مقدمة :
أجبت في فتوى فقلت بجواز الاجهاض للجنين قبل دخول النفس فيه ـ وأثارت ردود أفعال من بعض الأحبة فى الموقع ، ووعدت بالرد برؤية قرآنية شخصية ، وأقول مستعينا برب العزة جل وعلا :
أولا : رؤية عامة :
1 ـ الطب يبحث الجزء المادى من الانسان فقط ( أى الفيزيقا ) ، أى جسده الذى يمكن إخضاعه للبحث ، ولكنه لا يستطيع إخضاع ( النفس ) البرزخية التى تسيطر على هذا الجسد لأنها تنتمى الى عالم برزخى ، لايمكن لمسه . إنه ببساطة الفارق بين ( المخ ) الذى يمكن تشريحه ، والنفس التى تسيطر على هذا المخ ، ولكن تنتمى الى عالم الغيب أو ( الميتافيزيقا ) والذى جاءت عنه إشارات الاهية فى القرآن الكريم ، حديث رب العالمين .
2 ـ هناك نوعان من الحياة :حياة بسيطة ، وحياة الانسان بنفسه ، أى بالنفس التى تتحكم فى جسده . الحيوان المنوى هو ( كائن حى ) يتحرك ، ( البويضة ) كائن حى . هى نوعية الحياة التى توجد فى الأميبا ، وفى الحشرات وسائر المخلوقات التى تسعى وتتحرك . يتحرك الحيوان المنوى ويدخل البويضة فتتكون خلية حية ، تتكاثر لتكون قطعة ضئيلة من لحم ( تتعلق ) بجدار الرحم، أى ( علقة ). وتستمر فى التكاثر وتكبر لتكون قدر قطعة اللحم التى ( نمضغها) ، أى ( مضغة ). ويستمر التزايد فتتحول اجزاء من اللحم الى غضاريف وعظام ،ثم تكسو العظام اللحم . بعد إستكمال الهيكل العظمى ليشمل المخ والجدار العظمى الذى يحيط به ويحفظه تدخل النفس ويكون لهذا الجنين هوية ، أى يكون إنسانا ، أو بتعبير الخالق جل وعلا ( خلقا آخر ) ،هذه المرحلة ( الخلق الآخر ) هو خلق إنسان له نفس وهوية ، ويمكن تحديدها باستكمال الهيكل العظمى للجنين ، وتغير فى شكل الجنين ، كان قبلها يشبه أى جنين من الثدييات مثلا ، فيتحول الى خلق آخر ، ونشأة أخرى بظهور ملامح الوجه الانسانى واستكمال العمود الفقرى ، ويبدأ هذا من الاسبوع الحادى عشر ، ويستمر الى أن يخرج الجنين ( طفلا ) إنسانا فيه نفس قابلة للتعلم والتكيف مع المجتمع ، ويعيش فى هذه الدنيا العُمر المقدر له سلفا ، وفيه تكون ( النفس ) هى التى تقود الجسد . يقول الخالق جل وعلا : ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14) ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ (15) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ (16) المؤمنون ) .
3 ـ التشريع القرآنى يحرم (قتل النفس ) فطالما لم تدخل النفس فى هذه العجينة الجنينية فليس هنا قتل للنفس لأنها لم تأت بعد . بمعنى أنه قبل الأسبوع العاشر لا يوجد إنسان بل مشروع إنسان لم يكتمل ولم تدخل فيه النفس الخاصة به بعدُ.
4 ــ النفس بالنسبة لهذا الجسد كالسائق للسيارة . السيارة بدون سائق مجرد جماد ، إذا ركبها السائق تحولت الى ما يشبه الكائن الحى العاقل ، تسير وتصدر أصواتا و أضواءا ، وتطيع إشارات المرور وتعصيها ، وتقدم عملا طيبا وتقتل . ليست السيارة هى التى تفعل بل السائق المتحكم فيها . وهكذا هى النفس فى قيادتها للجسد . الجسد المادى فيه حياة من نوع الحياة الموجودة فى بقية المخلوقات ، هذه المخلوقات وغيرها قد سخرها رب العزة للإنسان بما فيه من ( نفس ) ، فالانسان بهذه النفس فيه هو الذى سخر له رب العزة ما فى السماوات وما فى الأرض جميعا منه (وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِوَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (13) الجاثية ) .
5 ـ ( الانسان ) فى هذه الدنيا هو جسد ترتديه النفس . حياة النفس فى الانسان شىء آخر مختلف عن بقية المخلوقات الأرضية . الجسد المادى للإنسان من تراب هذه الأرض وطينها ، أما النفس فمكانها البرزخ ، أى مستوى من الوجود ليس للعلم البشرى دخوله . كل الأنفس تم خلقها معا مرة واحدة ، ولكن لكل نفس موعدها التى تلبس فيها رداءها الجسدى ، حين تدخل الجنين الخاص بها . ويخرج طفلا فإنسانا ، يقضى فى هذه الدنيا الفترة المقدرة له سلفا ، ثم عند مجىء الأجل ( الموت ) تخرج النفس من ردائها الجسدى لتعود الى البرزخ الذى أتت منه . بعودة النفس الى برزخها الذى جاءت منه تظل فيه الى يوم البعث لتأتى يوم الحساب بجسد جديد هو عملها الذى عملته فى الدنيا ، وبه يكون حسابها ، ويكون مصيرها الى خلود فى الجنة أو خلود فى النار .والتفاصيل فى ( كتاب الموت ) . هذه النفس تغادر سجن الجسد مؤقتا لتعود الى برزخها تستريح فيه بالنوم ، وهو وفاة مؤقتة ، ولا تلبث أن تعود باليقظة فيعود الانسان للحياة ، ثم تفارقه نهائيا بالموت .وتنقطع صلتها بهذا الجسد المادى الذى ترتديه .
6 ـ بالموت (مفارقة النفس للجسد نهائيا ) يظل الجسد مجرد خلايا تتسلل منه نوعية الحياة التى كانت فيه ، ولكن يمكن بسرعة وبأجهزة الاعاشة الصناعية أن يستمر الجسد ينبض بحياة بسيطة الى حين . الطب الحديث الذى لا يعرف كُنه النفس ولا يرى فى الانسان سوى مجرد هذه الخرقة ( الجسد ) يظن أن هذا الجسد الذى يتعيش بالوسائل الصناعية هو نفس الانسان الذى كان . لا يعرف أن الانسان قد مات بموت نفسه وتركها اللباس الذى كانت ترتديه، وان النفس قد تركته مجرد (جثة ) أو بالتعبير القرآنى ( سوأة ). ويثور الجدل حول قطع وسائل الاعاشة الطبيعية لهذه الأجساد التى يعتبرونها دخلت فى ( كوما ) أو إغماءة . طبعا فهذه الاعاشة الصناعية لجسد ميت لا تُجدى بل يتغير الجسد لأنه مجرد جثة ، ولكن جرى تنشيطها قبيل موت خلاياها فعاشت حياة صناعية مؤقتة الى حين ، وبمجرد قطع وسائل الاعاشة الصناعية يتحلل الجسد كأى جثة .
7 ـ بالاستنساخ يمكن تنمية خلايا من جسد الانسان ، لتكون قطع غيار . وهذا باستغلال الحياة البسيطة فى الخلايا الحية . ولكن لا يمكن (تخليق إنسان ) ، لأن هذا يستلزم إدخال النفس ، وهذه هى النشأة الأخرى التى لا يملكها سوى الخالق جل وعلا . وبالاستنساخ أمكن تخليق بعض الحيوانات والنباتات ، وهذا هو الفارق بين الانسان والحيوان . فليس للحيوان نفس .
ثانيا : تفصيلات فى مراحل الانسان قبل أن يكون إنسانا الى البعث :
خلق الانسان من تراب وطين :
1 ـ يقول جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنْ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً )(5) الحج ).
2 ـ التراب هو البداية .ويعنى ما فى الأرض من معادن وعناصر طبيعية ، هى أساس الحياة فى كل خلية حية . وباختلاط التراب والماء يكون الطين : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) المؤمنون). الانسان البالغ يأكل التراب ويشرب الماء ، أى العناصر الطبيعية فى التراب والتى تتشكل بالماء الى حبوب وخضروات ، وتتعذى عليها الحيوانات والطيور ، والانسان يأكل من نبات الأرض ومن لحوم حيواناتها وطيورها . التراب والطين هو الأصل فى هذا الغذاء ، وهذا الغذاء يتحول فى جوف الانسان الى طاقة وبروتينات تتجدد بها خلاياه ،ومن سلالة مختارة منتقاة من المهضوم من هذا الغذاء تتكون البويضة والحيوانات المنوية .وبتلقيح البويضة بالحيوان المنوى تتكون النطفة .
النطفة:
1 ـ هى ( الزيجوت ) أو الخلية الأولى للجسد الانسانى بعد تلقيح البويضة . وهذه النطفة توضع فى الرحم الذى وصفه الخالق جل وعلا بأنه (قرار مكين ) :( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) المؤمنون )،( أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (20) فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (21) المرسلات ). هذا القرار أو المستقر المكين هو أعظم وصف للحماية التى يوفرها الرحم للجنين . وفى هذا الرحم تتوالى عمليات الخلق لهذه النطفة فى مستقرها المكين المٌحاط بظلمات ثلاث ، يقول جل وعلا : (يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ ذَلِكُمْ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (6) الزمر).
2 ـ وبمجرد التلقيح يتحدد جنس الجنين ذكرا أو أُنثى،يقول جل وعلا :( وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى (45) مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى (46) القيامة ) ،أى إذا إخترقها الحيوان المنوى ـ تحدد جنس الجنين فى مرحلة النطفة .
ما بعد النطفة الى النشأة الأخرى ( دخول النفس ) :
1 ـ عن مراحل تطورات الجنين فى الرحم يقول جل وعلا رب العالمين:( يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ ) 6) الزمر).وهذا فى تقدير زمنى محدد (فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (21) إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ (22) فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ (23)المرسلات ).
2 ـ تنقسم هذه المراحل للجنين فى الرحم الى مرحلتين: الأولى : ( نطفة ، علقة ، مضغة ، ثم هيكل عظمى ) بعدها: ( النشأة الأخرى ) بدخول النفس فى الجنين وصيرورته إنسانا يحرم قتله ، أو إجهاضه . يقول جل وعلا : ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14 ) المؤمنون ). أى فالجنين يبدأ قطعة ضئيلة من اللحم تكبر ويتكون لها هيكل عظمى ، ثم تدخل النفس فتكون إنسانا ، لا يلبث أن يخرج طفلا ، ويدخل فى مراحل أخرى من الطفولة الى الشباب ثم الشيخوخة فالموت: ( هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلاً مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (67)غافر).
3 ـ هذا (الخلق الآخر) هو الذى أنشأه الخالق جل وعلا: (ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ) هو تحول الجنين الى إنسان ، بنفخ النفس فيه . وبالتالى هى نشأة الأخرى مختلفة ، قال عنها رب العزة جل وعلا : ( وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى (45) مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى (46) وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الأُخْرَى (47)النجم) . فعليه جل وعلا نفخ هذه (النفس بالذات ) فى (هذا الجنين بالذات ) فى ( الموعد المحدد له بالذات ) ثم يكون طفلا ويعيش الى وقت موته ( المحدد له بالذات ). بل إنه حين يولد يبدأ العد التنازلى لموعد موته فكل شىء مكتوب ومحدد ، يقول جل وعلا : (وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجاً وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلا تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (11) فاطر ) .
4 ـ وكل نفس برزخية تحمل منذ خلقها فى البرزخ ملامح الشخص الذى سترتدى جسده ، أى نفس صورته ، وذلك قبل خلق آدم ونفخ النفس فيه . يقول جل وعلا عن خلق الأنفس من قبل ـ مرة واحدة ولكن بملامح مختلفة، : (وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ )(11) الاعراف ). ثم يأتى تصوير الجسد متطابقا ـ فى مراحله المختلفة ـ مع صورة نفسه ، يقول جل وعلا عن تصوير الجنين بالنشأة الأولى والتى اصبح بها الجنين إنسانا : ( هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (6) آل عمران ). لا يفعل هذا إلا الله جل وعلا الذى لا إله غيره ولا إله معه ، العزيز الحكيم . هذا التصوير يشمل ملامح الوجه والجسد ، وتغيرها وتطورها حتى من الطفولة الى الشيخوخة . ويبدأ هذا كله بالنشأة الأولى بدخول النفس الى الجنين.
5 ـ ولنتأمل قوله جل وعلا يخاطب الانسان :( يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (7) فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ (8) الانفطار ).
64 ـ هذا الخلق الآخر جاءت الاشارة اليه فى قوله جل وعلا فى خطاب مباشر مع الانسان : ( أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ (58) أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ (59) نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمْ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (60) عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لا تَعْلَمُونَ (61) وَلَقَدْ عَلِمْتُمْ النَّشْأَةَ الأُولَى فَلَوْلا تَذكَّرُونَ (62)الواقعة ). هنا أسئلة لا يملك الانسان الاجابة عنها إلّا بالتسليم، فهو وحده خالق المنى الذى يخرج منا ، ونحن لا نستطيع الفرار من قدر الموت ، وهو وحده جل وعلا القادر على أن يبدلنا ويعيد إنشاءنا . وفى نهايتها يقول جل وعلا لنا : (وَلَقَدْ عَلِمْتُمْ النَّشْأَةَ الأُولَى فَلَوْلا تَذكَّرُونَ ). لا تستطيع النفس البشرية تذكر الوقت الذى دخلت فيها جنينها ، بل لا تستطيع النفس البشرية تذكر سنوات الرضاعة .
5 ـ وقبل دخول النفس فى الجنين ــ لم يكن الانسان شيئا مذكورا ، مجرد قطعة لحم . يقول جل وعلا : ( هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً (1) الانسان )
ودائما .. صدق الله العظيم ..