فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ

لطفية سعيد في الأربعاء ٠١ - أكتوبر - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً

 

………………..…………………………………………………

نبي الله سليمان عندما انشغل بالجياد عن ذكر ربه ، فكان فتنة الله له بأن ألقى على كرسيه جسدا ، فأناب واستغفر ربه فغفرله ربه ذلك  :

( وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (30) إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ (31) فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ (32) رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالأَعْنَاقِ (33) وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنَابَ (34) ص

ولأن القصة موجزة سنحاول معا  استنتاج ما أوجز منها من أحداث ..في الآية الأولى (هل (نعم العبد إنه أواب   ) تخص  سليمان الابن ، أم داوود الأب، عليهما السلام  ؟

(31) (إذ عرض عليه )  عرض مبني للمجهول، لكن من قام بالعرض ؟   المكلفون بهذا العملو (عليه  ) بينت بالدليل ، من العبد الأواب تحديدا ، لأن الهاء هنا تعود على سليمان فقط ، العشي هنا وقت معروف لنا جميعا ، ويذكرنا بـ (وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ (16)يوسف

الصافنات لم تأت في القرآن إلا مرة واحدة  ، ولا أدري أهي تخص نوعية  معينة من الجياد ؟ أم انها قريبة من الصافات ،التي  تتعلق بالناحية التنظيمية للجياد ، واصطفافها للعرض ...؟

الآية  (32) هذه الآية الكريمة تقص علينا على لسان سليمان نفسه ... ما حدث من أمر انشغاله عن ذكر ربه  (بحب الخير ) ،والخير هنا  كناية  عن  الخيل  ، (والله أعلم )   وظل  سليمان عليه السلام هكذا  ينظر إليها حتى غابت عنه ، ولم يعد يراها ، لدخول الظلام  ، وحجب الرؤية ..

(33 ) : ولم تنته القصة بعد ... فمازلنا مع سليمان والجياد .. فقد طلب من العارضين أن يعيدوا عليه عرض الجياد مرة ثانية ... وفي هذا العرض الخاص لم يكتف بالتفقد والرؤية فقط  كالمرة السابقة ،  بل اقترب من الجياد وطفق يمسح على السوق والآعناق .....

( 34)  وتؤكد الآية  الكريمة أن سليمان  قد  تعرض لاختبار  صعب  (ولقد فتنا سليمان ) ما  طبيعة هذا الاختبار ؟؟

 ألقى رب العزة على كرسي سليمان أو في مكانه وصدر ملكه ، مجسدا افتتن به الحضور وظنوه الملك  ،  وسنحلل  ما أوصلنا إلى هذا الفهم  ، أولا ألقينا : متصلة  بـ   نا  ، تخص هنا رب العزة فقط ، فهو سبحانه فاعل الإلقاء ، سواء لأشياء مادية مثل  الرواسي:

(وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ ( الحجر19

وكذلك (وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (7) ق

أوَ أشياء معنوية ، كالْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء  :  فملقيها أيضا رب العزة  طالما هي متصلة بـ نا  الفاعلين   : (وقَالَتْ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً وَأَلْقَيْنَابَيْنَهُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَاراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (64) المائدة   

 ثانيا جسدا  (شيء مجسد  لا حياة فيه ) جاءت في القرآن  عندما افتتن قوم موسى بعجل جسد ، وتوضح الآيات نفسها أنه لا يرجع إليهم قولا أي لا يكلمهم إنه مجرد مجسد لعجل ( والله أعلم ) :( فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ (88) أَفَلا يَرَوْنَ أَلاَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً وَلا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرّاً وَلا نَفْعاً (89) وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمْ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي (90) طه

(وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ (8) الأنبياء 

 

وتنتهي الآية  بـ  ( ثم أناب) أدرك حجم ما اقترفه وعاد ...

 هنالك طلب سليمان المغفرة من ربه  ودعا ربه أن يهبه ملكا لا  ينبغي لأحد من بعده ، فوهبه  الله سبحانه ملكا  لم يهبه لأحد من بعده ..  فالريح التي تجري بأمره رخاء حيث أصاب   .. والشياطين على أنواعها  فنوع يأتي له بخير البر ، ويساهم في البناء ، ونوع ثان مخصص للغوص في المياه ويخدم في مجال تخصصه  ، والنوع الثالث :  (مقرنين  في الأصفاد) ....

قال تعالى :

(قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (35)) فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ (36) وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ (37) وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ (38) هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (39) وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ (40)ص 

ودائما صدق الله العظيم 

اجمالي القراءات 29042