مدير رواق إبن خلدون - مبارك يعاقب الكنيسة بإختياره عدوها جمال اسعد -لمجلس الشعب .

في السبت ١١ - ديسمبر - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

 

الكنيسة مستاءة من اختيارات الأقباط المعينيين وتعتبره رسالة عقاب
كتب عمر القليوبي وجون عبد الملاك (المصريون):   |  12-12-2010 00:52

هيمن الأقباط على اختيارات الرئيس حسني مبارك للأعضاء المعينين بمجلس الشعب التي تتألف من عشرة نواب بموجب الدستور الذي يمنح رئيس الجمهورية حق تعيين عشرة أعضاء، بعد أن شمل القرار الجمهوري الذي صدر السبت برقم 253 لسنة 2010 تعيين سبعة أقباط من إجمالي النواب المختارين.

وشملت القائمة كلاً من الدكتور إدوار غالي بطرس الذهبي، المستشار محمد محمود محمد الدكروري، المستشار الدكتور إسكندر جرجس غطاس، المستشار انتصار نسيم حنا، رؤوف عدلي سعد الخراط، سمير محمد رضوان، الدكتور سمير محمد رضوان، الدكتور أمير جميل ميخائيل بطرس، جورج يوسف عبد الشهيد، أمينة محمد شفيق يوسف، جمال أسعد عبد الملاك جاد الله.

وكانت أبرز المفاجآت في اختيارات النواب إدراج اسم الكاتب والمفكر السياسي جمال أسعد، الذي يعرف عنه معارضته الشديدة للكنيسة وما يرى أنه تخطي لصلاحيتها لممارسة نفوذ سياسي على المسيحيين، ودعواته المتكررة لوقف تدخل القيادات والزعامات الدينية في ممارسة غير اختصاصاتها الرعوية.

وانتقد مقربون من الكنيسة اختيارات الرئيس مبارك للشخصيات القبطية ضمن الأعصاء المعينين، بدعوى أن التعيينات جاءت بشخصيات معروفة بعلاقات مع الدولة، فضلا عن اختيار جمال أسعد عبد الملاك المعروف بأنه "العدو اللدود" للبابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، ويرى البعض أنه كان يتعين على الرئيس استشارة البابا في تلك الاختيارات.

وأكد أسقف بارز بالمجمع المقدس- طلب عدم نشر اسمه- أن الكنيسة "مستاءة" بشدة من التعيينات التي وصفها بـ "المجحفة"، معتبرًا أنه من غير اللائق اختيار شخص دائم الهجوم علي البابا شنودة وسياسته في البرلمان، محذرًا من أن العلاقة بين الحزب "الوطني" والكنيسة ستزداد سوءًا في ضوء تلك الاختيارات.

ورأى ممدوح رمزي المستشار القانوني، للبابا شنودة لـ "المصريون"، أن النظام تعمد من خلال التعيينات توجيه رسالة عقاب للكنيسة على مواقفها المطالبة بما وصفه بحقوق الأقباط، منتقدا خصوصا تعيين أسعد، وقال إن هذا الاختيار كان غير موفق، باعتباره الأكثر انتقادا للبابا شنودة، ويعد من أكبر المعارضين لأقباط المهجر، مما يظهر عزم النظام إغضاب الأقباط وإثارة حنقهم، على حد قوله.

وقال إنه كان على الرئيس مبارك العودة للبابا شنودة واستشارته في الأسماء المختارة، لاسيما وأن هناك علاقات قوية تربط الطرفين كما أن مواقف البابا "الوطنية" تفرض استشارته، واصفا الأقباط المختارين بأنها "شخصيات لا وجود لها في الشارع القبطي"، وقال إن النظام اختار ما دعاهم بـ "شخصيات مقربة منه، بحيث لا يجرؤن على طرح سؤال برلماني أو تقديم استجوابات حول التجاوزات ضد الأقباط"، على حد قوله.

واعتبر أن تلك الاختيارات "تؤكد استمرار النظام في عزل الأقباط سياسيا وتعمد اختيار شخصيات لا تعبر عنهم"، وأضاف "تعيينات الرئيس مبارك بأنها جاءت عكس الاتجاه داخل الشارع القبطي"، رافضا الربط بينها وحالة الاحتقان الطائفي التي شهدتها مصر خلال الفترة الماضية فيما يتعلق باحتجاز كاميليا شحاتة زوجة كاهن دير مواس داخل الكنيسة وأحداث العنف في العمرانية.

في الإطار ذاته، يرى كمال باسيلي رئيس جمعية "الرواق الجديد" أن تعيين أسعد جاء "مكافأة له على انتقاداته المتتالية للكنيسة، وتأييده للحزب الحاكم في جميع قراراته فيما يتعلق بالشارع القبطي"، لافتا إلى أن النظام أراد من وراء اختياره كبح جماح أي تطور في الملف الطائفي في صعيد مصر باختيار أحد ممثليه.

ورأى أن النظام "أراد معاقبة البابا على ما يعتبره تجاوزا للخطوط الحمراء وارتفاع صوت الكنيسة في الفترة الأخيرة، وكأنما يبلغ بذلك البابا رسالة بأنه الخاسر الوحيد من تحدي إرادة النظام وإلى ضرورة مراجعة الكنيسة لخياراتها".

ووضع هذا الأمر في إطار "تصفية الحسابات مع البابا ومعاقبته على بعض التصريحات التي خرجت عن شخصيات كنسية أبان أزمة كاميليا شحاتة وأحداث العمرانية"، واعتبر أن ذلك يحمل رسالة إلى الكنيسة بضرورة خفض صوتها وإسكات أي دعوات تطالب بالتصعيد مع الدولة.

بدوره، اتفق إكرام لمعي، رئيس لجنة الإعلام بالكنيسة الإنجيلية مع رأي سابقيه في التأكيد على أن النظام أراد إسكات صوت الكنيسة الأرثوذكسية الذي تصاعد خلال الفترة الماضية، من خلال الدفع بأبرز معارض البابا لمجلس الشعب واختيار شخصيات أخرى قال إنها معروفة "بصلاتها الوثيقة مع النظام".

ورأى أنه بذلك "يعاقب الكنيسة على حملة التصعيد الأخير في الشارع القبطي، وحديث البابا عن أن الكنيسة لا تنسى قتلاها في أحداث العمرانية وهو ما أغضب النظام بشدة"، فضلاً عن كون الاختيارات تحمل الإشارة إلى أن معارضة الكنيسة للنظام ستضر بمواقفها بشكل عام، على حد قوله.

أما الدكتور رفيق حبيب، المفكر المعروف فنظر إلى تعيين أسعد على أنه رسالة من قبل النظام إلى الكنيسة بـ "أننا قادرون على فتح الباب أمام مشاركة الأقباط في الحياة السياسية ولكن وفق معاييرنا ووجهة نظرنا وليس مرتبطا بمدى رضا الكنيسة عن الشخصيات المعينة من عدمه".

واعتبر أن "تعيين أسعد أنهى ما كانت تعتبره الكنيسة وصاية لها على تعيين الأقباط في مناصب قيادية مثل مجلس الشعب واو مناصب سياسية كالمحافظين مثلا، وهو ما نفاه النظام بهذا الاختيار جملة وتفصيلا".

وقال إن ذلك يأتي في سياق رسائل الغضب المتبادل بين النظام والكنيسة، مرجحا أن تشهد المرحلة القادمة موجات شد وجذب بين الطرفين، حيث ستعتبر الكنيسة هذا الموقف معاديا لها وستفكر في الرد عليه بطرح كل الخيارات على الطاولة، حسب قوله.

من جانبه، اعتبر جمال أسعد أن اختيار الرئيس له لم يكن على خلفية دينية تمامًا وإنما كسياسي مصري له باع طويل في هذا المضمار، مشيرًا إلى أنه سبق أن شغل عضوية مجلس الشعب بالانتخابات.

وقال أسعد إنها "ليست المرة الأولى التي أعبر فيها عن أنين المصريين بإختلاف طوائفهم"، متعهدًا بأنه سيظل معارضًا صلبًا دون المزايدة على أحد، وأنه سيكافح كل قضايا الفساد دون استثناء.
اجمالي القراءات 6224