نقد محاورة فايدروس أو عن الجمال لأفلاطون

رضا البطاوى البطاوى في الأربعاء ٠٩ - ديسمبر - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

محاورة فايدروس أو عن الجمال لأفلاطون
المحاورة بالقطع لا تدور عن الجمال الجسدى أو النفسى كما يبدو من اسمها ولكنها تدور حول الجمال فى الفنون فى الخطابة والمقال وغير ذلك
قال فايدروس "وهأنذا أسير فى الطريق العام وفقا لنصيحة صاحبنا أكومينوس فهو يقول إن فى السير على الطريق العام ما ينعش أكثر من المشى فى أزقة المدينة
سقراط ما أحسن قوله يا صاحبى "ص32
الخطأ إن فى السير على الطريق العام ما ينعش أكثر من المشى فى أزقة المدينة وهو كلمة ليست صادقة دوما فأحيانا ما تكون الأزقة نظرا للتعود عليها أفضل للناس جسميا من الطريق العام فيتضايق الإنسان كلما خرج لمكان غريب عليه ويحس هذا المسافرون لبلاد أخرى قد تكون أجمل وأنعش ومع هذا ساعة أن يعودوا لبلدهم يحسوا أنهم مرتاحون منتعشون
"قال فايدروس وهو يبرز براعته هنا حين يقول إن من لا يتورط فى الحب أولى بالعطف من المحب "ص33
من الرد على هذه المقولة تبدأ المحاورة من جانب سقراط
"قال فايدروس ما قولك هذا يا سقراط يا أفضل الخلق أجمعين ؟"ص33
هذه المقولة يا أفضل الخلق أجمعين تعبير شائع فى المحاورات الافلوطونية وقد قالها سقراط لأوطيفرون فى محاورة أوطيفرون فى كتاب محاكمة سقراط أو الدفاع ترجمة عزت قرنى ص36"يا أفضل الناس "ومن ثم فهى تبدو كتعبير شائع أو تعبير ساخر
"قال سقراط : لست ممن يصدقون هذه الأساطير شأنى فى ذلك شأن العلماء وعلى ذلك لا أجانب الصواب إن اتبعت منطقهم فقلت إن الفتاة قد دفعتها ريح الشمال بورياس إلى أبعد من الصخور القريبة بينما كانت تلهو مع فارماكيا ومن ظروف موتها هذه نشأت أسطورة اختطافها على يد بورياس أما فيما يتعلق بى يا فايدروس فإنى أرى فى هذه التفسيرات مجرد رطانة فحسب إذ يبدو لى أن من يأخذون بها لا يوفقون تماما "ص36" ما يتكبدونه من عناء وجهد إنهم سيجدون مضطرين لتفسير معنى وحوش الهيبوقنطور ووحش الخرافة الخيمايرا ثم يكونون مثقلين بعد ذلك بتفسير عدد غفير من المعانى مثل الجورجون والبيجاس بكل ما يحيط بها من غرابة وبمخلوقات أخرى أسطورية لا يمكن تخيلها وإن حاولوا إثبات احتمال صدق هذه الكائنات مستخدمين كل مهارتهم فلا شك فى أنهم سيضيعون على أنفسهم الكثير من الوقت والجهد غير أنى لا أضيع وقتى فى البحث عن هذه التفسيرات والسبب فى ذلك يا عزيزى هو أننى لم أستطع حتى الآن معرفة نفسى على نحو ما قد كتب فى دلفى وكم يبدو لى الأمر مضحكا حين يحاول من ينقصه هذه المعرفة البحث فيما هو غريب عنها "ص37
هذه الفقرة وهى تعنى عدم تصديق سقراط لخرافات اليونان وأساطيرهم تناقض بعض ما جاء فى الكتاب من تصديقه لتلك الخرافات والأساطير كما فى أقواله التالية :
"يروى يا عزيزى أن أول النبوءات قد صدرت عن شجرة بلوط فى محراب زيوس بدودونا ولم يكن أهل ذلك الزمان حكماء على طريقتكم أيها الشباب وإنما كانوا من البساطة بحيث لا يأنفون من سماع ما تنطق به شجرة بلوط أو حجارة ما دام ينطوى على الحقيقة أما أنت فلا يكفيك فى الواقع إن كان الكلام صادقا أم لا بل تريد معرفة من هو قائله ومن أين جاء ؟ص111
هنا يصف سقراط بساطة القدماء ويصفهم بالحكماء فى تصديق كلام شجرة البلوط والحجارة وهو وصف يدل على تصديقه للحكايات الخرافية
" قال سقراط :إلى يا ربات الشعر أيتها الإلهات يا ذوات الصوت الرخيم سواء أكنتن تدن بهذا اللقب إلى طريقة غنائكن أو إلى جنس الموسيقيين من الليجرويين "ص48
هنا يعترف الرجل بربات الشعر وهن من ضمن الخرافات والأساطير
"قال سقراط فلتنصت لى وتصمت إذ يبدو أن المكان ممتلىء بروح إلهى ولا تعجب إذا رأيتنى قد أخذت بسحر الحوريات كلما تقدمت فى الحديث فالواقع أن ما أقوله ليس إلا شعر ديثورامبيا"ص50
هنا يعترف الرجل بأسطورة الحوريات ويصدق بسحرهن
"قال سقراط فى ذلك الوقت الذى كنت أوشك على عبور النهر ظهر لى يا صديقى هذا الجنى وهذه الإشارة لتى تحدث لى عادة كى تحذرنى من عمل شىء أكون على وشك إتيانه وأظننى قد سمعت صوتا يصدر منها يمنعنى من التقدم قبل أن افرغ من أداء كفارة على ذنب قد اقترفته نحو الإله وإنها لبرهان على أنى عراف وإن لم أكن عرافا ماهرا "ص56
هنا يقر الرجل بما يسمى أسطورة الجنى
"إنا لنستشهد على ذلك بعرافة دلفى وكاهنات معبد ودونا فهن قد أتين خيرات لا حصر لها بفضل ما أصبن به من هوس ومن هذه الخيرات ما يتعلق بالأمور الخاصة ومنها ما يتعلق بالأمور العامة أما حين يكن فى كامل وعيهن فإن مجهوداتهن لا تصل إلا لشىء تافه أو لا تصل لشىء على الإطلاق أما إذا تحدثنا عن السيبولا وكل من يستخدم فن النبوءة الموحى من عند الآلهة فإننا نجدهم قد تنبئوا لكثير من الناس وفى مناسبات كثيرة عن الطريق السحرى فيما يتعلق بمستقبلهم "ص59
هنا الرجل يستشهد على صدق كلامه بعرافة عرافة دلفى وكاهنات معبد دودنا
"أما قائد موكب السماء فهو الإله زيوس الذى يتقدم الجميع بمركبته ذات الجنحة فيوجه سير جميع الأشياء ويرعاها ويتبعه جيش من الآلهة والجن وقد انتظمت فى إحدى عشرة فرقة أما هستيا فتبقى وحدها دائما فى منزل الآلهة أما ص63 الآلهة الأخرى التى تدخل فى زمرة الآلهة الاثتنى عشرة الكبرى وتعد قادة لها فإن كلا مها يتولى قيادة جيش خاص به وكم من مشاهدة سعيدة تظهر فى السماء التى تطوف بها الآلهة وكل منها يقوم بمقامه ويتبعه من يرغب إذ لا مكان للغيرة فى صدور الآلهة وكثيرا ما يذهبون للغداء ليشاركوا فى الولائم فيتسلقون المرتفعات الوعرة المؤدية إلى قبة السماء وتجتازها مركبات الآلهة بسهولة ويسر نظرا لحسن تكوينها وطاعة جيادها للسائق"ص64
هنا الرجل يعترف بخرافات الآلهة وجيوشها وما تفعله من ولائم فى السماء ومسابقات فى تسلق المرتفعات
هذا التناقض يدلنا على شىء واحد وهو أن كتب أفلاطون أو سقراط أو غيرهما حدث لها نفس ما حدث لكتب من ينتسبون للإسلام فمثلا فى مقدمة ابن خلدون كذب الرجل التنجيم فى أحد الفصول ومع هذا تجد الكتاب طافح بالعديد من النصوص الدالة على تصديقه به فى فصول عدة
وهذا يعنى أن منظمة الفساد العالمى فعلت أحد أمرين :
الأول حرفت كتب كانت صحيحة بإدخال التناقضات والأخطاء فيها
الثانى هى التى كتبت الكتب عبر وزارة أو هيئة اختصت بتأليف الكتب وما فيها من تناقضات

"قال فايدروس ولكن بمن أقسم؟ أى إله أختار ؟ص46
نلاحظ اعتراف فايدروس بمقولة تعددت الألهة المزعومة وحيرته فيمن يقسم به نتيجة كثرتهم
" قال سقراط :إلى يا ربات الشعر أيتها الإلهات يا ذوات الصوت الرخيم سواء أكنتن تدن بهذا اللقب إلى طريقة غنائكن أو إلى جنس الموسيقيين من الليجرويين "ص48
هنا يعترف سقراط بألوهية ربات الشعر ومع هذا يناقض نفسه فينسب لهن العجز حيث أنهن أخذن الأصوات من جنس الموسيقيين من الليجرويين ومن المفترض أن الإله لا يأخذ وإنما يعطى
والكلام عن مبدأ لا يكون حادثا لأن كل حادث يحدث بفضل مبدأ فى حين أن المبدأ لا يصدر عن شىء سابق عليه يعنى الاعتراف بوجود الله الواحد كلام يناقض إقرارات سقراط السابقة بتعدد الآلهة فى الفقرة التالية:
" وهاك الطريقة التى يمكن أن نبرهن بها على أن كل نفس خالدة إن من يستمر فى تحريك ذاته دائما لابد أن يكون خالدا فى حين أن الذى يحرك غيره إنما يتحرك بغيره وتوقف حركته هو توقف حياته ووجوده أما ما يحرك نفسه فهو وحده نفسه الذى لا يكف عن الحركة لأنه لا يمكن أن يمه وهو مبدأ مصدر الحركة فى كل متحرك والمبدأ لا يكون حادثا لأن كل حادث يحدث بفضل مبدأ فى حين أن المبدأ لا يصدر عن شىء سابق عليه إذ لو جاز صدوره عن شىء فلن يكن هذا الشىء مبدأ ولما كان مبدأ الوجود غير حادث فيترتب على ذلك ألا يتعرض للفساد ولو فرضنا أنه فسد فلن يمكن أن يوجد ثانية ولا أن يصدر عن شىء أخر ما دام من لضرورة أن كل ما يوجد إنما يوجد بفضل مبدأ وننتهى إذن إلى أن كل ما يحرك نفسه بنفسه فهو مبدأ الحركة ومن المستحيل أن يفنى أو أن يوجد ولا فإن السماء كلها والكون بأكمله سينتهيان إلى التوقف ولن يوجد لهم من جديد مبدأ للحركة أو الوجود "ص69
"قال سقراط : أيا ما كان موضوع البحث فهناك دائما يا بنى نقطة بدء هى التى ينبغى أن نبدأ بها دائما وهى أن نعرف أولا ما هو الموضوع الذى نبحث فيه وبغير هذه المعرفة فإننا نتعرض لأن نحيد عن الهدف الذى جعلناه نصب أعيننا "ص48
هنا يبدأ سقراط المحاورة من النقطة الصحيحة وهى تعريف موضوع البحث وهو ما يسمونه فى المنهج العلمى تحديد المشكلة للبحث فيها
"أما أن يكون العشق رغبة فإنه أمر واضح للجميع ومن جهة أخرى فمن المعلوم أن من لا يعشقون يرغبون أيضا فى الجمال ولكن ما هو أساس التفرقة بين العاشق وغير العاشق ؟ يجب أولا أن نتبين فى أنفسنا مبدأين يدفعاننا إلى العمل ونحن ننساق إلى فعل ما يدفعاننا إليه المبدأ الأول فطرى وهو الرغبة فى اللذات والمبدأ الثانى هو رأى نكتسبه يسعى دائما إلى الخير وقد يتفق هذان الدافعان فينا ولكن قد يحدث أن يتنازعا وقد يتغلب أحدهما تارة أو الأخر تارة أخرى فإن تغلب الرأى الذى يسعى إلى الخير وفقا للعقل فإن الحال الغالبة تسمى اتزانا أما إذا تغلبت الشهوة غير العاقلة التى تقود إلى الذات سميت الحال الغالبة إفراطا وللإفراط عدة أسماء وله عدد كبير من الأعضاء كما أن له صور كثيرة والصورة التى تبرز من بينها تنسب للشخص الذى يتصف بها فتسمه بصفة خالية من الشرف والجمال فلو سيطرت مثلا شهوة الأكل فى شخص معين وتغلبت على العقل وعلى باقى الشهوات سمى صاحبها شرها وإذا نعت هذه الشهوة الطاغية بكثرة الشراب فإنها تنتهى بمن تنسب له إلى الاتصاف بنفس الصفة ص49
سقراط هنا يتكلم كلاما صحيحا حول وجود صراع بين العقل والشهوات فى النفس فأحيانا يتغلب العقل وأحيانا تتغلب الشهوات وأما الخطأ غهو اعتباره أن الشهوات فطرية والعقل رأى مكتسب ومن المعلوم ان الإنسان يولد بلا علم كما قال تعالى "أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا " ومن ثم لا يوجد ما هو فطرى فالعقل والشهوات الاثنان كامنان فى النفس يظهران فى أزمن مختلفة فأولهم شهوة الطعام ممثلة فى الرضاعة وفى سن ما بعد العاشرة تبدأ الشهوة الجنسية فى الظهور
"قال سقراط فلتنصت لى وتصمت إذ يبدو أن المكان ممتلىء بروح إلهى ولا تعجب إذا رأيتنى قد أخذت بسحر الحوريات كلما تقدمت فى الحديث فالواقع أن ما أقوله ليس إلا شعر ديثورامبيا"ص50
سقراط هنا يعترف بوجود وحى ينزل عليه من الروح الإلهى والذى عاد فناقض نفسه فسماه بسحر الحوريات قاصدا بالطبع ربات الشعر المزعومات وهو هنا يؤسس لخرافة الإلهام أو نزول الوحى على الشعراء وهى مقولة جنونية فلا يوجد وحى أو إلهام ينزل على الشعراء وإنما كثرة التفكر فى الموضوع تجعل الكلام ينسال من نفوسهم ومع هذا الانسيال قد لا يعجبهم فيعودون لاصلاح ما فى الانسيال من اخطاء فيعيدون استبدال كلمات او استبدال بيت أو إعادة ترتيب الأبيات
"والألكن أضعف من الفصيح وبطىء الفهم أردأ من حاضر البديهة وعندما يكتشف العاشق هذه النقائص فى معشوقه يغتبط بها وإذا لم تكن فطرية فيه فإنه يغرسها فيه إيثارا للذته العابرة"ص51
سقراط خطئه هنا هو فرح العاشق بعيوب معشوقه ومحاولته ايجاد عيوب فيه وبالقطع الرجل هنا يتكلم عما يسمى جريمة الابتزاز حيث يبتز العارف بالعيوب صاحب العيوب بتلك العيوب حتى ينفذ له ما يريد من لذة والكلام السقراطى يبدو أنه يتحدث عن المثلية الرجالية وهى ليست حالة عشق أى حب وإنما حالة إشباع شهوة
" ومن الطبيعى أن يغار على معشوقه وينهاه عن كثير من العلاقات الأخرى تلك العلاقات التى تجعله رجلا بمعنى الكلمة وبخاصة تلك التى تكسبه الحكمة لأبعد حد وهى الفلسفة الإلهية التى يحاول العاشق أن يمنعها عن معشوقه خشية أن تؤدى لاحتقاره"ص51
سقراط يخطىء هنا مرة أخرى حيث يجعل العاشق ينهى معشوقه عن التعامل مع غيره حتى يجامعه وحده وبالقطع المحب الحقيقى يعمل على اسعاد حبيبه وليس اتعاسه من خلال قطع علاقاته من البشر الذى يريدون الخير له وهو يتكلم هنا كما قلنا عن الجماع المثلى فعلاقة الزنا بين الرجال ليست عشقا وإنما جريمة وكلامنا هنا عن الحب الحقيقى وإن كان هناك حب بين الرجل والمرأة من هذا النوع حيث يعمل المحب الزوج على منع زوجته من الاتصال حتى بأسرتها ليستحوذ عليها كما يظن
"وفضلا عن ذلك فهو يسعى جهده إلى أن يجعل معشوقه جاهلا بكل شىء معتمدا عليه فى كل أموره حتى يستمتع بها إلى أقصى حد "ص51
هنا يجعل سقراط المحب عاملا على تجهيل معشوقة ليسيطر عليه بسهولة وبالقطع هذا ضرب من العشق أو الحب لا يفعله إلا الأراذل من الناس ممن نسميهم الآن البلطجية الذى يتزوج أحدهم بعدة نساء ويذيقهن الهوان كى ينفقن عليه ومع هذا فالرجل يتكلم عن الجماع المثلى
"ولا يسبب له إلا الضرر البالغ ص51 ممتلكاته من صحبة عاشقه فما من شك فى ان العاشق يتمنى أن يفقد معشوقه أعز ما يملك وأقيم وأغلى ما لديه سواء إن كان أبا أو أما أم قريبا أم صديقا ويصر على منعه من الاتصال بهم لكى يظل نصيبه من الاستمتاع به ولا يكتفى بهذا بل يرى أيضا أن المعشوق الذى يملك خيرا معينا سواء أكان مالا أو أى ملك أخر لا يكون سهل المنال بل من العسير التعامل معه ويترتب على ذلكأان يكره العاشق حصول معشوقه على أى نوع من أنواع الخير بل بالعكس يسعد لرؤيته محتاجا"ص52
سقراط هنا يجعل العاشق مضر بمال صاحبه وعلاقاته وهو كلام لا يفعله العاشق الحق وإنما يفعله كما قلنا الأراذل وهو لا يكون ناتج من حالة عشق وإنما من حالة كراهية وحتى المجامعون المثليون يحافظون غالبا على أموال بعضهم البعض حتى يستطيعوا الصرف على لذة الجماع وما يتبعها من شراب وطعام ومكان
"وأكثر من ذلك فهو لا يوافق أبدا على زواج محبوبه ويكره أن يكون له أولاد أو مأوى يسكن إليه هذه هى الظروف التى يتمناها العاشق لمعشوقه طالما اتجهت شهوته إلى الاحتفاظ به لأطول مدة ممكنة لهذه الشهوة الأنانية"ص52
سقراط يجعل العاشق يمنع معشوقه من الزواج وهو كلام ليس صحيحا فى كل الأحوال فكم من المثليين متزوجون ومع هذا لا يمنعهم الزواج عن ممارسة الزنى الرجالى المسمى حاليا الشذوذ أو كما يحلو للبعض تسميته فعل قوم لوط (ص)
"قال سقراط فى ذلك الوقت الذى كنت أوشك على عبور النهر ظهر لى يا صديقى هذا الجنى وهذ الإشارة لتى تحدث لى عادة كى تحذرنى من عمل شىء أكون على وشك إتيانه وأظننى قد سمعت صوتا يصدر منها يمنعنى من التقدم قبل أن افرغ من أداء كفارة على ذنب قد اقترفته نحو الإله وإنها لبرهان على أنى عراف وإن لم أكن عرافا ماهرا ولكنها تكفى لتنبيهى على أى الحالات فكان شأنى فى ذلك شأن المفسرين السيئين وإنى لأشعر بوضوح أنى قد أذنبت كذلك فمن المؤكد يا صديقى أنه يوجد شىء ما له قدرة على التنبؤ وأن هذا الشىء هو النفس ولقد كان هناك شىء يزعجنى أثناء تلاوة حديثى وكنت مضطربا خشية أن أكون أخطأت فى حق الآلهة كى أكتسب احترام البشر على حد قول إيبيكوس ولكنى قد انتبهت الآن لذنبى "ص56
الخطأ الأول إقرار سقراط يتعدد الآلهة "وكنت مضطربا خشية أن أكون أخطأت فى حق الآلهة" وهو ما يناقض اعترافه بالإله الواحد فى قوله فى نفس الفقرة " قبل أن افرغ من أداء كفارة على ذنب قد اقترفته نحو الإله"
الخطأ الثانى هو ظهور الجنى لسقراط وهو ما يناقض كون الجن خفيين لا يراهم الناس
"وبعد أن انتهى من تأليف هذا التكذيب عاد إليه بصره والواقع أننى سوف أظهر لك حكمة تزيد على كل هؤلاء فيما يتصل بهذا الأمر على الأقل وسوف أهرع قبل أن يصيبنى مكروه بسبب ذمى الحب وأجتهد فى تكذيب ما قيل وأنا عارى الرأس لا أخفيها كما كنت أفعل خجلا "ص57
"إنا لنستشهد على ذلك بعرافة دلفى وكاهنات معبد ودونا فهن قد أتين خيرات لا حصر لها بفضل ما أصبن به من هوس ومن هذه الخيرات ما يتعلق بالأمور الخاصة ومنها ما يتعلق بالأمور العامة أما حين يكن فى كامل وعيهن فإن مجهوداتهن لا تصل إلا لشىء تافه أو لا تصل لشىء على الإطلاق أما إذا تحدثنا عن السيبولا وكل من يستخدم فن النبوءة الموحى من عند الآلهة فإننا نجدهم قد تنبئوا لكثير من الناس وفى مناسبات كثيرة عن الطريق السحرى فيما يتعلق بمستقبلهم "ص59"جاءهم من مصدر إلهى ومن ذلك فقد سموه بهذا الاسم أما المحدثون فهم على العكس من ذلك لم يؤتوا حاسة الجمال فأدخلوا حرف التاء على الكلمة فسموه بالمانتيكا أى فن النبوءة "ص60
سقراط خطئه الاعتراف بوجود ما يسمى العرافة أى فن التنبؤ وأن له طريق يسمى الطريق السحرى من يتعلمه يعرف الأخبار والطريق السحرى مصدره إلهى كما يقول ويبدو هذا الكلام وكأنه محرف عن نزول فن السحر على الملكين ببابل هاروت(ص) وماروت(ص) وكفر من يعمل بالسحر
بالقطع لا يعلم الغيب إلا الله وهو لا ينزل أخبار الغيب على العرافات ولا الكاهنات وإنما ينزله على الرسل (ص)
الخطأ الأخر هو أن العرافات والكاهنات يتنبأن فيما يسمى بحالة الهوس وهى حالة كما قال سكر وليس عقل لأن العقل كما قال "أما حين يكن فى كامل وعيهن فإن مجهوداتهن لا تصل إلا لشىء تافه أو لا تصل لشىء على الإطلاق"وبالقطع هذا جنون فلابد من وجود وعى كامل حتى يعرفن الخبر وإلا فى حالة الهوس أى السكر فلم يعرفن شىء
"أما البحث فى المستقبل الذى يتقنه عقلاء الناس بواسطة جلاء الطير وبالعلامات الأخرى وهو فن يقدم للفكر البشرى تعقلا ومعلومات وقد سماه القدماء بفن العيافة أما المحدثون فيختصرون الكلمة بحذف الحرفين المتوسطين منها مع حرف الأوميجا كى يؤكدوا وقع الصوت فى الكلمة ويشهد القدماء على أنه بقدر ما يسمو فن النبوءة على فن العيافة "ص60
سقراط هنا يعتبر البحث فى المستقبل بواسطة جلاء الطير وبالعلامات الأخرى تعقلا ومعلومات والعاملون به عقلاء وهو كلام جنونى فمن يجعل أمره للطير إذا ذهب يمينا يذهب لما أراد وإذا ذهب يسارا لا يذهب أو لا يفعل يكون مجنونا
"فكذلك الهوس الصادر من الإله أسمى من حكمة البشر سواء فى الاسم أو فى الفعل ولا يقتصر الأمر على ذلك "ص60
الخطأ هنا وصف الإله بالهوس وهو كلام يعنى كون الإله غير حكيم فالهوس يصيب الخلق وأما الخالق فلا يمكن أن يصيب الإله
"بل هناك أمراض ومحن تصيب أسرا معينة نتيجة لاقترافها لذنوب قديمة ولكن حين يصيب الهوس من هم فى حاجة إليه من أفراد هذه الأسرة فإنه يقدم لهم طريق الخلاص وذلك حين يلجأن إلى الصلاة وعبادة الآلهة "ص60
الخطأ إصابة أسر معينة نتيجة لاقترافها لذنوب قديمة وهو ما يناقض أن الله لا يعاقب أحد على ذنب أحد لكونه ليس ظالم كما قال تعالى " وما ربك بظلام للعبيد" وكما قال تعالى " ولا تزر وازرة وزر أخرى "
"وكذلك ينجو من يشارك فى طقوس التطهير والريادة الدينية وسواء من كان يتعلق بحاضره أو مستقبله بل يقدم الهوس والجذب لمن يصيبانه وسيلة تحميه من كل المصائب التى تحيط به "ص60
الخطأ نجاة من يشارك فى طقوس التطهير والريادة الدينيةمن مصائب الحاضر والمستقبل وهو ما يناقض ابتلاء الله لنا بالخير والشر وهى المصائب فى الدنيا كما قال تعالى "ونبلوكم بالخير والشر فتنة "
"غير أن هناك نوعا ثالثا من الجذب والهوس مصدره ربات الشعر إن صادف نفسا طاهرة رقيقة أيقظها فاستسلمت لنوبات تلهمها بقصائد وشهر تحيى به العديد من بطولات الأقدمين وتقدمها ثقافة يهتدى بها أبناء المستقبل لكن من يطرق أبواب الشعر دون أن يكون قد مسه الهوس الصادر عن ربات الشعر ظنا منه أن مهارته الإنسانية كافية لأن تجعل منه فى أخر الأمر شاعر فلاشك أن مصيره الفشل ذلك لأن شعر المهرة من الناس سرعان ما يخفت إزاء شعر الملهمين" ص60
الخطأ هنا وجود شعر ملهمين وشعر مهرة وهو كلام لا دليل عليه فالشعراء يتعلمون ثم يقولون الشعر ليس شرطا أن يتعلموا بحور الشعر ولا شروطه ولكن قراءتهم لقصائد أو سماعهم لها يجعلهم يقولون مثلها ولكن بالتدريج
"وهاك أخيرا الغاية من حديثى إنها تتعلق بالنوع الرابع من أنواع الهوس أجل الهوس الذى يحدث عند رؤية الجمال الأرضى فيذكره من يراه بالجمال الحقيقى وعندئذ يحس المرء بأجنحة تنبت فيه وتتعجل الطيران ولكنها لا تستطيع فتشرئب ببصرها إلى أعلى كما يفعل الطائر وتهمل موجودات الأرض حتى لتوصف بأن الهوس قد أصابها والخلاصة أن هذا النوع من أنواع الهوس يصدر أيضا عن أفضل أنواع المصادر سواء لمن حدث له أو شارك فيه فمن يشارك فى هذا الهوس ويتيم بجمال الفتية يقال عنه أنه مهووس بالحب " ص68
الخطأ هنا الهوس بحب الجمال الأرضى ونلاحظ إصرار سقراط على جمال الفتية فهو لا يذكر الفتيات ولا النساء مع أن المفترض فى الناس هو حب جمال النساء والشذوذ هو حب جمال الفتية والهوس يقول فيه "يحس المرء بأجنحة تنبت فيه وتتعجل الطيران ولكنها لا تستطيع فتشرئب ببصرها إلى أعلى كما يفعل الطائر وتهمل موجودات الأرض" وهو كلام غير حقيقى لا يفعله سوى قلة نادرة تصاب بالجنون
والخطأ وجود 4 أنواع هوس طبقا لقوله" وهاك أخيرا الغاية من حديثى إنها تتعلق بالنوع الرابع من أنواع الهوس" بينما قال هو بوجود نوعين فقط فى قوله :
"ولكن الهوس كما تعلم يحتمل نوعين الأول يرجع إلى الأمراض الإنسانية أما الأخر فيرجع إلى حالة إلهية تخرجنا عن القواعد المعتادة "ص92
"سوف نشبه طبيعة النفس بمركبة مكونة من جوادين مجنحين وسائق يقودهما أما نفوس الآلهة فجيادها وسائقها كلهم أخيار ومن سلال خيرة أما فيما يتعلق بالكائنات الأخرى فإن عناصرها تكون مختلطة فبالنسبة لنا لا تكون لعربة متجانسة الأجزاء لأن السائق يقود زوجا من الجياد واحد جميل أصيل أما الثانى فهو العكس من ذلك سواء فى طبيعته أو فى سلاله ويترتب على ذلك أن تصبح مهمة السائق فى حالتنا شاقة مضنية ولكن لنبحث من أين جاءت فكرة الفناء او الخلود بالنسبة للكائن الحى "ص62
الوصف السقراطى للنفس هنا صحيح فالجواد الأول العقل والجواد الثانى الشهوات والحوذى هو إرادة الإنسان التى تقرر السير خلف العقل أو خلف الشهوات
"أما النفس التى تفقد أجنحتها فإنها تظل تزحف حتى تصطدم بشىء صلب فتقيم فيه وتتخذ جسما أرضيا يبدو أنه على حركتها بينما تكون هى فى الواقع مصدر قوته أما ما نسميه كائنا حيا فهو المركب من النفس والجسم وهو الكائن الذى نصفه بأنه فان أما فيما يتعلق بالكائن الخالد فإننا وإن كنا لم نجد طريقا معقولا لتفسيره لأننا لم نر فى حياتنا إلها وليس فى إمكاننا أن ندركه إلا أننا سنحاول تصوير الكائن الخالد على أنه مكون من نفس وجسم مرتبطين بعضهما ببعض وليرضى الإله عن كلامنا هذا حتى ننتقل إلى البحث فى علة سقوط الأجنحة عن النفس وهناك ما يجوز أن يكون سبب فى ذلك ص63
الخطأ هنا أن الإله مكون من نفس وجسم مرتبطين وهو كلام يناقض قوله فى نفس الفقرة " فإننا وإن كنا لم نجد طريقا معقولا لتفسيره لأننا لم نر فى حياتنا إلها وليس فى إمكاننا أن ندركه" فما دام الإله غير مرئى وغير مدرك فكيف يمكن وصفه بأنه مكون من نفس وجسم مرتبطين معا ؟
ونلاحظ هنا حديث سقراط عن الكائن الخالد وهو الله ومع هذا يناقض نفسه فيقر بتعدد الآلهة فى قوله :
"إن طبيعة الجناح تمكنه من التحليق كما أنها تجعله أقدر على رفع ما هو ثقيل والارتفاع به إلى حيث تسكن الآلهة ولذلك فهو أكثر الأشياء الجسمانية مشاركة فى طبيعة الآلهة وطبيعة الآلهة هى الجمال والحكمة والخير وكل ما هو من هذا القبيل وبهذه الصفات تتغذى أجنحة النفس وتقوى أما الصفات المقابلة لها مثل الدناءة والشر فهى التى تجعل الأجنحة تضمر وتتلاشى أما قائد موكب السماء فهو الإله زيوس الذى يتقدم الجميع بمركبته ذات الجنحة فيوجه سير جميع الأشياء ويرعاها ويتبعه جيش من الآلهة والجن وقد انتظمت فى إحدى عشرة فرقة أما هستيا فتبقى وحدها دائما فى منزل الآلهة أما ص63 الآلهة الأخرى التى تدخل فى زمرة الآلهة الاثتنى عشرة الكبرى وتعد قادة لها فإن كلا مها يتولى قيادة جيش خاص به وكم من مشاهدة سعيدة تظهر فى السماء التى تطوف بها الآلهة وكل منها يقوم بمقامه ويتبعه من يرغب إذ لا مكان للغيرة فى صدور الآلهة وكثيرا ما يذهبون للغداء ليشاركوا فى الولائم فيتسلقون المرتفعات الوعرة المؤدية إلى قبة السماء وتجتازها مركبات الآلهة بسهولة ويسر نظرا لحسن تكوينها وطاعة جيادها للسائق أما بالنسب لمركبات الأخرى إن الأمر عسير عليها لأن الجواد الجامح يتلكأ ويجذب عربته نحو الأرض ويثقل على يد السائق الذى لا يطيق قيادته ولتعلم كذلك أن النفس تكون عندئذ فى محنة واختبار قاسيين ذلك لأن تلك النفوس التى نسميها خالدة متى وصلت إلى القمة فإنها تتجه إلى الخارج وتقف على ظهر القبة السماوية وفى وقفتها هذه ترفعها حركتها الدائرية حتى تدرك الحقائق التى توجد خارج السماء ولم يتغن أحد من شعراء الأرض حتى الأن بجمال هذا المكان الذى يقع فوق السماء ولن تغنى بجماله شاعر غناء يتناسب مع روعته ص64
الخطأ الأول الحديث عن مسكن الألهة أو منزلهم فى السماء وهو كلام ينافى حكاية "المبدأ لا يكون حادثا لأن كل حادث يحدث بفضل مبدأ فى حين أن المبدأ لا يصدر عن شىء سابق عليه"ص64 فإذا كان المبدأ غير الحادث فالله لا يمكن أن يكون فى مكان لأن المكان حادث ومن ثم فلو افترضنا صحة مقولة تعدد الآلهة المزعومة فإنها لا يمكن أن تسكن فى مكان لكونها من أحدثت المكان
الخطأ الأخر أكل الآلهة وتسابقهم وغير هذا من صفات المخلوقات يناقض نفس حكاية المبدأ
والخطأ الثالث وجود مكان فوق السماء وهو كلام جنونى فلا يوجد شىء اسمه المكان خارج السموات
" وهاك ما قررته أدراستيا وهو أن كل نفس تكون فى معية إله وتكون قد توصلت إلى رؤية بعض الحقائق الصحيحة تسلم من كل الشرور حتى الدورة التالية وإذا ظلت قادرة على الاحتفاظ بهذه الرؤية فإنها تظل دائما فى منأى عن أى أذى أما إذا قصرت فى تتبع الآلهة وضلت الرؤية كمل لو كانت لسوء حظها قد امتلأت بالنسيان والفساد فثقلت فحينئذ تكون بحالة من الثقل وتقطع ريشها فتسقط على الأرض وهنا يقضى القانون أن توجد فى أى حيوان عند بدء توالدها على الأرض أما النفس ذات الرؤية الشاملة فتستقر فى رجل قد تهيأ ليكون فيلسوفا محبا للحكمة أو محبا للجمال أو فى رجل تزود بالثقافة وصقله الحب أما فيما يتعلق بالدرجة الثانية من النفوس فتستقر فى ملك بحكم القانون أو فى محارب ماهر فى القيادة أما الدرجة الثالثة فتحيا فى سياسى أو رجل أعمال ومال وأما الدرجة الرابعة فهى لرجل محب للتمرينات الرياضية أو معنى بإصلاح الجسم أما الخامسة فتصلح لحياة عراف أو رجل قد عكف على طقوس العبادة أما السادسة فتناسب شاعرا أو فنانا ممن يشغلون أنفسهم بالمحاكاة والسابعة توافق صانعا أو مزارعا والثامنة لمحترفى السفسطة أو فن خداع الجمهور أما التاسعة فهى للطاغية ص66
الخطأ الأول الاعتراف بتعدد الآلهة وهى مقولة تتعارض كما قلنا مع اعترافه بالله الواحد وهو الكائن الخالد أو المبدأ
الخطأ الثانى هو التناسخ تناسخ النفوس من خلال دورات معينة وهى مقولة جنونية لا ظل من الحقيقة لها فلو كانت حقيقية لكان سقراط نفسه حيا بيننا هو وأفلاطون وغيرهم من خلال تلك الدورات والملاحظ هو أن الرجل أعطى الدرجات الثمانى لناس لهم وظائف أى أعمال فيلسوف ملك محارب سياسى رجل أعمال رياضى عراف كاهن شاعر فنان صانع مزارع وأعطى الدرجة الأخيرة وهى التاسعة للطاغية وهو كل ظالم والطغيان ليست وظيفة ومن ثم فهناك تناقض كما أن وظائف الفلسفة والشعر تتواجد فى كل أصحاب الوظائف فهناك مثلا ملك شاعر أو محارب فيلسوف وكان سقراط نفسه محاربا مع كونه فيلسوف
تتناقض مقولة تناسخ الأرواح مع مسئولية كل نفس عن عملها وجزاء العمل كما قال تعالى " كل نفس بما كسبت رهينة "
ونلاحظ أن النفوس المقصرة تتحول بلا اختيار لهيئة الحيوان فى قوله فى الفقرة السابقة :
"أما إذا قصرت فى تتبع الآلهة وضلت الرؤية كمل لو كانت لسوء حظها قد امتلأت بالنسيان والفساد فثقلت فحينئذ تكون بحالة من الثقل وتقطع ريشها فتسقط على الأرض وهنا يقضى القانون أن توجد فى أى حيوان عند بدء توالدها على الأرض" وهو ما يناقض أن نفوس البشر هى من تختار بنفسها الهيئة الحيوانية أو غيرها فى قوله بالفقرة التالية :
"وفى السنة الألف لأولئك أو تلك يحين الوقت الذى يدعون فيه لاختيار حياتهم الثانية ويتم الاختيار وفقا لمشيئة كل نفس من هذه النفوس وفى هذا الوقت يمكن للنفس البشرية أن تنتقل إلى حياة حيوانية كما تنتقل بالمثل نفس إنسان من هيئة الحيوان إلى الحالة الإنسانية "
"والآن لنفرض أن من بين مجموع هؤلاء الرجال رجلا قدم لك حياة عادلة فإنه يثاب على ذلك أما من لا يلتزم العدل فى حياته فهو يلقى أسوأ العقاب ذلك لأنه لا يمكن للنفس العودة إلى النقطة التى جاءت منها إلا بعد عشرة آلاف سنة ولا يمكن أن ترجع لها الأجنحة قبل مضى هذه المدة ولكن يستثنى من ذلك من كان فيلسوفا حقيقيا أو من كان من عشاق الشباب عشقا فلسفيا والواقع أن هذه النفوس فى حالة اختيارها لهذا النوع من الحياة ثلاثة مرات متتالية ولمدة ثلاثة آلاف عام إنها تتخذ أجنحة تبتعد بعد الألف الثالثة من الأعوام أما النفوس الأخرى فبعد أن تنتهى من وجودها الأول فإنها تتقدم للمحاكمة وبعد أن يحكم عليها يهب بعضها إلى منازل العدالة تحت الأرض فيلقون العقاب فى حين التى تحكم عليها العدالة بالصعود إلى مكان ما من السماء حيث تعيش حياة تليق بالحياة التى عاشتها فى الصورة البشرية وفى السنة الألف لأولئك أو تلك يحين الوقت الذى يدعون فيه لاختيار حياتهم الثانية ويتم الاختيار وفقا لمشيئة كل نفس من هذه النفوس وفى هذا الوقت يمكن للنفس البشرية أن تنتقل إلى حياة حيوانية كما تنتقل بالمثل نفس إنسان من هيئة الحيوان إلى الحالة الإنسانية أما النفس التى لم تحظ أبدا برؤية الحقيقة فلا يمكن لها أبدا أن تتخذ صورتنا البشرية ذلك لأنه ينبغى على الإنسان أن يدرك المثال الذى يؤلف بين مجموعة من الإدراكات الحسية فى وحدة يؤلفها العقل "ص67
الخطأ هو الإصرار على مقولة التناسخ وتحول الحيوان إنسان والعكس وهو كلام وهو يناقض عدم تصديق سقراط لحكايات اليونان الخرافية والتى يحدث فيها التحول المزعوم "فإنى أرى فى هذه التفسيرات مجرد رطانة فحسب إذ يبدو لى أن من يأخذون بها لا يوفقون تماما "ص36" ما يتكبدونه من عناء وجهد إنهم سيجدون مضطرين لتفسير معنى وحوش الهيبوقنطور ووحش الخرافة الخيمايرا ثم يكونون مثقلين بعد ذلك بتفسير عدد غفير من المعانى مثل الجورجون والبيجاس بكل ما يحيط بها من غرابة وبمخلوقات أخرى أسطورية لا يمكن تخيلها وإن حاولوا إثبات احتمال صدق هذه الكائنات مستخدمين كل مهارتهم فلا شك فى أنهم سيضيعون على أنفسهم الكثير من الوقت والجهد"
" ولكن من المؤكد أن العدالة والحكمة وكل ما هو ثمين من النفوس لا يرى بوضوح فى الأمثلة الموجودة فى هذا العام لكن هناك وسائل تقريبية من وسائل الحس تسمح صعوبة كبيرة لعدد قليل من الناس بتصور صلات القربى التى بقيت بهذه الموضوعات من الأصل الذى تحاكيه فى الزمان الغابر حينما كان هؤلاء الناس ينعمون بالحياة السعيدة ويتبعون زيوس وغيره من الآلهة الأخرى أبصروا الجمال المتألق وأصبحوا بفضل هذه الرؤية السعيدة مريدين للأسرار التى قدسناها أيام كنا كاملين وكنا نخلو من جميع المصائب التى تنتظرنا فى مستقبل أيامنا كنا مريدين يسمح لنا وقتئذ بالنظر إلى هذه الرؤية الكاملة البسيطة الهادئة السعيدة فأبصرناها فى وضح الضياء لأننا كنا أصفياء لا نحمل معنا ذلك الشبح الذى سميناه بالجسد والذى ارتبطنا به ارتباط الحلزون بقوقعته"ص69
الخرافة هنا هى زعم سقراط وجود حياة سابقة للبشر كانوا فيها كاملين يعرفون الحقيقة والأسرار ويبصرون الجمال وهو كلام يتفق مع خرافات عالم الذر التى لا وجود لها والسؤال ما الدليل على تلك الحياة ولا أحد منا يتذكر شىء منها ؟
ومقولة وجود حياة سعيدة سابقة لكل النفوس تناقض أن هناك نفوس لم تكن فى تلك الحياة فى قوله :
"أما النفس التى لم تحظ أبدا برؤية الحقيقة فلا يمكن لها أبدا أن تتخذ صورتنا البشرية ذلك لأنه ينبغى على الإنسان أن يدرك المثال الذى يؤلف بين مجموعة من الإدراكات الحسية فى وحدة يؤلفها العقل "ص67
الخطأ الأخر أن الحياة السابقة كانت بلا جسد ولا يمكن لحياة أن تكون بلا جسد فآدم (ص) كان له جسد بدليل أكله فى الجنة وتكشف عورته بعد الأكل من الشجرة المحرمة
"وكذلك أيضا بالنسبة لسائر الحقائق الأخرى المحبوبة ولكن لا فالجمال وحده هو الذى أوتى هذا القسط من الوضوح عند الرؤية ولذلك كان أحب الأشياء أما من لم يرتد الأسرار بدرجة عالية أو ترك نفسه للفساد فإنه لا يسرع فى الارتفاع إلى العالم العلوى حيث يوجد الجمال المطلق وعندما يبصر مثل ذاك الشخص أمثلة له فى هذه الأرض لا يوجه بصره هذه الوجهة بدافع التقديس بل نراه على العكس يندفع بفعل اللذة" ص69"وقد يحدث له تغير أثناء إبصاره له نتيجة الرجفة التى تنتابه فيكسوه العرق والحرارة غير الطبيعية لأنه بمجرد أن يتلقى فيض الجمال عن طريق عينيه ينبعث فيه الدفء وينشط نمو الريش فتلين منابته لأن الحرارة تصهر ما كان صلبا يمنع الريش من البزوغ ويحدث من تدفق هذا الفيض انتفاخ وازدهار فى منابت الريش فينمو من الجذور المنتشرة فى النفس إذا كانت النفس فى سالف الأزمان يكسوها الريش وتنتاب النفس ثورة عارمة تجعلها ترتجف وتحدث لها إحساسات من بدءوا يسننون فهم عند بزوغ الأسنان يتوقفون عن الأكل ويعانون آلاما ص70
الخطأ الأول إصرار سقراط على ارتباط الجمال بالبصر فى عالمه المزعوم وفى عالم الدنيا وهو كلام خاطىء فالجمال يتواجد فى الكلام الطيب وفى الروائح الطيبة وفى الملامس المريحة وفى الطعام والشراب اللذيذ ...
الخطأ الثانى وهى مقولة تكررت عدة مرات فى المحاورة وهى وجود ريش للنفس وهو كلام يذكرنا بحديث كون النفوس فى الجنة فى حواصل طير خضر" وَقَدْ رُوِّينَا فِي مُسْنَد الْإِمَام أَحْمَد حَدِيثًا فِيهِ الْبِشَارَة لِكُلِّ مُؤْمِن بِأَنَّ رُوحه تَكُون فِي الْجَنَّة تَسْرَح أَيْضًا فِيهَا ، وَتَأْكُل مِنْ ثِمَارهَا ، وَتَرَى مَا فِيهَا مِنْ النَّضْرَة وَالسُّرُور ، وَتُشَاهِد مَا أَعَدَّ اللَّه لَهَا مِنْ الْكَرَامَة ، وَهُوَ بِإِسْنَادٍ صَحِيح عَزِيز عَظِيم ، اِجْتَمَعَ فِيهِ ثَلَاثَة مِنْ الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة أَصْحَاب الْمَذَاهِب الْمُتَّبَعَة ؛ فَإِنَّ الْإِمَام أَحْمَد - رَحِمَهُ اللَّه - رَوَاهُ عَنْ مُحَمَّد بْن إِدْرِيس الشَّافِعِيّ - رَحِمَهُ اللَّه - ، عَنْ مَالِك بْن أَنَس الْأَصْبَحِيّ - رَحِمَهُ اللَّه - عَنْ الزُّهْرِيّ عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن كَعْب بْن مَالِك ، عَنْ أَبِيهِ - رَضِيَ اللَّه عَنْهُ - قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ " نَسَمَة الْمُؤْمِن طَائِر يَعْلُق فِي شَجَر الْجَنَّة حَتَّى يُرْجِعهُ اللَّه إِلَى جَسَده يَوْم يَبْعَثهُ " .
وكلام سقراط عن وقوع الريش وخروج تلك النفوس من العالم العلوى يناقض عدم الخروج من الجنة
"هذا هو الشىء الذى لا تقبل النفس الابتعاد عنه ولن يوجد عندها شىء تعنى به أكثر من عنايتها بموضوع الجمال فلا الأمهات ولا الإخوة ولا الأصدقاء يعنونها بعد ذلك بل إنها لتهمل كل ما تملك غير مكترثة لفقدانه وتغفل كل ما كانت تعنى به من أعمال أو مقتضيات وتصير على استعداد تام للخضوع للأسر والنوم فى أى مكان قريب من محبوبها يسمح لها بالنوم فيه ذلك أنها لا تقنع بتقديس موضوع الجمال بل إنها تجد فيه الطبيب الشافى من كل الآلام المضنية وعلى ذلك فهذه الحالة يا فتاى الجميل الذى أخاطبه الآن هو الحال التى يسميها الناس بحق الحب أما إذا ذكرت لك ما تسميه به الآلهة فإنك سوف تضحك لحداثة سنك " ص71
الخطأ هنا هو أن نفس المحب تجد في الجمال جمال المحبوب الطبيب الشافى من كل الآلام المضنية وهو كلام لا ينطبق على كل المحبين بل المحبين المجانين وأما العقلاء فيعرفون أن الجمال لا يشفى من كل الآلام الدنيوية
الخطأ الأخر خضوع نفس المحب للأسر والنوم فى أى مكان قريب من محبوبها وهو كلام جنونى فمن يظن مثلا أن القمر جميل فإنه لا يقدر على النوم بجانبه ولا قريبا منه ومن يرى مثلا نساء جميلات جمالا باهرا فى نفسه ولكنهن متفرقات السكن لا يمكن أن ينام بقربهن جميعا
"فإذا كان الذى استسلم للحب من أتباع زيوس قد استطاع تحمل صدمات هذا الإله ذى الريش فإن أتباع آريس الذين انساقوا فى دورته عندما يتملكهم الحب ويظنون أنهم أصيبوا بظلم من جانب محبوبيهم فإنهم ينقادون للقتل ويكونون على استعداد للتضحية بأنفسهم وبمحبوبهم فى نفس الوقت وهكذا الأمر بالنسبة لكل من كان تابعا لإله فإنه يمضى حياته فى تمجيد هذا الإله وفى محاكاته بقدر طاقته ما دام لم يدركه الفساد وما دام كان وجوده هنا هو أول وجود له على الأرض "ص71
الخطأ هنا هو أن كل محب لإله مزعوم يتبع إلهه المزعوم فى حبه فأتباع آريس يقتلون كما يفعل إلههم المزعوم أنفسهم ومحبيهم فأى حب الدافع لقتل الحبيب ؟ بالقطع لا يسمى ذلك حبا وإنما كراهية إلا فى حالات معينة مثل من يقتل ابنه المريض رحمة له كما يظن
وكلام سقراط هنا يذكرنا بحديث أن كل قاتل لنفسه يعذب فى النار بما قتل به نفسه حيث رَوَى البخاريُّ ومُسْلِمٌ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنهُ قالَ: " مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَتَوَجَّأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ شَرِبَ سَمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَرَدَّى فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا ".
فكأن آلهة سقراط المزعومة هى وسائل قتل النفس لنفسها
"لأن النظر إلى هذا الإله هو بالنسبة لهم ضرورة لا غنى لهم عنها وحين يصلون إليها بواسطة التذكر والجذب يتلقون من الإله الخلق والسلوك الخاص به ويشاركون الألوهية بقدر ما تسمح الطاقة الإنسانية وهم يظنون أن السبب فى ذلك ليس سوى المحبوب ولذلك يزداد حبهم له أكثر من ذى قبل وإن كانوا ينهلون حبهم من منهل زيوس فإنما بغيتهم أن يصبوه مرة أخرى على المحبوب على نحو ما تفعل الباخيات لكى يجعلوه شبيها بإلههم على قدر الإمكان ص72
الخطأ هو نظر أتباع كل إله لإلههم هو أمر جنونى لأن الرجل اعتبر الجمال جمال بصرى
وفى العالم العلوى حيث لا جسد كما يزعم سقراط لا يمكن النظر لتلك الآلهة المزعومة لعدم وجود بصر أى نظر وهو قوله " فالجمال وحده هو الذى أوتى هذا القسط من الوضوح عند الرؤية ولذلك كان أحب الأشياء أما من لم يرتد الأسرار بدرجة عالية أو ترك نفسه للفساد فإنه لا يسرع فى الارتفاع إلى العالم العلوى حيث يوجد الجمال المطلق وعندما يبصر مثل ذاك الشخص أمثلة له فى هذه الأرض لا يوجه بصره هذه الوجهة بدافع التقديس بل نراه على العكس يندفع بفعل اللذة" ص69
" لكى يجعلوه شبيها بإلههم على قدر الإمكان ص72إلى محبوبه إن أطاعه ويصبح حال المحبوب على النحو التالى لنذكر لأننا فى بدء هذه الرواية قد ميزنا فى النفس بين ثلاثة أجزاء جزءين لهما صورة الجياد أما الجزء الثالث فهو الذى يقوم بوظيفة الحوذى ولنتذكر هذه القسمة الآن ولنقل أن أحد الجوادين خير أما الأخر فسيىء وبما أننا لم نفسر على أى نحو تكون جودة الخير ورداءة السيىء فإننا سنحاول ذلك الآن فالجواد الذى يقف على اليمين هو الفضل إنه معتدل القامة متناسب الأعضاء طويل العنق أقنى الأنف أبيض اللون أسود العينين وهو عاشق للمجد مع اعتدال وتحفظ ولما كان ميالا للصواب فإنه يكفيه للكلام والتشجيع كى ينقاد دون حاجة إلى الضرب أما الأخر فعلى العكس من ذلك ضخم الجسم ثقيل الطبع قصير العنق غليظه أفطس الأنف هو أسود اللون رمادى العينين دموى الزاج حليف الإفراط والغرور ضخم الأذنين كثيف شعرهما ولا يؤثر فيه السوط ذو الشعاب إلا بالكاد وأما الحال كذلك وإذ يبصر الحوذى الرؤية الجميلة تغمر الحرارة نفسه ويمتلىء بالوخز نتيجة الاشتياق وعندئذ ينقاد الجواد الطيع للحوذى فيتحفظ ويمتنع عن الانقضاض على المحبوب أما الأخر الذى لا تؤثر فيه وخزات الحوذى ولا سوطه فإنه ينقض بقفزة قوية مسببا لزميله وللحوذى آلاما غير متصورة ويضطرهما إلى الاتجاه نحو المعشوق ليعرضا عليه لذات العشق ولكنهما يرتجفان فى بادىء الأمر إزاء هذا الاضطرار المكروه وغير المشروع ولكنهما نظرا للمتاعب التى لا أخر لها ينتهيان فى الأخر الأمر غلى الانقياد بلا مقاومة ويوافقان على فعل ما يدعيان إليه وهاهما أخيرا ينظران معا إلى الطلعة المحبوبة التى تتألق إنها المحبوب وعند رؤيته يتجه تذكر الحوذى إلى حقيقة الجمال فيراها من جديد مصحوبة بالحكمة وواقفة على قاعدتها المقدسة لقد كان قد رآها بواسطة التذكر وعندئذ فإنه ينقلب على ص73وهاك الآن السبب فى وفاء المحبوب الذى لا حد له نحو المحب الذى يرضيه كما لو كان يرضى إلها ذلك لأن الحب لا يتظاهر بل هو ميال إلى ذلك فى حقيقة الأمر أما المحبوب فمن الطبيعى أن يكن الود لتابعه الوفى أما لو فرضنا أنه تصادف ص74
الخطأ هنا هو سقوط سقراط فى صفات الجوادين اللونيةفالرجل اعتبر البياض هو لون الخير والسواد لون الشر ومع هذا ناقض نفسه فجعل عينى الجواد الطيب سوداء فى قوله " فالجواد الذى يقف على اليمين هو الأفضل إنه معتدل القامة متناسب الأعضاء طويل العنق أقنى الأنف أبيض اللون أسود العينين وهو عاشق للمجد مع اعتدال وتحفظ ولما كان ميالا للصواب فإنه يكفيه للكلام والتشجيع كى ينقاد دون حاجة إلى الضرب أما الأخر فعلى العكس من ذلك ضخم الجسم ثقيل الطبع قصير العنق غليظه أفطس الأنف هو أسود اللون رمادى العينين دموى المزاج حليف الإفراط والغرور ضخم الأذنين كثيف شعرهما ولا يؤثر فيه السوط ذو الشعاب إلا بالكاد"
والملاحظ هنا أن سقراط يعتبر الجمال الجسدى هو اعتدال القامة مع تناسب الأعضاء والقبح الجسدى عكسه وهى وجهة نظر إنسانية للكثيرين فهناك ناس يحبون نساء ليس لديهن تناسق مثلا فى الوجه وفى الجسم ولا يرضين بغيرهن بديلا طبقا للمقولة الشهيرة حبك الشىء يعمى ويصم ومن ثم فقاعدة تناسب الأعضاء كجمال ليست قاعدة عامة بلا اختلاف
" وكما تنعكس الريح أو الصوت – إن وقع على الأسطح الصلدة الملساء فى اتجاه مخالف لتعود إلى نقطة البداية فكذلك يكون التيار الصادر عن الجمال فهو ينعكس ويعود مرة أخرى إلى مصدره عن طريق الأعين ذلك الطريق الطبيعى المؤدى إلى النفس بذلك الفيض الذى ينعش منابت الريش فيرويها وينمو الريش وتمتلىء نفس المحبوب بدورها حبا وها هو إذن قد صار يحب ولكن من ذا يحب ؟إنه لفى قلق شديد "ص75
الخطأ المكرر هنا هو اعتبار الجمال جمال بصرى فقط وهو كلام يخالف وجود جمال سمعى كما قال بعضهم :
والأذن تعشق قبل العين أحيانا
وجمال فى التذوق وجمال فى الرائحة وجمال فى الملمس
والخطأ هو نبت الريش فى النفس بسبب الجمال البصرى وهو كلام جنونى فلا ريش ينبت للإنسان فى نفسه بسبب حب الجمال البصرى وربما كان هذا الكلام كناية عن انشغال المحب بمن يحب وهو حالة الشغف التى تحدثت عنها النسوة فى سورة يوسف " قد شغفها حبا "
"تلك هى النعم يا بنى النعم الإلهية العظيمة التى تعود عليك من صداقة المحب أما وصال غير المحب فهو وصال مصدره حكمة البشر الفانية التى لا تخدم إلا كل سلوك فان وتبعث فى نفس من يختارها ضعة تحترمها العامة وتظنها فضيلة ولكنها تنتهى بالنفس إلى الطواف تسعة آلاف عام حول الأرض أو تحتها فى خبل ص77
الخطأ الأول تناقض كون دورة التناسخ هنا 9 آلاف عام بينما هى 10 آلاف عام فى قوله " ذلك لأنه لا يمكن للنفس العودة إلى النقطة التى جاءت منها إلا بعد عشرة آلاف سنة" ص67
الخطأ الثانى هو عدم تأكد سقراط من كون طواف العقاب حول الأرض أو تحتها وهو كلام يناقض كون العقاب تحت الأرض فقط فى قوله ص67" أما النفوس الأخرى فبعد أن تنتهى من وجودها الأول فإنها تتقدم للمحاكمة وبعد أن يحكم عليها يهب بعضها إلى منازل العدالة تحت الأرض فيلقون العقاب"
"يروى يا عزيزى أن أول النبوءات قد صدرت عن شجرة بلوط فى محراب زيوس بدودونا ولم يكن أهل ذلك الزمان حكماء على طريقتكم أيها الشباب وإنما كانوا من البساطة بحيث لا يأنفون من سماع ما تنطق به شجرة بلوط أو حجارة ما دام ينطوى على الحقيقة أما أنت فلا يكفيك فى الواقع إن كان الكلام صادقا أم لا بل تريد معرفة من هو قائله ومن أين جاء ؟ص111
الخطا أن النبوءات أولها صدر عن شجرة بلوط وهو كلام جنونى نفاه الرجل بإعلانه فى بدايات الكتاب عدم تصديقه لخرافات وأساطير اليونان لأن الشجر والأحجار لا تتكلم مع البشر وإن كانت تتكلم مع نفسها ومع نوعها
وبعد هذا دلف سقراط لأصل الموضوع وهو التحدث عن الفنون :
"وفى رأيى أن العيب لا ينشأ لمجرد أننا نتكلم أو نكتب بالطريقة الجميلة ولكن بالطريقة الرديئة السيئة ص79
هنا يبين أن العيب هو فى التكلم بالطريقة الرديئة السيئة ولليس بالطريقة الجميلة وهى نفس فكرة انقسام الكلام لطيب وخبيث
ودلف الرجل لخطأ فايدروس فى تعريف الخطابة فقال :
"ألا يكون فن الخطابة بأكمله هو فن قيادة النفوس بواسطة الأحاديث ليس فقط أمام المحاكم والاجتماعات العامة بل أيضا فى الاجتماعات الخاصة ألا يكون فنا واحدا لا يتغير سواء صغر الموضوع أو كبر ألا يكون حسن استخدامه ضروريا فى الموضوعات الهامة وغير الهامة على السواء أليس أليس هذا ما سمعته بخصوص تعريفه ص85
ودلف من هذا إلى الخطيب لابد أن يعرف تشابه الحقيقة وعدم تشابهها فقال :
"فيجب إذن إذا أردنا خداع غيرنا دون أن نخدع أنفسنا أن نعرف جيدا تشابه الحقيقة وعدم تشابهها "ص87
وبين لفايدروس ضرورة قيام الخطيب أو الباحث فى الخطابة بتقسيم عادل للموضوع مع تفسيره لما يمتاز به كل قسم فقال
"وإذا كان الأمر كذلك ألا يجب على الرجل الذى يجعل فن الخطابة موضوعا لبحثه أن يبدأ بإقامة قسمة عادلة لهذين النوعين وأن يفسر ما يمتاز به كل قسم وكذلك فى تلك الموضوعات التى يكون فكر الناس فيها مترددا والتى لا يكون فيها كذلك"ص89
ودلف سقراط إلى ضرورة الإحاطة بالموضوع من كل جوانبه فشبهه بأعضاء الجسم لابد من وجودها كلها حتى يكتمل الموضوع فقال :
"هاك شىء أعتقد على الأقل أنك ستوافق عليه وهو أن كل حديث يجب أن يكون مكونا على شكل كائن حى له جسم خاص به بحيث لا تنقصه رأس ولا قدم بل لابد له من وسط مع وجود طرفين يكونان قد كتبا بشكل يتفق بعضهما مع البعض ومع الكل "ص91
كما بين سقراط وجود شروط فى الخطيب لكى مفوها وهى المران والعلم فمن لم يتدرب ولم يتعلم يكون خطيبا سيئا فى قوله :
"ولكى تصير يا فايدروس خطيبا مفوها لابد من أن تتوافر لك بعض الشروط الضرورية كما هو الحال فى جميع الفنون الأخرى فإن كان لك بالطبيعة استعدادا للخطابة فستكون خطيبا ممتازا إن أضفت إليها العلم والمران ولكن إذا نقصك شىء من هذه الشروط فسوف تكون خطيبا ناقصا أما فيما يتعلق بالفن الذى يتميز بهذه الصفات فلست أرى المنهج الصحيح فى الطريق الذى اتبعه لوسياس وتراسيماخوس على ما أظن ص101
ويبين سقراط أنه لابد للخطيب من تعريف الشىء وتقسيمه لأنواعه كما بين أن على الخطيب خطاب النفوس على قدر عقل كل منها فقال :
"لابد أن نعرف حقيقة كل شىء من الموضوعات الجزئية التى نتكلم عنها أو نكتب عنها حتى نكون قادرين على تعريف الشىء ذاته ونستطيع بعد أن نحدد له تعريفا معينا أن نقسمه إلى أنواعه حتى نصل بنفس هذا التحليل إلى معرفة طبيعة النفس فنقدم إلى النفس المعقدة أحاديث مركبة معقدة وعلى العكس من ذلك نقدم أحاديث بسيطة للنفس البسيطة وما لم نصل إلى هذا الحد من المعرفة فلن نستطيع الكلام بطريقة فنية إن جاز للكلام أن يخضع لمنهج فنى عندما يهدف إلى التعليم أو الإقناع وهذا هو ما سبق أن بيناه فى المناقشة السابقة " ص114
وبين سقراط أنه لابد من نقد من أخطأ فى كتابة الكتب بإظهار تلك الأخطاء فقال :
"إنه إذا كان لوسياس أو غيره قد كتب أو وجب عليه سواء فى موضوع خاص أو عام كأن يشرع قوانين أو يكتب مؤلفا سياسيا وهو يظن أن ما كتب قد ينطوى على أساس راسخ أو يقين كبير فمما لا شك فيه أنه يستحق اللوم علانية أو فى الخفاء ذلك أن من يجهل معرفة العدل والظلم والشر والخير سواء كان يقظا أو حالما لا يمكن أن يفلت من اللوم الذى يستحقه حتى ولو حصل على ثناء الجمهور كله "ص114
ويبين سقراط أن أفضل المقالات هى المقالات التعليمية التى تبين كل شىء فى الموضوع لكونها تفيد الناس بتعليمهم الصحيح من الخاطىء فقال :
"من يرى على العكس من ذلك أن أحسن المقالات هو ما استخدم وسيلة لتذكيرنا بما نعلم وهى المقالات التى توجد بها مادة للتعلم والتى توجه من أجل لذة التثقيف وتطبع العدل والجمال والخير فى النفس فهذه وحدها هى الكاملة الواضحة التى هى أولى بعنايتنا وهى المقالات التى تستحق أن تنسب لمؤلفها نسبة أبنائه الشرعيين له وأول نوع منها هو الذى ينبثق من باطن نفسه إن تصادف وجوده عنده ثم يليه ما يتفرع عن هذا الحديث أو ما يشابهه من إخوة له حين تنبت بطريقة صحيحة فى نفوس الأخرين فلا يلتفت لأى كلام أخر وإنى يا فايدروس لأتمنى لنفسى ولك مصير ذلك الرجل " ص115




 

اجمالي القراءات 12394