مؤتمر ( هيوستون ) عن ( القرآن )

آحمد صبحي منصور في السبت ١٢ - مارس - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

أولا :

1 ـ تأتينى دعوات لحضور مؤتمرات ، ومنذ عدة أعوام أعرضت عن الحضور توفيرا للوقت والجهد ، ولكن لم أستطع رفض هذه الدعوة لأنها عن ( القرآن الكريم ).

2 ــ برنامج (  Communities of the Qur’an     ) مجتمعات القرآن ) دعانى لحضور مؤتمر عن ( كيف يقوم القرآن بتشكيل مجتمعات المسلمين ، وتفسيراتهم ورؤيتهم للقرآن ) . وهذا يتضمن دعوة متحدثين عن مختلف الطوائف بالاضافة الى حضور باحثين ومتخصصين فى الدراسات الاسلامية من اليهود والمسيحيين . قبلت الدعوة لأن الداعى هو د . عمران البدوى ، وهو نصف مصرى يتحدث العربية المصرية بطلاقة ، وعاش فترة من حياته فى القاهرة ، وهو الآن استاذ مساعد لدراسات الشرق الأوسط فى جامعة هيوستون ، وهو مؤسس برنامج ( الدراسات القرآنية العالمى ) (The International Qur'anic Studies Association  ) ، والذى يهدف الى تقريب وجهات النظر بين المتخصصين فى الاسلام من شتى الفرق والجماعات والمذاهب . وقد تحادثنا تليفونيا وعرفت أتجاهاته الاصلاحية .

3 ــ وساعد قسم دراسات الشرق الأوسط بجامعة هيوستون فى إقامة هذا المؤتمر ، ولكن الجهد الأكبر  فى إقامة المؤتمر قام به معهد ( بونيك ) فى جامعة رايس ، وهو متخصص فى دراسة التسامح الدينى ، وقد أنشأه عام 2013 د . ميلتون بونيك وزوجته لورا  . وكانت د . بولا ساندرز نائب المدير فى هذا المعهد مشاركة فى تنظيم المؤتمر ، وهى متخصصة فى تاريخ القاهرة والدولة الفاطمية والطوائف اليهودية فى العصور الوسطى فى تاريخ المسلمين .  أحسست أننى قريب من القائمين عن المؤتمر بحكم التخصص وقيمة التسامح الدينى التى تجمعنا .

4 ــ كان مقررا أن تبدأ جلسات المؤتمر فى صباح الخميس العاشر من مارس ، وتستمر الى اليوم التالى . ولكن أضيف الى فعاليات المؤتمر حضور ندوة أدارها د . عمران البدوى وإستضاف فيها : ( الإمام فيصل عبد الرءوف )  مؤلف كتاب ( تحديد مفهوم الدولة الاسلامية )وإمام مسجد الفرح فى نيويورك ومؤسس الجمعية الأمريكية الاسلامية الصوفية التى تهدف الى التعايش والحوار بين المسلمين الأمريكيين وغيرهم ) و الرباى :( د . روفن فايرستون) ( المتخصص فى الدراسات الاسلامية والعبرية فى الكلية العبرية فى لوس انجلوس ، ورئيس الدراسات القرآنية العالمية ومؤسس مركز التفاهم الاسلامى اليهودى . ) وتناول اللقاء عدة موضوعات متعددة من الدولة الاسلامية الى مقاصد الشريعة ( السنية ) وداعش و الحرب بين السنة والشيعة .

ثانيا :

 بدأت فعاليات المؤتمر مع صباح يوم الخميس 10 مارس ، فى جلستين ، ادارت الجلسة الأولى د . هانا عازم ، وهى استاذ  مساعد الدراسات الاسلامية فى قسم دراسات الشرق الأوسط  فى جامعة تاكساس فى ( أوستن  ). وتحدث فيها :

1 ـ د .إنجريد ماتسون وتحدثت عن ( كيف يشكل القرآن ) المجتمع السُّنّى ) ، وهى باحثة فى الاسلاميات وناشطة فى مجال الحوار بين الأديان ، وعملت فى جامعات مختلفة فى أمريكا والأردن ، وهى كندية أمريكية .

2 ـ ثم د . سجاد رزفى :عن ( ذكريات عن التعايش مع القرآن لدى الشيعة الاثناعشرية ), د. سجاد هو استاذ مساعد فى تاريخ المسلمين الفكرى فى جامعة إكستر البريطانية ، وقد سبق له الدراسة فى جامعة كامبردج ، وهو من اصل هندى ، وولد فى الامارات ثم هاجر مع اسرته الى بريطانيا .

3 ـثم د . على أسانى ، وتحدث عن  (علاقة الشيعة الاسماعيلية بالقرآن فى جنوب آسيا ). د على اسانى من أصل هندى مولود فى كينيا ،  وهو استاذ متخصص فى الاسلام والثقافة فى مجتمع الهنود المسلمين  فى جامعة هارفارد .  

4 ـ ثم كانت كلمتى عن أهل القرآن باعتبارهم الحل .

وأدار الجلسة الثانية د : ديفيد كوك ، استاذ الاسلاميات المساعد فى جامعة رايس .وتحدثت :

1 ــ د . أمينة داود ، وتحدثت عن ( مسئولية الرجل : القرآن وموضوع الذكر والأنثى ). د أمينة داود استاذة سابقة فى الدراسات الاسلامية ، واكتسبت شهرة حين كانت اول إمراة تقوم بإمامة الصلاة فى أمريكا ( والعالم ) وقد اثارت ضجة ، وقد كتبت وقتها مقالا عن حق المرأة المؤهلة فى إمامة الصلاة .

2  ـ  ثم : الاستاذ المحامى الباكستانى : مجيب الرحمن . وتكلم عن ( العلاقة بالقرآن فى مجتمع الأحمدية ) وهو محامى إكتسب شهرة عالمية بدفاعة عن الأحمدية فى باكستان الذين أخرجهم القانون الباكستانى من الانتماء للاسلام ، وقد تصدى للدفاع عنهم الاستاذ المحامى مجيب الرحمن . وهو دارس متعمق فى القرآن يحفظه عن ظهر قلب ، ولقد سمعت به عندما حضرت جلسة إجتماع للكونجرس الأمريكى عن إضطهاد الأحمدية فى باكستان ، وأعجبنى ما سمعت عن شجاعته فى الدفاع عن الأحمدية فى باكستان . وتمنيت لقاءه ، ولقد سعدت بلقائه ، وسعدت أكثر عندما تعرف على وقال إنه قرأ كتابى عن ( حد الردة ) وكانت لنا لقاءات ممتعة على هامش جلسات المؤتمر.

3 ـ ثم د . تود لوسون وتحدث غن ( موقف البهائيين من القرآن ). د . تود لوسون ليس بهائيا ، ولكن أرسله البهائيون ليتحدث عنهم ، وهو استاذ سابق للفكر الاسلامى فى جامعة تورنتو فى كندا .وسبق له التدريس عن الاسلام والقرآن والصوفية والشيعة .

4 ـ ثم د أمينة ماكلاود وتحدثت عن ( القرآن ومجتمع الأمريكيين من اصل افريقى ) ، وهى استاذ الدراسات الاسلامية فى جامعة دى بول .

وكان الوقت المتاح للمتحدث ربع الساعة يليها ربع ساعة للمناقشة . وكانت الانجليزية لغة الخطاب.

ثالثا :

  وسبق أن أرسلت لهم ورقتى بالانجليزية ، نشرتها هنا بالعربية بعنوان (فى هذه الحروب الأهلية الدينية بين ( المسلمين ): ( القرآن هو الحل  ). وهى ضمن أوراق المؤتمر . ولكن ما سمعته من المتحدثين قبلى جعلنى أرتجل خطابا يرد على ما قيل. وموجز ما قلت  :

1 ـ عقيدتنا : نؤمن بالقرآن الكريم وحده حديثا ، والنبى كان متبعا للقرآن ، والله جل وعلا يأمر أن يكون القرآن هو الحديث الوحيد فى الاسلام ، ونؤدى العبادات لرب العزة جل وعلا وحده ، ونؤمن أن الاسلام هو دين السلام والعدل والحرية المطلقة فى الدين والرحمة وكرامة الاسلام . ولأننا نؤمن بالله جل وعلا وحده الاها فنحن ننكر تقديس النبى محمد ، وننكر شفاعته والحج الى القبر المنسوب اليه والأحاديث المنسوبة اليه وننكر التفريق بينه وبين الرسل وتفضيله عليهم . كما ننكر تقديس الخلفاء الراشدين ، ونرى أن الفتوحات التى قام بها ابو بكر وعمر وعثمان جريمة كبرى حين احتلوا بلادا وسلبوا اموالها وإغتصبوا نساءها واسترقوا ذريتهم ، ثم نسبوا ذلك للاسلام، ولقد بعث الله جل وعلا رسوله رحمة للعالمين وليس لارهاب العالمين، وما تقوم به داعش اليوم هو تقليد لما فعله ابو بكر وعمر وعثمان . وننكر تقديس كتب بجانب القرآن الكريم ، كالبخارى وغيره ، وهى تعكس عقلية مؤلفيها وثقافة عصرها ولا علاقة لها بالاسلام .

2 ـ منهجنا العلمى : نحن نفهم القرآن الكريم بمصطلحاته العربية الخاصة والتى تختلف عن بقية المصطلحات العربية للسنيين والشيعة والصوفية . وهناك إختلافات بين قواميس اللغة العربية فكل منها يعبر عن حركة اللغة العربية فى عصره خلال القرون ، بل تختلف المصطلحات فى كتب التاريخ ، فالفارق كبير بين اسلوب الطبرى فى القرن الثالث وابن اياس فى القرن العاشر . ولا يمكن لباحث أن يفهم حقيقة الاسلام والقرآن وحقائق المسلمين فى تاريخهم وتراثهم بدون فهم متعمق للمصطلحات العربية وليس مجرد معرفة اللغة العربية . ثم  إننا نضع فارقا صلدا بين الاسلام والمسلمين ، فالاسلام هو أوامر ونواهى جاء تلخيصها فى الوصايا العشر فى سورة الانعام ( 151 : 153 )، أما المسلمون فهم بشر لهم تاريخهم البشرى وتراثهم البشرى وحضارتهم البشرية . ومن أعمالهم الجيد والسىء ، ولكن اسوأ ما فعلوه هو تحويل بعض شخصياتهم التاريخية الى آلهة وتقديسها كما يفعلون مع الخلفاء الراشدين ، وتحويل بعض كتبهم الى كتب مقدسة بزعم الوحى الالهى كما يفعلون مع كتب الحديث ، وتحويل كتب الفقه الى شريعة الاهية .

3 ـ مهمتنا هى إصلاح المسلمين سلميا بالقرآن الكريم ، ومواجهة الوهابية وارهابها من داخل الاسلام . وقواعدنا التى نلتزم بها هى ألا نفرض أنفسنا أو آراءنا على أحد ، ولا نزعم إمتلاك الحقيقة المطلقة بل ننتظر حكم الله جل وعلا علينا وعلى الآخرين ، ثم لا نطلب أجرا من احد ، ونعفو عمن يسىء الينا .

4 ـ وعن أهل القرآن باعتبارهم الحل : فإن لأهل القرآن خبرة تزيد على ثلاثين عامة فى المواجهة الفكرية للارهاب ، وأنه برغم فقرنا وقلة إمكاناتنا والاضطهاد الذى نتعرض له فقد أحدثنا تأثيرا إيجابيا ضخما . إنه لا يمكن للبندقية أن تقتل الفكرة ، فلا يقتل الفكرة إلا فكرة مقابلة من داخل نفس الثقافة . ولو تم قتل كل الارهابيين مع بقاء دينهم الوهابى بلا مناقشة فإن دينهم الوهابى سرعان ما ينتج ملايين أشد وحشية . وحتى الآن فنحن نواجههم برغم قلة الامكانات . وحتى الآن لا يهتم بنا أحد .  

الخاتمة :

1 ـ كما لم يعجبنى كلام بعضهم فإن حديثى لم يعجب بعضهم ، بينما نال إعجاب الحاضرين من الأمريكيين غير المسلمين . وفى التعليقات وردودى عليها كان واضحا صدمة للمخالفين فى الرأى ، وهو نفس الحال فى اليوم التالى ، حيث كان الموعد مع مناقشة بعض الآيات القرآنية.

2 ـ فى هذا المؤتمر كان واضحا تلك الفجوة الهائلة بينى وبينهم . معرفتهم سطحية وضحلة الى درجة مخجلة . وقد لا يكون هناك ضرر فى هذا ، ولكن الضرر أن تكون جاهلا وسعيدا بجهلك متمسكا به . 

اجمالي القراءات 10259