قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَانُ مَدًّا.
عزمت بسم الله،
في هذه الأيام كثر حديث المنتقدين لدين الله المتجرئين على الله تعالى الرحمان الرحيم، منهم من أعلن إلحاده وكفره بالقرءان العظيم، والتشكيك في كونه من عند الله تعالى، تُرى ما سبب هذه الظاهرة الغريبة؟ هل لهؤلاء مبررات لنكرانهم وجود الله الخالق لكل شيء، والمرسل الرسل مبشرين ومنذرين؟
ألم يخلقهم الله تعالى من ماء مهين وهو المالك لحياتهم وموتهم؟
ربما يقول بعضهم إن ما جعلهم ينكرون وجود الله ورسالته الخاتمة ( القرءان العظيم) وجود الاختلاف الكبير بين المذاهب والفرق الإسلامية، وما آل إليه المسلمون في شتى بقاع الأرض، من تقتيل ومكر وإفساد في الأرض.
أقول لهؤلاء نعم، إن ذلك مما يُؤسف له ويجعل الولدان شيبا، لأن وجود أعداء الله والدين من يوم وفاة النبي محمد عليه وعلى جميع الأنبياء السلام، فقد اختلف الصحابة قبل دفن الرسول، وكادت الحرب تشتعل بين المهاجرين والأنصار، فكانت الغلبة لقريش وبدأت مصانع الروايات المنسوبة إلى الرسول كذبا وزورا تصنع، مثل هذه: 12923 حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا الأعمش عن سهيل بن أبي الأسد عن بكير الجزري عن أنس قال ثم كنا في بيت رجل من الأنصار فجاء النبي صلى الله عليه وسلم حتى وقف فأخذ بعضادة الباب فقال الأئمة من قريش ولهم عليكم حق ولكم مثل ذلك ما إذا استرحموا رحموا وإذا حكموا عدلوا وإذا عاهدوا وفوا فمن لم يفعل ذلك منهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين . مسند أحمد ج 3 ص 183 قرص 1300 كتاب.
من ذلك اليوم بدأ التكالب على الحكم وبدأ القتل والفساد في الأرض، فقد نُصِّب أبو بكر خليفة لرسول الله، ومن الأعمال الأولى التي قام بها قتال من رفضوا بيعته، متسترا بدعوى أنهم مرتدين عن دين الله تعالى، بينما نجد أن الرسول لم يقاتل المنافقين الذين كانوا يعيشون معه في المدينة، لأن الله تعالى يقول: وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ(217). البقرة. لاحظوا قول الله تعالى (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) فهل أمر الله تعالى قتالهم؟ كلا وألف كلا بل توعدهم بإحباط أعمالهم في الدنيا والآخرة، وحكم عليهم بالخلود في النار يوم الدين، وما يؤكد ذلك هو قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنْ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا(137). النساء.
أعود إلى واقعنا وما نسمع ونقرأ عن بعض المعلنين إلحادهم وأذكرهم ونفسي بقول الله تعالى: وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا(73)وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا(74)قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَانُ مَدًّا حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضْعَفُ جُندًا(75). مريم. لاحظوا قول الله تعالى (قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَانُ مَدًّا) الذين يبغون الضلال يمدهم الرحمان مدا، أي يتركهم على ضلالهم ولا يهديهم سبله، أما الذين اهتدوا فيزيدهم هدى . وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى ... إلى أن يقول سبحانه: أَلَمْ تَرَى أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا(83)فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا(84)يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَانِ وَفْدًا(85)وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا(86)لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنْ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَانِ عَهْدًا(87).مريم.
هذا ما نوعد به فمن شاء اتخذ إلى ربه مآبا وسبيلا.
قال رسول الله عن الروح عن ربه: ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا(39). النبأ.
إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا(29).الإنسان.
والسلام على من اتبع هدى الله تعالى فلا يضل ولا يشقى.