القاموس القرآنى : خاتم المرسلين منذرا ومبشرا بالقرآن الكريم فقط

آحمد صبحي منصور في الثلاثاء ١٤ - يوليو - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

مقدمة  ـ

رسول الله يعنى مُرسل  برسالة من الله جل وعلا ، وهذا يعنى أن ينذر الناس بهذه الرسالة ، وأن يُذكّر بالقرآن من يخاف وعيد ، يقول جل وعلا له : ( فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ (45) ق ) ، ومن أوصاف القرآن الكريم أنه ( نعمة ) يقول جل وعلا لرسوله الكريم  أن يُذكّر بنعمة ربه جل وعلا ( القرآن الكريم ) فليس بها كاهنا ولا مجنونا : ( فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلا مَجْنُونٍ (29) الطور ). وكان عليه السلام يذكر ربه جل وعلا وحده وفى القرآن وحده ، وكان هذا يجعل الكافرين يولون على أدبارهم نفورا ، يقول جل وعلا : (  وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً (46) الاسراء ). ومقصود بذكر الله جل وعلا هنا تعظيمه ، فلا تعظيم ولا تقديس إلا له جل وعلا ، وأن يكون هذا من القرآن وحده . وهذا ما كان يفعله الرسول عليه السلام فيُعرض عنه الكافرون لأنه لا يذكر آلهتهم .

وهذا يذكرنا بمحنة أهل القرآن فى أواخر الثمانينيات ، إذ كانوا يشترطون على الخطيب من أهل القرآن أن يقول أحاديث فى خطبته ، فإذا كانت خطبته بالقرآن وحده منعوه من دخول المسجد ، بالضبط كما قال جل وعلا عن موقف قريش من النبى عليه السلام حين أعلن :( وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً (18) الجن )، وحين قام رسول الله فى المساجد فى مكة يدعو لربه وحده لا إله إلا هو كادوا يفتكون به : ( وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً (19) الجن ) وأمره ربه جل وعلا أن يقول لهم ( قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً (20) قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلا رَشَداً (21) قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنْ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً (22) إِلاَّ بَلاغاً مِنْ اللَّهِ وَرِسَالاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً (23) الجن ) . وفى هذا إنذار بنار جهنم خالدين فيها أبدا .

وكان أمام الرسول مئات الآيات عن نعيم الجنة وعذاب النار وعن الله العلى العظيم الرحيم بالمؤمنين المنتقم من الظالمين ، والقصص عن الأمم السابقة ، وكلها تحوى الإنذار والتبشير ضمنا ، وهى تدخل فى موضوع الانذار والتبشير ، فالقرآن الكريم أساسا هو كتاب هداية ، والدعوة للهداية هى بالتبشير والانذار . ولكننا هنا نتتبع السياقات القرآنية التى ورد فيها الانذار والتبشير . فقط ، فيما يخص كونه عليه السلام منذرا ومبشرا بالقرآن الكريم وحده .

أولا  ـ  الأمر بالانذار برغم كراهية الكفار للقرآن

1 ــ موقف الكافرين من الإنذار بالقرآن :

 كانوا إذا تُليت عليهم آيات القرآن يردون بالسوء يتهمون القرآن والرسول بالسحر والإفك والافتراء : (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلاَّ رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ وَقَالُوا مَا هَذَا إِلاَّ إِفْكٌ مُفْتَرًى وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ (43) سبأ ) (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (7) الاحقاف ) ،وأنه أساطير الأولين  (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ (31) الانفال )

ولم يكتفوا بالقول فطالبوا الرسول بأن يأتيهم بقرآن بديل : (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ ) وجاء الرد : ( قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (15) قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (16) يونس ). وفيما بعد حقق المحمديون رغبة كفار قريش بمزاعم النسخ بمعنى إلغاء الآية بآية أخرى .

ومن القول السىء الى الفعل السىء : كان الغضب يسيطر عليهم وتبدو الكراهية فى وجوهم يكادون يبطشون بالذين يتلون عليهم آيات القرآن الكريم : (  وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا ) وجاءهم الانذار : ( قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمْ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (72) الحج ) أو ينكصون معترضين  (قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنكِصُونَ (66 ) المؤمنون ) أو ينظرون للرسول بحق يتهمونه بالجنون : (وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (51) وَمَا هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (52) القلم ). هنا وصف القرآن بالذكر الذى يحوى الانذار والتبشير .

2 ــ ونزل الأمر للرسول بإنذارهم برغم ذلك .

فأمره ربه جل وعلا أن يعلن لهم أنه ينذر بالقرآن مهما اعرضوا : ( قُلْ إِنَّمَا أُنذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا يُنذَرُونَ (45) الانبياء  ). وبسبب كراهيتهم تلك للقرآن امره ربه جل وعلا ألّا يتحرج من الإنذار بالقرآن (المص (1)  كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ ) (2) الاعراف )

ثانيا : مجىء الانذار فى سياق الحديث عن خصائص القرآن الكريم 

1 ـ يقول جل وعلا عن القرآن الكريم: (يس (1) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (2) إِنَّكَ لَمِنْ الْمُرْسَلِينَ (3) عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (4) تَنزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (5) لِتُنذِرَ قَوْماً مَا أُنذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ (6) يس) جاءت وظيفة الانذار هنا  فى سياق وصف القرآن ب ( الحكيم ) بما فيه من حكمة ، و( الحكمة ) من أوصاف القرآن الكريم ، كما أن ( الحكيم ) من أسماء الله الحسنى . كما يأتى وصف القرآن بالصراط المستقيم الذى يتمسك به خاتم النبيين ، وأنه تنزيل رب العالمين .

2 ـ يقول جل وعلا :(  ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (1) بَلْ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ (2) كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنَادَوْا وَلاتَ حِينَ مَنَاصٍ (3) وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (4) ص ). كل ما يحتاجه المؤمن من ( ذكر ) يجده فى القرآن ذى الذكر ، والموصوف أيضا بأنه ( ذكر ) . وفى هذا السياق جاء تعجب الكافرين من محىء ( منذر ) منهم ، من نفس البلد والقبيلة .

3 ـ وفى نفس المعنى يقول جل وعلا :  ( ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (1) بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ (2)  ق  )، فالقرآن الكريم موصوف بالمجيد . و ( المجيد ) من أسماء الله الحسنى ، حل وعلا .   ويأتى تعجب الكافرين من مجىء منذر من بلدهم وأهلهم .

4 ـ ومنها تنزيله من رب العالمين عن طريق جبريل الروح الأمين بلسان عربى مبين ليكون الرسول من المنذرين :  (وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنْ الْمُنذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (195)  الشعراء  )

5 ـ وشهادة رب العزة حل وعلا ـ وهى أعظم شهادة ـ أنه أوحى القرآن للرسول ليكون به نذيرا:(  قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلْ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُمْ بِهِ ) (19) الانعام )

6 ـ وأن القرآن الكريم هو وحده الحديث الذى لا إيمان بحديث سواه كما أنه لا إله إلا الله جل وعلا، ولا إله سواه ، وأن الرسول الذى يعرفون وصحبوه وينذرهم بالقرآن ليس مجنونا بل نذير مبين بالقرآن المبين : (  أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ مُبِينٌ (184) أَوَلَمْ يَنظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدْ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (185) الاعراف )

7 ـ وهو عليه السلام ينذر بالقرآن المؤمنين الذين ليس لهم شفيع ولا ولىُّ إلا الله جل وعلا : (وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (51)الانعام   )

8 ـ وبالقرآن المبارك الذى يصدق ما سبقه من رسالات سماوية  ــ ينذر الرسول مكة ( أم القرى ) وما حولها (وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا ) (92) الانعام ) (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا ) (7)  الشورى )

 9ـ  تقرير الحرية الدينية، فليس عليه إلا أن يتلو القرآن الكريم منذرا به :  ( وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ فَمَنْ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنْ الْمُنذِرِينَ (92) النمل )

10 ــ  وبالقرآن الكريم الذى لا ريب فيه من رب العالمين كان عليه السلام منذرا لقوم لم يأتهم من قبله نذير : (الم (1)  تَنزِيلُ الْكِتَابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْماً مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (3) السجدة )

11 ـ وأنزله جل وعلا بالحق ويحمل الحق ليكون الرسول به مبشرا ونذيرا ،وهو يقرؤه عليهم (وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً (105) وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً (106) الاسراء )

12 ، ولكى يكون مفهوما للناس فقد جعله الله جل وعلا ميسرا للذكر ـ أى الهداية ـ لينذر به الكافرين ويبشر به المؤمنين : ( فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْماً لُدّاً (97) مريم  )

ثالثا : مجىء الانذار فى سياق الرد على الكافرين المعاندين

1 ـ إتهموا الرسول بأنه إفترى القرآن الكريم ، ونزل الرد من رب العزة مباشرا بأنه الحق من الله لينذر قوما ما أتاهم نذير من قبل محمد عليه السلام (الم (1)  تَنزِيلُ الْكِتَابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْماً مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (3) السجدة )

2 ـ وطلبوا معجزة حسية ( آية حسية ) بديلا عن القرآن ورفض رب العزة جل وعلا حسية إكتفاءا بالقرآن الكريم ( وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّمَا أَنْتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ (7) الرعد  ) لم يقل قل انما انت منذر بل جاء الخطاب الالهى مباشرا . وقال جل وعلا فى الاكتفاء بالقرآن وان الرسول مجرد نذير مبين : (بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلاَّ الظَّالِمُونَ (49) وَقَالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (50) أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (51) العنكبوت )

3 ـ وكان عليه السلام يضيق بإلحاحهم فى طلب آية( كأن ينزل اليه كنز أو ان يكون معه ملك) فأكّد له رب العزة أنه مجرد نذير والله جل وعلا هو على كل شىء وكيل ، وعن اتهامهم للرسول بأنه إفترى القرآن الكريم تحداهم رب العزة بأن يأتوا بعشر سور مثله مفتريات : ( فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (12) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنْ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ (13) فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (14) هود  )

 4 ــ وفى الرد على سعيهم فى آيات القرآن معاجزين أمره رب العزة أن يعلن أنه نذير مبين مبشر للمؤمنين ومنذر لمن يسعون فى آيات الله معاجزين بالعذاب الأليم : (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (49) فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (50) وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (51) الحج )

أخيرا :

تبقى ملاحظتان :

1 ـ بدء السور فى الآيات السابقة بالحروف المقطعة (المص ، الر ، ص ، ق   ) إشارة لإعجاز تم إكتشافه حديثا ـ وهو الاعجاز الرقمى العددى.

2 ـ أن كل ما كان يفعله الكافرون من إلحاد فى آيات الله القرآنية وتكذيب لها يفعله أئمة المحمديين ، وهذا فى حد ذاته يثبت إعجازا الاهيا فى القرآن الكريم ،فالله جل وعلا لم يقل ( مشركو قريش ) أو (كفار مكة ) ، وإنما وصفهم بالكفر فقط وذكر أعمالهم وأقوالهم لتنطبق صفة الكفر والشرك على من يقول نفس الكلام ويرتكب نفس الفعال ، وبهذا يظل القرآن الكريم منذرا مبشرا بذاته وبعد موت الرسول محمد عليه السلام . وموضوعنا القادم عن القرآن الكريم بذاته مبشرا ونذيرا . 

اجمالي القراءات 9013