الكلمة الطيبة وغاباتها الخضراء...
حملة تشجير طيبة ، وما أدراك ما هي !?

يحي فوزي نشاشبي في الخميس ٠٤ - فبراير - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

بسم  الله  الرحمن  الرحيم

حملة  تشجير  طيبة ،  وما أدراك  ما هي !?  

إنه ،  مهما  حكم  على  هذا الحديث  المنسوب  إلى محمد بن  عبد الله ، الذي  صلى عليه  الله، هو وملائكته ، نعم مهما حكم عليه  بالصحيح، أو  بالضعيف، أو بالغريب، فإن نصه  يبدو بريئا، سليما، حاملا حكمة، حيث جاء فيه: " ... أذكـروا  محاسن   موتاكم   وكفوا  عن مساوئهم ..."

يبدو أنه  جميل  منا، أن  نحرص على ذكر موتانا،  بما  يتميزون  به  من  محاسن  في  حياتهم  قبل  رحيلهم،  لاسيما عندما نعتقد أن الإنسان ، أي إنسان، لا  تكون  أفعاله: إما  سوداء كلها ، أو بيضاء  كلها .

وكثيرا ما نسمع هذه  النصيحة  تتداول بيننا، وهي نصيحة ذكر محاسن  موتانا، ولكن  لنترك  الباب  مفتوحا  ليتبادر إلى ذهننا  ما يلي :

لنفرض أن هناك  نظرية أخرى أو نصيحة، تقول :  " لماذا  لا  نحرص على ذكر  محاسن  بعضنا بعضا ؟ ونحن  أحياء  نرزق ؟ ولماذا  نبخل ونشح؟ وننتظررحيل شخص، لنغض  الطرف عند ذاك عن كل  مساوئه، ونفتح  له  صفحة  جديدة  لمحاسنه ؟

وفي حالة ما إذا استسيغت هذه النظرة أو النظرية الجديدة  وسادت،  هذه  النظرية التي  تتسع  لمحاسن  بعضنا  بعضا  دون المساوئ، ألا  تتغير  دنيا الناس هذه ؟ من حسن إلى أحسن، بل وإلى أروع ؟ وإلى حياة أفضل ؟ وإلى  حب رافع هامته  إلى عنان السماء؟  ومغط  كل  الآفاق ؟ .

ثم، فما بالنا نخوض في هذا الحديث، وفي هذه الأماني، ونغفل عن تلك  التعليمات  الصادرة من الله  العلي العظيم  الرحمان الرحيم الودود؟  في آيات: 24-27- من سورة إبراهيم؟: ( ألم تـر كيف  ضرب  الله مثلا  كلمة طيبة كشجرة طيبة  أصلها  ثابت  وفرعها  في السماء  تؤتي  أكلها  كل حين بإذن ربها ويضرب الله  الأمثال  للناس  لعلهم  يتذكرون  ومثل كلمة  خبيثة كشجرة  خبيثة  اجتثـت من  فوق  الأرض  ما  لها  من  قرار يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة  الدنيا  وفي  الآخرة  ويضل  الله  الظالمين  ويفعل  الله  ما  يشاء ).

والله عندما لفت انتباهنا بمثل الكلمة الطيبة، كان يقصد حثنا بتبنيها  ونشرها بيننا في كل حين. ويعجبني  كلام  مرشد عندما قال :   

أمر الله تعالى عباده أن يتخيروا من الألفاظ أحسنها، ومن الكلمات أجملها عند حديث بعضهم لبعض حتى تشيع الألفة والمودة، وتندفع أسباب الهجر والقطيعة والعداوة ، فقال الله تعالى(وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوّاً مُبِيناً) (الإسراء:53).

وباختصار، فلعل المتفق عليه، هو أن هناك عالمين اثنين معتبرين، ماديا ومعنويا لآثار الكلمة الطيبة  وما  تفعله، وكذلك للكلمة الأخرى، وذلك ما  جاء واضحا في الآيات الكريمة. فالعالم المادي هو تلك الأفعال السلبية  التي تغلبت على الأفعال الأخرى الإيجابية، أما السلبية المضرة، فهي ذلك الفساد المنتشرالسائد المتمثل في غفلة الإنسان وتصرفاته الهدامة، لاسيما نظرته الأنانية الضيقة، وتسلطه على تلك الغابات وعلى ما تحتويه من أشجار ناطحة للسحاب، والتسلط عليها بآلاته واجتثاثها وتحويلها إلى  نوع من حطب وخشب، وإن المثال في العصر الراهن، وقبل الراهن، هو ما يحدث في: جنوب  أمريكا ، وهنا عنوان على سبيل المثال يقول ( إن أكثر من نصف أشجار الأمازون  مهددة  بالإندثار). والجميع يعلم  أن غابات  الأمازون تعتبر رئة  الكرة  الأرضية.

وهذا تقابله  الأفعال السلبية  التي  تغلبت هي الأخرى على  الأفعال البناءة  الإيجابية في  العالم  المعنوي، وهو الأصح والأهم ، تلك  الأفعال السلبية  التي  تمثلها  الكلمة الخبيثة  وما  تفعله  من أفاعيل في الأشجارالخبيثة.

ولنتصور أن الكلمة الطيبة هي السائدة والرائجة بين الأحياء، وأن  الإعتداء  على الغابات  تراجع  وتقلص، ألا تكون الإنسانية ساهمت  في  ازدهار الثروتين ؟  الخضراء  في  العالم  المادي؟  والكلمة الطيبة  في  العالم المعنوي؟. ألا يجوز  لنا أن نفهم  أيضا من ذلك  المثال الذي  ضربه  لنا  الخالق  سبحانه وتعالى في  حديثه  المنزل ،  أن نفهم منه ونتذكر أن علينا أن نلقي بكل  ثقلنا لشن حملة تشجير طيبة وهائلة في  سبيل  استرداد  الغابات المثمرة المعتدى عليها، اعتبارها، وذلك طبعا في العالم المعنوي؟ وفي سبيل تراجع وتقلص تلك  المساحات والمسافات  الهائلة  من التصحر  ومن آثار الأشجار الخبيثة؟  وأولا وأخيرا  في سبيل  أن  نحظى  بوعد  الله  الذي  يثبت  الذين ءامنوا  بالقول  الثابت  في  الحياة  الدنيا  وفي  الآخرة ؟

 

اجمالي القراءات 8265