ماذا لو تمّ نقد الفتوحات العربية فى المناهج الدراسية
أولا : التعليم للارهاب وسفك الدماء
تنفق الدولة الحديثة المليارات فى التعليم ، خصوصا فى التعليم قبل الجامعى ، لتضمن ان تظل فى الصدارة بينما تنفق دول المحمديين المليارات فى التعليم ( الدينى والمدنى ) خصوصا فى التعليم قبل الجامعى ، لتضمن ان تظل فى القاع ، تجترُّ الماضى وقرونه المظلمة فى الحروب الدينية والمذهبية ومحاكماته الدينية . وطالما ظل التعليم فى دول المحمديين يؤدى ـ بإمتياز ـ دوره فى تخريب العقول فلا أمل فى النجاة من حمامات الدم التى تجرى فى الشرق ( الأوسط / الأتعس ) . سيظل الشباب يندفعون الى جحيم الأقتتال المذهبى ، لو غابت القاعدة فهناك داعش ، ولو تهمشت أو تهشمت داعش فسيحل محلها غيرها . فالتعليم كفيل بإنتاج الملايين سنويا ، يتخرجون فيه مخلوقات مشوهة تسير على سُنة صحابة الفتوحات ، وعلى سنّة الخلفاء الأمويين والعباسيين فى سفك الدماء ، وهم يحسبون أنهم يحسنون صُنعا .!.
لا يمكن أن تنهض مصر وهى تنوء بحمل جبل من التخلف إسمه ( الأزهر ). لقد قلتها وأنا مدرس مساعد فى فترة الاضطهاد الأولى ايام الدكتوراة ( 1977 : 1980 ) . قلتها بصوت عال فى كلية اللغة العربية بالقاهرة ، وقد بلغ منّى الضيق وقتها مداه . قلت : ( هذا الأزهر إما أن أغيّره ..وإما أن أدمّره ). عجزت عن تغيير الأزهر لأنه دابة المستبد ، يمتطيها ليركب بها المصريين . والنتيجة أن الأزهر هو العنصر الفاعل فى تدمير مصر . مع تأسيس القاهرة عاصمة للفاطميين الشيعة وحتى الآن والأزهر يؤدى دوره فى خدمة المستبد المصرى ، شيعيا كان أم سنيا . فالمستبد ـ مصريا كان او هنديا ـ يحتاج الى كهنوت دينى . والكهنوت الدينى يحتاج الى تعليم دينى ، والتعليم الدينى يُصيغ المتخرجين فيه على دين السلف وما وجدنا عليها آباءنا . ونحن قد وجدنا آباءنا وسلفنا الصالح يتقاتلون من موقعة الجمل وما بعدها وهم يهتفون ( الله أكبر ) ، لذا فنحن كما قال رب العزة ( إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ (69) فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ (70) الصافات ) لذا نتقاتل ونقتل ونحن نهتف ( الله أكبر ).!
بكل بجاحة ، وبدون خجل يرفعون شعار ( السلفية ) شعارا للاسلام ، أى يحكمون بسجن ( الاسلام ) فى الماضى ، أى يؤكدون أن الاسلام ليس صالحا لهذا العصر ، وليس صالحا لكل زمان ومكان ، أى يكذبون بالحقيقة القرآنية الالهية أن الله أرسل رسوله بالقرآن الكريم ( رحمة للعالمين ) أى لكل البشر حتى قيام الساعة ، يظل القرآن سبيل الرحمة لمن إتبعه وتمسك به ، وقام بتطبيقه . هم على العكس من ذلك أسسوا دينا أرضيا ماضويا جعلوه لارهاب العالمين . وإذا كان المؤمن الحقيقى إذا ذُكر الله جل وعلا ( وجل قلبه ) أى خشع قلبه وإذا قال ( الله أكبر ) إزداد خشوعا وإخباتا فهم يصرخون ( الله أكبر ) وهم يطبقون كفرهم بالله جل وعلا فى قتل النفس البريئة والاغتصاب والسبى والنهب والسلب ، فهذا ما تشربوه من نظامهم التعليمى ــ على أنه الاسلام وسنة النبى عليه السلام ـ هذا النظام التعليمى الذى ينفقون عليه بالمليارات .
ثانيا : هيا بنا نتمنى منهجا تعليميا إصلاحيا فى مادة التاريخ
من باب التمنى ، وأحلام اليقظة ـ دعنا نتخيل منهج التاريخ فى بلاد المحمديين كالآتى :
1 ـ فى الأساس فالمنطقة شهدت قيام وسقوط دول ، خصوصا فى الرافدين والجزيرة العربية وآسيا الصغرى وغرب آسيا وشمال أفريقيا . وشهدت ايضا غزوات وإحتلالات من قوى خارجية كونت إمبراطوريات :
من الشرق (مثلا : الهكسوس جاءوا من آسيا الصغرى واتوسعوا الى أن إستقروا فى مصر ، ايران ( قمبيز )احتلت العراق والشام ومصر ، وعناصر فارسية سيطرت على الخلافة العباسية : البويهيون الشيعة ، وعناصر تركية سنية سيطرت على الخلافة العباسية ( النوريون والسلاجقة ) ، ثم الأكراد الأيوبيون السنيون ـ ثم المغول وتأسيسهم دول الايلخانات فى العراق وغرب العراق الى الهند وسهول آسيا الوسطى ، والعثمانيون الأتراك القادمون من الشرق الآسيوى الى آسيا الصغرى وتحولهم الى قوة اقليمية ثم الى قوة عالمية ، وصراعهم مع الفرس الشيعة شرقا ( الصفوييين ) وأوربا غربا ) .
ومن الغرب : ( مصر الفرعونية وتوسعها القديم حتى حدود العراق ، اليونان ( الاسكندر الأكبر وخلفاؤه فى مصر والشام والعراق وايران ) الرومان ( روما ـ ثم البيزنطيون شمال وجنوب البحر المتوسط ومصر والشام ) ، ثم الدولة الفاطمية الامامية الاسماعيلية ، التى بدأت فى تونس ثم تمركزت فى مصر ومنها تمددت فى الشام والعراق ، الدولة المملوكية التى توسعت من مصر الى حدود العراق وآسيا الصغرى ، والحروب الصليبية من أوربا الى الدول التى أقامتها فى آسيا الصغرى والعراق والشام ) ثم الاستعمار الأوربى الذى إحتل العالم الجديد ثم معظم العالم القديم ومنه الشرق الأوسط . ثم الصراع الأمريكى السوفيتى فى القرن العشرين .
ومن الجنوب : من الجزيرة العربية : الفتوحات العربية وتوسعها على حساب البيزنطيين والايرانيين فى المرحلة الأولى ( مصر والشام والعراق وفارس ) فى المرحلة الثانية فى آسيا الصغرى وشمال أفريقيا واسبانيا غربا الى أواسط آسيا وتخوم الهند والصين شرقا .
2 ـ فى كل الامبراطوريات والغزوات والاحتلالات كان الهدف طموحا دنيويا ، الحكم والسلطة والسيطرة على مقدرات الشعوب وثرواتها . بعضها كان صريحا بلا شعارات دينية ( الامبراطويات الفرعونية والإيرانية واليونانية والرومانية والمغولية ، والامبراطورية البريطانية والاستعمار الفرنسى والايطالى والهولندى ) وبعضها حمل راية دينية ( العرب والصليبيون والأتراك العثمانيون ) .
3 ـ لم تتخلف عن ذلك أنظمة الحكم والدول المؤقتة ، فى الجزيرة العربية والسودان وشمال أفريقيا والمغرب والشام والعراق وىسيا الصغرى والاندلس و سهول آسيا الوسطى . الهدف الأصيل هو الثروة والسلطة ، وبعضها حمل راية الدين مثل : حركة الزنج التخريبية ثم حركة القرامطة ، ثم الدولة الفاطمية ، وحاليا الدولة الوهابية ( السعودية ) والدولة الشيعية الاثناعشرية فى ايران .
4 ـ لا بد من التأكيد على أن دين الله جل وعلا مؤسس على العدل والسلام والرحمة والحرية ( الدينية والسياسية ). وبالتالى فدين الله جل وعلا برىء من إستغلال البشر له فى الفتوحات وتكوين الدول والامبراطوريات . فالله جل وعلا برىء مما فعله العرب الفاتحون من الخلفاء الراشدين ، ومن الصليبيين الأوربيين . ولا بد من إستنكار هذا وذاك على قدم المساواة .
5 ـ هذه الاحتلالات والامبراطوريات التى رفعت شعارات دينية أنتجت ـ بالأصالة وبالتاثير أو برد الفعل المضاد ـ فكرا دينيا واسست أديانا أرضية ومذاهب وطوائف دينية والكثير من الملل والنحل نشرت التخلف وسفك الدماء. التشيع مثلا كان رد فعل مضادا للامبراطورية العربية ، بينما كانت السُّنّة مُنتجا أصيلا للأمبراطورية العربية من ( الخلفاء القرشيين : الراشدين والأمويين والعباسيين ). ونفس الحال مع الاحتلال الاسبانى الذى نشر الكاثولوكية فى الفلبين وأمريكا الوسطى والجنوبية .
6 ـ نشر المسكوت عنه من تاريخ الخلفاء ( الراشدين والأمويين فى الفتوحات ) وما ارتكبوه من مذابح وسبى ونهب ، والمسكوت عنه من مقاومة للغزو العربى قام بها المصريون والأمازيغ والفرس والأفغان ، وإعادة الاعتبار لهؤلاء الأبطال المنسيين الذين ظلمهم المؤرخون العرب . ونشر المسكوت عنه من تفصيلات الحروب الأهلية فى عصر الراشدين ( مواقع الجمل ، صفين ، النهروان ) وفى العصر الأموى ( مواقع كربلاء وانتهاك حرمة الكعبة وغزو واستباحة المدينة فى خلافة يزيد بن معاوية ـ الحروب الأهلية فى النزاع بين ابن الزبير والأمويين ، الحروب الأهلية بين الأمويين والأعراب الخوارج )، واضطهاد الشعوب المحتلة ، وإستنزاف خيراتها وإخماد مقاومتها باقصى درجات القسوة فى عصور الخلفاء الراشدين والأمويين والعباسيين .
7 ـ ومن باب التمنى أيضا :
7 / 1 ـ تسليط الضوء على اثر تلك الأديان الأرضية فى نشر التخلف فى العصور التى سيطرت فيها على المجتمعات ، كالحنابلة فى العصر العباسى الثانى والتى أجهضت الحركة العلمية للعلماء المسلمين ( ومعظمهم غير عرب كابن سينا والفارابى والبيرونى و الرازى والخوارمى والزهراوى وابن النفيس ..الخ ).
7 / 2 ـ تسليط الضوء على نشرها حمامات الدم كالقرامطة الشيعة فى العصر العباسى والوهابية الحنبلية فى عصرنا ، والكاثولوكية الاسبانية التى ارتبطت بحركات إبادة فى أمريكا اللاتينية .
7 / 3 ـ المنع النهائى والبات لأى إكراه فى الدين ، وإزالة كل القوانين التى تحول دون حرية الفكر والبحث وحرية الدين فى الاعتقاد وتأدية الشعائر وفى الدعوة والتبشير . بحيث يكون من حق الفرد أن يقول فى الدين ما شاء ، ولا حساب عليه فى الدنيا ، إكتفاءا بمسئوليته يوم القيامة أمام رب العالمين .وحصر الكهنوت الدينى داخل مؤسساته الدينية وحظر التجول عليه فى الشارع لينطلق الناس أحرارا من أغلال المتخلفين من رجال الدين .
أخيرا
هى مجرد أمنيات بتحقيق إصلاح سلمى بديلا من حمامات الدم التى أوصلتنا اليها الوهابية التى تستعيد ثقافة قريش وخلفائها الفاسقين .