مصر في المركز الأخير بين 17 دولة عربية في المؤشرت الدولية لأداء الأعمال

في الثلاثاء ١٥ - يناير - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

اتهم المستشار الدكتور جودت الملط رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، وزير المالية الدكتور يوسف بطرس غالي بسبه وقذفه، خلال جلسة مجلس الشعب أمس، بوصفه إياه بأنه "يمثل البنك الدولي" لدى تعقيبه على انتقاداته الموجهة إلى الأداء الحكومي، واتهامه لها بتجاهل الملاحظات السلبية التي أشار إليها.
وقال الملط في تعقيبه على رد غالي والدكتور مفيد شهاب وزير الدولة للشئون القانونية والمجالس النيابية، إن الحكومة للأسف لم ترد على الوقائع والملاحظات التي تحمل نحو 22 سلبية، مشيرًا إلى أن دفاع الوزراء عن الحكومة "ليس في مصلحتها"، لافتًا إلى أن ردها على السلبيات يشير إلى أنه لا توجد سلبيات في الأداء.
وأكد الملط أن جهازه أرسل تقاريره الرقابية التي تزيد عن 30 ألف صفحة إلى الوزارات والمصالح والمحافظات والهيئات العامة الخدمية والاقتصادية، والتي جاءت ردودها معترفة بتلك السلبيات، وقالت إنها سوف تتلافى هذه الملاحظات في السنوات القادمة.
وقال إن الحكومة على مستوى الوزراء والمحافظين تقر بتلك الملاحظات، لكن "ممثل الحكومة تحت قبة مجلس الشعب ينفي ذلك ويقول ما فيش سلبيات، وكأن الدنيا لبن حليب وقشطة".
وأشار الملط إلى أن الحكومة لم ترد على ما تناولته في جلسة أمس الأول، وقال إنه لا يزال في انتظار ردها على السلبيات التي سردها، ومنها ضعف التبادل السلعي التجاري مع الدول العربية والبالغ 514 مليون دولار، بينما حجم التبادل التجاري السلعي مع 43 دولة أفريقية لا يمثل سوى 1%.
ولفت الملط إلى أن الحكومة لم ترد على ملاحظاته حول المشاكل والمعوقات التي تحد من فاعلية الجهد المبذول لتهيئة مناخ الاستثمار نتيجة تأخر ترتيب مصر في المؤشرات الدولية، ومنها مؤشر سهولة أداء الأعمال، حيث تراجع ترتيب مصر إلى المركز الأخير بين 17 دولة عربية في عام 2006.
واستدرك الملط قائلاً: للأسف أنا محرج من أن أذكر أسماء الدول العربية التي سبقتها رغم مكانة مصر مشيرا إلى أن تقرير الأعمال صادر من البنك الدولي، مبديًا انتقاده إلى الحكومة التي قال إنها تنقل الفقرة التي في صالحها وتغفل الفقرة التي لا تكون في صالحها.
وتابع قائلاً: الحكومة لم ترد على ملاحظات الجهاز حول ارتفاع الأسعار بما في ذلك السلع الغذائية والمجموعات الرئيسة التي يتم إنتاجها محليا، مضيفًا: لم أتحدث عن القمح ولكن أتحدث عن محاصيل زراعية بسيطة، منها الخضار والفاكهة، ولم تزد عن سياسات قيام التجار بتعطيش السوق، حتى أن أغلب المواطنين بما فيهم الطبقة المتوسطة والتي أنا منها لم يستطيعوا مواجهة تلك الأسعار.
وأضاف: الحكومة لم ترد على تهريب السلع وتجارة الرصيف والتي وصلت للدواء، كما لم ترد على انتشار التسيب والخلل في المحليات الذي يصل لحد الفساد خاصة في الإسكان والبناء، وعلى اختلاف البيانات والمؤشرات والنسب بين الوزارات المختلفة.
وتابع الملط: أنا هنا في قدس الأقداس وهناك رأي عام يراقب كل كلمة في هذه القاعة المقدسة، مشيرًا إلى أن ردود الحكومة حول بعض الملاحظات جاءت بعيدة، وقال عندما تحدثت عن عدم دقة دراسات الجدوى الاقتصادية لعدد من المشروعات إذا بوزير المالية يتحدث عن فائدة المشروعات، وهو ما دفعه إلى التساؤل: هل يختلف أحد على أهمية المشروعات لكننا نشير إلى إقامة مشروعات بدون دراسة تمهيدية أو تصميمية.
وأشار أيضًا إلى أن رد الحكومة حول استمرار قيمة العجز في الميزان التجاري السلعي في مصر البالغ 15.8 مليار دولار كان بعيدا جدا عن هذه القضية، حيث قالت "عملنا وفرًا في ميزان المدفوعات" لافتًا إلى أن هناك فرقًا بين الميزان التجاري وميزان المدفوعات.
واتهم الملط، الحكومة بعدم الرد حول ما أشارت إليه بشأن تدفقات المصريين بالخارج سواء المباشرة أو من خلال محفظة الأوراق المالية، التي وصلت إلى 1093 مليون دولار، متسائلاً: هل هذه حسنة ومصر متعطشة للاستثمار والرئيس مبارك يقوم بالزيارات والاتصالات مع رؤساء الدول العربية والأوروبية للاستثمار في مصر.
ونفى الملط أن يكون قد قصد التقليل من وزراء التعليم العالي والتربية والتعليم والصحة، قائلاً: عباراتي كانت محددة بأن الجهاز يطالب بتطوير التعليم والصحة، وجاء رد الحكومة بأنها زودت الاعتمادات المالية وافتتحت مدارس.
وتساءل الملط: "هي دي العملية التعليمة"، مضيفًا: أريد التعليم في مصر يساوى الدول المتقدمة ولقد قدمنا تقارير عديدة عن الخدمات الصحية والتي تحمل سلبيات قاسية جدا، وقال إن الدفاع لم يكن في صالح الحكومة، مطالبًا بالاعتراف بالسلبيات، وإن الجهاز كان محايدًا، وليس حزبًا معارضًا وإنما هو جزء من النظام.
بدوره، قال الدكتور مفيد شهاب وزير الشئون البرلمانية الرد على الملط، إنه لم يتوقع أن يعبر رئيس الجهاز المركزي عن آرائه بمثل هذه الحدة، وأشار إلى أنه لا توجد حكومة تقول إن كل شيء تمام، وليس من العيب أن تعترف بأن هناك سلبيات وعيوبا، وهذا شيء طبيعي في بلد نام ولا يجب على أي طرف النظر إلى نصف الكوب فقط.
ونفي شهاب أن تكون الحكومة كما قال الملط قالت إن ما ذكره من سلبيات هو في الحقيقية إيجابيات، ومن ثم يجب إضافة السلبيات الـ 22 إلى الإيجابيات الـ 12 ويصبح مجموعة الإيجابيات 34 إيجابية، ووصف كلام الملط بهذا الخصوص بأنه كلام مرسل.
من جهته، نفى الملط وصف كلامه بالمرسل، أو أن تكون لهجته حادة، وقال إن مفيد شهاب هو صديق العمر وزميل دراسة، ومع ذلك اختلفت معه في أن يصف كلامي بالكلام المرسل، مشيرًا إلى أنه أعد 150 تقريرًا في سنة واحدة، و300 تقرير خلال عامين يتألف من 30 ألف صفحة، ولا يمكن ذكر كل ما تحفل به هذه التقارير من سلبيات في ساعة زمن. وتابع: أنا أتحدث عن رؤوس مواضيع، ولا يمكنني أن ألخص 30 ألف صفحة.
وازدادت الجلسة توترا عندما تحدث وزير المالية يوسف بطرس غالي، قائلاً: "هو رئيس الجهاز أصبح ممثلا للبنك الدولي وجاي يناقش في تقرير البنك الدولي وإحنا ناقشنا البنك الدولي في تقريره وأبدينا ملاحظات وأخذ بها وعندنا رد من البنك الدولي أن ملاحظاتكم صحيحة".
وقال غالي إن الجهاز المركزي عرض 1637 ملحوظة، واستجبنا لجزء كبير منها، معتبرًا أن عجز الميزان التجاري ليس عيبا والعبرة بالفائض في ميزان المدفوعات، وبرر العجز في الميزان التجاري مع الدول العربية بسبب استيراد منتجات بترولية منها ومن دون ذلك سيصبح هناك فائض لصالح مصر.
وطلب الملط الكلمة مرة أخرى للتعقيب على كلام غالي، متهمًا بسبه وقذفه، وأضاف: "هل يصلح على لسان الوزير أن يقال إنني أصبحت ممثلا للبنك الدولي هذا سب وقذف، وأنا لست ممثلا للبنك الدولية وأنا كلفت من المجلس كممثل للجهاز، الذي هو جزء من الجهاز التنظيمي للدولة".
وطالب الملط من رئيس المجلس بأن يتقدم وزير المالية باعتذاره له ويتم شطب العبارة من المضبطة، وتم الموافقة على طلبه بخصوص حذف العبارة، في الوقت الذي حاول فيه غالي الدفاع عن نفسه، وقال: إنه لم يقل عبارته على محمل شخصي.
وقال الملط "لقد وافقتكم على حذف العبارة انطلاقا من تقديركم لدور الجهاز فشكرا، لكن الزميل العزيز عز عليه أن يقول كلمة: إني اعتذر"، مشيرًا إلى أن سبب حديثه عن البنك الدولي "هو انتقاء الحكومة لعبارات لصالحها من تقرير هذا البنك، وكان لابد أن أصحح وأنا ذكرت معيارا بينما تحدث البنك عن معيار آخر".

اجمالي القراءات 3731