يأتى مصطلح ( بشّر ) ومشتقاته : يبشّر بشير .. فى التبشير بالخير والتبشير أيضا بالسوء والشّر ، وهذا حسب السياق.
أولا : التبشير بالسُّوء والشّر
1 ـ التبشير بالسُّوء والشّر فى الدنيا :
كان العرب فى الجاهلية يكرهون إنجاب البنات ، لتعرض النساء للسبى وإعتبارهن سلعة . يقول جل وعلا عن حال أحدهم حين تأتيه ( البشرى ) السيئة بولادة بنت وهو بين قومه : (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ (58) يَتَوَارَى مِنْ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (59) النحل ) هنا التبشير بالسوء والشّر الذى يجعل صاحبنا مُسودّ الوجه كاظم الغيظ يتوارى من القوم من ( سوء ما بُشّر به ) ويفكر : هل يدفنها حية فى التراب أم يبقيها حية يعيش بعارها ؟ ألا ساء ما يحكمون . والغرب أنهم مع كراهيتهم للبنات فقد زعموا أن الملائكة بنات الله ، يقول جل وعلا ردا عليهم : ( وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلاً ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ (17 ) الزخرف ).
2 ـ التبشير بالعذاب الأليم فى الآخرة
نزل الأمر للرسول بالتبشير للمنافقين بعذاب أليم (بَشِّرْ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً (138) النساء )
ونزل الأمر له بتبشير الكافرين بالقرآن المكذبين بآياته بعذاب أليم ( فَمَا لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (20) وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمْ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ (21) بَلْ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ (22) وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ (23) فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (24) الانشقاق ) .
وجاء هذا فى حق عُصاة بنى إسرائيل قتلة الأنبياء ومن يسير على سنتهم فى قتل الذين يأمرون بالقسط من الناس : ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنْ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (21) آل عمران ).
وأمر الله جل وعلا رسوله أن يبشّر ـ بعذاب أليم ـ الكافرين المعتدين الذين نقضوا العهد وانتهكوا حُرمة البيت الحرام ، فقال جل وعلا :(وَأَذَانٌ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرْ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (3) التوبة )
ونزل الأمر بتبشير أرباب الأديان الأرضية الكافرين بعذاب أليم لأنهم يأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله جل وعلا ، يقول رب العزة جل وعلا: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنْ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ (35) التوبة )
وكل ما سبق ينطبق على أصحاب الأديان الأرضية بعد نزول القرآن والى قيام الساعة . ومن واجب من يعظ بالقرآن الكريم أن يبشّر معتنقى الأديان الأرضية بعذاب أليم إذا ماتوا على ما هم عليه . يعظهم تحذيرا أملا فى أن يتوبوا وأن ينجو من هذا العذاب الأليم .
ثانيا : التبشير بالخير
1 ـ التبشير المباشر من الله جل وعلا بالخير فى الدنيا للبشر
1 / 1 : بإرسال الرياح بشيرا بنزول المطر، وفيه الخير للناس بحياة الزرع والضرع والناس ، يقول جل وعلا يصف الرياح بالمبشرات : ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ) (46) الروم )، ويقول جل وعلا يصفها ( بُشرا ) أى بُشرى : ( وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ ) (57) الاعراف ) (وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنْ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً (48) لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَاماً وَأَنَاسِيَّ كَثِيراً (49) الفرقان ) ( أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ) (63) النمل). هنا يأتى التبشير من رب العوة مباشرة للبشر فى معرض التذكير بآياته وأنعامه .
1 / 2 : التبشير ( عن طريق الملائكة ) فى المواليد:
1 / 2 / 1 :لابراهيم عليه السلام
جاء تبشير ابراهيم أولا بمولد إبنه الأول اسماعيل عليهما السلام: ( وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ (99) رَبِّ هَبْ لِي مِنْ الصَّالِحِينَ (100) فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ (101) الصافات ) . إسماعيل موصوف هنا بأنه غلام حليم ، وربما كان هذا التبشير عن طريق الوحى . بعدها وفى نفس السورة جاء تبشير ابراهيم بمولد إبنه الثانى اسحاق، ثم الحفيد يعقوب عليهم السلام (وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَقَ نَبِيّاً مِنْ الصَّالِحِينَ (112) الصافات ). وتكررت القصة فى مجىء الملائكة وقد تجسدت فى صورة بشر ، تبشر ابراهيم وزوجه ( بغلام عليم ) هو اسحاق ، يقول جل وعلا :( هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (24) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلاماً قَالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنكَرُونَ (25) فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (26) فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلا تَأْكُلُونَ (27) فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ (28) الذاريات ). وتكرر هذا مع وصف اسحاق بالغلام العليم : (وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ (51) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلاماً قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ (52) قَالُوا لا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ (53) الحجر ). وتم التبشير باسحاق ثم يعقوب إبنا لاسحاق وحفيدا لابراهيم ، والمعنى أن يعيش ابراهيم وزوجه الى أن يريا حفيدهما يعقوب ، يقول جل وعلا : (وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَقَ يَعْقُوبَ (71) هود )
1 / 2 / 2 : تبشير الملائكة لزكريا بابنه يحيى عليهما السلام
تكفّل زكريا عليه السلام برعاية الطفلة مريم ، فعاشت فى كنفه نموذجا رائعا للتقوى فى طفولتها ، فأيقظت فيه الرغبة فى أن يكون له ولد ، وكان قد أصبخ شيخا كبيرا واهنا واشتعل رأسه شيبا وزوجه عجوز عاقر . فدعا ربه جل وعلا أن يهبه ولدا يرثه ويرث آل يعقوب أو ( آل إسرائيل ) فنادته الملائكة تبشره بأن الله جل وعلا إستجاب دعاءه ووهبه ( يحيى ) الذى سيكون رسولا . يقول جل وعلا : (هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ (38) فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيّاً مِنْ الصَّالِحِينَ (39) آل عمران ) وتكررت القصة فى مطلع سورة مريم ( (ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2) إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيّاً (3) قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيّاً (4) وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتْ امْرَأَتِي عَاقِراً فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً (6) يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيّاً (7) مريم ) .
كان يحيى عليه السلام ( مبشرا ) بالمسيح عليه السلام ، ثم كان المسيح عليه السلام ( مبشرا) بخاتم المرسلين عليه وعليهم السلام : ( وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ )(6)الصف )
1 / 2 / 3 : وكبرت الطفلة مريم فكان تبشير الملائكة لمريم العذراء بابنها المسيح : ( إِذْ قَالَتْ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنْ الْمُقَرَّبِينَ (45) وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنْ الصَّالِحِينَ (46) آل عمران )
1 / 2 / 4 : وقبلها بقرون عثرت قافلة على طفل أغجوبة فى الوسامة والجمال ، وكان يوسف بن يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم، عليهم السلام . أرسلت القافلة خادما يُحضر لها ماءا من البئر ، هو نفس البئر الذى تآمر أخوة يوسف عليه فألقوه فى غيابة هذا الجُبّ أو البئر ، وتعلق الطفل بالحبل ، ورآه الخادم فبهرته المفاجأة السّارّة ، واعتبرها بشرى ، يقول جل وعلا : ( وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلامٌ ) (19) يوسف )
1 / 3 / 1 : وانتهى الأمر بيوسف الى مصر واستبشر به من إشتراه ، ولم يأت لفظ البشرى ولكن جاء معناه حين إعتبره إبنا له وقال لامرأته أن تكرم مثواه : ( وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً ) (21) يوسف). وبكى يعقوب حُزنا على إبنه الضائع حتى إبيضت عيناه من الحزن . ثم أصبح يوسف عزيز مصر ، وجاءت البشارة ليعقوب بقميص يوسف تخبره بأنه حىُّ يُرزق وفى مركز عال فى مصر ، ولما جاء ( البشير ) الذى يحمل (البشرى) ليعقوب عليه السلام ألقى بقميص يوسف على وجه يعقوب فعاد اليه بصره : (اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ (93) وَلَمَّا فَصَلَتْ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ (94) قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ (95) فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنْ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ (96) يوسف ) .
1/ 3 / 2 : وإستقدم يوسف أباه يعقوب عليهما السلام وأمه وأخوته وكانوا أحد عشر ذكرا ، وهم جميعا مع يوسف 12 ذكرا ، وتكاثروا فى مصر فى عصر الهكسوس متنعمين برعايتهم ، وأصبحوا إثنتى عشر قبيلة من أبناء يعقوب المسمى ( إسرائيل ) أى أبناء أو بنى إسرائيل . ودمّر أحمس الأول الهكسوس ، وتولى الرعامسة حكم مصر ووسعوا مُلكها ، وجاء منهم فرعون إضطهد بنى إسرائيل ، فكانت قصة موسى الذى أرسله الله جل وعلا لينقذ بنى اسرائيل من إضطهاد فرعون . وإزداد الاضطهاد بمجىء موسى ، فنزل الوحى لموسى وهارون أن يتخذا بيوتهم قبلة ,ان يقيموا فيها الصلاة سرّا فاتخذ موسى وأخوه هارون بيوتا سرية للصلاة ، وظلوا يدعون على فرعون بالهلاك ، ونزل مع الأمر أمر آخر بالبشرى للمؤمنين يخصّ النجاة من الاضطهاد: ( وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّأَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ (87) يونس ) ودعا موسى ربه أن يهلك فرعون واستجاب الله جل وعلا فأهلك فرعون وجنده، وتحققت البشرى لبنى اسرائيل : ( يونس 88 : 93 ). هنا بشرى جاءت من الله جل وعلا أمرا لرسول أن يبلغها لقومه .
1 / 4 : التبشير من الله جل وعلا عن طريق الوحى بالنصر على الأعداء، وهذا ما حدث للنبى الخاتم عليهم جميعا السلام ــ عندما تحتم القتال فى بدر، فنزل الوحى بالبشرى لهم بالنصر : ( وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (126) آل عمران ) ( وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلاَّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (10) الانفال )
2 ـ التبشير بالخير للمتقين عن طريق الملائكة عند الموت
عند الإحتضار يكون الفرد إما من أولياء الله أو من أولياء الشيطان . إما أن تبشره ملائكة الموت أو أن تلعنه . من يموت متقيا تبشره الملائكة بالبشرى الحسنة أى بالجنة وانه لاخوف عليهم ولا هم يحزنون : ( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) فصلت )، هى البشرى السعيدة التى قال عنها رب العزة : ( أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (64)) يونس ).
فى المقابل فالذى يموت مجرما تبشره الملائكة بالنار. حين يرى ملائكة الموت وهو على أبواب البرزخ يهتف يرجو الرجوع للدنيا : (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100) المؤمنون ). لا بشرى لهم وقتها ، لا بشرى بالخير للكافرين عند الموت (يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً (22) الفرقان )، بل تتوفاهم ملائكة الموت تضرب وجوههم وادبارهم وتنذرهم بعذاب النار : ( وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (50) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ (51) الانفال) (فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمْ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ (27) محمد )
3 / الأمر للرسول بالتبشير بالجنة ونعيمها للذين آمنوا وعملوا الصالحات (وَبَشِّرْ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (25) البقرة ).
وتكرر له الأمر الالهى بتبشير المؤمنين :( وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ (223) البقرة ) ( التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنْ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ (112) التوبة ) .
وتبشير الصابرين : (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنْ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ (157) البقرة ).
والأمر بالتبشير للمخبتين الخاشعين (فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرْ الْمُخْبِتِينَ (34) الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِ الصَّلاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (35) الحج ).
والأمر بالتبشير للمحسنين ( وَبَشِّرْ الْمُحْسِنِينَ (37) الحج ).
ويصف رب العزة القرآن الكريم بأنه ( احسن الحديث ): (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (23) الزمر ). وفى نفس السورة يأتى الأمر الالهى للرسول بالتبشير لمن يتمسك بأحسن الحديث وحده ويكفر بالطاغوت وهو ( لهو الحديث )، يقول جل وعلا : ( وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمْ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِي (17) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمْ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَابِ (18) الزمر )
4 ـ والله جل وعلا هو الذى يبشر ـ مباشرة ـ المؤمنين الذين يعملون الصالحات ( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الكَبِيرُ (22) ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) (23) الشورى ).
وهو جل وعلا الذى يبشر المؤمنين المهاجرين فى سبيله المجاهدين فى سبيله بأعظم درجة ، يقول جل وعلا : (الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَائِزُونَ (20) يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ (21) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (22) التوبة ).
5 ـ أولئك الفائزون يوم الدين يبدأ تحقيق البشرى لهم عند البعث حيث تبيض وجوه المؤمنين الفائزين ويسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم ،إعلانا بتحقيق البشرى ودخول الجنة، يقول رب العزة جل وعلا : (يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمْ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) الحديد ).
6 ـ التبشير من رب العزة جل وعلا مباشرة بالخير فى الدنيا والآخرة
الله جل وعلا هو الذى يبشر المؤمنين المجاهدين بثواب الدنيا والآخرة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (11) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ (13) الصف ).
ودائما : صدق الله العظيم .!!