كل نبى مُنذر ، وليس كل مُنذر نبيا
القاموس القرآنى : منذرون من غير الأنبياء

آحمد صبحي منصور في الخميس ١٦ - يوليو - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

 أولا : الفارق بين النبى الرسول المنذر والمنذر العادى غير الرسول

1 ــ  كل نبى محدد بزمانه ومكانه ، وتبقى رسالته بعد موته يتولى الدعوة اليها دُعاة مؤمنون ، ولأن الرسالة السماوية هى إنذار والأنبياء منذرون فإن من يأتى دُعاة على سبيلهم يكونون منذرين ولكن متطوعين ، وبالتالى فكل نبى منذر ولكن ليس كل منذر نبيا ورسولا من لدن الله جل وعلا .

2 ــ والفارق بين النبى المنذر والمؤمن المُنذر العادى فى كلمة ( أرسل ) و( بعث ) ، أى أن النبى  أرسله الله جل وعلا وبعثه برسالة ، وهو مُلزم بتبليغها ، أما المُنذر العادى فهو متطوع يدعو منذرا برسالة رسول سابق . يقول جل وعلا عن كل الرسل : (وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ )  (48) الانعام ، الكهف 56 )، ويقول جل وعلا لخاتم المرسلين : (إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ (119) البقرة )( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً (105) الاسراء ، الفرقان 56 )

ثانيا : منذرون من الأنبياء وغيرهم  

1 ـ  ولم يشأ رب العزة أن يبعث فى كل قرية رسولا نذيرا:  ( وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيراً (51)  الفرقان )، أى لإتاحة الفرصة للمنذرين من غير الرسل ، لذا فإن ما من أمّة إلا خلا فيها نذير، سواء كان منذرا رسولا أو منذرا عاديا ، يقول جل وعلا (إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خلا فِيهَا نَذِيرٌ (24) فاطر).

2 ـ وفى الأمم التى أهلكها الله جل وعلا بذنوبها كان فيها منذرون من الرسل ومن غير الرسل ، يقول جل وعلا : (وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ لَهَا مُنذِرُونَ (208) الشعراء ). ويجمع بينهما أنهما ( المنذر الرسول والمنذر المتطوع ) ينذران بالرسالة السماوية ، أى بكلام رب العالمين .

3 ـ وفى تلك القرى الظالمة التى أهلكها الله جل وعلا بسبب المترفين الفاسقين فيها أمرهم الله جل وعلا  بالقسط من خلال المنذرين الذين ينذرون بالرسالة السماوية، فأبوا فحقّ عليهم القانون الالهى بالتدمير ، يقول جل وعلا : ( وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً (16)الاسراء ) ، وحدث هذا الاهلاك فى الأمم السابقة من عهد نوح ومن بعده ، يقول جل وعلا فى الاية التالية ( وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً (17) الاسراء ) ، وهو قانون مستمر بعد نزول القرآن ، ليس بالاهلاك الكلى ولكن بإهلاك جزئى وتعذيب دنيوى ، يقول جل وعلا فى نفس السورة (وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَاباً شَدِيداً كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُوراً (58) الاسراء ) . هذا حُكم الاهى ينطبق الى قيام الساعة على كل قرية ظالمة. والقرية فى المصطلح القرآنى هى المجتمع أو الدولة . ونرى تطبيق هذا الآن فى دول ومجتمعات المحمديين ، ورأينا مثيله فى الغرب فى الحربين العالميتين ، ورأيناه فى تاريخ الصين واليابان والهند وجنوب شرق آسيا ..الخ .

4 ـ والذاكرة الانسانية حتى الآن تحتفظ بطوفان قوم نوح ، لا فارق بين تراث الهنود الحمر أو التراث الشرقى، وبالتالى فإنه لا بد أن يكون تذكر الطوفان أقوى تاثيرا فى قوم( عاد ) الذين أتوا من بعد قوم نوح ، لذا فإن ( هود ) النبى المرسل اليهم لينذرهم كان يذكّرهم بطوفان نوح الذى حدث لأسلافهم (أو سلفهم الصالح بتعبير المحمديين السنيين ) ، قال لهم هود عليه السلام : ( وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ )(69) الاعراف ). وبعد هلاك قوم عاد ظهر قوم ثمود ودبّ فيهم الكفر وتجذّر، فجاءهم النبى صالح عليه السلام ينذرهم ، ويذكّرهم بما حدث لأسلافهم قوم عاد ، يقول لهم :( وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ )(74) الاعراف ) . قوم( عاد ) كانوا الحلقة الوسطى بين قوم نوح وقوم ثمود . والمفاجأة التى تعنينا هنا أنه كان هناك منذرون متطوعون قبل النبى هود وبعده ، أى ( خلت النُّذر بين يدي هود ومن خلفه ، يقول جل وعلا : (وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتْ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ ) ، وكلهم يقولون نفس الدعوة :( أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (21) الاحقاف )

5 ـ وتعرض بعض الأنبياء المنذرين والمتطوعون المنذرين للقتل لأنهم يأمرون بالعدل والقسط ، وتوعد الله جل وعلا أولئك القتلة المجرمين بعذاب أليم : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنْ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (21) آل عمران ). ومعروف أن إقامة القسط هى الهدف من كل الرسالات  السماوية، يقول جل وعلا : (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمْ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ) (25) الحديد ).

6 ـ ومن كلام الملائكة لأهل النار ، وهم يُلقى بهم فى جهنم : ( كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (8) قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ (9) الملك ). النذير هنا يشمل النذير الرسول والنذير المتطوع . ونفس الحال وهم يصطرخون من عذاب الحريق فى جهنم يطلبون الخروج منها ليعملوا عملا صالحا : ( وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمْ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ (37) فاطر ). جاءهم النذير ، من الرسل ومن غيرهم .

ثالثا : منذرون من غير الأنبياء فى كل عصر

1 ـ وحتى فى عالم الجن البرزخى هناك منذرون بالقرآن الكريم الذى أرسله الله جل وعلا نذيرا للعالمين ، من الجن والأنس ، يقول جل وعلا : (  وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِنْ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (29) قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (30) يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِي اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (31) الاحقاف )

2 ـ وفى تاريخ بنى إسرائيل تقاعس أرباب أديانهم الأرضية من الأحبار والرهبان عن وظيفة الانذار ، فانتشر الإثم وأكل السُّحت ، فقال جل وعلا فيهم :( لَوْلا يَنْهَاهُمْ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمْ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمْ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (63) المائدة) ، وهو نفس ما يحدث فى بلاد المحمديين الآن .

3 ـ وذكر رب العزة طائفة من المنذرين فى قرية إسرائيلية ساحلية على البحر المتوسط ، كانوا ينتهكون حُرمة السبت ، وقد إختبرهم الله جل وعلا بأن جعل السمك يكون فى متناول أيديهم يوم السبت ، ويغيب فى غيره ، ورسبوا فى الاختبار وإنتهكوا حُرمة السبت ، فقام بعض الأخيار بوعظهم ، وتعرض أولئك الوعّاظ المنذرون الى اللوم والتقريع فقالوا إنهم يعظون لتبرئة ذمتهم أمام الله جل وعلا وعلى أمل أن يتقى اولئك الضالون ،ونزل العقاب بعقاب الجميع ما عدا المنذرين  يقول رب العزة (وَاسْأَلْهُمْ عَنْ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (163) وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (164) فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنْ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (165)  الاعراف  )

رابعا : أمثلة لأفراد منذرين من غير المرسلين

1 ـ ورد فى القرآن الكريم قصة رجلين من المنذرين ، دون ذكر الاسم ، وهما الرجل المؤمن من آل فرعون ، والرجل المؤمن الذى عضّد ثلاثة من الرسل .

2 ـ جاءت قصة الرجل المؤمن من آل فرعون فى سورة غافر ( 28 :45 )، وكان يكتم إيمانه خوفا من فرعون ، وظل يجادل فرعون وأعمدة حكمه ، ينذرهم ويحذرهم من مصير الأمم التى أهلكها الله جل وعلا ومن عذاب الآخرة: ( وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الأَحْزَابِ (30) مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبَادِ (31) وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ (32) يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنْ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (33) ) وتآمروا عليه فأنجاه الله جل وعلا منهم وانتقم من فرعون وقومه .

 3 ــ أما الرسل الثلاثة المُرسلون لأهل القرية فقد هدّدهم أهل القرية بالرجم ، وجاء رجل من أقصى المدينة ينذر قومه ويحذرهم :( وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20) اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ (21) وَمَا لِي لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (22) أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِي الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلا يُنقِذُونِ (23) إِنِّي إِذاً لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (24) إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ (25) يس ) وقتلوه ، فبشرته الملائكة بالجنة (قِيلَ ادْخُلْ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنْ الْمُكْرَمِينَ (27)يس)، وانتقم الله جل وعلا من تلك القرية الظالمة : ( إِنْ كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ (29) يس )

 خامسا : منذرون بالقرآن الكريم بعد موت خاتم المرسلين

1 ـ يقول جل وعلا لخاتم المرسلين: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً )(28) سبأ )، فالقرآن الكريم البشير والنذير للناس كافة بعد موت النبى محمد عليه السلام . وبالقرآن الكريم المحفوظ من لدن الله جل وعلا يظل المجال مفتوحا لأهل القرآن للإنذار به ، الى قيام الساعة ، فهم المتبعون الحقيقيون لخاتم النبيين فى التذكير بالقرآن وحده وبالإنذار بالقرآن وحده. والقرآن وحده هو الصراط المستقيم والسبيل للدعوة الى تقوى رب العالمين.

2 ــ ولقد أمر الله جل وعلا رسوله أن يعلن : ( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ (108) يوسف ) . فسبيله عليه السلام ان يدعو الى الله جل وعلا ( على بصيرة ) والبصيرة هو القرآن الكريم ، ومن أوصاف القرآن أنه ( بصائر ): ( قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا ) (104) الانعام). والقرآن الكريم هو سبيل من يتبع الرسول (أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي ) ، أى المنذرون المتبعون للرسول بالتبشير والانذار بالقرآن الكريم.

3 ـ ويقول جل وعلا : (كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2) الاعراف ). الله جل وعلا ينهى رسوله أن يكون فى قلبه حرج من الانذار بالقرآن الكريم ، والشاهد هنا هو قوله جل وعلا : ( وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2) الاعراف )، أى تذكرة للمؤمنين الذين يتصدرون للإنذار ألّا يتحرجوا من الانذار بالقرآن .

سادسا : المنذرون شهداء على أقوامهم يوم القيامة

1 ـ وإذا كان الرسل بالاصطفاء والاختيار ـ والله جل وعلا هو الأعلم أين يضع رسالاته ـ فإن مجال الانذار بالقرآن والدعوة بالقرآن مفتوح للجميع .

2 ــ وأولئك المنذرون من غير الأنبياء سيكونون مع الأنبياء شهودا يوم القيامة على أقوامهم ، ويبدأ الحساب بالأنبياء والشهداء ، يقول جل وعلا : ( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِوَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ (68) وَأَشْرَقَتْ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (69) وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ (70) الزمر ).

3 ــ وفى يوم القيامة سيكون هناك طرفان متضادان : الشهداء المنذرون وأرباب الأديان الأرضية الذين يفترون على الله الكذب ويصدون عن القرآن سبيل الله .يقول جل وعلا عن المواجهة بين الشهداء المنذرين وشيوخ الضلال يوم القيامة : ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أُوْلَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (18) الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (19)هود ). وسينصر الله جل وعلا أولئك المنذرين الأشهاد ، يقول جل وعلا بصيغة التأكيد : ( إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ (51) يَوْمَ لا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمْ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (52) غافر ).

ودائما : صدق الله العظيم .!

اجمالي القراءات 11837