السيسى والرهانات المدمرة لمصر والمنطقة

آحمد صبحي منصور في الأحد ٠٥ - أبريل - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

بعد أقل من عام من إنفراد السيسى بحكم مصر وبلا مجلس نيابى نرى السيسى يتخذ ــ منفردا ــ نفس الرهانات التى كانت لأستاذه حسنى مبارك ، تلك الرهانات التى وصلت بمصر من قبل الى الحضيض سياسيا وإقتصاديا ،وسبّبت قيام أكبر ثورة شعبية مصرية وصل بها السيسى مؤخرا للسلطة ، فإذا به يُعيد إنتاج سياسة مبارك ورهاناته الخاطئة، وفى وضع غاية فى الحرج مصريا وإقليميا . وهذه الرهانات هى :

 أولا : الرهان على الأمن على حساب الحرية :

1 ــ حكم مبارك ثلاثين عاما بقانون الطوارىء ، مستخدما ( أمن الدولة ) و ( الأمن المركزى ) فى تأديب المصريين . ورفض أى إصلاح تشريعى سوى تشديد قبضته وإفساح الطريق للفساد ليسير بصحبة الاستبداد آمنا مستريحا . وقلنا ونقول أنه فى مواجهة الارهاب لا بد من إصلاح إقتصادى يؤسّس لحرب الفقر و لتحقيق عدالة إجتماعية و ( أمن إجتماعى ) ، ولا بد من إصلاح تشريعى يؤسس حرية الفكر والرأى والاجتهاد الدينى لمواجهة الثقافة الدينية الوهابية ، ولا بد من إصلاح تعليمى يُنقذ شباب المصريين بدلا من تعلميهم الوهابية على أنها الاسلام ثم إذا تصرفوا على أساسها بالتفجير والتخريب واجههم أمن الدولة والأمن المركزى . الحرية هى التى تقضى على الارهاب لأنه مؤسس على فكر يزعم إنتماءه الى الاسلام ، فلا بد من حرية فكرية حقيقية للقضاء عليه .

2 ــ السيسى أعاد دولة مبارك الأمنية بما فيها من تعذيب وقهر للمصريين ، وهو يواجه فكر الارهاب بالأمن المركزى وأمن الدولة وقُضاته الذين شوّهوا سُمعة القضاء المصرى فى العالم . وبدلا من إصلاح تشريعى ــ وهو الآن يتحكم بالتشريع منفردا ـ فإنه ــ خلال عدة أشهر من رئاسته ـ أسرف فى إصدار قوانين أمنية إستثنائية تفوّق فيها على مبارك الذى حكم ثلاثين عاما .

 ثانيا : الرهان على السلفية الوهابية المصرية على حساب التنوير

1 ــ تلاعب السيسى بالكلمات فى تصريحات علنية عن ( الثورة الدينية ) وهو يشهد طلبة الأزهر وغير الأزهر يتحولون الى ارهابيين ، ويرى حكم الاخوان وإعلامهم الدينى وما فعله بمصر . واضح جدا الحاجة الشديدة الى إصلاح الخطاب الدينى ، وواضح جدا أن كبار الشيوخ فى الأزهر يقفون ضد الاصلاح الدينى علنا ، وأنهم يروّجون للفكر الوهابى الداعشى وينحازون الى داعش وضد أى محاولة للتنوير ، وواضح جدا هذا التحالف الفكرى بين مسئولى الأزهر وقادة السلفية ، وواضح جدا إشتراك الجميع فى التمسك بالوهابية ودينها الارهابى .

2 ــ السيسى يدرك هذا ، ويستطيع أن يقوم بالاصلاح بمجرد تنفيذ القانون دون إصدار قوانين جديدة ، ولكنه مع هذا يترك شيوخ الوهابية فى الأزهر والأوقاف والاعلام والتعليم والجماعات السلفية متحكمين فى الخطاب الدينى الذى يدعو لاصلاحه . بل إنه عزل وزير الثقافة الذى دخل فى جدل مع شيوخ الأزهر ، وأحرجهم فكافأه السيسى بالعزل . ثم يجرى الآن مطاردة من يجرؤ على نقد الوهابية ، ومطاردة من يدافع عن ضحايا التعذيب وحقوق المصريين فى الجمعيات الحقوقية.

ثالثا : الرهان على السلفية السعودية الخليجية على حساب الدور المصرى  

1 ــ قام مبارك بتركيع مصر للسعودية ودول الخليج الوهابية ، فأصبحت تابعة ليس فقط للسياسة السعودية ودويلات الخليج بل تابعة للأسرة السعودية ، بل و يصل العار الى درجة أضطهاد المصريين القرآنيين بأوامر من السفير السعودى فى القاهرة . عار ما بعده عار .!!.

إستفاد مبارك وحاشيته من وقوفه الى جانب الوهابيين السعوديين والخليجيين ضد صدام حسين فى حرب الخليج . عشرات البلايين من الدولارات وجدت طريقها لجيوب مبارك وعصابته، وهى جيوب لا قاع لها . نفس الموقف إتخذه مبارك فى تأييد صدام فى حربه المعتدية على ايران ، وكسب البلايين لنفسه وحاشيته ، وجعل مصر تابعة للعراق وقتها ، بل وتغاضى عن إضطهاد صدام للمصريين العاملين فى العراق وسلب حقوقهم وتعذيبهم وقتلهم وارسال جثثهم الى مصر تحمل آثار التعذيب فيما كان يٌعرف بالنعش الطائرة . عار ما بعده عار .!! .

السيسى ينتهج نفس السياسة فى المراهنة على السعودية ودويلات الخليج ؛ يجعل مصرراكعة تحت أقدام الأسرة السعودية والأسر الحاكمة فى دويلات الخليج ، ومن أجلهم يعادى إيران . هذا مخالف للثوابت الجيوبوليتيكية للمنطقة . ( أو الجغرافيا السياسية التى تحكم منطقة الشرق الأوسط ) .ويستحق شرحا موجزا :

رابعا : من حقائق الجغرافيا السياسية لمصر والشرق الأوسط

1 ــ فى هذه المنطقة توجد دولتان رئيستان هما إيران ومصر . ما بينهما ( العراق والشام والجزيرة العربية )  مناطق تُخوم جغرافية تظهر فيها دول مرحلية مؤقتة ، تقوم وتسقط . منذ فجر التاريخ تبدلت وتغيرت وتتابعت تكوين وسقوط دول وإمارات ونظم حكم ، وتغيرت الحدود ، وتعددت أسماء الدول ، بين ايران ومصر ، بينما بقيت ايران ومصر . كل منهما تمثل حضارة مستقلة وتاريخا رائدا ودورا مستمرا حتى فى خضوعهما لاستعمار وحكم أجنبى عربى وغير عربى .

2 ــ بعض من حكم مصر من غير المصريين أدرك هذه الحقيقة فوصل بها الى تكوين امبراطوريات مركزها مصر كما فعل المماليك والفاطميون ، ودخل فى حكمهم أجزاء من العراق وجميع الشام مع الحجاز  . وحتى من سيطر على مصر مع تبعيته الاسمية للدولة العباسية كالدولة الطولونية والاخشيدية قام بضم الشام والحجاز والتأثير على بقية شبه الجزيرة العربية . والوالى العثمانى ( محمد على ) حين حكم مصر أدرك دورها ، وهو الذى دمر الدولة السعودية الأولى وأعاد الحجاز للتبعية المصرية ، وسيطر على الشام ووصل نفوذه الى الخليج ،وكان على وشك إسقاط الدولة العثمانية نفسها  لولا أن خافت منه أوربا وخصوصا انجلترة حتى لا يسيطر على الخليج وهو الممر الهام للهند ( دُرّة التاج البريطانى وقتها ) فتعاونت اوربا وانجلترة فى تقليم أظافر محمد على وتحجيم دور مصر لكى تستأثر بالمنطقة بدلا من مصر ، ثم مال ما لبث أن إحتلت انجلترة مصر نفسها ثم تقاسمت مناطق التخوم فى العراق والشام مع فرنسا فظهرت دول سايكس بيكو ( العراق ، سوريا ، لبنان ) ثم اسرائيل والأردن ، بالاضافة للسعودية . وهذا كله بعد الحرب العالمية الأولى . ويجرى الآن إعادة رسم الخريطة فى بعض مناطق التخوم فى غيبة مصر وركوعها تحت أقدام الأسرة السعودية لصالح الأسرة السعودية  .

3 ــ جاء عبد الناصر يُعيد تجربة ( محمد على ) فى مواجهة الاستعمار الغربى وحلفائه فى المنطقة وأبرزهم السعودوين فى دولتهم السعودة الثالثة الراهنة . وجود عبد الناصر بالثقل المصرى كان نذيرا بإسقاط هذه الدولة السعودية ( المؤقتة ) كما أسقطها محمد على من قبل . مشروع عبد الناصر كان يؤذن بتغيير خريطة المنطقة بين ايران ومصر على حساب السعودية والغرب .  لذا كان لا بد من القضاء على عبد الناصر ومشروعه، لتحجيم دور مصر ولتظل المنطقة تابعة للغرب الأمريكى الأوربى وعملائه فى الخليج والشرق الأوسط . كانت ايران وقتها تحت النفوذ الغربى وكانت مصر بمفردها تتزعم دول العالم الثالث ( عدم الحياد والحياد الايجابى ). وسيثبت فى المستقبل تآمر السعودية مع اسرائيل وأمريكا على هزيمة عبد الناصر فى يونية 1967 ، ثم فى قتل عبد الناصر ليتولى السادات العميل السعودى الأمريكى حكم مصر لتبدأ مصر من عهده وحتى الآن دور الراكع أمام أقدام الأسرة السعودية ، ولكى تشعر الأسرة السعودية بالأمن فلا بد أن ترى مصر راكعة لها .

4 ــ وقامت ثورة الخمينى مُعادية للغرب وامريكا وتسعى لنشر التشيع فى العالم ( الاسلامى ) بتصدير ما يُسمّى بالثورة الاسلامية . تفعل إيران الشيعية هذا وعينها على الخليج وبترول الخليج . شعرت الأسرة السعودية بالهلع فاستخدمت مصر ضد ايران خلال حكم مبارك ومرسى والسيسى .

5 ــ من حقائق الجغرافيا السياسية للمنطقة أن الدول المؤقتة حول مصر تعلو بمصر إذا إرتفعت قامة مصر وقامت مصر بدورها ، وأنها أيضا تهبط بمصر إذا هبطت مصر وارتفع فوقها حاكم من تلك الدول المؤقتة حول مصر ( مثل صدام ، القذافى ، آل سعود ، وأخيرا قطر.!! ). كان العرب أحسن حالا فى زعامة عبد الناصر ، ثم كانوا ـ ولا يزالون أسوأ حالا بعد سقوط عبد الناصر وتحكم زعماء الوهابيين فى المنطقة .

وفى تاريخ العصر الوسيط  كان أهل المنطقة أحسن حالا بمصر وهى تهزم الصليبيين وتستأصلهم  من حكم صلاح الدين الأيوبى والظاهر بيبرس والأشرف خليل بن قلاوون . وكانوا الأسوأ حالا بهزيمة المصريين وتعاون حكامهم الأيوبيين مع الصليبيين من العادل الأيونى الى أبنائه . وارتفع شأن العرب والمسلمين بهزيمة مصر المملوكية للمغول ، بينما إحتل المغول ايران و العراق .

6 ــ وبهذا تتميز مصر على منافستها ايران ، فايران تمثل أقلية دينية هى التشيع الاثناعشرى فقط ، وهى بقوميتها الآرية ولغتها الفارسية غريبة عن المحيط العربى السنى ، فليس سوى مصر زعيمة للعالم السُّنى . وليس من مُنقذ لهم سوى مصر بتدينها السنى الصوفى المعتدل .

خامسا : لو تخيلنا فى مصر حاكما يعى دور مصر :

1 ــ لو تخيلنا فى مصر الان حاكما مصريا وطنيا على قدر الدور المصرى ، لا يقل وعيا عن احمد بن طولون والأخشيد والخلفاء الفاطميين والمماليك ومحمد على فماذا كان سيفعل فى تفعيل دور مصر ؟

2 ــ لقد أخطأ عبد الناصر فى أنه لم يدرك ثقافة العصر فى الديمقراطية وحقوق الانسان ، لذا فالمفترض فيمن يمثّل الدور المصرى أن يتشرّب الديمقراطية ويجعل من المصريين كلهم عقولا حُرة تتفاعل فيما فيه الخير لمصر والمنطقة معها ، تنهض به مصر والدول المؤقتة معها فى طريق الديمقراطية وحقوق الانسان وتتخلص من الوهابية التى شوّهت الاسلام وقتلت ملايين المسلمين ، ولاستطاع الأزهر أن يقيم دورا تنويريا فيما يسمى بالعالم الاسلامى كله وفى المجتمعات الاسلامية فى أمريكا والغرب .

2 ــ ايران برغم عُزلتها وغُربتها الآرية الفارسية الشيعية نجحت لأنها إستفادت بغيبة الدور المصرى وركوع مصر تحت أقدام الأسرة السعودية . وبرغم التدمير الذى تعرضت له من إعتداء صدام حسين والحرب الايرانية العراقية وبرغم الحصار الغربى برزت إيران قوة مناهضة لأمريكا ، ودخلت فى الميدان النووى ، وأقامت صناعة للسلاح ، وتمدّد نفوذها الاقليمى فى الخليج والعراق وسوريا ولبنان وفى اليمن وحتى فى فلسطين ، بينما لا تزال مصر بفضل حكم العسكر تركع أمام أقدام الأسرة السعودية والخليجية .

سادسا : لو كان ..!!

لو كان فى مصر حاكم يدرك أهمية الدور المصرى كيف سيكون تصرفه مع ايران والأُسر الحاكمة فى الرياض والخليج ؟ وكيف سيتعامل مع ايران ؟ . لن يراهن على الأُسر الحاكمة فى الرياض والخليج ، ولا على أى نظام حكم فى الدول المؤقتة فى المنطقة ، ولن يراهن على ايران ليكون تابعا لايران .

سيراهن فقط على الدور المصرى ، بأن يستغله لصالح مصر . كالآتى :

1ــ لا يمكن للأغلبية المصرية أن تعتنق التشيع على الاطلاق . لم تنجح الدولة الفاطمية فى هذا وهى تحكم مصر . المسلمون المصريون يقدسون آل البيت ويقدسون أيضا الصحابة أبا بكر وعمر وعثمان والسيدة عائشة بل والصعلوك الكذّاب أباهريرة ، ولا يسمحون بلعنهم كما يفعل الشيعة . أى سيظل الشيعة المصريون أقلية ضئيلة مهما حاول الايرانيون الشيعة نشر التشيع فى مصر. هذه حقيقة لا ينكرها سوى الجاهل بالتاريخ المصرى والدين الواقعى العملى للمصريين ــ وما أكثرهم الآن فى مصر وأزهرها .

لا خطر على مصر من التشيع . بل إن التشيع فى مصر ضرورة  الآن لحفظ التوازن ، وحتى لا يحتكر الساحة الوهابيون ، خصوصا وأنّ دينهم الأرضى فرع من دين السّنة مما يتيح له فرصة الانتشار بين السنيين المصريين أكثر عكس التشيع .  أى لا بد من تقرير حرية الفكر وحرية الدين لكل المصريين من أقباط وسنيين وشيعة وملحدين ومفكرين ، فهذا هو السبيل لانطلاق العبقرية المصرية .

2 ــ إيران تسعى الى ضم دول الخليج ( الفارسى ) اليها لأنها تعتقد أنه ( خليجها ) ولأن ما حوله هو المجال الحيوى لها ، وترى أنها الأحق ببتروله من الغرب وأمريكا ، ولأن أغلبية السكان فى تلك المناطق البترولية هم من الشيعة المنتمين أصلا الى ايران ، وهؤلاء الشيعة تحت الاضطهاد الوهابى من جانب الأسرات الحاكمة التى تحتلُّ بلادهم ، وهؤلاء الشيعة هم الأصحاب الحقيقيون للبترول .  ومن مصلحة ايران إسقاط تلك العائلات الحاكمة لتأخذ ما تراه حقا لها وسرقه منها الوهابيون أعدى أعداء الشيعة .

لذا فهذه الأسرات الوهابية الحاكمة فى السعودية والخليج تدخل مرحلة صراع الوجود ، بين خيارين لا ثالث لهما : الحياة أو الموت . وهى تحتاج فى بقائها وأمنها الى مصر أكبر معقل للسنيين ، وهى القائد للمسلمين العرب والسنيين . وبالتالى فلو تحالفت مصر مع ايران لسقطت سريعا تلك الدول بعائلاتها الحاكمة ، بل لو لوّحت مصر ــ مجرد تلويح  ــ بالتحالف أو التقارب مع ايران لتزلزلت عروش الرياض والخليج .!.

3ــ الاستفادة المصرية من الدور الايرانى المعادى للأسر الحاكمة فى الدول المؤقتة فى الخليج ليس بالركوع تحت أقدام تلك العائلات الحاكمة وإستجداء مساعدات منهم ، وتحمُّل المنّ والأذى منهم ، والسكوت على إحتقارهم وأضطهادهم للعمالة المصرية عندهم ، ولكن بارغامهم على أن يكونوا أتباعا لمصر التى تتولى حمايتهم ضد الخطر الايرانى الماحق .

آن الأوان للحساب الآن ، ليس بأن ترسل مصر جيشا لليمن ليحارب اليمنيين تلبية لأوامر سلمان السعودى ، أو أن  ترسل جيشا ليدافع عن السعودية ضد داعش وهى أصلا صناعة سعودية ، ولكن باستغلال هذه الحاجة السعودية والخليجية ـ وهو موقف حياة أو موت ــ فى الحصول على الآتى وهو ممكن جدا وهذا أوان تنفيذه لو وجد حاكما مصريا واعيا :

3 / 1  ـ إسترجاع الحق المصرى فى السيطرة على الحجاز والأمكان المقدسة للمسلمين فى مكة والمدينة . كان الحجاز يتبع مصر من العهد الطولونى الى أن إحتل عبد العزيز آل سعود مؤسس الدولة السعودية الراهنة الحجاز بعد مذابح فى عام 1924 . الحجاز منطقة حيوية لمصر سياسيا ودينيا . وإعادته للحماية المصرية وهو تحت الرعاية المصرية أفضل لكل المسلمين من شيعة وسُنة وصوفية ، بل إن سيطرة الوهابيين المعتدين على البيت الحرام حرام شرعا ، لأنهم معتدون ينطبق عليهم قوله جل وعلا : (  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (28) التوبة ) ، ولأنهم يصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام : (  إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِي وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (25) الحج  ).

إن مجرد عقد مؤتمرات لتحرير المسجد الحرام من الاحتلال السعودى للتنبيه على هذه القضية الاسلامية الصميمة ، كفيل بدق مئات المسامير فى نعش الدولة السعودية . وكتبنا فى هذا من سنوات ندعو اليه بلا فائدة . فهل نجد الآن من يُعيننا على عقد هذه المؤتمرات ؟ والوقت ملائم جدا ؟

3 / 2 : استرجاع حقوق مصر من عوائد البترول بأثر رجعى من عام 1973 وحتى الآن، اى بالمحاسبة على عوائد البترول التى تضخمت وتضاعفت بعد حرب اكتوبر 1973، فنتيجة الدماء المصرية تضخمت عوائد البترول لتصل آلاف البلايين من الدولارات ، واستخدت الأسرة السعودية حوالى مائة بليون منها فى نشر الوهابية فى مصر وخارجها ، ووضعت آلاف البلايين فى حسابات شخصية لها فى البنوك الأجنبية ما ظهر منها وما بطن ، أى استخدمت العوائد الضخمة التى جاءت بالدماء المصرية فى تركيع مصر. وآن الأوان للحساب .

لقد قام النبى عليه السلام بالاستعداد للهجوم على قافلة قريش وحدثت موقعة بدر ، لأن قريش ــ بعد أن أخرجت المسلمين من ديارهم وأموالهم ـ  إستولت على بيوت المسلمين وأموالهم واسهمهم فى رحلة الشتاء والصيف وتجارتها بين اليمن والشام . وبالتالى كانت تلك القافلة تتاجر بأموال المسلمين ، وكان أخذها حقا وتعويضا للمؤمنين المهاجرين . نفس الحال مع عوائد البترول التى تركمت وتضاعفت بدماء المصريين . للمصريين حقُّ شرعى  ــ في الزيادات التى طرأت وتراكمت ـ لا يقل عن النصف . لا نقول بشنّ حرب من أجلها ، ولكن بإستغلال حاجة تلك العائلات الحاكمة للحماية المصرية فى إسترجاع تلك الحقوق المصرية فى الزيادة فى عوائد البترول .

3 / 3 : تفاوضت أمريكا والغرب مع ايران بشأن برنامجها النووى ، واستفادت ايران وستستفيد أكثر بهذا ، بل إن هذا ــ مع الحرب السعودية على اليمن ـ هو البداية لسقوط الأسرة السعودية .

وقبل أن تسقط السعودية فعلى مصر أن تتفاوض مع ايران ـ كقوة اقليمية أمام قوة اقليمية أخرى ـ حول مناطق التخوم الواقعة بينهما فى العراق والشام والجزيرة العربية ، لصالح القوتين الاقليميتين وسكان تلك التخوم . وكفى ما سلبته تلك العائلات الحاكمة الظالمة من ثروات شعوب المنطقة ، ويكفى تشويههم للاسلام العظيم ، ويكفى ما سببوه من مذابح وضحايا بالملايين .

هذا هو الدور المصرى المأمول والذى يتفق مع مكانة مصر ومسئوليتها الاقليمية والاسلامية .

واخيرا :

1 ــ هى سياسة مترابطة . هذا الموقف الاقليمى الذى يُعيد الدور المصرى يستلزم تخلص مصر من ثقافة الوهابية وسيطرتها الحياة الدينية فى مصر ، وهذا بالتالى يستلزم إصلاحا تشريعيا وتعليميا وسياسيا سبقت الاشارة اليه .

2 ـ السيسى يتبنى الرهان الخاطىء الذى سيدمر مصر والمنطقة فى هذا الوقت العصيب ..وقد أوضحنا له ما يجب أن يفعله . هذا التوضيح موجّه أساسا للضمير المصرى ..لعلّ وعسى ..!!  

 3 ـ اللهم بلغت .. اللهم فاشهد .

خير الكلام :

(فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (44)  ) غافر )

ودائما : صدق الله العظيم .!

اجمالي القراءات 10436