم من بني عبس يقال له خالد بن يزيد فتبنته وأقام معها» – إبن عبد الحكم، فتوح أفريقيا والأندلس ص63
بعد مرحلة هزيمة حسان بن النعمان وقد كان على وشك الموت قرر أن يعيد الكرة لمقاتلة ديهيا، فأمده الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان بإمدادات عسكرية وعتاد ومؤن على الرغم من انشغالات الخليفة عبد الملك الكثيرة بإخماد الثورات المعارضة في الشرق والشام وشبه الجزيرة العربية، فإتجه حسان بجيشه صوب مملكة الأوراس لمنازلتها بعد أن جمع كل المعلومات التي أرسلت له من قبل معاونه خالد بن يزيد والتي تتعلق بالأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية والدينية التي كانت عليها مملكة الأوراس
ولما علمت ديهيا بخيانة خالد بن يزيد وقدوم حسان بن النعمان، التجئت إلى إستراتيجية الأرض المحروقة وهي خطة عسكرية أساسها هو تخريب الأراضي التي يطمع إليها العدو وتدمير أطماعه ونفذت هذه الخطة لدفع العرب الفاتحين للتراجع عن شمال أفريقيا على حد سواء، فقالت لأنصارها:
«إن العرب لايريدون من بلادنا إلا الذهب والفضة والمعدن، ونحن تكفينا منها المزارع والمراعي، فلا نرى لكم إلا خراب بلاد أفريقية كلها حتى ييأس منها العرب فلا يكون لهم رجوع إليها إلى آخر الدهر.
ديهيا في عيون المؤرخين
 – إبن عذاري ص35-3
وقد نشبت معركة أخرى بين ديهيا وحسان بن النعمان في منطقة جبال الأوراس فإنهزمت فيها ديهيا وأسباب إنهزامها هو أن خالد الذي تبنته خانها وغدر بها وسرب أخبار جيشها وخططها إلى حسن بن النعمان.
وقد قال المؤرخ الثعالبي عن ديهيا :
«وبعد معركة صارمة ذهبت هذه المرأة النادرة ضحية الدفاع عن حمى البلاد» – الثعالبي: المصدر السابق ص77
قال المؤرخ إبن خلدون:
«ديهيا فارسة الأمازيغ التي لم يأت بمثلها زمان كانت تركب حصانا وتسعى بين القوم من الأوراس إلى طرابلس تحمل السلاح لتدافع عن أرض أجدادها.» – إبن خلدون كتاب العبر الجزء السابع ص 11.
عائشة كنتوري ص156
بعد خمس سنوات من انهزام حسان أمام ديهيا، كتب إلى الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان بالواقعة يشرح من خلالها عن أسباب إنكساره الفعلية أمام أهل الأوراس وقد قال:
«إن أمم بلاد المغرب ليس لها غاية، ولايقف أحد منها على نهاية، كلما بادت أمة خلفتها أمم
وقد قال عنها المؤرخ ابن عذارى المراكشي:
«جميع من بأفريقيا من الرومان منها خائفون وجميع الأمازيغ لها مطيعون» – بن عذارى ـ ج1 ـ ص 37.
وبعد هذه مقارنة  أرجو المعذرة ان قصرت او أخطأت .. حيث أنني لست مؤرخة وليس هذا تخصصي فالتأريخ له أساتذته المبدعون  فيه.. كانت مصادري فيها ما تم نشره على الموقع من أبحاث عن الخيزران للدكتور احمد صبحي ، اكتفيت فيها بما نقلت و وضعت الرابط لمن أراد الاستزادة   .. وعن تيهيا ما جاء من معلومات عنها معروفة و مسجلة بمصادرها 
اجمالي القراءات 9492