ق 3 ف1 عرض وتقديم للمعارضة الوهابية التى أنجبت أسامة بن لادن

آحمد صبحي منصور في الثلاثاء ٢٣ - سبتمبر - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً

كتاب ( المعارضة الوهابية فى الدولة السعودية فى القرن العشرين )

القسم الثالث: المعارضة الوهابية التى أنجبت أسامة بن لادن   

عرض للقسم الثالث  وتقديم للفصل الأول

 عرض للقسم الثالث :

1 ــ يحلل هذا القسم المعارضة الوهابية في التسعينيات  بعد حرب الخليج ، والتي تمخض عنها قيام ( لجنة الدفاع عن الحقوق الشرعية )، والذي لا تزال شواهدها باقية ، ومنها ابن لادن وتكوين القاعدة .ونطلق عليها (   الأصولية ) تميييزا لها عن الوهابية العادية وشيوخها العاملين فى خدمة آل سعود .

في الفصل الاول من هذا القسم تقرير تاريخي موجز عن نشأة وتطور المعارضة الأصولية وموقف السلطة السعودية وعلمائها ، ويتناول هذا التقرير التاريخي العوامل التي ادت الي النشأة والتطور ، ومنها التحديث وحرب الخليج واثر حرب افغانستان والعلاقة بالسودان ، وثقافة حقوق الانسان والصراع السلفي العلماني والتراكم الطبيعي في حركات المعارضة ، ثم يسير التقرير مع طبيعة الاصولية السنية الوهابية السعودية قبل وبعد حرب الخليج ، وكيف ادت الي بداية المعارضة وتطورها من خطاب المصالح الي مذكرة النصيحة ، ومنها الي اقامة  لجنة  الدفاع عن الحقوق الشرعية ، وردود فعل السلطة السعودية وانتقال اللجنة الي لندن واشتعال الصراع بين اللجنة في الداخل والخارج وبين السلطات السعودية الى الانفصال الذى حدث بين المسعرى والفقيه زعيمى اللجنة فى لندن ..

ويتناول الفصلان الثانى والثالث الجزء التحليلي لهذه المعارضة :

2 ــ في الفصل الثانى : تحليل الصراع السياسي بين اللجنة والدولة السعودية فكريا وفقهيا ، وحيث دار الصراع بين طاعة ولي الامر التي يقول بها فقهاء السلطة وطاعة الشرع الذي تمثله اللجنة ، وتتخذ منه شعارا تعلو به فوق السلطة والشعب معا.

3 ــ وفي الفصل الثالث  : تحليل لهذا الصراع في اطار قضية الامر بالمعروف والنهي عن المنكر كأساس للمعارضة الاصولية وتطورها من الدعوة السلمية الي الدعوة للعنف ، وتحليل لاسلوبها وما تنكره من سياسة الحكومة داخليا وخارجيا ، ونقد لمنهج المعارضة الوهابية في نفس اطار الامر بالمعروف والنهي عن المنكر .وينتهي الفصل الثالث بتحليل نهائي وعقد مقارنة بين الحركة الاصولية وما سبقها وما يعاصرها من حركات اصولية .

مقدمة للفصل الأول من القسم الثالث

1 ــ استطاع الملك فيصل وسط ظروف اقليمية ودولية مواتية هزيمة التيارات الاشتراكية والقومية والناصرية بعد ان كانت خطرا حقيقيا علي المملكة السعودية في عهد الملك سعود . وكان البديل الذي طرحه الملك فيصل هو السلفية مع مواكبة العصر سياسيا وتكنولوجيا، وادت هذه السياسة الي (فتح) ابواب المملكة امام نشطاء الحركات الوهابية الدعوية في العالم الاسلامي، وسعي المملكة خلال منظماتها الدولية لتوثيق علاقتها بالعالم الاسلامي والمسلمين في الغرب ،ثم انفتاح المملكة علي العالم الغربي في البعثات التعليمية واسيراد التكنولوجيا وتحديث المجتمع السعودي ليواكب العالم المتقدم .

واثمرت سياسة الملك فيصل وجود جيل سلفي جديد يعتنق سلفية وهابية تختلف عن السلفية الوهابية التي يمثلها العلماء الرسميون ،وبنفس القدر يتواءم مع السلفية الوهابية الثورية النشطة ( للإخوان المسلمين المصريين ذات الأصل الوهابى ) ،كما يتواءم مع لغة العصر وثقافاته ومنجزاته التكنولوجية ،ويستخدمها في هدف سياسي ،وهذا ما سيأتي تفصيله .

2 ــ وكان ممكنا تأجيل الصدام بين هذا الجيل السلفي الاصولي السنى وبين الدولة السعودية ،اذ ان ادبيات هذا الجيل تعترف بأنها كانت تركز علي التربية السياسية [1] ــــ طبقا لتكتيك الاخوان المسلمين  ــ وتكوين الكوادر علي مهل ،يقوم بها من اسموهم بعلماء الصحوة ،وبذلك يكون المستقبل من نصيبهم حين ينمو الجيل القادم كله علي مبادئهم ، الا ان العوامل الخارجية عجلت بالصدام ،وكان اهمها حرب الخليج وتأثير حرب افغانستان وعلاقة السعودية بالنظام الاصولي السنى  في السودان ،والتطور المذهل في وسائل الاتصال الذي ازال المسافات والحدود وقلص من سلطة الدولة ،وبالتالي اتاح لثقافة حقوق الانسان الانتشار وعزز من قدرة منظماتها علي التواصل مع نشطاء المعارضة داخل السعودية .ويضاف لذلك عاملان : تراكم الخبرة لدي الجيل الذي ورث معارضة الاخوان النجديين ،ثم عايش حركة جهيمان واستفاد من دروسهما ،خصوصا وان الفارق الزمني ليس بعيدا ،اذ حدثت المعارضة السابقة والحالية بين عصر الملك عبد العزيز وعصور ابنائه وبالتالي فان المعارضين الحاليين هم ابناء واحفاد المعارضين السابقين .والعامل الثاني هو الصراع العلماني السلفي بين المثقفين السعوديين الذي كان يظهر حينا بين خبايا الصراع بين المعارضة والسلطة السعودية .

3 ــ كل هذا لا يجعلنا ننسى العامل الأهم وهو تاثر هذه المعارضة الوهابية بجماعة الاخوان المسلمين المصرية التى أنشأها عملاء عبد العزيز فى مصر ثم توسعت فيها وانتقلت الى شتى ربوع العالم العربى ، وكان عبد العزيز قد حرّم على الاخوان المسلمين العمل فى مملكته ، ولكن عصف عبد الناصر بالاخوان المسلمين أجبر السعودية على إستضافة من لجأ اليها منهم . وقد عمل هؤلاء فى مجالات الدعوة والتعليم ، وقد تأثر الجيل السعودى الذى تعلم على أيديهم بما لدي الاخوان المسلمين من إنفتاح وثورية ودهاء ومكر . إلا إن الخطر الأكبر ـ بالنسبة للأسرة السعودية ـ هو ما تعلمه هذا الجيل السعودى من أساتذته الاخوان المسلمين أن مصدرية السُّلطة هى للفكر السلفى الوهابى ومن يحملونه ويتخصصون فيه وليس للأسرة السعودية ، بمعنى أن تخضع الأسرة السعودية للوهابية وشرعها والقائمين بهذا الشرع ، وليس العكس . وبالتالى يكون من حق القائمين بالشرع ( الوهابى ) السيطرة على السياسة السعودية فى الداخل والخارج . وهذا يعنى إنقلابا خطيرا فى السياسة السعودية الخارجية ( فى تحالف السعودية مع أمريكا والغرب) ، وفى العمل على إحياء الخلافة ( وفق المفهوم السلفى بتقسيم العالم الى معسكرين : دار الاسلام ودار الحرب ) وفى الداخل بمنع تحكم الأسرة السعودية فى الثروة والسلطة . وبقدر ما يبدو هذا بشعا لدى الأسرة السعودية يكون محببا ومطلوبا من ذلك الجيل الذى تعلم فى الكليات العملية والتراثية وتخرج فى جامعات الغرب ، ثم عاد بعد معايشة للغرب ليجد نفسه مُهمّشا فى وظيفة ، بعيدا عن دوائر صُنع القرار الذى يحتكره آل سعود تعاونهم  دائرة ضيقة يحتلها الأصهار والأعوان من أهل الثقة. . لذا وجد الطامحون للمشاركة السياسية والمحرومون منها فى الاتجاه الإخوانى ( الاخوان المسلمين ) متنفسا لأحلامهم .

4 ــ وهنا نتذكر أن عبد العزيز قام بتعليم ( الإخوان النجديين ) الوهابية ليستغلهم فى تأسيس مُلكه ، ووقع فى تناقض بين تعاليم الوهابية وسياسته الرامية الى إستعادة ما أسماه بُلك آبائه ، والاقتصار على ذلك . هذا بينما آمن الإخوان النجديون بإستمرارية الجهاد حتى تأسيس الدولة الاسلامية الكبرى . وانتهى الأمر بأن قام عبد العزيز ـ عن طريق عملائه فى مصر ــ بنشر الوهابية فى مصر وتأسيس الإخوان المسلمين عوضا عن الاخوان النجديين الذين قضى عليهم . ومرت الأيام ليصبح الإخوان المسلمون عنصرا خطرا على السعوديين أنفسهم فى عُقر دارهم . وقام فيصل بنشر الوهابية وتحطيم التيارات اليسارية والعلمانية فى المملكة ، وبتسيد الوهابية وحدها أنتجت حركة جهيمان العتيبى . وبإستمرار التسيد للوهابية وإستمرار نشرها فى الخارج مع ثورة الاتصالات والاحتكاك بالخارج نشأ جيل جديد متأثر بالاخوان المسلمين يريد كسر إحتكار الأسرة السعودية للسلطة والثورة مستغلا ( الشرع ) الوهابى ضد الدولة السعودية وعلمائها الوهابيين العاملين فى خدمتها من آل الشيخ .

5 ــ وهذا التوسع فى نشر الوهابية داخل وخارج المملكة واكبه إنشقاقات داخلية أنتجت عشرات من الحركات الوهابية ، وستستمر الانشقاقات والحروب بين تلك الحركات ، سواء كانت حربا فكرية أو عسكرية ، وهذا معروف فى ( الاخوان المسلمين ) وما نشأ عنها من تنظيمات سرية وعلنية ، دعوية وسياسية وعسكرية . وبهذا يتجلى لنا أن الوهابية تحمل فى داخلها عوامل الشقاق ، وحرية كل فريق فى أن يحتكر لنفسه الشرع ويزايد به على من هو فى السلطة . والدولة السعودية التى نشرت هذه الوهابية هى أول ضحاياها . وستسمر ضحية لها طالما تحتضنها وتمنع مناقشتها ،وتعتبرها الممثل الصحيح للاسلام .

6 ــ وحتى كتابة هذا البحث ، فلقد أشرف القرن العشرون على الرحيل وقد هيّأ ظروفا جديدة للجيل المتعلم فى المملكة السعودية ، وهو جيل محروم من مكان تحت الشمس ، فوجد فرصته فى المعارضة باستغلال الوهابية . فماهى هذه الظروف ؟ . ..

ندخل على العوامل التي ادت الي نشأة وتطور المعارضة  التى أنجبت ابن لادن .

اجمالي القراءات 9077