ما بين النقد والتجريح

سامح عسكر في الإثنين ٢٧ - أكتوبر - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً

يخطئ البعض في توصيف سلوكه حين يعتدي بالسب أو الطعن والتجريح في معتقدٍ ما أو فكرة جلية أنه ينتقد وله حق الرأي والتعبير..فيُفرط في ادعاء المظلومية وأن الطرف الآخر لا يسمح له بالتعبير لما يحمله من صدق..!

وهذا خطأ ناجم عن الخلط بين النقد والتجريح..

فالنقد يعني بيان موضوعي لحقائق المعتقدات في ذاتها، لو كنت معارضاً لفكرة عذاب القبر -مثلاً- فلي الحق في نقدها لبيان أوجه القصور بها، وأنت لك الحق في الرد على هذا البيان..ولنضع القارئ والسامع في النهاية لأن يختار حسب ما يظهرله.

أما التجريح فهذا شئ آخر

التجريح يعني في المقام الأول مشاعر المعتقدين بالإيذاء ،ولا علاقة له بالحجج العقلية إنما هو يمس المشاعر في المقام الأول، وما من مجتمع يعاني من الفتن إلا وكان التجريح هو سلوك أعضاءه.

القرآن نفسه حذر من التجريح

قال تعالى.." ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم".. [الأنعام : 108]

فالعقائد هي أغلى ما عند البشر ، والتجريح يعني سرقة هذا الكنز لديهم فينتج عنه ردود أفعال عنيفة، هو يدافع عن نفسه عندما يتعرض للتجريح ، لأن المعتقد لديه مكنون نفسي عميق وعقلي مترابط ،ولا يمكن هز العميق ولا المترابط بمجرد تجريح، فهو في النهاية لن يقنع للمُجرّح وسيظهر لديه إنسان سفيه بلا قيمة.

يستوي في ذلك الجميع..مسلمون ومسيحيون ويهود وملاحدة وسنة وشيعة وسلفية وإخوان وأي دين وأي اتجاه..جميعهم لديهم معتقدات مترابطة في أذهانهم مفصّلة بشكل دقيق وإلا ما قبلها عقله وارتاحت لها بواطنه، الجميع ينسجم مع ما يعتقد ويطمئن لما ذهب.

قديماً قيل أن.."من قصر عقله طال لسانه"..

الأولى حين التعرض للمعتقدات هو النقد، يعني مناقشة المعتقد لذاته وليس لمن يحمله، وأؤمن أنه كلما شاع الجهل كلما خفت النقد وأصوله، فالنقد يستلزم بناء عقلي سليم وهذا عزيز ، سيكون التجريح هو البديل كون القائم عليه فاقد للمنطق.
 
اجمالي القراءات 6604