ق 3 ف 4 :نقد الشريعة السنية المسعرية فى تحريم الفوائد البنكية

آحمد صبحي منصور في الجمعة ١٤ - نوفمبر - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً

كتاب ( المعارضة الوهابية فى الدولة السعودية فى القرن العشرين )

القسم الثالث المعارضة الوهابية التى أنجبت أسامة بن لادن 

 الفصل الرابع :  وجهة نظر قرآنية  نقدية للجنة الشرعية السلفية 

الفرع الثانى  الشريعة المسعرية  فى سياستها الداخلية

نقد الشريعة السنية المسعرية فى تحريم الفوائد البنكية

1 ــ يقول مؤلف كتاب ( زلزال ال سعود ) معلقا علي قضية قيادة المرأة السعودية للسيارات التي احتدم الجدال بشأنها (  انها ليست اشد خطورة من حرب الله ورسوله بالربا المستعر في البلاد ، وبالتأكيد ليست اشد خطورة من القوانين الكفرية التي انتشرت في انظمة واجهزة الدولة . ).

 وبين سطور البيانات والنشرات التي اصدرتها اللجنة كانت تأتي قضية الربا في معرض الاتهام للدولة السعودية لأنها تسمح بفتح البنوك (الربوية ) في المملكة ، حتي لقد كان بعضهم يتحرج من استثمار الدولة لأموالهم في تلك البنوك الربوية ، وهاجمت اللجنة ايقاف السلطات السعودية لمشروع المصرف الاسلامي ، ودعت المواطنين الي سحب ارصدتهم من البنوك الربوية ليحاربوا الدولة ، وقالت للمودعين (انها فرصة كبيرة لهم كي يتوبوا الي الله تعالي من الربا ).

وقد جعل المسعري من ادلته القطعية علي عدم شرعية الدولة السعودية تعاملها بالربا خلال البنوك ، ومع الخارج ، وعقد لذلك الباب الرابع من الكتاب بعنوان ( السعودية الربوية ) قال فيه ونحن نختصر السطور المليئة بالسباب ( اذا كنت يا اخي القارئ ممن لا يحمل التابعية السعودية واسعدك الحظ فحصلت علي تأشيرة حج او عمرة فأن اول ما تلاحظه تلك البنوك الربوية المنتشرة في كل مكان .ومن الفضائح التي يعرفها اكثر المشايخ ان اية قضية لها علاقة بالربا والبنوك لا تحول اليوم الي المحاكم الشرعية بل تحول الي مؤسسة النقد حيث يوجد لجان متخصصة بهذه القضايا ، فتقوم بدراستها واستصدار حكم طبقا لنظام مؤسسة النقد فالربا والمرابون لهم جهتهم المختصة التي يتحاكمون بها بغير حكم الله ورسوله ، اذ ليس لشرع الله وجود في دولة ابن سعود الخ ) .

وقبل ذلك يهاجم المسعري الدولة السعودية لتعطيلها فريضة الحج وهو النموذج الاول ، ثم يحصل النموذج الثاني في تحريم الربا ، ويقول ( الذي يثبت تحريمه قطعا في الكتاب والسنة ، واصبح تحريمه من المعلوم من الدين بالضرورة ، بل نص القرآن علي انه حرب لله ورسوله ، قال تعالي ( يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا ان كنتم مؤمنين ، فالم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله )[85].

والمسعري في هذا لا يأتي بجديد ، هو يتفق مع خصومه من فقهاء الدولة السعودية في تحريم الربا في البنوك ، مما يعني ان يكون علي حق في تدليله علي عدم شرعية الدولة السعودية ، بحيث لا يستطيع شيوخ الدولة الرسميون الا التسليم له.

2 ــ  ، والواقع ان حركة الاجتهاد الاسلامي المستنيرة التى تزعمناها في مصر قد انتهت من حسم الموضوع بعد ان تمكن التيار الاصولي السنى السلفي في اضاعة مدخرات المصريين في ما يعرف بتوظيف الاموال تحت شعار (تحريم فوائد البنوك ) وتصدينا لهم بالحقائق التالية  :

1-    ان النبي عليه السلام والمسلمين من بعده حتي عصر الخليفة عبد الملك ابن مروان استعملوا الدينار الروماني والدرهم الفارسي بنفس اشكالها غير الاسلامية ، وما كان عليها من عبارات دينية تخالف الاسلام ، خصوصا الدينار اليوناني البيزنطي ، بل ان لفظي الدينار والدرهم وردا في القرآن الكريم (ال عمران 75 ، يوسف 20 ) ثم قام المسلمون في العصر الاموي بصك عملة لهم تحمل شعائر الاسلام ، وان لم يمتنع التعامل بالعملات الاخري ،وعليه فأن البنوك الغربية الربوية التي تصدر العملات ليس حراما التعامل معها .

2-    ان الربا المحرم في القرآن الكريم هو ربا الصدقة أي ان يأتيك مسكين جائع له حق عندك اصلا (وهو حق الصدقة ) وبدلا من ان تعطيه له فأنك تعطيه دينا ، ليس هذا فقط ، بل يكون الدين بفائدة وهذا ما كان سائدا في مكة قبل الهجرة وتعامل علي اساسه المسلمون ، وجاءهم النهي في سورة الروم ، يدعوهم لأعطاء الفقراء والاقارب حقوقهم في الصدقة ليكون بديلا عن الربا ، لأن ربا الصدقة قد يزيد في المال ، ولكن لا يزيد عند الله ، اما الذي يزيد عند الله فهو الزكاة (الروم 28 ، 29 ) واستمر المسلمون في المدينة يتعامل بعضهم في ربا الصدقة رغم ذلك ، فنزلت اكثر الايات القرآنية في الحث علي الصدقة في سورة البقرة من الاية (261 : 274 ) ثم جاءت الايات بعدها من ( 275 : 283 ) تحذر المؤمنين من اعطاء ربا الصدقة ، وتؤكد علي ان الله سبحانه وتعالي يمحق الربا ويربي الصدقات وتحث علي الصدقة بديلا عن الربا للمحتاج وان يتنازل المؤمنين عن تلك الديون الربوية للفقراء ، او ان يأخذوا رؤوس اموالهم او ينتظروا الفقير الي حين ميسرة ، ثم نزلت بعدها اطول ايه قرانية في تشريع كتابة الديون .

3-    لم يفهم أئمة الفقه التراثى آيات القرآن الكريم  الخاصة بموضوع الربا ، فحكموا بتحريم كل الربا ، ولعن آخذه ومن يعطيه ومن يشهد عليه ومن يكتبه ، متناسين أن سياق التحريم فى سورة البقرة ينصب علي ربا الصدقة دون ربا التجارة ، وأن التحريم والوزر لا يلحق بالمضطر وأنه لا يُضار كاتب أو شهيد 

4-    ان الربا المتعلق بالتجارة اباحه رب العزة فى القرآن بشرطين : ان يكون تجارة عن تراض ، لأن كل تعامل تجاري يتم علي اساس التراضي قد اباحه القرآن (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ  ) ً (29)    النساء  ) وهذا الاستثناء يلحق به ربا التجارة لأن البنك لا يرغم احد علي اللجوء اليه ، بل لا يعطي ديونا للفقراء المحتاجين اصلا ، بل القادرين علي السداد ، اما الشرط الثاني : فهو خاص بربا التجارة وحدها ، وهو الا تكون فوائد مركبة ، يقول تعالي (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (130) ال عمران ) أي انه يجوز اكله بفوائد غير مركبة وغير مضاعفة  وبالشرطين معا ( التراضي وعدم المضاعفة للفوائد) يصبح ربا التجارة حلالا.وواضح هنا أن الوزر والتحريم هو على المُستغل ، الذى يستغل حاجة من يريد الاقتراض لمشروع تجارى فيعطيه قرضا بفوائد مركبه ، ,انه ليست هناك مؤاخذة على الطرف الضعيف ( المٌقترض ) ولا الطرف المحايد ( الكاتب والشاهد )، يقول جل وعلا (وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمْ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (282)  ) البقرة )، وهذا خلاف الحديث السلفى الذى يلعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشهيده . وينسى هؤلاء أن الله جل وعلا أباح للمضطر الأكل من الميتة و الخنزير والمحرمات من الطعام : (إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنْ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (115)  ) النحل )، ولا يؤاخذ المُضطر الذى يتلفظ بالكفر (مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنْ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (106)  النحل )

5-    يعزز ذلك تشريعات الاسلام الاقتصادية التي تؤدي الي سرعة دوران رأس المال والحث علي الصدقة علي الفقراء لأنهم مستهلكون بحكم احتياجهم العاجل للضروريات وبذلك يحرم الاسلام احتكار الاقلية للمال ( الحشر 7 ) ويذم الترف ويحرم كنز المال ،كما يحرم الاسراف ، وعليه فأن المسلم اذا زاد لديه فائض بعد ان يعطي حق الفقراء ، فماذا يفعل به ، اذ انه يحرم عليه شراء  مالا حاجة له به لأن ذلك اسراف والاسراف حرام ، ويحرم عليه كنزه لأن الاكتناز حرام ، اذا لا يبقي الا طريق استثماره ، فأن لم يكن قادرا علي استثمار ماله بنفسه او لم يجد من يأتمنه عليه ، فأمامه ما اباحة الله تعالي في بيع ذلك المال مقابل فائدة بشرط التراضي ، وعدم اخذ الفائدة المركبة .[86] .

هذا هو ملخص الرؤية المستنيرة التي واجهنا بها التراث السلفي في مصر والتي تمخض عنها فتوي المفتي المصري باباحة التعامل مع البنوك ،وهو المفتى الذي اصبح فيما بعد شيخا للازهر .

وكان واضحا ان الحركة الاصولية السنية في مصر والسعودية وغيرهما قد كرست اجتهادها في التكفير  للخصوم وليس فى التفكير في ما ينفع الناس وذلك طلبا للحكم السياسي و باستخدام اسم الاسلام العظيم ، وبسببهم تسيل الدماء ويتم إتهام الاسلام بأنه دين التخلف والارهاب والتعصب ..وهذا هو اكبر ما ننكره علي المسعري ولجنته وفصيلته ..

 المسعرى ترك العلم النافع الذى تخصص فيه وفشل فيه وهو الفيزياء النووية ، وتفرغ للهجص السلفى . المسعرى يجب علاجه فورا على نفقة الأسرة السعودية ، فهى المسئولة عما وصلت اليه حالته العقلية .!!

اجمالي القراءات 9030