( هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى ) ؟
1 ـ قال الاستاذ شكرى الساقى تعليقا على مقال : ( الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنْ الْكِتَابِ ) : (كان دائما لدي تساؤل حول قدرة الشيطان على لم شمل اتباعه على مر العصور ...ولعل القرآن يوضح ويحدد تلك المواضيع والمعتقدات المتكررة التي يستميل بهاالشيطان اتباعه بالرغم من تغير العصور والثقافات والالفاظ حتى الا انها تبقى هي نفسها تلك المعتقدات والافكار ...فيا ليتك اخي العزيز تفرد لها موضوعا توضح فيه تلك المعتقدات وما الدافع النفسي لمتبعيها هل هو الخوف من الموت او حب الملذات الدنوية او غيرها تلك التي تجعل اغلب الناس يسمعون كلام ابليس ويكفرون بكلام رب العزة جل وعلا ).
2 ـ ومع الشكر الجزيل للاستاذ ( شكرى ) أقول :
أولا : الرجوع الى الأصل : قصة أبينا آدم :
1 ـ كان آدم وزوجه يعيشان فى نعيم الجنة البرزخية ،وقد منحهما رب العزة التمتع بما فى الجنة وأن يأكلا من حيث شاءا ، دون الاقتراب من شجرة معينة هى محرمة عليهما : (وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنْ الظَّالِمِينَ (19) الاعراف ). وقد حذرهما رب العزة مقدما من خداع الشيطان حتى لا يخرجهما من تلك الجنة : ( وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى (116) فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنْ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى (117) إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلا تَعْرَى (118) وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيهَا وَلا تَضْحَى (119) طه )
2 ـ كان كل شىء فى الجنة ميسّرا لهما ، لا جوع ولا ظمأ ولا تعب ولا شقاء . كان ينقصهما شيئان فقط : ملكيتهما للجنة ، وخلودهما فيها الى الأبد بلا موت . ومن هنا كان خداع الشيطان لهما . يقول جل وعلا : ( فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى (120) طه ) وأغواهما بالأكل من الشجرة المحرمة ، بعد أن أقسم لهما إنه لهما من الناصحين ، فإقتنعا بأن الأكل من هذه الشجرة سيهبهما الخلود وتملك الجنة:( فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنْ الْخَالِدِينَ (20) الأعراف ) يعنى التشكيك فى تشريع رب العزة لهما ـ أى لماذا نهاهما عن الأكل من تلك الشجرة بالذات ؟ وأنه حرمانهما من أن يكونا من الملائكة ، أو من الخلود . وأقسم لهما بأنه من الناصحين : ( وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنْ النَّاصِحِينَ (21)الاعراف ) . وبمجرد أكلهما من الشجرة المحرمة ظهرت لها أعضاء جسديهما المادية ، وكان هبوطهما الى الأرض المادية التى تكاثر فيها أبناء آدم .
3 ـ ويتسلط الشيطان على بنى آدم بنفس الغواية : الخلود والملكية، أو (شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى )، ومعظم البشر يقعون ضحايا للشيطان بسبب :(شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى ).
ثانيا : ونعطى بعض الأمثلة عن :(شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى ) فيما يخص تملك المال ووراثته :
1 ـ أى إنسان لديه ذرة من التعقل يعرف أنه سيموت ، وهو يرى الناس تموت من حوله ، وهو يعرف أن أجداده ماتوا من جده المباشر الى آدم أبى البشر . ومع إيمانه بحتمية موته وأن الموت ينتظره لا محالة ، وأنه لا مهرب من الموت فإنه ـ بسبب تسلط الشيطان يتصرف عكس ذلك تماما ، يتصرف كأنه خالد لن يموت ، ويتشابك هذا الاحساس بخلوده مع غريزته فى التملك،فينشغل ب ( تملك )أكبر قدر مستطاع من ( الممتلكات ) ، ليجمع بين ( شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى )، ثم يأتيه الموت ويفقد كل ما جمع من ممتلكات . ويرثه الأقربون والآخرون ، وهم لا يتعظون بموته وأنه ( ترك ) لهم ( ممتلكاته ) فيرثونها ، وقد يتصارعون حولها ، وتتكرر نفس القصة ، الوارث يرث ، ثم يصبح الوارث موروثا .
2 ـ لم يتعظ البشر بهلاك السابقين ومجىء من بعدهم يرثهم ، وأولئك ( الورثة ) يرتكبون نفس الخطايا ــ إتباعا منهم للشيطان ومقولة (شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى )، وبعد أن قصّ رب العزة قصص بعض الأمم السابقة قال جل وعلا عمّن ورثهم : ( أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ (100) الاعراف ).
3 ـ إن البشر ليسوا فى الحقيقة مالكين لما فى الأرض ، بل قد خوّلهم رب العزة أن يستغلوا ما فيها ، كل منهم بمقدار الرزق الذى حدده له رب العزة وفى العمر المحدد له أن يعيش حيا يسعى فى هذه الأرض ، ولذا فالمؤمن هو الذى يفهم معنى أن رب العزة جل وعلا قد إستخلفه فى هذه الثروة ، وعليه أن ينفق منها فى سبيل رب العوة جل وعلا . يقول رب العزة جل وعلا : (آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ (7) الحديد ) . إن لم يفعل فسيقال له يوم القيامة : (وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمْ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُمْ مَا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ (94) الانعام )
4 ـ إن هذه الأرض التى نعيش فيها ليست نفسها خالدة ، فمصيرها الفناء ، وأن يرثها خالقها جل وعلا ، هى ومن عليها ، واليه جل وعلا سيرجع البشر فى يوم القيامة : يقول جل وعلا : ( إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ (40) مريم ) .
5 ـ الميراث الحقيقى الخالد سيكون فى الأرض الأزلية الخالدة يوم القيامة حيث ستكون جنة عرضها السماوات والأرض أُعدّت للمتقين ، وهذا ما ينبغى العمل له فى الدنيا تنافسا وتسابقا فى الخير ، يقول جل وعلا :( سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (21) الحديد )، ومسارعة إثناء حياة الانسان قبل أن يدركه الموت ، يقول جل وعلا : (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) آل عمران ). السماوات الحالية والأرض الحالية سيتم تدميرها ، وستأتى أرض أزلية خالدة قد كتب رب العزة أن الذى سيرثها عباده الصالحون : ( يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ (104) وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِي الصَّالِحُونَ (105) الانبياء ) .
هنا تكون الوراثة الحقيقية للجنة ، يقول جل وعلا عن جزاء المؤمنين المفلحين : ( أُوْلَئِكَ هُمْ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (11) المؤمنون ) ، ويقول عن الجنة ومن يرثها : ( تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيّاً (63) مريم ) ، وسيقال لأصحاب الجنة أنهم ورثوها بما عملوه من عمل صالح : ( وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (72) الزخرف ).
6 ـ وتأتى كلمة ( صاحب ) من الصُحبة ، وقد تعنى (الملكية ) ، ومنها تكرر مصطلح ( أصحاب الجنة ) و ( أصحاب النار ) عن جنة الآخرة وعن نار الآخرة . والملكية الخالدة للجنة هى تمام النعيم ، يقول جل وعلا عن تمام ملكيتهم لنعيم الجنة : (لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ (35) ق ) .
7 ـ وهكذا يخدع الشيطان معظم البشر بما خدع به أباهم آدم من قبل ب :(شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى ) ، فيفقدون الملكية الحقيقية الخالدة فى نعيم الجنة ، ويأخذون بدلا منها خلودا فى النار .
ثالثا : لو دامت لغيرك
1 ـ ( عبد الفتاح السيسى ) الضابط العسكرى المصرى الذى يحكم مصر الآن لم يكن شيئا مذكورا من بضع سنوات . بعد الثورة الشعبية المصرية فى 25 يناير 2011 ، بدأ إسمه يظهر على إستحياء ، ثم أوصلته مظاهرات مصرية مليونية الى مقعد الرئاسة . هذا السيسى شهد مجىء ورحيل اربعة متحكمين فى رئاسة مصر ( مبارك / طنطاوى ، محمد مرسى ، عدلى منصور ) ، ومع ذلك فبمجرد أن أوصله الشعب المصرى لكرسى الرئاسة عصف بالمصريين تعذيبا وقهرا واستبدادا . رأى كرسى الرئاسة قد تغير الجالسون عليه خلال بضع سنوات ، وبالتالى فلو دام كرسى الرئاسة لغيره ما وصل اليه خلال سنوات قلائل ، ولكنه إستحوذ عليه الشيطان فأنساه نفسه ، وظن أنه وحده الذى سيبقى رئيسا الى الأبد بقواته المسلحة .
لم يسأل نفسه يوما : هل أغنت القوات المسلحة شيئا عن سيده حسنى مبارك أو سيده طنطاوى ؟ هل أغنت القوات المسلحة شيئا عن فرعون موسى ، الذى تفاخر بملكيته ( المزعومة لمصر ) حين أعلن فى مؤتمر لأتباعه وجنده ( وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ (51) الزخرف ) . فى ذروة غروره أقنعه شيطانه أنه (قاهر ) فوق المستضعفين فقال : ( قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِ نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ (127) الاعراف ) ، وكانت نهايته جثة تلفظها أمواج البحر الأحمر جعلها الله جل وعلا آية لمن خلفه، ولكن أكثر البشر غافلون : (فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِنْ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ (92) يونس ).
هذا الضابط المصرى الذى رفعه المصريون الى كرسى الرئاسة فعصف بهم وطغى وتجبر هو مجرد رقم من بلايين الأكثرية من البشر الذين هم عن آيات الرحمن غافلون ، ولماذا هم غافلون ؟ . لأن الشيطان خدعهم كما خدع أباهم آدم ب : :(شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى ). ولماذا يغفل السيسى عن هذه الحقيقة : ( أنه زائل وسيموت حتما ، وأنه لا بد أنه سيترك كرسى الحكم بالموت أو بالعزل ) ؟ لأن الشيطان خدعه بأن كرسى الحكم ملكية خاصة به ، وأنه خالد فيه . إبتلع السيسى مقولة :(شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى ).!
2 ـ ليس السيسى وحده . من مطلع التاريخ البشرى وحتى اليوم فكل مستبد يقع فى نفس الفخّ ، المستبد يرث نفس العقلية ويتصرف نفس التصرف ، وما أروع التعبير القرآنى الذى سيقال لهم وهم فى النار : ( وَسَكَنتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمْ الأَمْثَالَ (45) ابراهيم ) . هناك مستبد يرث الحكم ويعيش فى نفس القصر ، ومن المنتظر أن يقترف نفس الكبائر . ولكن العجيب أن يأتى ( متغلب ) على الحكم بثورة أو فتنة ، كان قبلها صعلوكا أو قاطع طريق ، أو قائدا عسكريا خشنا ، فتراه يسكن نفس القصر ويلبس نفس الزى ويقترف نفس الجرائم ، وربما أسوا ، ويبدأ ب( الانتقام ) ممن أوصله للحكم من مساعديه لينفرد بالسلطان . وفى حالة هذا الضابط المصرى ( عبد الفتاح السيسى ) فهو ينتقم من الشعب الذى أوصله للحكم .
ولكى يحافظ على ( مُلكه و عرشه ) لا بد أن يستبد وأن يطغى وأن يظلم. وطاحونة الظلم للمستبد تزيده رُعبا ، فيعالج الرعب بمزيد من الظلم ، وكلما إزداد ظلما إزداد رُعبا ، وكلما إزداد رعبا إزداد ظلما ، ويظل يدور فى هذه (الحلقة الشيطانية ) عبدا ( للشيطان ) الى أن يدركه الموت أو القتل أو العزل ، ليأتى بعده من يكرر مسيرته . ولذلك نعرف روعة التشريع الاسلامى فى الديمقراطية المباشرة ، ونتحسّر كيف طبقها الغرب فأنقذوا أنفسهم من حمامات الدم التى يعايشها ( المسلمون ) حتى الآن ..!
رابعا : سبيل النجاة من :(شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى )
رحمة الله جل وعلا خير مما يجمعون :
1 ـ الموت ـ عاديا ـ أو بالقتل ـ هو حتمى ، والمؤمن بهذا يعمل لكى ينال رحمة الله جل وعلا ومغفرته ، وهذا خير مما يجمعه فى الدنيا من مال وجاه ، يقول جل وعلا :( وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنْ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (157) آل عمران )
2 ـ ويقول جل وعلا عن الموعظة القرآنية : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (57) قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (58) يونس ) ، فالمؤمن يفرح برحمة رب العزة جل وعلا وفضله ، فهو خير من كل ثروات الدنيا الزائلة .
3 ـ وبمقياس العظمة الكاذبة الدنيوية القائمة على الظلم والثروة والجاه إستكثر مشركو مكة نزول القرآن الكريم على محمد بن عبد الله ـ خاتم النبيين عليه وعليهم السلام : ( وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنْ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ (31) الزخرف ) . وجاء الرد الالهى عليهم ، بأن الله جل وعلا هو الذى قسم بينهم أرزاقهم ورفع بعضهم فوق بعض فى الثروة والمال ، ورحمة الله جل وعلا ــ لمن يستحقها ـ خير مما يجمعون ، يقول جل وعلا : ( أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (32) الزخرف )
(وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ )
1 ـ تحكم الشيطان فى الانسان يؤسس فيه الأنانية ، تلك الأنانية التى تجعل الأخ يقتل أخاه تنافسا على المُلك والتملك ، هذه الأنانية مرض يسميه رب العزة ( الشُّح ) ، ولأنه مرض ، فإن الذى يقى نفسه من مرض الشُّح هذا يكون من المفلحين فى الآخرة . يقول جل وعلا يخاطب المؤمنين : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْراً لأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (16) التغابن ).
2 ـ وفى دولة النبى عليه السلام فى المدينة كان هناك من تملكه ( الشُّح ) من المنافقين الظاهرين والمنافقين الذين مردوا على النفاق . بينما كان منهم السابقون الأولون الفائزون الذى تخلصوا من مرض شُح النفس ، فكانوا يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ، يقول جل وعلا : ( وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (9) الحشر ) . مرضى الشُّح من الصحابة ما لبث أن حكموا بعد موت النبى وأقاموا ما يسمى بالخلافة ) وأرتكبوا جريمة الفتوحات فنشروا حمامات الدم فى الداخل والخارج معا . وتأسست بفتوحاتهم أديان أرضية شيطانية ، أحقرها الوهابية الحالية التى أنتجت داعش وأخواتها .
أخيرا
من خدعهم الشيطان ب :(شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى ) ، مصيرهم أن تتملكهم جهنم ، وسيقول لهم رب العزة جل وعلا : ( أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (60) وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61) وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلاًّ كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (62) هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ (63) اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ (64) يس )
ودائما : صدق الله العظيم .!!