شاهد عيان علي تفاصيل وكواليس قرار البرلمان الأوروبي
الفجيري: إذا كانت الاتفاقيات الدولية تؤلم وزارة الخارجية فلماذا وقعت علي خطة العمل التي تتضمن بندا ع

في الخميس ٢٤ - يناير - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

نصف ساعة فقط هي المدة التي استغرقتها كلمة معتز الفجيري، عضو اللجنة التنفيذية للشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان أمام البرلمان الأوروبي في جلسة الاستماع التي خصصها مساء 18 ديسمبر الماضي لبحث أوضاع حقوق الإنسان في مصر في إطار سياسة الجوار الأوروبية.
معتز: الذي لم يصل الثلاثين من عمره بعد، كان المصري الوحيد الذي حضر جلسة الاستماع التي كانت تمهيدا لصدور قرار إدانة من البرلمان الأوروبي لأوضاع حقوق الإنسان في مصر، وهو القرار الذي أثار الحكومة المصرية، وأحدث عواصف وموجة من الرفض الرسمي المصري الذي وصف القرار بأنه «تدخل سافر» في شؤون مصر الداخلية فيما رحبت به المنظمات الحقوقية المصرية، وانقسم الرأي العام المصري حوله.
* لماذا حدث كل هذا الجدل والشجب الرسمي من الحكومة المصرية لقرار الإدانة الأوروبي لحقوق الإنسان في مصر؟
ـ لأنه قرار غير متوقع ومفاجئ للمنظمات الحقوقية المصرية قبل أن يكون «صدمة» للحكومة المصرية، لأن المنظمات الحقوقية في مصر أصابها القلق من عدم فعالية سياسة الجوار الأوروبية في تدعيم سياسات حقوق الإنسان مع جيرانها في جنوب البحر المتوسط منذ انطلاق عملية الشراكة الأورومتوسطية، في برشلونة عام 1995،
لقد كان طموح هذه الشراكة هو تطوير منطقة أورومتوسطية تسود فيها قيم السلام والأمن والرخاء، لكن المجلس الأوروبي والمفوضية الأوروبية لم يصدر عنهما أي مواقف تجاه الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان حفاظا علي علاقتهما بالأنظمة الحاكمة.
* هل من حق الهيئات التابعة للاتحاد الأوروبي إبداء انتقادات لأوضاع حقوق الإنسان في الدول المرتبطة معها بشراكة؟
ـ ببساطة نعم.. بل دعني أقل لك أكثر من ذلك.. إن الحكومة المصرية التي آلمها هذا القرار، وتسابقت وزاراتها وهيئاتها البرلمانية لانتقاده هي التي وافقت علي قيام البرلمان الأوروبي بهذه الخطوة، ووقعت الحكومة المصرية في 7 مارس 2007 علي خطة العمل المصرية ـ الأوروبية،
وهذه الخطة صدقت عليها الحكومة، وبعد ذلك تأتي الخارجية المصرية اليوم لتهاجم البرلمان الأوروبي لأنه استخدم حقه في اتفاقية مشتركة، أنا أريد أن أقول لوزير الخارجية السيد أحمد أبوالغيط: «إذا كانت هذه الاتفاقيات تزعجكم، فلا توقعوا عليها في المستقبل».
* ما قصة هذا القرار الأخير من البرلمان الأوروبي الذي أدان الحكومة المصرية في مجال حقوق الإنسان؟
ـفي 18 ديسمبر 2007، تمت دعوة العديد من المنظمات الحقوقية الدولية التي تعمل بشكل قريب من أعضاء البرلمان الأوروبي وتقوم بدور الوسيط بين البرلمان الأوروبي والمنظمات الحقوقية العربية والمصرية، ومن أهم هذه المنظمات «الوسيطة»: الشبكة الأورومتوسطية، لحقوق الإنسان، والفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان.
وفي الحقيقة لم تكن هذه هي المرة الأولي التي يدعو فيها البرلمان الأوروبي منظمات وأعضاء من المجتمع المدني المصري للحديث عن أوضاع حقوق الإنسان في مصر، لقد حدث هذا في السابق، وكان له دور في إصدار قرار مشابه في أبريل 2006 ينتقد أوضاع حقوق الإنسان في مصر،
وكانت لهجته مخففة، واستمرارا لهذا النهج من البرلمان الأوروبي، دعت اللجنة الفرعية لحقوق الإنسان التابعة له الشبكة الأورومتوسطية لجلسة الاستماع السابق الإشارة إليها، والتي خصصت لمصر، وتواكب ذلك مع هذا التراجع الملحوظ الذي شهدته مصر في مجال حقوق الإنسان.
وكانت لي مداخلة ألقيت فيها كلمة استغرقت نصف ساعة خلال النقاشات المطولة في هذه الجلسة المهمة، وكنت المصري الوحيد الذي حضر النقاش.
* بأي صفة شاركت في جلسة الاستماع في البرلمان الأوروبي؟
ـ شاركت بصفتي عضو اللجنة التنفيذية في الشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان، وركزت ورقة العمل التي قدمتها علي فرص تدعيم الديمقراطية، وحقوق الإنسان في مصر في إطار سياسة الجوار الأوروبية.
* ما الذي ناقشته الجلسة؟
ـ ناقشت كل أوضاع حقوق الإنسان في مصر، وأنا أريد أن أؤكد أن كل هذه المناقشات تمت تحت مظلة خطة العمل الموقعة بين مصر والاتحاد الأوروبي في مارس 2007 في إطار سياسة الجوار الأوروبية، والتي بموجبها فإن هناك مساعدات يمنحها الاتحاد الأوروبي للحكومة المصرية لتدعيم سياسات الحكم الرشيد وتدعيم الديمقراطية وتحسين المعيشة
وأوضاع حقوق الإنسان والديمقراطية، ومن بنودها المهمة أنه يحق للاتحاد الأوروبي ولمصر انتقاد أوضاع حقوق الإنسان في كلا الطرفين، وبالتالي فما نقوم به كمجتمع مدني مصري يتم بعلم الحكومة المصرية وبموافقتها أيضا.
* هل هذا الوضع يدعونا لتفهم أسباب الهجوم المصري الرسمي علي أوضاع الأقليات والمسلمين في أوروبا في أعقاب قرار الإدانة الأخير؟
ـ لا أعتقد أن هذه الملاحظات المصرية تتجاوز في قيمتها حدود رد الفعل علي الانتقادات الواضحة لحقوق الإنسان في مصر، وعلي أية حال، فمن حق مصر طبقا للخطة توجيه مثل هذه الملاحظات للاتحاد الأوروبي.
* لكن الخارجية المصرية قللت من أهمية القرار، وأشارت إلي أنه تم تمريره بأقلية محدودة من النواب؟
ـ هذه مغالطة كبري هدفها التهوين من أهمية القرار الأخير للبرلمان الأوروبي، وأنا أستغرب لجوء الحكومة المصرية ووزارة خارجيتها لهذه السياسة الانفعالية في الهجوم علي البرلمان الأوروبي الذي يعتبر أكثر جهة تقدمية في الاتحاد الأوروبي، وأكثرها دعما للحريات مقارنة بالمفوضية الأوروبية والمجلس الأوروبي، بالرغم من أنها جهات تنفيذية،
ثم إن الكلام عن أن قرار الإدانة مر بأقلية في البرلمان الأوروبي هو كلام مردود لأن البرلمان الأوروبي لا يشترط موافقة ثلث أعضائه علي الأقل للموافقة علي القرارات، إلا إذا أجمع 40 عضوا علي رفض التصويت علي أي قرار.
* النائب محمد أبوالعينين قال إن رئيس البرلمان الأوروبي أخبره أنه غير موافق علي هذا القرار؟
ـ حتي لو كان هذا الكلام صحيحا فلا طائل منه، وهل نسيت وزارة الخارجية المصرية أن البرلمان الأوروبي سيد قراره ولا يخضع لضغوط حكوماته أو من أي أحد؟
* ما هو التأثير المحتمل لهذا القرار علي مصر؟
ـ لن يكون له أي تأثير علي المساعدات الاقتصادية التي تقررها المفوضية الأوروبية، أو المجلس الأوروبي إلا إذا أخذت المفوضية هذا القرار علي محمل الجد، ومن وجهة نظري فقيمة القرار تنبع من هذا الجدل الإعلامي.
* كيف؟
ـ في الخطة تتعهد الحكومة بحرية تنظيم منظمات المجتمع المدني فتغلق منظمتين في 2007 وتقيد قانون الجمعيات الأهلية، في الخطة تتكلم عن مواجهة التعذيب فتزداد حالاته خلال العام الماضي، وليست هناك آلية واضحة لمواجهته، تتحدث عن استقلال القضاء فيحال اثنان من القضاة للمحاكمة التأديبية، ولا تفعل قانون استقلال القضاء.
* وهل تتوقع تأثيرا لهذا القرار علي المفوضية الأوروبية؟
ـ أنا أشك بصورة كبيرة في ذلك لأن القرار الحالي أحرج المفوضية الأوروبية التي كانت تتهافت علي إبرام عقود مع الحكومة بمساعدات طائلة ودون أي ضمانات حقيقية لاحترام حقوق الإنسان في مصر.
* هل تربط هذا التراجع بموقف الولايات المتحدة من الإصلاح الديمقراطي في المنطقة؟
ـ أربطه بموقف الولايات المتحدة وبتنامي دور هذه الدول في الشرق الأوسط إلي جانب تراجع المزاج العالمي لحقوق الإنسان في العالم.

اجمالي القراءات 4291